مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 417

جلسة 6 مارس سنة 1944

برياسة حضرة صاحب العزة منصور إسماعيل بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.

(311)
القضية رقم 177 سنة 14 القضائية

قمار:
( أ ) النوادي التي لا يعاقب على لعب القمار فيها. ماذا يتشرط فيها؟ ناد. شروط صورية له. وجود شخص فيه غير مقيد اسمه في عداد أعضائه يلعب القمار. سبق تردّده عليه لهذا الغرض. اعتباره مكاناً مفتوحاً للعب القمار. جوازه.
(ب) المادة 352 عقوبات. شروط تطبيقها. محل مفتوح للاعبين ولو أنه مخصص لغرض آخر كمقهى أو مطعم أو فندق لا يجني صاحبه فائدة من وراء اللعب. انطباق المادة المذكورة.
(جـ) الأشخاص الذين يعاقبون بمقتضى هذه المادة. كل من يشتركون في إدارة المحل ويعملون على تسهيل اللعب للاعبين فيه ولو لم يكن لهم دخل في فتحه وتأسيسه.
(المادة 307 ع = 352)
1 - إن النوادي وإن كانت بحسب الأصل أماكن خاصة لا يعاقب على لعب القمار فيها، كما هي الحال بالنسبة للمساكن، إلا أنه يشترط أن يكون دخولها مقصوراً على أعضائها محظوراً على الجمهور، وألا يقبل فيها عضو إلا بشروط معينة مبينة في القانون المعمول لها. أما الأماكن التي تفتح أبوابها لكل من يريد اللعب من الجمهور، أو تكون القيود والشروط الموضوعة للقبول فيها صورية غير معمول بها، فإنها تعدّ من الأماكن المفتوحة لألعاب القمار بالمعنى المقصود في المادة 352 من قانون العقوبات. وإذا استخلصت المحكمة في منطق سليم، مما تبينته من التحقيقات من وجود شخص غير مقيد اسمه في عداد أعضاء النادي يلعب القمار به وسبق تردّده عليه لهذا الغرض دون أن يكون عضواً فيه، أن هذا المحل قد فتح لألعاب القمار وأعدّ لدخول من شاء من الناس بلا قيد ولا شرط، فتقديرها هذا مما تختص به بلا معقب من محكمة النقض.
2 - إنه لا يتشرط في الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات أن يكون المحل قد أعدّ خصيصاً لألعاب القمار، أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلون للعب في الأوقات التي يحدّدونها فيما بينهم، ولو كان تخصيصه لغرض آخر كمقهى أو مطعم أو فندق، بل ولو كان صاحبه لا يجني أية فائدة مادية من وراء اللعب.
3 - إن القانون إذ نص في المادة المذكورة على عقاب كل من فتح محلاً لألعاب القمار ومن تولى أعمال الصيرفية فيه إنما أراد أن ينال بالعقاب كل من يشترك في إدارة المحل ويعمل على تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم ما يلزم له، سواء في ذلك صيارفة المحل ومديروه ولو لم يكن لهم دخل في فتحه وتأسيسه. وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الاشتراك العامة على من يعاونونهم من موظفين ومرءوسين وخدم.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر المحل ملعباً للقمار مما يقع تحت نص المادة 352 من قانون العقوبات، وذلك (أوّلاً) لأن هذه المادة تشير إلى الأماكن المباح دخول الجمهور فيها والتي يغشاها من يشاء في أي وقت كان، ولا تنطبق على النوادي الخاصة التي يباح لأعضائها اللعب للتسلية والترفيه عن أنفسهم. والمحل موضوع الدعوى هو نادٍ خاص له قانون يحظر على غير المشتركين الدخول فيه. و(ثانياً) لأن اللعب بمبالغ تافهة لا يعدّ قماراً إذ أن قصد الشارع هو حظر اللعب بالمبالغ التي تؤثر على مالية اللاعبين. و(ثالثاً) لأن لعب البوكر التي كانت تلعب في المحل ليست من ألعاب القمار المحظورة إذ أنها تنطوي على نصيب كبير من الفطنة والمهارة. و(رابعاً) لأن المحكمة إذ قالت إن الغرض من فتح المحل هو اصطياد الناس للعب القمار قد استدلت على ذلك بأدلة خاطئة.
