أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 165

جلسة 16 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة وأنس عمارة.

(14)
الطعن رقم 17458 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره". محضر الجلسة.
إغفال التوقيع على محاضر الجلسات. لا أثر له على صحة الحكم.
(3) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من ذكر مَنْ مِن المحامين اللذين حضرا مع الطاعن هو الذي قدم حافظة المستندات. لا يعيبه. ما دام الثابت من مناقشة المحكمة لشاهدي الإثبات أن هذه الحافظة قد قدمت بالفعل وكانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. يجب أن يكون جدياً يشهد له الواقع.
مثال:
(5) اختلاس. إتلاف. دفوع "الدفع ببطلان محضر الضبط والتحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تعويل الحكم على أي دليل مستمد من محضر الضبط أو التحريات. ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانهما.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". اختلاس. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته. عدم تقيده في ذلك بدليل معين إلا بنص قانوني.
(9) إثبات "بوجه عام". "أوراق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تكون عقيدتها بكل طرق الإثبات. لها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى متى اطمأنت إلى صحتها.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ضم أصل القائمتين مثار الاتهام ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(11) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". موظفون عموميون.
تحقق جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات متى تعمد الموظف العام إضافة المال المسلم إليه بسبب وظيفته إلى ملكه.
(12) اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
مثال:
1 - من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 25 من فبراير سنة 1990 فقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من ذات الشهر وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 7 من إبريل سنة 1990. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 6 من إبريل سنة 1990، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة - وهو عطلة رسمية - ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 7 إبريل سنة 1990. لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تما في الميعاد ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن إغفال التوقيع على محاضر الجلسات لا أثر له على صحة الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن مرافعة الدفاع عن الطاعن قد خلت مما يفيد تقديم حافظة المستندات التي أشار إليها في طعنه، إلا أنه يبين من مناقشة المحكمة لشاهدي الإثبات أن هذه الحافظة قد قدمت بالفعل، وأنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة، ومن ثم فلا أهمية لخلو محضر الجلسة من ذكر مَن مِنْ المحاميين اللذين يقول الطاعن أنهما حضرا معه هو الذي قدمها، الأمر الذي يكون معه منعاه في هذا الخصوص غير قويم.
4 - من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه دون أن تتناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها. لما كان ذلك، وكان البين من أقوال شاهدي الإثبات بجلسة المحاكمة أن الإيصالات التي تضمنتها القوائم المقدمة من الدفاع عن الطاعن لم يتم تحصيل قيمتها وأنه أعيد تسليمها للطاعن مرة أخرى مع إيصالات جديدة بموجب القوائم مثار الاتهام لتحصيل قيمتها، ومن ثم فإن دفاعه من بعد بأنه رد الإيصالات المقول باختلاس قيمتها لا يتسم بطابع الجدية وعارياً عن دليله إذ يدحضه الواقع ولا يسانده وتكون المحكمة في حل من الالتفات إليه دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيباً في حكمها، الأمر الذي يضحى معه ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من منعى على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان محضر الضبط والتحريات مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط أو التحريات، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد، فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل واستنباط معتقدها منه لا يثار لدى محكمة النقض.
8 - من المقرر أن القضاء في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
9 - لما كان لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها.
10 - لا محل لتعييب الحكم لتعويله في إدانة الطاعن على الصورتين الضوئيتين للقائمتين مثار الاتهام، ولا على المحكمة إن هي لم تجبه إلى طلبه ضم أصل هاتين القائمتين ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
11 - من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادة 119 مكرراً من ذلك القانون بسبب وظيفته، وأن يضيف الجاني مال الغير إلى ملكه وتتجه نيته إلى اعتباره مملوكاً له بأي فعل يكشف عن نيته في تملك هذا المال.
