أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 47

جلسة 6 من سبتمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين وفرغلي زناتي.

(5) نقابات
الطعن رقم 18149 لسنة 62 القضائية والطلب الثاني من الطعن رقم 18257 لسنة 62 قضائية

(1) محاماة. نقابات. محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية". قرار إداري. اختصاص "الاختصاص الولائي".
اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على ضوء التحديد الوارد في المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959. نطاقه؟
امتداد ولاية القضاء العادي - استثناء - للفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين. أساس ذلك؟
(2) محاماة. نقابات. محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية". قانون "تفسيره".
وضوح عبارة القانون. لا يجوز معها الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين المستحدث بالقانون رقم 98 لسنة 1992. مقصور على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان. علة ذلك؟
الترشيح لعضوية مجلس النقابة. إجراءاته؟
إسناد المشرع مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب بهذه المحكمة. مؤداه: إضفاء طابع قضائي عليه. أثر ذلك؟
(3) نقابات. محاماة. طعن "إجراءاته". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت - خضوعها لميعاد الطعن وإجراءاته دون شرط النصاب - خمسون محامياً - كفاية رفعه من محام واحد له مصلحة في الطعن. أساس ذلك؟
(4) محاماة. نقابات. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
توافر الأهلية والصفة والمصلحة في طالب التدخل. أثره: قبول تدخله شكلاً. أساس ذلك؟
طلب محام غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض التدخل في الطعن دون توكيل محام تتوافر له هذه الصفة لإبداء طلبه. أثره: عدم قبول تدخله.
(5) محاماة. نقابات. دستور.
انتفاء الجدية عن الدفع بعدم دستورية المادة 136/ 2 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون 227 لسنة 1984. أثره: وجوب الالتفات عنه. أساس ذلك؟
(6) محاماة. نقابات. إعلان. طعن "إجراءاته".
المواجهة التي تنعقد بها الخصومة. تمامها بالإعلان الصحيح أو بحضور الخصوم أمام القضاء ومتابعة السير في الدعوى.
(7) محاماة. نقابات. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". محكمة النقض "اختصاص الدوائر الجنائية".
اختصاص الدوائر الجنائية بمحكمة النقض بنظر الطعون على قرارات المجلس المؤقت لنقابات المحامين. أساس ذلك؟
(8) محاماة. نقابات. قانون "تفسيره". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
نقيب المحامين. انتخابه لمدة أربع سنوات. تجديد انتخابه. غير جائز لأكثر من دورتين متصلتين. مفاد ذلك؟
الإجراء الباطل لا ينتج أثراً.
قضاء محكمة النقض ببطلان تشكيل مجلس النقابة. أثره: اعتبار الفترة التي تولى فيها لا أثر لها.
مثال.
1 - الأصل في اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الوارد في المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه قاصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، إلا أن قانون المحاماة السابق الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 قد نهج على نزع ولاية الفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي - بصفة استثنائية - وذلك استناداً إلى التفويض المقرر للمشرع في المادة 167 من الدستور - في أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية - التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور - إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام وقد استمر المشرع على هذا النهج عندما أصدر قانون المحاماة الحالي الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 إذ حدد في المواد 44، 134، 135/ 1 مكرراً، 135/ 3 مكرراً، 141 منه القرارات التي يجوز الطعن فيها أمام جهة القضاء العادي سواء أمام محكمة النقض أو أمام محكمة استئناف القاهرة.
