أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 26

جلسة 6 من سبتمبر لسنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين وفرغلي زناتي.

(4) نقابات
الطعنان رقما 16842، 17214 لسنة 62 القضائية

(1) محاماة. نقابات. محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية" قرار إداري. اختصاص "الاختصاص الولائي".
اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على ضوء التحديد الوارد في المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959. نطاقه؟
امتداد ولاية القضاء العادي - استثناء - للفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين. أساس ذلك؟
(2) محاماة. نقابات. محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية" قانون "تفسيره".
وضوح عبارة القانون. لا يجوز معها الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين المستحدث بالقانون رقم 98 لسنة 1992. مقصور على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان. علة ذلك؟
الترشيح لعضوية مجلس النقابة. إجراءاته؟
إسناد المشرع مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب بهذه المحكمة. مؤداه: إضفاء طابع قضائي عليه. أثر ذلك؟
(3) نقابات. محاماة. طعن "إجراءاته". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت. خضوعها لميعاد الطعن وإجراءاته دون شرط النصاب - خمسون محامياً - كفاية رفعه من محام واحد له مصلحة في الطعن. أساس ذلك؟
(4) محاماة. نقابات. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
توافر الأهلية والصفة والمصلحة في طالب التدخل. أثره: قبول تدخله شكلاً. أساس ذلك؟
طلب محام غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض التدخل في الطعن دون توكيل محام تتوافر له هذه الصفة لإبداء طلبه. أثره: عدم قبول تدخله.
(5) محاماة. نقابات. إعلان. طعن "إجراءاته".
المواجهة التي تنعقد بها الخصومة. تمامها بالإعلان الصحيح أو بحضور الخصوم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى.
(6) محاماة. نقابات. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية".
اختصاص الدوائر الجنائية بمحكمة النقض بنظر الطعون على قرارات المجلس المؤقت لنقابة المحامين. أساس ذلك؟
(7) محاماة. نقابات. دستور.
انتفاء الجدية عن الدفع بعدم دستورية المادة 135/ 3 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون 98 لسنة 1992. أثره: وجوب الالتفات عنه. أساس ذلك؟
(8) محاماة. نقابات. نظام عام. قانون "سريانه".
سريان القانون الجديد على الوقائع التي تنشأ بعد نفاذه. استحداثه أحكاماً موضوعية تتعلق بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على المراكز القائمة وقت العمل به ولو كانت ناشئة قبل صدوره.
تعلق الأحكام الخاصة بانتخاب نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة بالنظام العام أساس ذلك وأثره؟
1 - لما كان الأصل في اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الوارد في المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه قاصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، إلا أن قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 نهج على نزع ولاية الفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى القضاء العادي - بصفة استثنائية - وذلك استناداً إلى التفويض التشريعي المقرر بالمادة 167 من الدستور - في أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام، وقد استمر المشرع على هذا النهج عندما أصدر قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 عندما حدد في المواد 134، 135/ 1 مكرراً، 141 منه القرارات التي يجوز الطعن فيها أمام جهة القضاء العادي سواء أمام محكمة النقض أو أمام محكمة استئناف القاهرة.
