مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 596

جلسة 15 يناير سنة 1945

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك وجندي عبد الملك بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

(459)
القضية رقم 69 سنة 15 القضائية

( أ ) استئناف. الاستئناف الفرعي غير جائز بمقتضى قانون تحقيق الجنايات. استئناف المتهم المرفوع بعد الميعاد في حالة استئناف النيابة. لا يجوز قبوله قياساً على حالة الاستئناف الفرعي في المواد المدنية.
(ب) تدليس وغش. القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع الغش والتدليس. الغرض منه. الإجراءات الواردة به من أخذ العينات وإجراء التحليل إلخ. القانون لم يقصد إخضاع مخالفتها إلى قواعد إثبات خاصة بها هي خاضعة للقواعد العامة. اللوائح والقرارات التي تصدر تنفيذاً له. تضمينها بطلاناً في الإجراءات. تجاوز السلطة المخوّلة في وضعها. قرار وزير التجارة رقم 63 لسنة 1943 القاضي ببطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدّد فيه. مخالف للقانون. لا يجوز للمحاكم أن تقضي بناء عليه. القانون هو الأولى بالاتباع.
1 - الاستئناف الفرعي غير جائز بمقتضى قانون تحقيق الجنايات. فلا يسوغ إذن القول بأنه في حالة استئناف النيابة يجب قبول استئناف المتهم ولو رفع بعد الميعاد قياساً على الاستئناف الفرعي في المواد المدنية.
2 - إن القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش إذ نص في المادة 11 منه على أن "يثبت المخالفات لأحكام هذا القانون وأحكام اللوائح الصادرة بتنفيذه ولأحكام المراسيم المنصوص عليها في المادتين الخامسة والسادسة الموظفون المعينون خصيصاً لذلك بقرار وزاري. ويعتبر هؤلاء من مأموري الضبطية القضائية ويجوز لهم أن يدخلوا.... ولهم الحق في أن يأخذوا عينات من تلك المواد وفقاً لما تقرره اللوائح من الإجراءات"، وإذ نص في المادة 12 على أنه: "إذا وجدت لدى الموظفين المشار إليهم في المادة السابقة أسباب قوية تحملهم على الاعتقاد بأن هناك مخالفة لأحكام هذا القانون جاز لهم ضبط المواد المشتبه فيها بصفة وقتية، وفي هذه الحالة يدعي أصحاب الشأن للحضور وتؤخذ خمس عينات على الأقل بقصد تحليلها تسلم اثنتان منها لصاحب الشأن؛ ويحرّر بهذه العملية محضر يحتوي على جميع البيانات اللازمة للتثبيت من ذات العينات والمواد التي أخذت عنها، ومع عدم الإخلال بحق المتهم في طلب الإفراج عن البضاعة المضبوطة من القاضي الجزئي أو قاضي التحقيق، بحسب الأحوال، يفرج عنها بحكم القانون إذا لم يصدر أمر من القاضي بتأييد عملية الضبط في خلال السبعة الأيام التالية ليوم الضبط" - إذ نص على ذلك فقد دل بجلاء على أنه: (أولاً) لم يقصد - جرياً على ما سار عليه القضاء في البلاد المأخوذ عنها هذا النص - أن يرتب أي بطلان على عدم اتباع أي إجراء من تلك الإجراءات الواردة به، بل إن غرضه لم يكن أكثر من أن ينظم ويوحد الإجراءات التي تتخذ بمعرفة موظفين لم يكونوا قبل ذلك بمقتضى القانون العام من رجال الضبط القضائي، ولا لهم في العادة شأن بإجراء التحقيقات الجنائية. ولم يكن من غرض الشارع، في الواقع وحقيقة الأمر، أن يخضع مخالفات أحكام هذا القانون إلى قواعد