2 - لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة سالف البيان والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 قد نصت على أنه "ويشكل مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضوية أقدم ستة من رؤساء أو نواب رئيس بهذه المحكمة، يختص وحده دون غيره بإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان، فإذا اعتذر أي من هؤلاء أو قام به مانع حل محله الأقدم فالأقدم، وتكون لهذا المجلس - إلى حين تشكيل المجلس الجديد - جميع الاختصاصات المقررة لمجلس النقابة، وتكون لرئيسه اختصاصات النقيب، وتختص محكمة النقض دون غيرها، بالفصل في الطعن على قراراته في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين". لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، وكان اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين الذي استحدثه القانون رقم 98 لسنة 1992 قاصراً على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان على ما دلت عليه عبارات النص المضاف وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لهذا القانون ومذكرته الإيضاحية، وذلك تدخلاً من المشرع لتحديد الجهة التي يوكل إليها هذه المهمة في حالة الحكم ببطلان مجلس النقابة بعد ما تبين له خلو القانون الحالي من وضع حكم لهذا الأمر، وكان الترشيح لعضوية المجلس على ما أوضحته المادة 134 من قانون المحاماة - قبل صدور الإضافة للمادة 135 مكرراً بالقانون رقم 98 لسنة 1992 - يتم بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة بالمواعيد والإجراءات التي نصت عليها المادة سالفة البيان، ولمن أغفل إدراج اسمه من قائمة المرشحين التظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، إلا أن المشرع عندما أسند مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب رئيس بهذه المحكمة عند الحكم ببطلان المجلس، فإنه قد أضفى على هذا المجلس المؤقت طابعاً قضائياً لا يتأتى معه أن يكون الاختصاص بنظر الطعون على قراراته معقوداً لغير محكمة النقض باعتبارها المحكمة العليا لجهة القضاء العادي، لما كان ذلك، وكان المشرع قد أفصح عن مشيئته في إسناد ولاية الفصل في الطعون على قرارات المجلس المؤقت المشار إليه إلى محكمة النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة خلال أسبوعين من تاريخ صدور هذه القرارات دون حاجة لما اشترطته الفقرة الأولى من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة، والمضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 من ضرورة أن يكون تقرير الطعن موقعاًً من خمسين محامياً على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية أو شاركوا في انتخابات مجلس النقابة عند الطعن في القرارات الصادرة منها وفي تشكيل مجلس النقابة، ذلك لأن هذا القيد قاصر على العمل به عند دعوة الجمعية العمومية لإجراء انتخابات جديدة خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة المجلس القائم طبقاً لنص المادة 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، ولا يتصور إعمال هذا الشرط بل إنه يستحيل ذلك في حالة الحكم ببطلان مجلس النقابة وقيام المجلس المؤقت المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من قانون المحاماة والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992، ذلك لأن هذا المجلس لم يسبقه انعقاد جمعية عمومية - كما هو الحال في الظروف العادية - وإنما شكل بقوة القانون عند الحكم ببطلان مجلس النقابة، كما أن بعض قرارات المجلس المؤقت تصدر تنفيذاً لأحكام قانون نقابة المحامين بشأن إجراء الانتخابات في فترة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ الحكم بالبطلان قبل انعقاد الجمعية العمومية التي يدعوا إليها المجلس المؤقت لانتخاب مجلس النقابة، والقول بعكس ذلك يؤدي إلى فوات مواعيد الطعن المحددة بأسبوعين من تاريخ إصدار المجلس المؤقت لقراره والذي قد يرغب من له مصلحة في الطعن عليه.
3 - لما كانت إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت تبقى خاضعة لميعاد الطعن وإجراءات التقرير به في قلم كتاب محكمة النقض دون ما حاجة لاستلزام نصاب معين للطاعنين إذ يكفي أن يكون الطاعن محامياً واحداً ممن لهم مصلحة قائمة في الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه اتباعاً لمشيئة المشرع التي أفصح عنها على نحو ما سلف فإن الطعن في قرارات المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 أمام محكمة النقض بالشروط المقررة يكون جائزاً.
4 - وإنه عن طلب تدخل كل من المحامي...... و....... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني المحامي...... فإنه لما كانت تتوافر شروط تدخلهما من أهلية ومصلحة وصفة باعتبارهما من المحامين فإن المحكمة تقضي بقبول تدخلهما شكلاً عملاً بالمادة 126 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إنه عن طلب تدخل المحامي...... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني فإنه لما كان الثابت أن المحامي المذكور غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وكان لم يوكل محامياً مقيداً للمرافعة أمام هذه المحكمة لإبداء طلباته فإنه يتعين عدم قبول تدخله.