2 - لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 على أنه "ويشكل مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضوية أقدم ستة من رؤساء أو نواب رئيس بهذه المحكمة، يختص وحده دون غيره بإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان، فإذا اعتذر أي من هؤلاء أو قام به مانع حل محله الأقدم فالأقدم، وتكون لهذا المجلس إلى حين تشكيل المجلس الجديد - جميع الاختصاصات المقررة لمجلس النقابة، وتكون لرئيسه اختصاصات النقيب، وتختص محكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطعن على قراراته في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين" لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها، فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف بها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، وكان اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين الذي استحدثه القانون رقم 98 لسنة 1992 قاصراً على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان على ما دلت عليه عبارات النص المضاف وعلى ما أفصح عنه تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب والمذكرة الإيضاحية للقانون، تدخلاً من المشرع لتحديد الجهة التي يوكل إليها هذه المهمة في حالة القضاء ببطلان مجلس النقابة بعد ما تبين له خلو القانون الحالي من وضع حكم لهذه المسألة، وكان الترشيح لعضوية مجلس النقابة يتم بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في المادة 134 من قانون المحاماة سالف الإشارة - قبل التعديل بالإضافة للمادة 135 مكرراً بموجب أحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 - ولمن أغفل إدراج اسمه من قائمة المرشحين التظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال أجل محدد، بيد أن الشارع عندما أسند مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب رئيس بهذه المحكمة عند القضاء ببطلان مجلس النقابة، فإنه يكون قد أضفى على هذا المجلس المؤقت طابعاً قضائياً لا يتأتى معه أن يكون الاختصاص بنظر الطعون على قراراته معقوداً لغير محكمة النقض باعتبارها المحكمة العليا لجهة القضاء العادي.
3 - لما كان المشرع قد أفصح عن إرادته في إسناد ولاية الفصل في الطعن على قرارات المجلس المؤقت - آنف الإشارة إلى محكمة النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة خلال أسبوعين من تاريخ صدور القرار بدون حاجة لما استلزمته الفقرة الأولى من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 من أن يكون التقرير بالطعن مقدماً من خمسين محامياً على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية أو شاركوا في انتخابات مجلس النقابة بالنسبة للطعن على القرارات الصادرة منها أو في تشكيل مجلس النقابة، إذ أن هذا القيد قاصر على حالة دعوة مجلس النقابة لعقد جمعية عمومية وإجراء انتخابات جديدة خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة المجلس طبقاً لنص المادة 136 من قانون المحاماة وهو ما لا يتصور استلزامه في حالة القضاء ببطلان مجلس النقابة وإسناد هذه المهمة لمجلس مؤقت، إذ أن قرارات هذا المجلس المؤقت - لدى مباشرته اختصاصاته - قد تكون سابقة - لفترة لا تجاوز الأسبوعين المحددين للطعن على قراراته - على اجتماعات الجمعية العمومية للنقابة وانتخابها للمجلس، ومن ثم فإن إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت تبقى خاضعة لميعاد الطعن وإجراءات التقرير به دون استلزام شرط النصاب بالنسبة لعدد الطاعنين ويكفي في هذا الخصوص أن يكون الطعن مرفوعاً من أحد المحامين الذين لهم مصلحة قائمة في الطعن - كما هو الحال في الطعن الماثل - لما كان ما تقدم وتماشياً مع قصد الشارع الذي أفصح عنه على نحو ما سلف بسطه فإن الطعن في قرارات المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 أمام محكمة النقض يكون جائزاً متى كان ذلك، وكان الطعنان قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنه يتعين قبولهما شكلاً.
4 - حيث إنه عن طلب تدخل كل من المحامين….. و.... و.... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضدهما فإنه لما كانت شروط تدخلهم من أهلية وصفة ومصلحة قد توافرت فإنه يتعين القضاء بقبول تدخلهم شكلاً عملاً بالمادة 126 من قانون المرافعات المدنية والتجارية. أما عن طلب تدخل المحامي...... انضمامياً إلى المطعون ضدهما - أيضاً - فإنه لما كان المحامي المذكور غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض ولم يوكل محامياً تتوافر له هذه الصفة لإبداء طلباته فإنه يتعين عدم قبول تدخله مع إلزامه مصروفات تدخله.
5 - لما كان قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ المواجهة كما يتحقق بالإعلان الصحيح يتحقق أيضاً بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصوم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء الدفاع في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ومركزه القانوني بين أطراف الخصومة وبالتالي فإن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو الإعلان الصحيح.
