أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 74

جلسة 6 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة نائبي رئيس المحكمة ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد.

(1)
الطعن رقم 13702 لسنة 60 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت أوردها الحكم.
(2) مقاومة رجال السلطة العامة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غبر معيب".
الركن المعنوي في جريمة مقاومة رجال السلطة العامة. متى يتحقق؟
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ورود الشهادة على الحقيقة بأكملها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ.
(4) إثبات "بوجه عام".
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(5) إثبات "بوجه عام".
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً ومباشراً على الواقعة المراد إثباتها. كفاية أن استخلاصها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
(6) استعمال القوة مع موظف عمومي. جريمة "أركانها". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم تحدث الحكم صراحة في جريمة استعمال القوة مع موظف عمومي عن علم المتهم بأن المجني عليه موظف عام. لا يعيبه. ما دام ما أثبته من وقائع يفيد توافر هذا العلم.
مثال.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها صراحة. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. علة ذلك؟
(8) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
(9) إثبات "بوجه عام" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع الأخذ بتقرير صادر من مستشفى خاص. أساس ذلك؟
(10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(11) ضرب "أحدث عاهة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي لتكوين العاهة المستديمة. تقدير ذلك. موضوعي.
(12) ضرب "أحدث عاهة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقدير نسبة مئوية. لا يؤثر في قيام العاهة المستديمة.
(13) عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "بطلانه". محكمة النقض "سلطتها".
الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة. لا يرتب بطلان الحكم. حد ذلك؟
كفاية أن تصحح محكمة النقض أسباب ذلك الحكم بتصحيح مادة العقاب دون حاجة إلى نقضه.
1 - النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم وجوده على مسرح الحادث مردوداً بما هو مقرر بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها من إدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. وقد أطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بالخدمة العامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر بغير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلائم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
4 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم فيها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة.
5 - لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقرار وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
6 - لما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة تبريراً لقضائه، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعن قد انصرفت إلى منع رجال الشرطة المجني عليهم من أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبطه لتنفيذ الحكم الصادر ضده في الجناية رقم....... مدينة نصر، بأن أطلق النار عليهم فأصاب أحدهم هو أمين الشرطة........ بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي لجريمة استعمال القوة والعنف التي دان الطاعن بها وكان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بأن المجني عليهم من رجال الشرطة والرد على دفاعه في هذا الشأن، لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم، وكان فيما أورده الحكم من أن المجني عليهم كانوا يستقلون سيارة الشرطة رقم...... وأنهم ترجلوا منها على مقربة من سيارة الطاعن وفرار من كانوا بصحبته فور مشاهدتهم إياهم وإقرار الخفير..... من أن الطاعن محكوم عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وأنه قد حضر إليه ومعه سلاحاً آلياً وعند حضور رجال الشرطة أطلق منه أعيرة نارية عليهم وهو ما حداه إلى الهرب، يوفر علم الطاعن بأن المجني عليهم من رجال الشرطة، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فلا عليها إن هي لم تعرض لهذا الدفاع الموضوعي.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها للرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها. لما كان ذلك، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا تفيد علم المجني عليهم بشخصية الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير صحيح ولا يعدو في حقيقته أن يكون محاولة لتجريح أدله الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن وحده هو الذي أطلق الأعيرة النارية على أمين الشرطة....... وأحدث به إصاباته وقد تخلف لديه عاهة مستديمة من جراء إحداها وهي تهتك عظام الحوض اليمني تقدر نسبتها بحوالي 55% إلى 60% أخذاً بما جاء بتقرير مستشفى........ الصادر من مديرها الدكتور....... ومن أقوال الطبيب....... التي أشار إليها الحكم واطمأن إليها في حدود سلطته التقديرية وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها وما دامت قد أطمأنت إلى ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يثيره الطاعن من أن التقرير الطبي الذي عولت عليه المحكمة بالإدانة صادر من مستشفى خاص، ذلك أن هذا التقرير الطبي صادر هو الآخر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدت له فأثبته وليس ثمة ما يجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المصابين بموجب تقارير طبية صادرة من جهة معينة دون غيرها من الأطباء المتخصصين.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة إن هي أخذت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى خاص رغم عدم تحديد نوع الطلقات التي أحدثت الإصابة ومكان خروجها، وذلك بحسبانه من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها، ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
10 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
11 - من المقرر أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوين العاهة المستديمة، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب.
12 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام العاهة كونها لم تقدر بنسبة مئوية، فإن ما ينعاه الطاعن من أن شهادة الطبيب..... كانت قبل أن تستقر حالة إصابة المجني عليه واشتراطه ضرورة عرض المجني عليه المصاب على القومسيون الطبي بعد شفائه لتقرير نسبة العاهة يكون في غير محله.