5 - لما كان الدفع المبدى من وكيل الطاعن بعدم دستورية عبارة "في ظل هذا القانون" الواردة في نهاية الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تأسيساً على القول بأنها شرعت لمصلحة المطعون ضده الثاني وحتى تتاح له فرصة ترشيح نفسه لمنصب نقيب المحامين لعدة دورات بالمخالفة لأحكام المادتين 8، 40 من الدستور، وكان نص المادة 136 من قانون المحاماة سالف الإشارة قد جرى على أنه "تكون مدة مجلس النقابة أربع سنوات من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات وتجرى الانتخابات لتجديد المجلس خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته، ولا يجوز تجديد انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون. "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاعدة القانونية تتميز بالعمومية والتجريد بما تنطوي عليه من مساواة في تطبيقها بين كافة الأفراد الخاضعين لأحكام هذه القاعدة بالشروط التي يوردها القانون وإذ كان ذلك سمة الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة المطعون عليها بعدم الدستورية إذ خلت مما يشير إلى انطباقها على شخص معين بذاته دون غيره، ويؤكد هذا المعنى أن المشرع عند تنظيم بعض النقابات المهنية قد ألغى الحظر الذي كان مقرراً من قبل والذي كان يضع حداً أقصى لمدد انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة وعلى سبيل المثال فقد صدر القانون رقم 7 لسنة 1983 بتعديل أحكام القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين والذي تضمن إلغاء الحظر الماثل والذي تضمنته المادة 136 من قانون المحاماة بأن أصبح لنقيب المهندسين حق إعادة ترشيح نفسه لهذا المنصب لدورات متصلة دون قيد. لما كان ما تقدم فإن هذا الدفع لا يسانده واقع ولا يخالف مبدأي تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والمساواة فيما بينهم في الحقوق والواجبات الأمر الذي يفصح عن عدم جديته ويتعين الالتفات عنه عملاً بنص الفقرة ب من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
6 - مما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ المواجهة كما يتحقق بالإعلان الصحيح يتحقق أيضاً بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعته السير في الدعوى وإبداء الدفاع في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة وبالتالي فإن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح.
7 - لما كان المشرع قد نهج حين سن قانون المحاماة السابق الصادر بالقانون 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعون على القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي وحدد الدائرة الجنائية بمحكمة النقض لنظر هذه الطعون، ثم التزم هذا النهج في قانون المحاماة الحالي الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 بأن ناط هذا الاختصاص إما إلى محكمة استئناف القاهرة بشأن من أغفل إدراج اسمه في قائمة المرشحين كما هو الحال في نص المادة 134 من القانون، وإما إلى الدائرة الجنائية بمحكمة النقض كما هو الحال في نص المادة 44 من القانون بشأن قرار مجلس النقابة بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين، وكما هو الحال في المادة 141 من القانون بشأن عضو مجلس النقابة الذي أسقطت عنه العضوية من مجلس النقابة، ومن ثم فإن خلو نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 من تحديد الدائرة التي تنظر الطعون على قرارات مجلس النقابة المؤقت وإشارتها إلى تقديم التقرير إلى قلم كتاب هذه المحكمة لا يعني عدولاً من المشرع عن اتجاهه بانعقاد الاختصاص لنظر هذه الطعون للدائرة المدنية بالمحكمة وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد إذا كان الاختصاص بنظر بعض هذه الطعون ينعقد للدائرة الجنائية وبعضها الآخر ينعقد للدائرة المدنية.