6 - لما كان المشرع قد نهج حين سن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعون على قرارات مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسنده إلى جهة القضاء العادي وناط بالدائرة الجنائية بمحكمة النقض نظر هذه الطعون، وقد التزم هذا النهج في قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983. بجعل الاختصاص إما لمحكمة استئناف القاهرة في خصوص إغفال من أدرج اسمه في قائمة المرشحين طبقاً لنص المادة 134، وإما للدائرة الجنائية بمحكمة النقض في حالة صدور قرار من مجلس النقابة بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين طبقاً لنص المادة 44 من ذات القانون، وكما هو الحال في المادة 141 بالنسبة لمن أسقطت عنه العضوية من مجلس النقابة، ومن ثم فإن خلو نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 من تحديد الدائرة التي تنظر الطعون على قرارات المجلس المؤقت للنقابة وإشارتها إلى تقديم التقرير إلى قلم كتاب المحكمة لا يعني عدولاً من الشارع عن اتجاهه في هذا الصدد وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد إذ كان الاختصاص بنظر بعض الطعون ينعقد للدائرة الجنائية وبعضها الآخر ينعقد للدائرة المدنية. متى كان ذلك، فإن الاختصاص بنظر هذا الطعن ينعقد لأي من الدوائر الجنائية بمحكمة النقض، ويكون الدفع المبدى في هذا الخصوص غير سديد.
7 - حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 - بمقولة إن هذا النص يعد افتئاتاً على قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 44331 لسنة 59 قضائية والطعون المنضمة إليه، وأنه قد صدر في عجالة ودون اكتمال النصاب المقرر لإصداره من أعضاء مجلس الشعب؛ فإنه مردود بما هو مقرر من سلطة الشارع في سن القوانين لتنظيم أمر معين ظهر من التطبيق وجود فراغ تشريعي بشأنه، وأن إصدار هذا القانون لا ينطوي على مساس بقضاء محكمة النقض - آنف الإشارة - وأن المشرع - بعد صدور هذا الحكم - استبان له خلو قانون المحاماة من نص يحدد الجهة المنوط بها إجراء انتخابات المجلس الجديد لنقابة المحامين في حالة القضاء ببطلان تشكيل المجلس القائم، وأن الضرورة التي أملتها الحاجة إلى هذا التشريع لسد هذا الفراغ التشريعي هي التي عجلت بإصداره - ولا مشاحة في ذلك كما وأن القول بعدم توافر نصاب إصداره لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يسانده الواقع ولم يقم عليه دليل. ومن ثم فإن هذا الدفع تكون قد انتفت عنه الجدية الواجبة وتعين الالتفات عنه عملاً بنص الفقرة ب من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979.
8 - لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن القانون الجديد يسري على الوقائع التي تنشأ بعد نفاذه إلا إذا كان قد استحدث أحكاماً موضوعية متعلقة بالنظام العام أفرغها في نصوص آمرة، فإنها تسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت العمل به ولو كانت ناشئة قبله، وكان الشارع بما ضمنه قانون المحاماة من أحكام خاصة بانتخاب نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة، وما رتبه من بطلان على مخالفة تلك الأحكام، قد قصد تنظيم هذه المسألة على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزاماً بمقتضيات الصالح العام - التي يستقل هو بتقدير مبرراتها ودوافعها - وترجيحاً لها على غيرها من المصالح الأخرى المغايرة، فإن تلك الأحكام - بهذه المثابة - تدخل في دائرة القواعد المتعلقة بالنظام العام، وإذ كانت الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 والمعمول به اعتباراً من يوم 20 من يوليو سنة 1992 قد استحدثت حكماً جديداً بما نصت عليه من تشكيل مجلس مؤقت تكون له جميع الاختصاصات المقررة لمجلس نقابة المحامين يختص بإجراء الانتخابات في حالة القضاء ببطلان انتخاب النقيب أو أكثر من ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة، فإن هذا الحكم يسري على كل واقعة - من هذا القبيل - تعرض فور نفاذه ويكون ذلك المجلس المؤقت هو وحده المختص بإجراء انتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة إذا ما قضي ببطلان انتخابهم، ولا ينال من ذلك النظر أو يغير فيه أو يؤثر في سلامته أن يكون البطلان قد قضي به بتاريخ 15 يوليو سنة 1992 وقبل صدور ذلك القانون - ولا يعد ذلك انسحاباً لأثره على الماضي وإنما تطبيقاً للأثر الفوري لهذا القانون - خاصة وأن البين من المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول بصفته أن اللجنة المؤقتة لنقابة المحامين التي شكلتها الجمعية العمومية غير العادية للمحامين المعقودة بتاريخ 19 يناير سنة 1989 قد انتهت ولايتها في 20 إبريل سنة 1989 طبقاً للتفويض الممنوح لها من الجمعية التي قررت تشكيلها - طالما لم يتم انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة قبل العمل بأحكامه.