إثبات خاصة بها، بل إنه تركها خاضعة للقواعد العامة بحيث إذا اطمأن القاضي إلى صحة الدليل المستمد من تحليل العينات التي تؤخذ، ولم يساوره ريب في أية ناحية من نواحيه، خصوصاً من جهة أخذ العينة أو من جهة عملية التحليل ذاتها، أوقع حكمه على هذا الأساس، بغض النظر عن عدد العينات التي أخذت وعن الطريقة التي أخذت بها، وبلا اعتبار لما يثيره الدفاع عن المتهم في هذا الخصوص. أما إذا وقع في نفسه أي شك، فإنه بطبيعة الحال لا يقيم وزناً للعينات ولا للتحليل. (وثانياً) أنه لم يقصد بالتالي أن يخوّل من وكل إليهم تعيين الموظفين المذكورين، أو وضع لوائح الإجراءات الخاصة بأخذ العينات، أكثر مما أراده هو على النحو المتقدّم. فإذا هم في اللوائح أو القرارات التي يصدرونها تنفيذاً للمادتين المذكورين قد ضمنوها بطلاناً في الإجراءات من أي نوع كان، فإنهم بلا شك يكونون قد تجاوزوا السلطة التي أمدّهم بها القانون ذاته بخلق حالات بطلان لم يردها الشارع وعلى خلاف التفويض الصادر منه لهم، وعلموا في ذات الوقت على تعطيل أحكام القانون الذي يعتمدون عليه. والقاضي في هذه الحالة لا تكون في وسعه وهو يفصل في الدعوى إلا أن يعمل القانون ويهدر اللائحة أو القرار الذي وصف بأنه صدر لتنفيذه أو بناء على نص من نصوصه. وذلك في الناحية التي حصلت فيها المخالفة. وإذن فالقرار رقم 63 لسنة 1943 الصادر من وزير التجارة والصناعة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 المذكور بنصه في المادة الخامسة على أنه: "يجب أن يتم تحليل العينات وأن يعلن صاحب الشأن نتيجة التحليل في ميعاد لا يتجاوز شهراً من تاريخ تحرير المحضر، فإذا أظهر التحليل عدم وجود مخالفة أو انقضى الميعاد المقرّر دون أن يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل اعتبرت إجراءات أخذ العينة كأن لم تكن ووجب رد العينة المحفوظة لدى محرّر المحضر إلى صاحبها" - هذا النص الذي مقتضاه بطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدّد فيه، يكون قد خرج عن مراد القانون رقم 48 المذكور. ولذلك لا يصح للمحاكم أن تعتبره وتبني عليه قضاء. إذ لا شك في أن القاضي، إذا كان إزاء قانون لم يأت ببطلان ولم يقصد إليه، ولائحة وضعت لتنفيذ هذا القانون أو تنفيذاً له وتعارضت معه بأن نصت على البطلان، يكون عليه أن يعمل القانون، لأنه بالبداهة هو الأولى بالاتباع. فقد اشترط الدستور (المادة 37) في اللوائح التي يضعها الملك لتنفيذ القوانين ألا يكون فيها تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. ولا ريب في أنه يجب من باب أولى أن يلتزم القرار الوزاري، الذي يصدر بناء على نص في القانون، الحدود المرسوم له في التفويض الصادر في شأنه من السلطة التشريعية... فإذا تجاوزها فإنه لا يكون صحيحاً ولا معتبر فيما تجاوز فيه تلك الحدود [(1)].


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من وجهي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني مع أنه كان معروضاً معه على المحكمة استئناف من النيابة، وكان ينبني على قبول هذا الاستئناف أن يقبل استئناف المتهم حتماً، ولو كان رفعه بعد الميعاد قياساً على حالة الاستئناف الفرعي في المواد المدنية.