8 - لما كان مفاد نص المادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 أن نقيب المحامين ينتخب لمدة أربع سنوات على أنه لا يجوز تجديد انتخابه لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون مما مفاده بأنه لا يجوز انتخاب نقيب المحامين لأكثر من ثلاث دورات متصلة في ضل القانون القائم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإجراء الباطل لا ينتج أثراً ومن ثم فإنه بصدور قضاء محكمة النقض ببطلان تشكيل مجلس النقابة نقيباً وأعضاء تكون الفترة التي تولى فيها المطعون ضده الثاني منصب نقيب المحامين والتي قضي ببطلانها لا أثر لها ولا يعتد بها بالنسبة للحظر الوارد في المادة 136 من قانون المحاماة سالفة البيان. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن قد بنى طعنه على أن المطعون ضده الثاني قضى في منصبه كنقيب للمحامين دورتين متصلتين بالإضافة إلى الدورة الثالثة التي قضي ببطلان انتخابه فيها ومن ثم فإنه يجوز له التقدم للترشيح لهذا المنصب مرة أخرى ويكون قرار المجلس المؤقت لنقابة المحامين برفض اعتراض الطاعن وقبول ترشيح المطعون ضده الثاني قد التزم صحيح القانون.


الوقائع

بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1992 قرر الأستاذ....... المحامي بالطعن بطريق النقض في قرار المجلس المؤقت لنقابة المحامين الصادر بتاريخ 3 من أغسطس سنة 1992 بقبول ترشيح المطعون ضده الثاني لمنصب النقيب (قيد بجدول محكمة النقض برقم 18149 لسنة 62 ق) وأودعت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها منه طالباً في ختامها الحكم. أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المذكور.
ثانياً: بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف. كما قرر الطاعن عن نفسه وبصفته وكيلاً عن عدد 107 محامياً بالطعن بطريق النقض في 16 من الشهر ذاته في القرار المطعون فيه بجدول محكمة النقض برقم 18257 لسنة 62 ق وقدمت أسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها منه طالباً في الشق الثاني ذات الطلبات الواردة في الطعن الأول. وبجلسة 3 من سبتمبر سنة 1992 طلب المحامون و…... و........ و...... قبول تدخلهم انضمامياً للمطعون ضده الثاني وقررت المحكمة ضم الطلب الثاني من الطعن رقم 1825 إلى الطعن رقم 18149 لسنة 62 ليصدر فيهما حكم واحد وفيهما سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة - ثم أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

من حيث إن وقائع الطعن رقم 18149 لسنة 62 ق - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المحامي...... قرر بتاريخ 12 من أغسطس سنة 1992 - بالطعن بطريق النقض في القرار الصادر بتاريخ 3 من أغسطس سنة 1992 من المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون 227 لسنة 1984، 98 لسنة 1992 والمتضمن رفض الاعتراض على ترشيح المحامي....... لمنصب نقيب المحامين وقبول ترشيحه، وأودع في التاريخ ذاته تقريراً بأسباب طعنه ضمنه بأن المطعون ضده الثاني - المحامي...... سبق وأن انتخب نقيباً للمحامين ثلاث دورات متتالية إلى أن صدر حكم محكمة النقض بتاريخ 15 من يوليه سنة 1992 والذي قضى ببطلان انتخاب مجلس النقابة الذي تم في 9 من يونيه سنة 1989 وذلك قبل نهاية فترة ولاية المطعون ضده الثاني بأشهر قليلة. ورغم النص في الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة على عدم جواز الترشيح لمرة أخرى إلا أن المطعون ضده الثاني تقدم لترشيح نفسه نقيباً للمحامين لدورة جديدة مما دفع الطاعن إلى التقدم إلى المجلس المؤقت للنقابة معترضاً على هذا الترشيح إلا أن المجلس المذكور رفض اعتراضه. فأقام طعنه الماثل طالباً الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من المجلس المؤقت لنقابة المحامين بتاريخ 3 من أغسطس سنة 1992 بقبول ترشيح المطعون ضده الثاني لمنصب نقيب المحامين، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الطعن رقم 18257 لسنة 62 ق أنه مقدم من المحامي...... بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1992 عن نفسه وبصفته وكيلاً عن بعض المحامين في القرار المطعون فيه موضوع الطعن السابق، وفي ذات التاريخ أودع أسبابه طعنه ضمنها في الطلب الثاني الحكم بذات الطلبات الواردة في الطعن رقم 18149 لسنة 62 ق وبذات الأسانيد القانونية، وقد أمرت المحكمة بضم هذا الشق من الطعن إلى الطعن رقم 18149 لسنة 62 ق ليصدر فيهما حكم واحد.