"الوقائع"

بتاريخ الأول من أغسطس سنة 1992 قرر الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الأستاذ/ ...... المحامي بالطعن بطريق النقض في قرار المجلس المؤقت لنقابة المحامين بفتح باب الترشيح للانتخاب خلال الفترة من 30 يوليو حتى أول أغسطس سنة 1992 وتحديد يوم 11 سبتمبر سنة 1992 موعداً لإجراء الانتخاب والصادر بتاريخ 23 من يوليو سنة 1992 (قيد بجدول محكمة النقض برقم 16842) وأودعت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها من الطاعن - طالباً في ختامهاً: أولاً: الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من اللجنة القضائية بفتح باب الترشيح لانتخاب المحامين ثانياً: الحكم ببطلان القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار. كما قرر الأستاذ/ ...... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن عدد 107 محامياً بالطعن بطريق النقض في ذات القرار بتاريخ 2 من أغسطس سنة 1992 (قيد بجدول محكمة النقض برقم 17214 لسنة 62 القضائية). وأودعت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها منه طالباً في ختامها ذات الطلبات الواردة في الطعن الأول وبجلسة 3 من سبتمبر سنة 1992 طلب المحامون..... و..... و...... و...... و....... قبول تدخلهم انضمامياً إلى المطعون ضدهما وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 17214 لسنة 62 ق إلى الطعن رقم 16842 لسنة 62 ق ليصدر فيهما حكم واحد وفيها سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن واقعات الطعن رقم 16842 لسنة 62 قضائية - حسبما يبين من الأوراق - حاصلها أن المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992. قرر بتاريخ 21 من يوليو سنة 1992 فتح باب الترشيح لانتخابات مجلس النقابة العامة - نقيباً وأعضاء - وإجراء هذه الانتخابات في الحادي عشر من سبتمبر سنة 1992. وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى المحامي..... فطعن عليه بطريق النقض في أول أغسطس سنة 1992 - وبذات التاريخ أودع تقريراً بأسباب طعنه اختصم فيه كلاً من وزير العدل بصفته ورئيس المجلس المؤقت آنف الذكر. ابتغاء الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه - ثانياً: ببطلان القرار المذكور والآثار المترتبة عليه. وركن في طعنه إلى أن الدائرة الجنائية بمحكمة النقض قضت بتاريخ الخامس عشر من يوليو سنة 1992 في الطعن رقم 44331 لسنة 59 القضائية والطعون المنضمة له ببطلان انتخاب مجلس النقابة الذي جرى في التاسع من يونيو سنة 1989 بكامل تشكيله، وهو ما يترتب عليه عودة الحق في إدارة النقابة إلى اللجنة المشكلة برئاسة - الطاعن - من الجمعية العمومية غير العادية المعقودة في التاسع عشر من يناير سنة 1989، والذي