أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1504

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة. وعبد السلام مقلد وهشام البسطويسي.

(211)
الطعن رقم 1314 لسنة 60 القضائية

(1) استيقاف. مأموري الضبط القضائي "سلطاتهم" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاستيقاف. ماهيته؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف من عدمه. موضوعي.
(2) تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
(3) تلبس. مواد مخدرة.
المظاهر الخارجية التي تنبئ بوقوع الجريمة. يستوي في تبيانها أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من اشخص تلقائياً أو تعمد إسقاطها.
1 - من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي تستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه.
2 - من المقرر أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحث التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها الحكم.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من استيقاف الطاعن الذي وضع نفسه موضع الريب على نحو برر استيقافه ليتثبت من شخصيته، وأن حالة التلبس نشأت عن تبين المظاهر الخارجية للجريمة التي تنبئ بوقوعها لمشاهدة الضابط للمخدر عند سقوطه ظاهراً من الطاعن يستوي في ذلك أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من الطاعن تلقائياً - كما هو الحال في هذه الدعوى - أو أن يكون هو الذي تعمد إسقاطها ما دام انفصالها عن شخص من ألقاها يقطع صلته بها ويبيح لمأمور الضبط القضائي أن يلتقطها. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 45 لسنة 1984 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بالقرار وزير الصحة 295 لسنة 1979 مع إعمال المواد 17، 55، 56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه مبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) ومصادرة المخدر المضبوط وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها لمدة ثلاث سنوات.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نائياً عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه البطلان والقصور في التسبيب وانطوي على إخلال بحق الدفاع. ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لأنه لم يكن في حالة من حالات التلبس وأن الحالة التي كان عليها ما كانت تبيح لضابط الواقعة استيقافه كما أن سقوط المادة المخدرة من جيب بنطاله حال تقديمه لبطاقة تحقيق الشخصية لا يعتبر تخلياً إرادياً عنها إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع برد غير سائغ لا يتفق وصحيح القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه حال وجود الملازم...... رئيس نقطة شرطة بكمين ليلى بمرور للتفتيش على السيارات المخالفة وضبط المشتبه فيهم والمخالفين للقانون. وفي الساعة 1.50 صباحاً وقفت إحدى السيارات قبل الكمين بحوالي عشرة أمتار ونزل منها الطاعن وأثناء مروره على الكمين بحالة تدعو للاشتباه والريبة في أمره تم استيقافه وطلب منه ما يثبت شخصيته فزادت عليه علامات الارتباك. وقام بإخراج البطاقة من جيب بنطاله وأثناء إخراجها سقطت منه قطعة داكنة اللون تتبعها بنظره حتى استقرت أرضاً والتقطها تبين أنها قطعة داكنة اللون لمخدر الحشيش وبمواجهته بقطعة المخدر أنكر صلته بها، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة ضابط الواقعة وما ورد بتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه استناداً إلى أن الجريمة كانت في حالة تلبس. وأن ما قام به الضابط قبل ذلك كان مجرد استيقاف بعد أن وضع الطاعن بنفسه موضع الريب والشبهات بما ظهر عليه أثناء مروره على الكمين مترجلاً بعد نزوله من السيارة قبل الكمين بعشرة أمتار في وقت متأخر من الليل ولدى استيقافه لطب الضابط منه ما يثبت شخصيته زادت عليه علامات الارتباط وأثناء إخراجه لبطاقته الشخصية من جيب بنطاله سقطت منه قطعة داكنة اللون تتبعها بنظره حتى استقرت على الأرض فالتقطها وتبين أنها قطعة داكنة اللون لمخدر الحشيش.، وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون. لما هو مقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن، على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحث التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها الحكم. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ ربما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من استيقاف الطاعن الذي وضع نفسه موضع الريب على نحو برر استيقافه ليتثبت من شخصيته، وأن حالة التلبس نشأت عن تبين المظاهر الخارجية لجريمة التي تنبئ بوقوعها لمشاهدة الضابط للمخدر عند سقوطه ظاهراً من الطاعن يستوي في ذلك أن تكون المادة المخدرة قد سقطت من الطاعن تلقائياً - كما هو الحال في هذه الدعوى - أو أن يكون هو الذي تعمد إسقاطها ما دام انفصالها عن شخص من ألقاها يقطع بصلته بها ويبيح لمأمور الضبط القضائي أن يلتقطها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.