ومن حيث إن دفاع الطاعنين شرح ظروف الطعن وأسانيده ودفع المحامي..... بعدم دستورية نص العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 والتي بعد أن حظرت تجديد انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متصلتين أوردت عبارة "في ظل هذا القانون" وأن هذه العبارة شرعت لصالح المطعون ضده الثاني - المحامي وحده دون باقي المحامين إذ كان إبان صدورها يمضي الفترة الثانية كنقيب وأريد منحه هذه الميزة وحده دون باقي المحامين بالمخالفة لأحكام المادة الثامنة من الدستور التي تكفل فيها الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين فضلاً عن إخلاله بقاعدة المساواة بين المواطنين المنصوص عليها في المادة 40 من الدستور.
ومن حيث إن المحاميين....... و....... حضرا عن المطعون ضده الأول - رئيس المجلس المؤقت لنقابة المحامين - وقدما مذكرة بدفاعه تضمنت طلب الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه بالمخالفة لأحكام الفقرة الأولى من نص المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة سالف الإشارة والفقرة الثالثة المضافة بالقانون 98 لسنة 1992 وذلك لعدم رفع الطعن من خمسين محامياً مصدقاً على إمضاءاتهم على ما توجبه هاتين الفقرتين كما دفعا بعدم انعقاد الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الأول لعدم إعلانه بصحيفة الطعن.
ومن حيث إن المحامين........ و...... حضرا عن المطعون ضده الثاني - المحامي....... كما طلبا قبول تدخلهما تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني وقدم أوليهما مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن بينما دفع الثاني بعدم اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض واختصاص الدائرة المدنية به على سند من القول بأن نص المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة سالف البيان لم يحدد الدائرة التي تختص بالنظر في الطعن على قرارات المجلس المؤقت وإنما أطلق القول بأن تقرير الطعن يقدم بقلم كتاب محكمة النقض دون تحديد لنوع الدائرة وأن الأصل هو اختصاص الدائرة المدنية بالمحكمة بهذه الطعون باعتبار أنها ذات طبيعة مدنية.
ومن حيث إن المحامي....... المقيد للمرافعة أمام محاكم الاستئناف طلب التدخل انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني ودفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة.
ومن حيث إن الأصل في اختصاص الدوائر الجنائية لمحكمة النقض على التحديد الوارد في المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه قاصر على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، إلا أن قانون المحاماة السابق الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 قد نهج على نزع ولاية الفصل في الطعون على القرارات الإدارية الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي - بصفة استثنائية - وذلك استناداً إلى التفويض المقرر للمشرع في المادة 167 من الدستور - في أن يسند ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية - التي يختص مجلس الدولة أصلاً بالفصل فيها طبقاً للمادة 172 من الدستور - إلى هيئات قضائية أخرى وفقاً لمقتضيات الصالح العام وقد استمر المشرع على هذا النهج عندما أصدر قانون المحاماة الحالي الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 إذ حدد في المواد 44، 134، 135/ 1 مكرراً، 135/ 3 مكرراً، 141 منه القرارات التي يجوز الطعن فيها أمام جهة القضاء العادي - سواء أمام محكمة النقض أو أمام محكمة استئناف القاهرة. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة سالف البيان والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 قد نصت على "ويشكل مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة، وعضوية أقدم ستة من رؤساء أو نواب رئيس بهذه المحكمة، يختص وحده دون غيره بإجراء الانتخابات في مدة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان، فإذا اعتذر أي من هؤلاء أو قام به مانع حل محله الأقدم فالأقدم، وتكون لهذا المجلس - إلى حين تشكيل المجلس الجديد - جميع الاختصاصات المقررة لمجلس النقابة، وتكون لرئيسه اختصاصات النقيب، وتختص محكمة النقض دون غيرها، بالفصل في الطعن على قراراته