أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1335

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله ومصطفى كامل وشبل حسن نواب رئيس المحكمة. وهاني حنا.

(190)
الطعن رقم 60805 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للقاضي تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
جرائم التزوير. لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
(2) إثبات "بوجه عام".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداها؟
(3) تزوير. "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. ما دام سائغاً.
(4) تزوير "أوراق رسمية". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم إسهام الطاعن في ارتكاب التزوير. مفاده: توافر علمه بتزوير المحرر.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(5) دفوع "الدفع بنفي التهمة". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفات المحكمة عنها. مفاده: إطراحها.
(7) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم. موضوعي.
الرد على ما يوجه إلى تلك التقارير من مطاعن. غير لازم. ما دامت قد أخذت بما جاء بها.
عدم التزام المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(8) نقض "أسباب الطعن. ميعاد تقديمها".
تقديم مذكرة إضافية بأسباب الطعن بعد الميعاد. غير مقبول.
1 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً.
2 - من المقرر أنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدىة إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم.
4 - لما كان الحكم قد أثبت إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة.
6 - من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
8 - الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو أي خصم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكورة المقدمة بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1989 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: اشترك ومجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو........ الموثق بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق بالدخيلة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر التصديق رقم...... لسنة 1987 حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن اتفق مع سيدة مجهولة على ذلك وساعدها بأن أمدها بإقرار منسوب صدوره إلى....... يتضمن تنازلها عن دعاوى مقامة ضده وببطاقة عائلية تحمل اسمها فقامت بتقديمها للموظف المذكور وتسمت أمامه باسم صاحبة البطاقة خلافاً للحقيقة فأثبت المذكور ذلك في محضر التصديق على الإقرار وتلقى بصمتها المزورة على المحضر فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى محكمة التنفيذ للاحتجاج بما ورد به وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 211، 212، 213، 214، 215 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة ستة أشهر مع الشغل عما أسند إليه وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه والأستاذ/...... المحامي نيابة عنه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن أياً من الأدلة التي عول عليها لا تقطع بتزوير المحرر ولا تصلح دليلاً على اشتراكه في جريمة التزوير أو علمه بذلك التزوير حال استعماله لذلك المحرر، كما أن المدافع عن الطاعن أقام دفاعه على نفي التهمة بناء على شواهد عددها، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه، كما عول الحكم على تقرير الخبير رغم عدم تحقق الخبير من شخصية المدعية بالحقوق المدنية حال أخذ بصمة أصبعها، مما كان لازمه إعادة المأمورية إلى الخبير لإعادة المضاهاة، وهو ما تمسك بطلبه من المحكمة إلا أن المحكمة لم تجبه إلا ذلك الطلب ولم تعرض له في مدونات الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن قد أحضر إحدى السيدات إلى مكتب التوثيق المختص للتصديق على إقرار صلح وتنازل منسوب صدوره إلى المدعية بالحقوق المدنية لصالحه يفيد تنازلها عن الحكم الصادر لها والذي استشكل في تنفيذه وطلب من هذه السيدة أن تقدم إلى الموظف المختص بطاقتها العائلية حيث قام الموظف بتوثيق الإقرار بعد أن حصل على بصمة إصبعها على الإقرار وكذا الدفتر الخاص بذلك وقد قام الطاعن باستعمال ذلك الإقرار الموثق بأن قدمه إلى المحكمة المختصة بنظر الإشكال آنف الذكر، وأورد الحكم تدليلاً على ثبوت الواقعة في حق الطاعنة أدلة مستمدة من أقوال المدعية بالحقوق المدنية وكذا الموظف المختص بمكتب التوثيق وما ثبت من تقرير وحدة الأدلة الجنائية وإقرار الطاعنة بالتحقيقات بتقديمه الإقرار المزور لمحاميه الذي قدمه إلى المحكمة المختصة. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً. وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان من المقرر أيضاً أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وأن إثبات الحكم إسهام الطاعن في مقارفة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من جماع أدلة الثبوت السائغة التي أوردها اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير بناء على اعتقاد سائغ من المحكمة لم يخطئ الحكم في تقديره وبما يتوافر به علمه بتزوير المحرر حال استعماله، فإن كل ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً ويستفاد الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم في قضائه بالإدانة. كما وأنه ليس على المحكمة أن تتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاتها عنها أنها أطرحتها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها، وهي كذلك لا تلتزم بإعادة المأمورية إلى الخبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها، ومن ثم ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو أي خصم - غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون، فإن ما أثاره الطاعن في المذكرة المقدمة بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1989 وبعد فوات الميعاد المحدد بالقانون يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.