12 - النعي على الحكم بأن الواقعة مجرد استيلاء على مال عام الأمر المنطبق على المادة 113 من قانون العقوبات لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وعودة للجدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً "مندوب تحصيل بشركة كهرباء......" أتلف عمداً أوراقاً مملوكاً للجهة التي يعمل بها سالفة الذكر وذلك بأن مزق القائمتين المتضمنتين توقيعه باستلام إيصالات استهلاك الكهرباء المنوط به تحصيل قيمتها وذلك بقصد إخفاء أدلة اختلاسه مالاً عاماً وجد في حيازته بسبب وظيفته بأن حصل مبلغ 2105.760 مليمجـ (ألفان ومائة وخمسة جنيهات وسبعمائة وستين مليماً) قيمة إيصالات استهلاك الكهرباء المملوكة لجهة عمله سالفة البيان واحتسبه لنفسه بنية تملكه حالة كونه من الأمناء على الودائع وقد سلم إليه المال بهذه الصفة - وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 ( أ )، 117 مكرراً، 118، 119/ (ب)، 119 (هـ) مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزله من وظيفته وتغريمه مبلغ 2105.760 مليمجـ وبأن يرد مثل هذا المبلغ.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 25 من فبراير سنة 1990 فقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من ذات الشهر وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 7 من إبريل سنة 1990. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 6 من إبريل سنة 1990، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة - وهو عطلة رسمية - ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 7 إبريل سنة 1990. لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونا قد تما في الميعاد ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة اختلاس مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام وإتلاف أوراق مملوكة لتلك الشركة لإخفاء أدلة الجريمة الأولى قد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن بعض صفحات محضر جلسة المحاكمة خلت من توقيع رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، كما خلا ذلك المحضر من إثبات حضور أحد المدافعين عنه وتقديمه حافظة مستندات طويت على قوائم برد الإيصالات المنسوب إلى الطاعن اختلاس قيمتها، وبذلك سقط دفاعه المؤسس على تلك المستندات والذي من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى، والتفت الحكم عن الدفع المبدى منه ببطلان محضر الضبط والتحريات، كما أغفل دفاعه القائم على أنه ليس لديه عهدة لأنه محصل مرور يومي، وعول في قضائه على أقوال شاهدي الإثبات مع أن لهما مصلحة ظاهرة في إدانته، وعلى الرغم من خلو تلك الأقوال مما يفيد وجود عجز لدى الطاعن أو عهدة يمكن أن ينتج عنها هذا العجز، كما تساند في قضائه إلى الصورتين الضوئيتين للقائمتين مثار الاتهام ضارباً بذلك صفحاً عن طلبه ضم أصل هاتين القائمتين، الأمر الذي حال بينه وبين الطعن عليهما بالتزوير، وأخيراً فقد دانه الحكم بالمادة 112 من قانون العقوبات، في حين أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد استيلاء على مال عام الأمر المنطبق على المادة 113 من ذلك القانون، كل ذلك مما يعيب الحكم مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن إغفال التوقيع على محاضر الجلسات لا أثر له على صحة الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن مرافعة الدفاع عن الطاعن قد خلت مما يفيد تقديم حافظة المستندات التي أشار إليها في طعنه، إلا أنه يبين من مناقشة المحكمة لشاهدي الإثبات أن هذه الحافظة قد قدمت بالفعل، وأنها كانت مطروحة على بساط البحث والمناقشة، ومن ثم فلا أهمية لخلو محضر الجلسة منْ ذكر مَن مِن المحاميين اللذين يقول الطاعن أنهما حضرا معه هو الذي قدمها، الأمر الذي يكون معه منعاه في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إليه دون أن تتناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها. لما كان ذلك، وكان البين من أقوال شاهدي الإثبات بجلسة المحاكمة أن الإيصالات التي تضمنتها القوائم المقدمة من الدفاع عن الطاعن لم يتم تحصيل قيمتها وأنه أعيد تسليمها للطاعن مرة أخرى مع إيصالات جديدة بموجب القوائم مثار الاتهام لتحصيل قيمتها، ومن ثم فإن دفاعه من بعد بأنه رد الإيصالات المقول باختلاس قيمتها لا يتسم بطابع الجدية وعارياً عن دليله يدحضه الواقع ولا يسانده وتكون المحكمة في حل من الالتفات إليه دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيباً في حكمها، الأمر الذي يضحى معه ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من منعى على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان محضر الضبط والتحريات مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط أو التحريات، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعن من أنه ليس لديه عهدة وأنه محصل مرور يومي يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد، فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل واستنباط معتقدها منه لا يثار لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القضاء في المواد الجنائية يقوم على حرية القاضي في تكوين عقيدته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. وكان لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها، فإنه لا محل لتعييب الحكم لتعويله في إدانة الطاعن على الصورتين الضوئيتين للقائمتين مثار الاتهام، ولا على المحكمة إن هي لم تجبه إلى طلبه ضم أصل هاتين القائمتين ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق متى كان المال المختلس مسلماً إلى الموظف العمومي أو من في حكمه طبقاً للمادة 119 مكرراً من ذلك القانون بسبب وظيفته، وأن يضيف الجاني مال الغير إلى ملكه وتتجه نيته إلى اعتباره مملوكاً له بأي فعل يكشف عن نيته في تملك هذا المال. وهو ما أثبته الحكم ودلل على قيامه في حق الطاعن، فإن النعي على الحكم بأن الواقعة مجرد استيلاء على مال عام الأمر المنطبق على المادة 113 من قانون العقوبات لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وعودة للجدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.