في المواعيد وبالإجراءات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين" لما كان ذلك، وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها، فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على نص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه، وكان اختصاص المجلس المؤقت لنقابة المحامين الذي استحدثه القانون رقم 98 لسنة 1992 قاصراً على إدارة شئون النقابة وإجراء الانتخابات في مده لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ القضاء بالبطلان على ما دلت عليه عبارات النص المضاف وما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لهذا القانون ومذكرته الإيضاحية وذلك تدخلاً من المشرع لتحديد الجهة التي يوكل إليها هذه المهمة في حالة الحكم ببطلان مجلس النقابة بعد ما تبين له خلو القانون الحالي من وضع حكم لهذا الأمر. وكان الترشيح لعضوية المجلس على ما أوضحته المادة 134 من قانون المحاماة قبل صدور الإضافة للمادة 135 مكرراً بالقانون رقم 98 لسنة 1992 - يتم بطلب يقدم من المرشح إلى مجلس النقابة بالمواعيد والإجراءات التي نصت المادة سالفة البيان، ولمن أغفل إدراج اسمه من قائمة المرشحين التظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، إلا أن المشرع عندما أسند مهمة إجراء الانتخابات إلى مجلس مؤقت برئاسة رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضوية أقدم ستة من شاغلي درجة رئيس أو نائب رئيس بهذه المحكمة عند الحكم ببطلان المجلس، فإنه قد أضفى على هذا المجلس المؤقت طابعاً قضائياً لا يتأتى معه أن يكون الاختصاص بنظر الطعون على قراراته معقوداً لغير محكمة النقض باعتبارها المحكمة العليا لجهة القضاء العادي، لما كان ذلك، وكان المشرع قد أفصح عن مشيئته في إسناد ولاية الفصل في الطعون على قرارات المجلس المؤقت المشار إليه إلى محكمة النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة خلال أسبوعين من تاريخ صدور هذه القرارات دون حاجة لما اشترطته الفقرة الأولى من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة، والمضافة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 من ضرورة أن يكون تقرير الطعن موقعاًً من خمسين محامياً على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية أو شاركوا في انتخاب مجلس النقابة عند الطعن في القرارات الصادرة منها وفي تشكيل مجلس النقابة، ذلك لأن هذا القيد قاصراً على العمل به عند دعوة مجلس الجمعية العمومية لإجراء انتخابات جديدة خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدة المجلس القائم طبقاً لنص المادة 136 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، ولا يتصور إعمال هذا الشرط بل إنه يستحيل ذلك في حالة الحكم ببطلان مجلس النقابة وقيام المجلس المؤقت المنصوص عليه بالفقرة الثالثة من قانون المحاماة والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992، ذلك لأن هذا المجلس لم يسبقه انعقاد جمعية عمومية - كما هو الحال في الظروف العادية - وإنما شكل بقوة القانون عند الحكم ببطلان مجلس النقابة، كما أن بعض قرارات المجلس المؤقت تصدر تنفيذاً لأحكام قانون نقابة المحامين بشأن إجراء الانتخابات في فترة لا تجاوز ستين يوماً من تاريخ الحكم بالبطلان قبل انعقاد الجمعية العمومية التي يدعوا إليها المجلس المؤقت لانتخاب مجلس النقابة، والقول بعكس ذلك يؤدي إلى فوات مواعيد الطعن المحددة بأسبوعين من تاريخ إصدار المجلس المؤقت لقراره والذي قد يرغب من له مصلحة في الطعن عليه. لما كان ذلك، فإن إجراءات الطعن في قرارات المجلس المؤقت تبقى خاضعة لميعاد الطعن وإجراءات التقرير به في قلم كتاب محكمة النقض دون ما حاجة لاستلزام نصاب معين للطاعنين إذ يكفي أن يكون الطاعن محامياً واحداً ممن لهم مصلحة قائمة في الطعن، لما كان ما تقدم، فإنه اتباعاً لمشيئة المشرع التي أفصح عنها على نحو ما سلف فإن الطعن في قرارات المجلس المؤقت لنقابة المحامين المشكل طبقاً لأحكام القانون رقم 98 لسنة 1992 أمام محكمة النقض بالشروط المقررة يكون جائزاً. وإذ كان الطعن رقم 18149 لسنة 62 ق والطلب الثاني من الطعن رقم 18257 لسنة 62 ق قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنه يتعين قبولهما شكلاً.
