أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1436

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم والبشري الشوربجي وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(204)
الطعن رقم 26404 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها. مفاده؟
وزن أقوال الشاهد وتقديرها. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض في أقوال المجني عليها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الإدانة من أقوالها بما لا تناقض فيه.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأخر المجني عليها في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها.
(6) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من دفوع الجريمة المسندة إلى المتهم.
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاته عنها. إطراحها.
(8) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق". استعراف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون صورة معينة لتعرف الشاهد على المتهم.
لمحكمة الموضوع الأخذ بتعرف الشاهد على المتهم. متى اطمأنت إليه. أساس ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة.
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي ترفع به الدعوى على المتهم. لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم. حد ذلك؟
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اقتصار تعديل المحكمة لوصف التهمة على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى من جناية سرقة بالإكراه إلى جنحة سرقة مشددة دون إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الأولى. تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى هذا التعديل. غير لازم.
(11) سرقة. ظروف مشددة. نقض "المصلحة في الطعن".
انتفاء مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم بشأن عدم توافر ظرف الليل المشدد لجريمة السرقة. ما دام حكم توافر ظرف السرقة من مكان مسكون في تشديد العقوبة كحكم ظرف الليل وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات توافر الآخر.
(12) سرقة. تداخل في وظيفة عمومية. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعنين على الحكم إدانتهم عن جريمة التداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية رغم عدم توافر أركانها. غير مجد. ما دام دانهم عن جريمتي السرقة ليلاً من مكان مسكون والتداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية وأوقع عليهم عقوبة واحدة عنها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة ليلاً من مكان مسكون.
1 - لما كان الطاعن الثالث - .... - وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيتعين عدم قبوله شكلاً.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع.
4 - من المقرر أن التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - من المقرر أن تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها.
6 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
7 - لما كان من المقرر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقبول.
8 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ولا عليها إن هي اعتمدت على الدليل المستمد منه ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة هو إيضاح عن وجهة نظرها فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ما دام لا يتعدى تصرفها في ذلك مجرد تعديل الوصف ولا ينصرف إلى تغيير ذات التهمة حتى يستلزم الأمر من المحكمة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه.
10 - لما كان مرد تعديل المحكمة التهمة من جناية سرقة بالإكراه إلى جنحة سرقة مشددة - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على أن السرقة تمت بالإكراه، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى فإن المحكمة لا تلتزم في هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الإخلال بحق الدفاع.
11 - لما كان الطاعنون لا يمارون في أن السرقة تمت في مكان مسكون فإنه لا يكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بشأن عدم توافر ظرف الليل المشدد لجريمة السرقة إذ أن حكم توافر ظرف السرقة من مكان مسكون في تشديد العقوبة كحكم ظرف الليل وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات الآخر، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول.
12 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعنين من النعي على الحكم بإدانتهم عن جريمة التداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية رغم عدم توافر أركانها طالما أنه دانهم عن تهمتي السرقة ليلاً من مكان مسكون والتداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية وأوقع عليهم عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة السرقة ليلاً من مكان مسكون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)...... (طاعن) 2 - ..... (طاعن) 3 - .... (4).... (طاعن)، (5)....، (6)...... بأنهم أ - سرقوا المصوغات الذهبية والمبالغ النقدية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن تسوروا الحائط الخاص بمسكنها ودخلوه منتحلين صفة رجال الشرطة ومهددين إياها بأسلحة نارية وبيضاء كانت بحوزتهم وأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق فشلوا بذلك مقاومتها وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالأوراق. ب - المتهم الثاني: حاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بإلزامهم بأن يؤدوا لها مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المادي والأدبي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والثالث والرابع وغيابياً للخامس والسادس عملاً بالمواد 1/ 1/ ، 26/ 2، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول والمادتين 155، 317/ أولاً، رابعاً، خامساً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات لكل منهم، ثانياً: ببراءة الثاني مما أسند إليه بالتهمة الثانية ومصادرة السلاح المضبوط، ثالثاً: بإلزام المتهمين جميعاً متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحق المدني عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المادي والأدبي باعتبار أن الواقعة سرقة ليلاً من مكان مسكون وتداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

لما كان الطاعن الثالث - ...... - وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيتعين عدم قبوله شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من باقي الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمتي السرقة ليلاً من مكان مسكون والتداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة عولت - ضمن ما عولت عليه في الإدانة - على أقوال المجني عليها رغم تناقضها بمحضر جمع الاستدلالات عنها بتحقيقات النيابة بشأن الملابس التي كان يرتديها المتهمون وحمل بعضهم أسلحة، ورغم تأخيرها في الإبلاغ وهو ما يؤكد عدم معقولية تصويرها للواقعة وتلفيق الاتهام، والتفتت عن دفاع الطاعنين في هذا الشأن، كما عولت على تعرف المجني عليها على المتهمين رغم أن الأخيرة قررت بأنهم كانوا ملثمين، وعدلت المحكمة وصف التهمة من جناية سرقة بالإكراه إلى جنحة سرقة مشددة دون لفت نظر الدفاع لذلك، ودانتهم المحكمة عن وقوع السرقة ليلاً باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة مع أن الواقعة - حسب رواية المجني عليها - وقعت وقت شروق الشمس وهو ما لا بتوافر به هذا الظرف المشدد، وأخيراً فقد دانتهم عن جريمة التداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية رغم عدم توافر أركان تلك الجريمة إذا لم يكن أحداً منهم يرتدي ملابس عسكرية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه حال وجود.... بمسكنها بمنطقة.... بدائرة.... وكان معها نجلها...... طرق المتهمون باب المسكن وادعوا أنهم من رجال الشرطة وتمكنوا بذلك من دخوله وسرقة المصوغات الذهبية وبعض المبالغ النقدية المملوكة لها فأبلغت الشرطة حيث تم ضبط المتهمين الثلاثة الأوائل وبحوزتهم بعض المسروقات وقد تعرفت عليهم". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من أقوال المجني عليها ونجلها وما شهد به رئيس وحدة مباحث قسم.....، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدى فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض صحة وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة كما أن تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض أقوالهم ويضحى ما يثيره الطاعنون في ذلك مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها، وأن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ولا عليها إن هي اعتمدت على الدليل المستمد منه ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة هو إيضاح عن وجهة نظرها فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ما دام لا يتعدى تصرفها في ذلك مجرد تعديل الوصف ولا ينصرف إلى تغيير ذات التهمة حتى يستلزم الأمر من المحكمة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه. وإذ كان مرد تعديل المحكمة التهمة من جناية سرقة بالإكراه إلى جنحة سرقة مشددة - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على أن السرقة تمت بالإكراه، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى فإن المحكمة لا تلتزم في هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم تنحسر عن الحكم قاله الإخلال بحق الدفاع، لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا يمارون في أن السرقة تمت في مكان مسكون فإنه لا يكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بشأن عدم توافر ظرف الليل المشدد لجريمة السرقة إذ أن حكم توافر ظرف السرقة من مكان مسكون في تشديد العقوبة كحكم ظرف الليل وإثبات توافر أحدهما يغني عن إثبات الآخر، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول، لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين من النعي على الحكم بإدانتهم عن جريمة التداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية رغم عدم توافر أركانها طالما أنه دانهم عن تهمتي السرقة ليلاً من مكان مسكون والتداخل في وظيفة من الوظائف العمومية العسكرية وأوقع عليهم عقوبة واحدة عن التهمتين مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة السرقة ليلاً من مكان مسكون، فإن ما أثاره الطاعنون في هذا الشأن على غير أساس، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.