13 - لما كان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضي بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، كما أن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ولو كانت مواد الاتهام التي بينها في صدره وأسبابه قد شملت كذلك فقرة غير ما طبقه من مواد العقاب، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل بالإضافة إلى جنايتي إحراز السلاح الناري المششخن وذخيرته بغير ترخيص - جناية استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق عن الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم والتي نشأ عنها عاهة مستديمة بأحد المجني عليهم المعاقب عليها بالمادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات بفقرتها الأولى والثانية والثالثة وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة بفقراتها الثلاث، فإن خطأ الحكم بإضافة الفقرة الرابعة من المادة 137 مكرراً سالفة الذكر إلى فقرات العقاب لا يعيبه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بحذف الفقرة الرابعة من المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


"الوقائع"

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - استعمل القوة والعنف مع موظفين عموميين ضابط وأمناء شرطة وهم...... و..... و...... و....... نائبين لقسم شرطة مدينة نصر - لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبطه لتنفيذ الحكم الصادر عليه في الجناية رقم....... بأن أطلق عليهم عدة أعيرة نارية من بندقية آلية. فأصاب....... أمين الشرطة بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه منها عاهة مستديمة تقدر بحوالي 55% وقد بلغ بذلك مقصده بأن تمكن من الهرب على النحو الثابت بالتحقيقات. 2 - أحرز سلاحاً نارياً بندقية آلية عيار 7.62 × 39 م مما لا يجوز التصريح بترخيصه. 3 - أحرز ذخائر نارية مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر والغير مصرح بترخيصه. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 137 مكرراً/ أ، 1، 2، 3، 4 من قانون العقوبات، 12/ 1، 6، 26/ 1 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1953 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات لما أسند إليه وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته بغير ترخيص واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عنه نفى وجوده بمسرح الحادث وأنه بفرض ذلك فإنه كان يجهل أن المجني عليهم من رجال الشرطة، إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع إيرادا ورداًً ولم يستظهر علم الطاعن بصفة المجني عليهم وأن استعماله القوة معهم كان لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم، هذا إلى أن أقوال الشهود من رجال الشرطة صريحة في أن تواجدهم بمكان الحادث كان أثناء المرور لتفقد حالة الأمن ومع ذلك خلص الحكم إلى ارتكاب الطاعن للجريمة لمنعهم من القبض عليه تنفيذاً للحكم الصادر ضده في الجناية رقم....... مدينة نصر مما مفاده علمهم بشخصيته وهو ما قطعت الأوراق بعدم صحته، كما دانه بإحداث العاهة استناداً إلى تقرير طبي مبدئي صادر من مستشفى خاص لم يحدد نوع الطلقات التي أحدثت الإصابة ومكان خروجها وإلى شهادة الطبيب المعالج بالتحقيقات حال أنهما صدرا قبل أن تستقر حالة المجني عليه المصاب ورغم طلب الطبيب عرضه على القومسيون لتقدير نسبة العاهة، فضلاً عن خطأ الحكم إذ طبق الفقرة الرابعة من المادة 137 مكرراً من قانون العقوبات التي تتطلب أن يكون الضرب أو الجرح قد أفضى إلى الموت وهو ما لم يتحقق في واقعة الدعوى، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما مجمله أنه أثناء مرور الملازم أول....... بمباحث قسم شرطة مدينة نصر وبرفقته قوة من أمناء الشرطة من بينهما...... و...... مستقلين السيارة رقم 16085 شرطة، لتفقده حالة الأمن وضبط المحكوم عليهم الهاربين من أحكام الجنايات من الأعراب شاهدوا سيارة جيب تقف على ربوة بالقرب من الطريق العمومي فتوجهوا إليها لاستجلاء شخصية مستقليها وعند اقترابهم منها رأوا كوخين من الصاج يجلس على مقربة من أحدهما ثلاثة أشخاص وبعض السيدات، فاتجهوا إليهم، فأسرعوا جميعاً بالفرار عدا الطاعن وكان ممسكاً ببندقية آلية أطلق منها الأعيرة النارية في اتجاههم، ولقرب أمين الشرطة منه، فقد حاول الإمساك به فأطلق الطاعن عليه عدة أعيرة نارية أصابته بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة تصل نسبتها حوالي من 55 إلى 60% واستطاع الطاعن بذلك منع القوة من ضبطه بالرغم من صدور الحكم عليه غيابياً في الجناية رقم...... مدينة نصر بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات، وأنه قد ثبت من تقرير المعمل الجنائي أن الأظرف الفارغة التي عثر عليها بمكان الحادث وعددها أربعة مطروقة الكبسولات وأنها خاصة بالطلقات المستخدمة على الأسلحة عيار 7.62 × 39 مللي وسبق استخدامها في سلاح ناري مششخن الماسورة، وقد أقر الخفير صاحب أحد الكوخين أن الطاعن حضر إليه بسيارة جيب وكان يحمل سلاحاً آلياً أطلق منه أعيرة نارية على القوة سالفة الذكر. