أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1516

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

(214)
الطعن رقم 1619 لسنة 60 القضائية

إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب النقض. ما لا يقبل منها".
كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للقضاء بالبراءة. حد ذلك؟
النعي على الحكم المطعون فيه عدم ناقشته الدليل المستمد من الجوهر المخدر العالق بنصل المطواة المضبوطة. غير مقبول. متى كان قوامه الشك في صحة إسناد المضبوطات كلها للمطعون ضده.
مثال.
لما كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أن المحكمة محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام. ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد واقعة الدعوى وساق أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في إسناد التهمة إلى المطعون ضده. على نحو يبين منه أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وفطنت إلى ما ثبت من تقرير التحليل من وجود آثار للجوهر المخدر على نصل المطواة المضبوطة ثم أفصحت من بعد عن عدم اطمئنانها إلى أقوال الشاهد في شأن نسبة المضبوطات - بما فيها المطواة - إلى المتهم كما أفصحت عن تشككها في صحة إسناد الاتهام برمته - بما في ذلك تهمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص - إلى المطعون ضده. وكانت الأسباب التي ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد الاتهام إلى المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من آثار الحشيش الذي وجد على نصل المطواة المضبوطة مردوداً بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة إسناد المضبوطات كلها إلى المطعون ضده. فلم تعد بالحكم حاجة من بعد إلى مناقشة الدليل المستمد من الجوهر الذي وجد عالقاً بنصل المطواة المضبوطة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولاً: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: أحرز سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" بغير ترخيص أو مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وأحالته إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته ومصادرة المطواة المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه التفت عن دلالة وجود آثار لمخدر الحشيش على نصل المطواة التي ضبطت بملابس المطعون ضده التي كان يرتديها وقت الضبط، فلم يقل كلمته في الدليل المستمد من هذه الواقعة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعراض أدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام والتي تنحصر في أقوال ضابط الواقعة والشرطي الذي رافقه أثناء الضبط والتفتيش وفي تقرير التحليل بما اشتمل عليه من وجود آثار لجوهر الحشيش على نصل المطواة المضبوطة مع المتهم. أفصح عن عدم اطمئنانه إلى صحة الاتهام المسند للمتهم، وخلص إلى أن الأدلة قبله محاطة بالشك لأسباب عددها في قوله "وحيث إن الثابت من التحقيقات أنه لما قام السيد الضابط بتفتيش المتهم والمسكن لم يعثر معه على ممنوعات سوى المطواة، وحيث إنه ثابت بالتحقيقات أن المخدر المضبوط ضبط على حد قول الشاهد أسفل ساق شجرة موالح مدفون وبسؤال السيد وكيل النيابة للضابط بأن هل كانت هناك مظاهر تدعوك لتفتيش مكان وجود تلك المواد المخدرة المضبوطة أجاب بالنفي. وحيث إنه ثابت بمعاينة النيابة العامة أن باب الحديقة محل الضبط غير محكم القفل وأن سور الحديقة من الناحية الشمالية غير مكتمل وتوجد به فتحة بها بعض الأسلاك الشائكة، وحيث إن الأحكام الجنائية لا بد أن تبنى على القطع والجزم وأن أي شك يفسر لصالح المتهم، وحيث إن الثابت أن مكان المخدر المضبوط يمكن وصول الغير إليه، ولا توجد سيطرة مادية كاملة للمتهم على الحديقة محل الضبط لعدم إمكان قفل باب الحديقة ولأن السور الشمالي غير مكتمل ويوجد به فتحتان، كما أن الثابت بأقوال الشاهد أنه لم توجد مظاهر تدل على أن مكان وجود المخدر، الأمر الذي يشكك المحكمة في صحة الاتهام المسند للمتهم ولا تعول المحكمة على أقوال الشاهد بالنسبة لنسبة المضبوطات إلى المتهم إذ أن قول الشاهد لا يعبر إلا عن رأي صاحبه يحتمل الصدق والكذب الأمر الذي يشكك المحكمة في صحة الاتهام برمته المسند للمتهم بعد إنكاره بأي سلطة للمضبوطات سوى المبلغ النقدي الأمر الذي يتعين معه عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية القضاء ببراءة المتهم مع التهم المسندة إليه. وحيث إن المضبوطات فتقضى المحكمة بمصادرتها عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات والمادة 30 من قانون الأسلحة والذخيرة رقم 394 لسنة 1954". لما كان ذلك، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضى بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أن المحكمة محصت واقعة الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام. ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد واقعة الدعوى وساق أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في إسناد التهمة إلى المطعون ضده. على نحو يبين منه أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وفطنت إلى ما ثبت من تقرير التحليل من وجود آثار للجوهر المخدر على نصل المطواة المضبوطة ثم أفصحت من بعد عن عدم اطمئنانها إلى أقوال الشاهد في شأن نسبة المضبوطات - بما فيها المطواة - إلى المتهم كما أفصحت عن تشككها في صحة إسناد الاتهام برمته - بما في ذلك تهمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص - إلى المطعون ضده. وكانت الأسباب التي ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد الاتهام إلى المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من آثار الحشيش الذي وجد على نصل المطواة المضبوطة مردوداً بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة إسناد المضبوطات كلها إلى المطعون ضده. فلم تعد بالحكم حاجة من بعد إلى مناقشة الدليل المستمد من الجوهر الذي وجد عالقاً لنصل المطواة المضبوطة، لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.