وحيث إنه لا محل لما يذهب إليه الطاعن بهذا الوجه. لأن ما يستند إليه من أن استئناف النيابة العامة يرفع في مصلحة الجماعة، وأنه لذلك يعيد الدعوى العمومية إلى حالتها الأولى، ويطلق الحرية للمحكمة الاستئنافية في التصرف فيها ولو لم يكن هناك استئناف من المتهم، فكما يكون لها التشديد ضد مصلحته يكون لها التخفيف أو القضاء ببراءته. هذا الذي يستند إليه الطاعن - وهو صحيح - لا يفهم معه الجدل الذي يثيره في شأن قضاء المحكمة بعدم قبول الاستئناف المرفوع منه بعد الميعاد. أما القول بأنه في حالة استئناف النيابة يجب قبول استئناف المتهم ولو رفع بعد الميعاد قياساً على حالة الاستئناف الفرعي، فمردود بأن الاستئناف الفرعي غير جائز بمقتضى قانون تحقيق الجنايات، فلا يصح القياس عليه.
وحيث إن مبنى الوجه الآخر أن الحكم المطعون فيه قضى بإدانة الطاعن مع رفض الدفع الذي أبداه ببطلان إجراءات أخذ العينة المضبوطة لعدم حصولها حسب الأوضاع التي رسمها القرار رقم 63 سنة 1943 الصادر من وزير التجارة تنفيذاً للقانون رقم 48 لسنة 1941، وأسست المحكمة ذلك على أن هذا القرار جاء باطلاً لأنه عبارة عن لائحة كان يجب أن تصدر بمرسوم، وأنه يتناقض مع القانون رقم 48 لسنة 1941 ويعطل تنفيذه. ويقول الطاعن إن المحكمة قد أخطأت. لأن وزير التجارة لم يخرج عن السلطة المخوّلة له بمقتضى المادتين 11 و12 من القانون السالف ذكره، بل نظم الإجراءات التي يثبتها الموظفون المخوّل له تعيينهم لتنفيذ أحكامه، ولما كان الشارع قد أفصح في المادة 12 عن رغبته في حماية أصحاب الشأن ببيان الطريقة التي تتبع في تحقيق حصول الغش، فإنه لا يجوز للقضاء أن يعطل الأحكام التي قصد منها القرار تنظيم هذه الحماية.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه إذ قضى بعدم بطلان إجراءات أخذ عينة اللبن الذي عرضه الطاعن للبيع قد أسس ذلك على أنه ليس للوزير أن يصدر قراراً أو لائحة بصدد تنفيذ قانون من القوانين إلا إذا خوّل ذلك بنص صريح في القانون، وأن القانون رقم 48 لسنة 1941 لم يخوّل وزير التجارة سوى تعيين الموظفين المنوط بهم تنفيذه، وأن قرار وزارة التجارة رقم 63 سن 1943 بما نص عليه في المادة الخامسة من وجوب إعلان صاحب الشأن بنتيجة التحليل في خلال شهر من تاريخ تحرير المحضر وإلا اعتبرت إجراءات أخذ العينة كأن لم تكن إنما يعطل تنفيذ القانون رقم 48 لسنة 1941 المذكور ويحدّ من مداه. لأن المشرع لم يقصد بما نص عليه في المادة 11 من أخذ عينات من المواد المشتبه فيها لتحليلها سوى إمكان إثبات الغش دون اشتراط قواعد معينة للإثبات. ولذا فإن القرار رقم 63 لسنة 1943 باطل كلائحة تنفيذية لصدوره ممن لا يملك إصداره ولمخالفته للقواعد الأساسية الواردة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 نفسه. وإذن فللمحاكم أن لا تطبقه.