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كلفة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال رجال الشرطة والتقرير الطبي للمصاب ومن تقرير المعمل الجنائي وما ثبت من المعاينة والاطلاع على دفتر أحوال قسم شرطة مدينة نصر وشهادة جدول تنفيذ الجنايات لعام 1981، ومما أقر به الخفير، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن بعدم وجوده على مسرح الحادث مردوداً بما هو مقرر بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها من إدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجيب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه. وقد أطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام المكلف بالخدمة العامة متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر بغير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به. وكان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلائم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم فيها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة. وكان لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من أدلة تبريراً لقضائه، قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعن قد انصرفت إلى منع رجال الشرطة المجني عليهم من أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو ضبطه لتنفيذ الحكم الصادر ضده في الجناية رقم....... مدينة نصر، بأن أطلق النار عليهم فأصاب أحدهم هو أمين الشرطة...... بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي لجريمة استعمال القوة والعنف التي دان الطاعن بها، وكان عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بأن المجني عليهم من رجال الشرطة والرد على دفاعه في هذا الشأن، لا يعيبه ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم، وكان فيما أورده الحكم من أن المجني عليهم كانوا يستقلون سيارة الشرطة رقم........ وأنهم ترجلوا منها على مقربة من سيارة الطاعن وفرار من كانوا بصحبته فور مشاهدتهم إياهم وإقرار الخفير....... من أن الطاعن محكوم عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وأنه قد حضر إليه ومعه سلاحاً آلياً وعند حضور رجال الشرطة أطلق منه أعيرة نارية عليهم وهو ما حداه إلى الهرب، يوفر علم الطاعن بأن المجني عليهم من رجال الشرطة، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، فلا عليها إن هي لم تعرض لهذا الدفاع الموضوعي، ما دام أنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها للرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها. لما كان ذلك، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا تفيد علم المجني عليهم بشخصية الطاعن فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير صحيح ولا يعدو في حقيقته أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن وحده هو الذي أطلق الأعيرة النارية على أمين الشرطة...... وأحدث به إصاباته وقد تخلف لديه عاهة مستديمة من جراء إحداها وهي تهتك عظام الحوض اليمنى تقدر نسبتها بحوالي 55% إلى 60% أخذاً بما جاء بتقرير مستشفى........ الصادر من مديرها الدكتور....... ومن أقوال الطبيب...... التي أشار إليها الحكم واطمأن إليها في حدود سلطته التقديرية وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها وما دامت قد أطمأنت إلى ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يثيره الطاعن من أن التقرير الطبي الذي عولت عليه المحكمة بالإدانة صادر من مستشفى خاص، ذلك أن هذا التقرير الطبي صادر هو الآخر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدت له فأثبته وليس ثمة ما يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات المصابين بموجب تقارير طبية صادرة من جهة معينة دون غيرها من الأطباء المتخصصين، وهذا فضلاً عن أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب طبيب معين أو جهة معينة لإبداء الرأي في الإصابة مما يضحى ما يثيره في هذا الشأن غير سديد. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من عناصر الإثبات ولو كان ذلك من محاضر جمع الاستدلالات ما دامت مطروحة للبحث أمامها، فإنه لا على المحكمة إن هي أخذت بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى خاص رغم عدم تحديده نوع الطلقات التي أحدثت الإصابة ومكان خروجها، وذلك بحسبانه من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها، ما دام أنه كان مطروحاً على بساط البحث وتناوله الدفاع بالتفنيد والمناقشة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه لأقوال الطبيب...... من أن إصابة أمين الشرطة المجني عليه قد تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة تقدر بحوالي 55% إلى 60% وكان ما أورده في هذا الخصوص سائغاً في العقل ومقبولاً فيما آلت إليه إصابة المجني عليه المذكور - وهو ما لا ينازع الطاعن فيه أو فيما نقله الحكم من أقوال هذا الطبيب، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوين العاهة المستديمة، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. كما أنه من المقرر أنه لا يؤثر في قيام العاهة كونها لم تقدر بنسبة مئوية، فإن ما ينعاه الطاعن من أن شهادة الطبيب...... كانت قبل أن تستقر حالة إصابة المجني عليه واشتراطه ضرورة عرض المجني عليه المصاب على القومسيون الطبي بعد شفائه لتقرير نسبة العاهة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضي بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، كما أن ذلك حسبه لتحقيق مراد الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من الإشارة إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ولو كانت مواد الاتهام التي بينها في صدره وأسبابه قد شملت كذلك فقرة غير ما طبقه من مواد العقاب، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه تشكل بالإضافة إلى جنايتي إحراز السلاح الناري المششخن وذخيرته بغير ترخيص - جناية استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق عن الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم والتي نشأ عنها عاهة مستديمة بأحد المجني عليهم المعاقب عليها بالمادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات بفقراتها الأولى والثانية والثالثة وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة بفقراتها الثلاث، فإن خطأ الحكم بإضافة الفقرة الرابعة من المادة 137 مكرراً سالفة الذكر إلى فقرات العقاب لا يعيبه، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وذلك بحذف الفقرة الرابعة من المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.