لا ينال منه صدور القانون رقم 98 لسنة 1992 الصادر بتاريخ 19 من يوليو سنة 1992 ونص فيه على العمل به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره - في الجريدة الرسمية يوم صدوره، بما تضمنه من إضافة فقرة ثالثة لنص المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ناطت بمجلس مؤقت يرأسه رئيس محكمة استئناف القاهرة إجراء الانتخابات خلال ستين يوماً من تاريخ القضاء ببطلان انتخاب النقيب أو أكثر من ثلاثة من أعضاء النقابة، إذ أن ذلك النص المضاف قد صدر وعمل به في تاريخ لاحق على صدور الحكم آنف الإشارة بتاريخ 15 يوليو سنة 1992، لم يورد حكماً بسريانه بأثر رجعي على الوقائع والمراكز القانونية التي تحددت قبل نفاذه. ويضحى من ثم القرار الصادر من هذا المجلس المؤقت والمطعون عليه مشوباً بعيب البطلان، وأردف الطاعن أن اختصامه للمطعون ضده الأول - وزير العدل - بمقولة إنه قد أصدر قراراً بتشكيل المجلس المؤقت آنف الذكر برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة. كما يبين من الاطلاع على الطعن رقم 17214 لسنة 62 قضائية الذي أمرت المحكمة بضمه إلى الطعن سالف الإشارة ليصدر فيهما حكم واحد أنه قد رفع من المحامي...... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن بعض المحامين بتاريخ الثالث من أغسطس سنة 1992 بذات الطلبات السابقة قبل نفس الخصوم ومحمولاً على ذات الأسانيد القانونية التي بني عليها الطعن السابق.
ومن حيث إن دفاع الطاعنين شرح ظروف الطعن وأسانيده وأبدى المحامي...... الحاضر مع الطاعنين في ختام مرافعته دفعاً بعدم دستورية القانون رقم 98 لسنة 1992 ومن حيث إن المستشار....... عضو هيئة قضايا الدولة حضر عن المطعون ضده الأول - وزير العدل بصفته - ودفع بعدم انعقاد الخصومة بالنسبة له لعدم إعلانه، وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، كما دفع بعدم قبول الطلب المستعجل لتمام إجراءات الترشيح. وقدم مذكرة بدفاعه ساق فيها أسانيده القانونية. ومن حيث إن المحامين..... و...... حضرا عن المطعون ضده الثاني - رئيس المجلس المؤقت لنقابة المحامين - ودفعا بعدم قبول الطعن رقم 16842 لسنة 62 قضائية. لرفعه بالمخالفة لأحكام الفقرة الأولى من نص المادة 135 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والفقرة الثالثة المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 لعدم توافر شرط النصاب الذي يستلزم رفعه من خمسين محامياً - على الأقل - مصدقاً على توقيعاتهم، وبانتفاء صفة رافعه كرئيس للمجلس المؤقت لانتهاء هذه الولاية بتاريخ 19 إبريل سنة 1989، كما دفعا بعدم قبول الطلب المستعجل الخاص بفتح باب الترشيح وقدما مذكرتين شارحتين لدفاعهما وحافظة بالمستندات المؤيدة لدفاعهما.