وحيث إنه عن طلب تدخل كل من المحامي..... و...... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني المحامي...... فإنه لما كانت تتوافر شروط تدخلهما من أهلية ومصلحة وصفة باعتبارهما من المحامين فإن المحكمة تقضي بقبول تدخلهما شكلاً عملاً بالمادة 126 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إنه عن طلب تدخل المحامي....... تدخلاً انضمامياً إلى المطعون ضده الثاني، فإنه لما كان الثابت أن المحامي المذكور غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وكان لم يوكل محامياً مقيداً للمرافعة أمام هذه المحكمة لإبداء طلباته فإنه يتعين عدم قبول تدخله.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من وكيل الطاعن بعدم دستورية عبارة "في ظل هذا القانون" الواردة في نهاية الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تأسيساً على القول بأنها شرعت لمصلحة المطعون ضده الثاني وحتى تتاح له فرصة ترشيح نفسه لمنصب نقيب المحامين لعدة دورات بالمخالفة لأحكام المادتين 8، 40 من الدستور، وكان نص المادة 136 من قانون المحاماة سالف الإشارة قد جرى على أنه "تكون مدة مجلس النقابة أربع سنوات من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات وتجرى الانتخابات لتجديد المجلس خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته، ولا يجوز تجديد انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون." لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القاعدة القانونية تتميز بالعمومية والتجريد بما تنطوي عليه من مساواة في تطبيقها بين كافة الأفراد الخاضعين لأحكام هذه القاعدة بالشروط التي يوردها القانون، وإذ كان ذلك سمة الفقرة الثانية من المادة 136 من قانون المحاماة المطعون عليها بعدم الدستورية إذ خلت مما يشير إلى انطباقها على شخص معين بذاته دون غيره ويؤكده هذا المعنى أن المشرع عند تنظيم بعض النقابات المهنية قد ألغى الحظر الذي كان مقرراً من قبل والذي كان يضع حداً أقصى لمدد انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة وعلى سبيل المثال فقد صدر القانون رقم 7 لسنة 1983 بتعديل أحكام القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين والذي تضمن إلغاء الحظر المماثل والذي تضمنته المادة 136 من قانون المحاماة بأن أصبح لنقيب المهندسين حق إعادة ترشيح نفسه لهذا المنصب لدورات متصلة دون قيد، لما كان ما تقدم فإن هذا الدفع لا يسانده واقع أو قانون ولا يخالف مبدأي تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والمساواة فيما بينهم في الحقوق والواجبات الأمر الذي يفصح عن عدم جديته ويتعين الالتفات عنه عملاً بنص الفقرة ب من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بعدم انعقاد الخصومة بالنسبة له لعدم إعلانه بصحيفتي الطعنين محل النزاع، فإنه مردود وعلى فرض صحة عدم إعلانه بالصحيفتين - بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ المواجهة كما يتحقق بالإعلان الصحيح يتحقق أيضاً بالعلم اليقيني الذي يتمثل في حضور الخصم أمام القضاء ومتابعته السير في الدعوى وإبداء الدفاع في الشكل والموضوع على نحو يدل على إحاطته بموضوعها وبالطلبات فيها وبمركزه القانوني بين أطراف الخصومة وبالتالي فإن الخصومة تنعقد بتمام المواجهة سواء تحققت بهذا السبيل أو بالإعلان الصحيح. لما كان ما تقدم، وكان المطعون ضده الأول قد حضر وأبدى دفاعه في الطعن الماثل سواء في الشكل والموضوع بما ينطوي على إحاطته بموضوع الطعن وبالطلبات فيه فإن ذلك يعد كافياً للمضي في نظر الدعوى دون ما حاجة لتكليف الطاعن أو قلم كتاب المحكمة بإعلانه بصحيفة الطعن.