وحيث إن القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش، إذ نص في المادة 11 على أن "يثبت المخالفات لأحكام هذا القانون وأحكام اللوائح الصادرة بتنفيذه ولأحكام المراسيم المنصوص عليها في المادتين الخامسة والسادسة الموظفون المعينون خصيصاً لذلك بقرار وزاري، ويعتبر هؤلاء من مأموري الضبطية القضائية ويجوز لهم أن يدخلوا... ولهم الحق في أن يأخذوا عينات من تلك المواد وفقاً لما تقرّره اللوائح من الإجراءات"، وإذ نص في المادة 12 على أنه: "إذا وجدت لدى الموظفين المشار إليهم في المادة السابقة أسباب قوية تحملهم على الاعتقاد أن هناك مخالفة لأحكام هذا القانون جاز لهم ضبط المواد المشتبه فيها بصفة وقتية. وفي هذه الحالة يدعي أصحاب الشأن للحضور، وتؤخذ خمس عينات على الأقل بقصد تحليلها تسلم اثنتان منها لصاحب الشأن، ويحرّر بهذه العملية محضر يحتوي على جميع البيانات اللازمة للتثبيت من ذات العينات والمواد التي أخذت منها. ومع عدم الإخلال بحق المتهم في طلب الإفراج عن البضاعة المضبوطة من القاضي الجزئي أو قاضي التحقيق بحسب الأحوال يفرج عنها بحكم القانون إذا لم يصدر أمر من القاضي بتأييد عملية الضبط في خلال السبعة الأيام التالية ليوم الضبط" - إذ نص على ذلك فقد دل بجلاء على أنه" (أوّلاً) لم يقصد - جرياً على ما سار عليه القضاء في البلاد المأخوذة عنها هذا النص - أن يرتب أي بطلان على عدم اتباع أي من تلك الإجراءات الواردة به، فإن غرضه لم يكن إلا أن ينظم ويوحد الإجراءات التي تتخذ بمعرفة موظفين لم يكونوا قبل ذلك بمقتضى القانون العام من رجال الضبط القضائي، ولا شأن لهم عادة بإجراء التحقيقات الجنائية. ولم يكن من غرض الشارع في الواقع وحقيقة الأمر أن يخضع مخالفات أحكام هذا القانون إلى قواعد إثبات خاصة بها، بل إنه تركها خاضعة للقواعد العامة بحيث إذا اطمأن القاضي إلى صحة الدليل المستمد من تحليل العينات التي تؤخذ، ولم يساوره ريب في أية ناحية من نواحيه، خصوصاً من جهة أخذ العينة، أو من جهة عملية التحليل ذاتها، أوقع حكمه على هذا الأساس، بغض النظر عن عدد العينات التي أخذت وعن الطريقة التي أخذت بها، وبلا اعتبار لما يثيره الدفاع عن المتهم في هذا الخصوص. أما إذا وقع في نفسه أي شك فإنه بطبيعة الحال لا يقيم وزناً للعينات ولا للتحليل. (ثانياً) لم يقصد بالتالي أن يخوّل من وكل إليهم تعيين الموظفين المذكورين أو وضع لوائح الإجراءات الخاصة بأخذ العينات أكثر مما أراده على النحو المتقدّم. فإذا هم في اللوائح أو القرارات التي يصدرونها تنفيذاً للمادتين المذكورتين قد ضمنوها بطلاناً في الإجراءات من أي نوع كان، فإنهم بلا شك يكونون قد تجاوزوا السلطة التي أمدّهم بها القانون ذاته بخلقهم حالات بطلان لم يردها الشارع وعلى خلاف التفويض الصادر منه لهم، وعلموا في ذات الوقت على تعطيل أحكام القانون الذي يعتمدون عليه. ولا يكون في وسع والقاضي في هذه الحالة، وهو يفصل في الدعوى، إلا أن يعمل القانون ويهدر اللائحة أو القرار الذي وصف بأنه صدر لتنفيذه أو بناء على نص من نصوصه. وذلك في الناحية التي حصلت فيها المخالفة.