وحيث إن النوادي وإن كانت بحسب الأصل أماكن خاصة يباح لأعضائها لعب القمار فيها فيما بينهم كما يباح اللعب في المساكن إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه النوادي محظوراً دخولها على الجمهور فلا يدخلها إلا المشتركون فيها ولا يقبل فيها مشترك إلا بشروط معينة مبينة في قانون معمول به فيها. أما النوادي التي تفتح أبوابها لمن يريد اللعب من الجمهور بغير قيد ولا شرط أو التي تكون شروط القبول فيها شروطاً صورية غير معمول بها فهي أماكن مفتوحة لألعاب القمار بالمعني المقصود في المادة 352 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين في جريمة فتح محل لألعاب القمار قال في ذلك: "إن موضوع هذه القضية يتحصل فيما قرّره الضابط محمد أفندي دسوقي أحد شهود الإثبات من أنه أثناء مروره بشارع ترعة البولاقية شعر بأصوات غير عادية تدل على حصول مشاحنة وكان الصوت منبعثاً من الدور الأوّل الأرضي بالمنزل رقم 47 شارع الترعة البولاقية وقد أعدّ هذا لأن يكون نادياً باسم نادي الكتبخانة، فاضطر أن يدخله وكان وقتذاك من المخبرين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ، وقد كان الغرض من الدخول أن يتبينوا أسباب المشاحنة التي حصلت بداخل النادي، وحينذاك رأوا عدّة أشخاص يلعبون الميسر في غرف النادي كما وجدوا بإحدى الغرف خمسة أشخاص (ذكرت أسماؤهم في التحقيقات) وكان هؤلاء يجلسون في غرفة مغلقة ويلعبون البوكر ثم أجرى تفتيش دفاتر النادي فوجد الجميع مقيدة أسماؤهم بدفاتر النادي باعتبارهم أعضاء فيه عدا واحداً منهم واسمه يونان بطرس وصناعته بائع سجاير، وهذا ليس اسمه مقيداً بالدفاتر. واسترسل الشاهد قائلاً إنه وجد يونان بطرس المذكور يلعب البوكر مع باقي أعضاء النادي فضبط النقود التي أمامهم وما كان منها بأيديهم، ولاحظ الشاهد أن أحد اللاعبين واسمه إبراهيم منيب جمع ما كان أمامه على الترابيزة من النقود وحاول وضعها في جيبه فأمسك بيده قبل أن يدسها في جيبه وتبين أن ما بها كان ستة جنيهات كما ضبط الفيش الذي كان يستعمله اللاعبون. وإن كلاً من الشاهدين عازر ميخائيل ومحمود محفوظ قد أدليا بشهادتهما فجاءت مؤيدة في مبناها ومعناها لشهادة الضابط محمد أفندي دسوقي. وإن أحد اللاعبين الذي تبين أنه غير مشترك في النادي واسمه يونان بطرس سيدهم قد اعترف في التحقيقات وبالجلسة أنه دخل النادي بدعوة من بعض المشتركين فيه ولعب معهم البوكر وخسر بعض نقوده. وإن المحكمة سمعت فوق هذا أقوال بعض أعضاء النادي، فاعترفوا أنهم كانوا يلعبون البوكر وقت ضبطهم. وإنه يستدل من التحقيقات وأقوال الشهود أن هذا النادي ما أنشئ لقصد التسلية شأنه شأن النوادي حسنة السمعة بل على العكس قد ظهر أن الغرض منه هو اصطياد الناس للعب القمار كما تبين هذا من اعتراف الأعضاء بأنهم كانوا يلعبون البوكر وقت دخول الضابط ليفتش ناديهم. وإنه متى ثبت هذا تكون التهمة المنسوبة إلى المتهمين صحيحة والأدلة عليها متوفرة". وقد عنى الحكم الاستئنافي فوق ذلك بالرد على ما دفع به الطاعنان من أن المحل موضوع الدعوى هو ناد خاص غير مفتوح للجمهور، وأن المبالغ التي كان يلعب بها اللاعبون تافهة القيمة فقال: "إنه عن الأمر الأول الذي دفع به المتهمان الدعوى من أن المحل موضوع الدعوى غير معدّ لدخول الناس فيه، وأنه قاصر على المشتركين المقبولين بصفة أعضاء فيه غير صحيح، ومردود بأن البوليس وقت ضبط المحل قد وجد شخصاً يدعى يونان بطرس سيدهم يلعب البوكر، مع أعضاء النادي، وقد اعترف يونان بطرس المذكور بأنه حضر إلى النادي بناء على دعوة بعض المشتركين فيه ولعب معهم ألعاب القمار "البوكر" وخسر بعض النقود، وأن اسمه غير مقيد ضمن أعضاء النادي المقبولين بصفة أعضاء فيه، وأنه قد تردّد على المحل من ذي قبل أربع أو خمس مرات ولعب في كل منها ألعاب القمار، وأن المتهم الأول قد عرض عليه في مداها بأن يشترك مع اللاعبين. وقال المتهمان إن الشخص المتقدم الذكر كان قد قدم طلباً قبل ضبطه ببضعة أيام يطلب فيه قبوله عضواً بالنادي موضوع الدعوى وإن طلبه هذا كان قيد البحث. وإن هذا الذي ثبت من التحقيقات من وجود يونان بطرس يلعب ألعاب القمار بالمحل موضوع الدعوى دون أن يكون عضواً فيه يدل على أن المتهمين قد أعدّا محلهما ليدخل فيه من شاء من الناس لمجرّد إرادته بغير قيد ولا شرط. ومن ثم فإنه لا يمكن اعتبار محلهما من النوادي الخصوصية التي لا يدخلها إلا المشتركون فيها والتي لا يقبل فيها مشترك إلا بشروط مخصوصة مبينة في قانون معمول به فيها. وأنه عن الأمر الثاني الذي دفع به المتهمان من أن اللاعبين بالمحل كانوا يلعبون في حال وجودهم بالمحل بمبالغ تافهة القيمة لا يعفيهم من العقاب ولا يلتفت إليه لأن اللعبة التي كان اللاعبون يلعبونها هي لعبة "البوكر" وهي من ألعاب القمار البحت المنصوص عنها بالصراحة في القانون، والكسب منها موكول لمجرّد الصدفة ولا دخل فيها مطلقاً للمهارة والحذق والتدبر، وهذا النوع من اللعب بوجه خاص لا يمكن أن ينظر فيه إلى قيمة ما هو حاصل اللعب عليه لأن المشرع لا يبيحه بأي حال من الأحوال".