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المحامي...... بصفته خصماً منضماً في الدعوى وبصفته وكيلاً عن المطعون عليه الثاني بعدم اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بنظر هذا الطعن واختصاص الدائرة المدنية بالمحكمة به. فإنه مردود بأنه لما كان المشرع قد نهج حين سن قانون المحاماة السابق الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 على نزع ولاية الفصل في الطعون على القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين من القضاء الإداري وأسندها إلى جهة القضاء العادي وحدد الدائرة الجنائية بمحكمة النقض لنظر هذه الطعون، ثم التزم هذا النهج في قانون المحاماة الحالي الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 بأن ناط هذا الاختصاص إما إلى محكمة استئناف القاهرة بشأن من أغفل إدراج اسمه في قائمة المرشحين كما هو الحال في نص المادة 134 من القانون وإما إلى الدائرة الجنائية بمحكمة النقض كما هو الحال في نص المادة 44 من القانون بشأن قرار مجلس النقابة بنقل اسم المحامي إلى جدول المحامين غير المشتغلين، وكما هو الحال في المادة 141 من القانون بشأن عضو مجلس النقابة الذي أسقطت عنه العضوية من مجلس النقابة، ومن ثم فإن خلو نص الفقرة الثالثة من المادة 135 مكرراً من قانون المحاماة والمضافة بالقانون رقم 98 لسنة 1992 من تحديد الدائرة التي تنظر الطعون على قرارات مجلس النقابة المؤقت وإشارتها إلى تقديم التقرير إلى قلم كتاب هذه المحكمة لا يعني عدولاً من المشرع عن اتجاهه بانعقاد الاختصاص لنظر هذه الطعون للدائرة المدنية بالمحكمة وإلا كان ذلك مؤدياً إلى فقدان التجانس بين أحكام التشريع الواحد إذا كان الاختصاص بنظر بعض هذه الطعون ينعقد للدائرة الجنائية وبعضها الآخر ينعقد للدائرة المدنية لما كان ما تقدم فإن الاختصاص بنظر هذا الطعن ينعقد لهذه الدائرة باعتبارها من الدوائر الجنائية بمحكمة النقض مما يتعين معه الالتفات عن الدفع المبدى في هذا الصدد.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على حكم محكمة النقض في الطعن رقم 44331 لسنة 59 ق والطعون المنضمة إليه أنه بتاريخ 15 من يوليه سنة 1992 وقضى ببطلان انتخاب مجلس النقابة الذي تم في 9 من يونيه سنة 1989 قبل انتهاء الفترة المحددة لهذا المجلس. وكان مفاد نص المادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 أن نقيب المحامين ينتخب لمدة أربع سنوات على أنه لا يجوز تجديد انتخابه لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون مما مفاده بأنه لا يجوز انتخاب نقيب المحامين لأكثر من ثلاث دورات متصلة في ظل القانون القائم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإجراء الباطل لا ينتج أثراً ومن ثم فإنه بصدور قضاء محكمة النقض ببطلان تشكيل مجلس النقابة نقيباً وأعضاء تكون الفترة التي تولى فيها المطعون ضده الثاني منصب نقيب المحامين والتي قضي ببطلانها لا أثر لها ولا يعتد بها بالنسبة للحظر الوارد في المادة 136 من قانون المحاماة سالفة البيان. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن قد بنى طعنه على أن المطعون ضده الثاني قضى في منصبه كنقيب للمحامين دورتين متصلتين بالإضافة إلى الدورة الثالثة التي قضي ببطلان انتخابه فيها ومن ثم فإنه يجوز له التقدم للترشيح لهذا المنصب مرة أخرى ويكون قرار المجلس المؤقت لنقابة المحامين برفض اعتراض الطاعن وقبول ترشيح المطعون ضده الثاني قد التزم صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن موضوعاً مع إلزام رافعه بالمصروفات شاملة أتعاب المحاماة.
وحيث إنه بالنسبة إلى الدفوع المثارة في الطعن والتي تكلفت المحكمة بالرد عليها على النحو السابق إيراده فترى المحكمة بأنه لا داعي للنص عليها في المنطوق.


نقض - مجموعة الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية س 43 ق (م/ 3).