وحيث إن القرار رقم 63 سنة 1943 الصادر من وزير التجارة والصناعة تنفيذاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 المذكور بعد أن صدر بعبارة "بعد الاطلاع على المادتين الحادية عشرة والثانية عشرة من القانون رقم 48 لسنة 1941 الخاص بقمع التدليس والغش وبموافقة وزارات المالية والصحة العمومية والزراعة". وبعد أن بين في المادة الأولى الموظفين الذين عينوا فيه لضبط المخالفات وإثباتها، وذكر في المواد 3 و4 ما لهؤلاء الموظفين من حقوق في أخذ العينات لتحليلها وفحصها، وحدّد عدد العينات، وأوضح طريقة تحرير المحاضر اللازمة وعمل الإحراز وكتابة البطاقات والرصد في الدفاتر وإرسال العينات إلى التحليل إلخ - بعد ذلك نص في المادة 5 على أنه: "يجب أن يتم تحليل العينات، وأن يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في ميعاد لا يتجاوز شهراً من تاريخ تحرير المحضر، فإذا أظهر التحليل عدم وجود مخالفة أو انقضى الميعاد المقرر دون أن يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل اعتبرت إجراءات أخذ العينة كأن لم تكن، ووجب رد العينة المحفوظة لدى محرّر المحضر إلى صاحبها". وهذا النص الذي مقتضاه بطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدّد فيه لا يتفق أصلاً لا مع نص القانون رقم 48 المذكور ولا مع روحه، إذ هذا القانون لم يرد فيه، كما مر القول، حتى في غير المادتين 11 و12 اللتين صدر القرار تنفيذاً لهما، أية إشارة إلى بطلان. وإذن فالقرار بنصه على البطلان يكون قد تجاوز السلطة المخوّلة لمن أصدره، فلا يصح للمحاكم أن تعتبره وتبني عليه قضاء. يؤكد هذا النظر أن الشارع نفسه في القوانين التي قصد فيها إلى بطلان الإجراءات فيما يختص بالعينات التي تؤخذ في صدد التحقق من مخالفة أحكامها قد نص على ذلك البطلان في تلك القوانين ذاتها ولم يتركه للسلطة التنفيذية لتقرره هي. كما في المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1938 بتجارة الأسمدة والمخصبات المواد (12 و13 و14) والمرسوم بقانون رقم 51 سنة 1934 بمنع خلط أصناف القطن (المادتين 3 و4) والقانون رقم 87 لسنة 1938 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون (المادة 4). فلو كان الشارع قد أراد ذلك البطلان الذي جاء ذكره في القرار الوزاري ولو في خصوص مخالفة إجراء من الإجراءات التي ترسمها اللوائح والقرارات التي توضع تنفيذاً له لكان قد نص عليه في صلب نصوص القانون رقم 48 لسنة 1941 السالف الذكر. أما وهو لم يفعل فلا يصح أن يؤبه بالبطلان الذي يجيء به قرار وزاري متعارضاً مع نصوص القانون ذاته. ولاشك في أن على القاضي - إذا كان إزاء قانون لم يأت ببطلان ولم يقصد إليه، ولائحة وضعت لتنفيذ هذا القانون أو تنفيذاً له تعارضت معه بأن نصت على البطلان - لا شك في أن عليه أن يعمل القانون لأنه بالبداهة هو الأولى بالاتباع فقد اشترط الدستور (المادة 37) في اللوائح التي يضعها الملك لتنفيذ القوانين ألا يكون فيها تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. فلا ريب في أنه يجب من باب أولى أن يلتزم القرار الوزاري الذي يصدر بناء على نص في القانون، الحدود المرسومة له في التفويض الصادر في شأنه من السلطة التشريعية. فإذا تجاوزها فإنه لا يكون صحيحاً ولا معتبراً فيما تجاوز فيه تلك الحدود.
وحيث إنه لما تقدّم يكون الحكم المطعون فيه على حق فيما قضى به من عدم بطلان إجراءات أخذ العينة. وما دامت المحكمة قد اقتنعت بصحة الدليل المستمد من تلك الإجراءات، ودانت الطاعن على هذا الأساس، فلا محل لما يثيره بهذا الوجه.


[(1)] قرّرت المحكمة هذه القاعدة أيضاً في الأحكام الصادرة بهذه الجلسة في القضايا رقم 127 و129 و131 و132 و134 و135 و136 و137 و138 و139 و140 و141 و142 سنة 15 القضائية.