ومن حيث إن المحامين....... و...... حضرا وطلبا التدخل انضمامياً للمطعون ضدهما ودفع أولهما بعدم اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض واختصاص الدائرة المدنية بنظرها. على سند من القول بأن المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة سالف الإشارة لم تسند للدوائر الجنائية الاختصاص بنظر مثل هذه الطعون. وأنها بحسب الأصل ذات طبيعة مدنية وينعقد الاختصاص بنظرها للدوائر المدنية. وقدم الثاني مذكرة بدفاعهما تناول فيها شرح أسانيد هذا الدفاع. كما حضر المحامي..... طالباً التدخل انضمامياً إلى المطعون ضدهما ودفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة. وحيث إن الأصل في اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الوارد في المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه قاصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، إلا أن قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 نهج على نزع ولاية الفصل في الطعن على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى القضاء العادي - بصفة استثنائية - وذلك استناداً إلى التفويض التشريعي المقرر بالمادة 167 من الدستور - في أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام، وقد استمر المشرع على هذا النهج عندما أصدر قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 عندما حدد في المواد 134، 135/ 1 مكرراً، 141 منه القرارات التي يجوز الطعن فيها أمام جهة القضاء العادي سواء أمام محكمة النقض أو أمام محكمة استئناف القاهرة. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 على أنه "ويشكل مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضوية أقدم ستة من رؤساء أو نواب رئيس بهذه المحكمة، يختص وحده دون غيره بإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان، فإذا اعتذر أي من هؤلاء أو قام به مانع حل محله الأقدم فالأقدم، وتكون لهذا المجلس إلى حين تشكيل المجلس الجديد - جميع الاختصاصات المقررة لمجلس النقابة، وتكون لرئيسه اختصاصات النقيب، وتختص محكمة النقض دون غيرها بالفصل في الطعن على قراراته في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين "لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها، فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف بها عن طريق التفسير والتأويل أيا كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، وكان اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين الذي استحدثه القانون رقم 98 لسنة 1992 قاصراً على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان على ما دلت عليه عبارات النص المضاف وعلى ما أفصح عنه تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب والمذكرة الإيضاحية للقانون، تدخلاً من المشرع لتحديد الجهة التي يوكل إليها هذه المهمة في حالة القضاء ببطلان مجلس النقابة بعد ما تبين له خلو القانون الحالي من وضع حكم لهذه المسألة، وكان الترشيح لعضوية مجلس النقابة يتم بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في المادة 134 من قانون المحاماة سالف الإشارة - قبل التعديل بالإضافة للمادة 135 مكرراً بموجب أحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 - ولمن أغفل إدراج اسمه من قائمة المرشحين التظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال أجل محدد، بيد أن الشارع عندما أسند مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب رئيس بهذه المحكمة عند القضاء ببطلان مجلس النقابة، فإنه يكون قد أضفى على هذا المجلس المؤقت طابعاً قضائياً لا يتأتى معه أن يكون الاختصاص بنظر الطعون على قراراته معقوداً لغير محكمة النقض باعتبارها المحكمة العليا لجهة القضاء العادي، لما كان ذلك، وكان المشرع قد أفصح عن إرادته في إسناد ولاية الفصل في الطعن على قرارات المجلس المؤقت - آنف الإشارة إلى محكمة النقض بتقرير في قلم كتاب المحكمة خلال أسبوعين من تاريخ صدور القرار بدون حاجة لما استلزمته الفقرة الأولى من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 من أن يكون التقرير بالطعن مقدماً من خمسين محامياً على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية أو شاركوا في انتخابات مجلس النقابة بالنسبة للطعن على القرارات الصادرة منها أو في تشكيل مجلس النقابة، إذ أن هذا القيد قاصر على إحالة دعوة مجلس النقابة لعقد جمعية عمومية وإجراء انتخابات جديدة خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة المجلس طبقاً لنص المادة 136 من قانون المحاماة وهو ما لا يتصور استلزامه في حالة القضاء ببطلان مجلس النقابة وإسناد هذه المهمة لمجلس مؤقت، إذ أن قرارات هذا المجلس المؤقت - لدى مباشرته - قد تكون سابقة - لفترة لا تجاوز الأسبوعين المحددين للطعن على قراراته - على اجتماعات الجمعية العمومية للنقابة وانتخابها للمجلس، ومن ثم فإن إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت تبقى خاضعة لميعاد الطعن وإجراءات التقرير به دون استلزام شرط النصاب بالنسبة لعدد الطاعنين ويكفي في هذا الخصوص أن يكون الطعن مرفوعاً من أحد المحامين الذين لهم مصلحة قائمة في الطعن - كما هو الحال في الطعن الماثل - لما كان ما تقدم وتمشياً مع قصد الشارع الذي أفصح عنه على نحو ما سلف بسطه فإن الطعن في قرارات المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 أمام محكمة النقض يكون جائزاً متى كان ذلك، وكان الطعنان قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنه يتعين قبولهما شكلاً.