وحيث إنه يتضح من ذلك أن المحكمة قد استخلصت في منطق سليم مما ثبت لديها من التحقيقات وشهادة الشهود من وجود يونان بطرس يلعب القمار بالمحل وتردّده عليه لهذا الغرض أربع أو خمس مرات دون أن يكون عضواً فيه أن الطاعنين قد فتحا محلهما لألعاب القمار وأعداه ليدخل فيه من شاء من الناس من غير قيد ولا شرط. ولما كان هذا الأمر متعلقاً بموضوع الدعوى فإن تقديره من اختصاص قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض.
وحيث إن لعبة البوكر التي وجد اللاعبون يلعبونها في المحل هي من ألعاب القمار المحظورة بمقتضى القانون رقم 38 الصادر في 21 يوليه سنة 1941 بشأن المحال العمومية. وقد أثبت الحكم أن المبلغ الذي كان موضوعاً للعب والذي حاول أحد اللاعبين إخفاءه في جيبه عند مباغته رجال البوليس لهم هو ستة جنيهات. ويظهر أن محكمة الموضوع بما لها من سلطة التقدير قد رأت أن مبلغ ستة جنيهات ليس بالمبلغ التافه الذي يمكن أن يستفاد منه أن اللعب قد قصد به مجرّد اللهو البريء لا المقامرة الممنوعة. ولذلك يكون الحكم المطعون فيه على حق في أنه لم يأخذ بدفاع الطاعنين في هذا الصدد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن القانون يشترط في العقاب على الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 من قانون العقوبات أن يكون المحل معدّاً لألعاب القمار أي أن يكون القمار هو العمل الوحيد الذي يمارس فيه ولا ينال بالعقاب إلا فاتح المحل وصيارفه. ولما كان المحل موضوع الدعوى لم يعدّ للمقامرة بل أنشئ ليختلف إليه أعضاؤه ويمارسون فيه أنواع التسلية التي يرتاحون إليها مثل المطالعة وإلقاء المحاضرات ولعب الورق المباح.. إلخ. ولما كان الطاعنان لم يفتحا المحل ولم يؤسساه وليس فيهما أحد من الصيارفة فإن الحكم إذ دانهما في تلك الجريمة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لا يشترط في العقاب على الجريمة المنصوص عليها في المادة 352 عقوبات أن يكون المحل قد أعد خصيصاً لألعاب القمار أو أن يكون الغرض الأصلي من فتحه هو استغلاله في هذه الألعاب، بل يكفي أن يكون مفتوحاً للاعبين يدخلونه في الأوقات المقررة فيما بينهم ويزاولون فيه ألعاب القمار حتى ولو كان مخصصاً لغرض آخر كمقهى أو مطعم أو فندق، بل ولو لم يكن لصاحب المحل أية فائدة مادية من وراء تركه الناس يلعبون القمار فيه.
وحيث إن القانون إذ نص في المادة المذكورة على عقاب كل من فتح محلاً لألعاب القمار وصيارف المحل المذكور أراد أن ينال بالعقاب كل من يشتركون في إدارة المحل ويعملون على تسهيل اللعب للراغبين فيه بتقديم الوسائل اللازمة له سواء في ذلك مدير المحل وصيارفته ولو لم يكونوا هم المؤسسين له. وهذا لا يمنع من تطبيق قواعد الاشتراك العامة على من يعاونونهم من موظفين، مؤسسين وخدمة.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين أعدّا محلهما لدخول من يشاء من الناس للعب القمار فيه فهذا يكفي لتبرير تطبيق المادة 352 عقوبات في حقهما ولو لم يكونا هما اللذان أنشأا المحل وأسساه في أوّل عهد افتتاحه.