من حيث إن البين من المستندات المقدمة أن المجلس المؤقت - المطعون على قراره - مشكل طبقاً لأحكام قانون المحاماة ودون ما تدخل من وزير العدل في تشكيله - وقد تم إبلاغ رئيسه بصدور هذا القانون من وزير الدولة برئاسة الوزراء ومن ثم فإن الدعوى الموجهة قبله تكون مفتقرة إلى سندها من الواقع والقانون.
وحيث إنه عن طلب تدخل كل من المحامين...... و...... و.... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضدهما فإنه لما كانت شروط تدخلهم من أهلية وصفة ومصلحة قد توافرت فإنه يتعين القضاء بقبول تدخلهم شكلاً عملاً بالمادة 126 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، أما عن طلب تدخل المحامي.... انضمامياً إلى المطعون ضدهما - أيضاً - فإنه لما كان المحامي المذكور غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض ولم يوكل محامياً تتوافر له هذه الصفة لإبداء طلباته فإنه يتعين عدم قبول تدخله مع إلزامه مصروفات تدخله.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بعدم انعقاد الخصومة بالنسبة له لعدم إعلانه بصحيفتي الطعنين، فإنه - وعلى فرض صحته - مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ المواجهة كما يتحقق بالإعلان الصحيح يتحقق أيضاً بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصوم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى وإبداء الدفاع في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها ومركزه القانوني بين أطراف الخصومة وبالتالي فإن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة سواء بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح، لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأول قد حضر وأبدى دفاعه في الطعن الماثل سواء في الشكل أو الموضوع بما يدل على إحاطته بموضوع الطعن وبالطلبات فيه، فإن ذلك يكون كافياً للمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف الطاعن أو قلم كتاب المحكمة بإعلانه بصحيفة الطعنين.
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بنظر هذين الطعنين واختصاص الدائرة المدنية بالمحكمة بنظرهما، فإنه مردود بأن المشرع قد نهج حين سن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعن على قرارات مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسنده إلى جهة القضاء العادي وناط بالدائرة الجنائية بمحكمة النقض نظر هذه الطعون، وقد التزم هذا النهج في قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983. بجعل الاختصاص إما لمحكمة استئناف القاهرة في خصوص إغفال من أدرج اسمه في قائمة المرشحين طبقاً لنص المادة 134، وإما للدائرة الجنائية بمحكمة النقض في حالة صدور قرار من مجلس النقابة بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين طبقاً لنص المادة 44 من ذات القانون، كما هو الحال في المادة 141 بالنسبة لمن أسقطت عنه العضوية من مجلس النقابة، ومن ثم فإن خلو نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 من تحديد الدائرة التي تنظر الطعون على قرارات المجلس المؤقت للنقابة وإشارتها إلى تقديم التقرير إلى قلم كتاب المحكمة لا يعني عدولاً من الشارع عن اتجاهه في هذا الصدد وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد إذ كان الاختصاص بنظر بعض الطعون ينعقد للدائرة الجنائية وبعضها الآخر ينعقد للدائرة المدنية، متى كان ذلك، فإن الاختصاص بنظر هذا الطعن ينعقد لأي من الدوائر الجنائية بمحكمة النقض، ويكون الدفع المبدى في هذا الخصوص غير سديد.
وحيث إنه عن الدفع المثار بشأن عدم قبول الطلب المستعجل - فإن المحكمة تلتفت عنه لعدم جدواه إزاء تطرقها للفصل في موضوعه.
وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 - بمقولة إن هذا النص يعد افتئاتاً على قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 44331 لسنة 59 قضائية والطعون المنضمة إليه، وأنه قد صدر في عجالة ودون اكتمال النصاب المقرر لإصداره من أعضاء مجلس الشعب، فإنه مردود بما هو مقرر من سلطة الشارع في سن القوانين لتنظيم أمر معين ظهر من التطبيق وجود فراغ تشريعي بشأنه، وأن إصدار هذا القانون لا ينطوي على مساس بقضاء محكمة النقض - آنف الإشارة - وأن المشرع - بعد صدور هذا الحكم - استبان له خلو قانون المحاماة من نص يحدد الجهة المنوط بها انتخابات المجلس الجديد لنقابة المحامين في حالة القضاء ببطلان تشكيل المجلس القائم، وأن الضرورة التي أملتها الحاجة إلى هذا التشريع لسد هذا الفراغ التشريعي هي التي عجلت بإصداره - ولا مشاحة في ذلك كما وأن القول بعدم توافر نصاب إصداره لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يسانده الواقع ولم يقم عليه دليل، ومن ثم فإن هذا الدفع تكون قد انتفت عنه الجدية الواجبة وتعين الالتفات عنه عملاً بنص الفقرة ب من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979. لما كان ذلك، وإذ كانت المحكمة قد تناولت الدفوع المثارة من الخصوم فإنها لا ترى مدعاة للنص عليها في المنطوق ومن حيث إنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن القانون الجديد يسري على الوقائع التي تنشأ بعد نفاذه إلا إذا كان قد استحدث أحكاماً موضوعية متعلقة بالنظام العام أفرغها في نصوص آمرة، فإنها تسري بأثر فوري على المراكز القانونية القائمة وقت العمل به ولو كانت ناشئة قبله، وكان الشارع بما ضمنه قانون المحاماة من أحكام خاصة بانتخاب نقيب المحامين وأعضاء مجلس النقابة، وما رتبه من بطلان على مخالفة تلك الأحكام، قد قصد تنظيم هذه المسألة على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزاماً بمقتضيات الصالح العام - التي يستقل هو بتقدير مبرراتها ودوافعها - وترجيحاً لها على غيرها من المصالح الأخرى المغايرة، فإن تلك الأحكام - بهذه المثابة - تدخل في دائرة القواعد المتعلقة بالنظام العام، وإذ كانت الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 والمعمول به اعتباراً من يوم 20 من يوليو سنة 1992 قد استحدثت حكماً جديداً بما نصت عليه من تشكيل مجلس مؤقت تكون له جميع الاختصاصات المقررة لمجلس نقابة المحامين يختص بإجراء الانتخابات في حالة القضاء ببطلان انتخاب النقيب أو أكثر من ثلاثة من أعضاء مجلس النقابة، فإن هذا الحكم يسري على كل واقعة - من هذا القبيل - تعرض فور نفاذه ويكون ذلك المجلس المؤقت هو وحده المختص بإجراء انتخابات النقيب وأعضاء مجلس النقابة إذا ما قضي ببطلان انتخابهم، ولا ينال من ذلك النظر أو يغير فيه أو يؤثر في سلامته أن يكون البطلان قد قضي به بتاريخ 15 يوليو سنة 1992 وقبل صدور ذلك القانون - ولا يعد ذلك انسحاباً لأثره على الماضي وإنما تطبيقاً للأثر الفوري لهذا القانون - خاصة وأن البين من المستندات المقدمة من المطعون ضده الأول بصفته أن اللجنة المؤقتة لنقابة المحامين التي شكلتها الجمعية العمومية غير العادية للمحامين المعقودة بتاريخ 19 يناير سنة 1989 قد انتهت ولايتها في 20 إبريل سنة 1989 طبقاً للتفويض الممنوح لها من الجمعية التي قررت تشكيلها - طالما لم يتم انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة قبل العمل بأحكامه، لما كان ما تقدم، فإن النعي ببطلان القرار الصادر بتاريخ 21 يوليو سنة 1992 بفتح باب الترشيح لمجلس نقابة المحامين وتحديد ميعاد إجراء انتخابات مجلس النقابة نقيباً وأعضاء يكون على غير أساس، ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعنين مع إلزام رافعيهما بالمصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة.


نقض - مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية س 43 ق (م/ 2).