أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1004

جلسة 4 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

(135)
الطعن رقم 32 لسنة 32 القضائية

( أ ) عمل. "انتهاء عقد العمل". "حق صاحب العمل فى فسخ العقد".
حق صاحب العمل فى فسخ العقد طبقا للمادة 76/ 5 من القانون رقم 91 لسنة 1959 مناطه. غياب العامل بغير سبب مشروع.
(ب) عمل. "آثار عقد العمل". "توفير الرعاية الطبية للعامل ومنحه إجازة مرضية".
توفير الرعاية الطبية للعامل أو منحه إجازة مرضية. لا شأن له بمشروعية أو عدم مشروعية سبب الغياب.
(ج) عمل. "عناصر عقد العمل". "الأجر". "ماهيته". "مكافأة نهاية الخدمة".
مكافأة نهاية الخدمة. الأجر الأساسى. ماهيته. الأجر الاجمالى بعد طرح إعانة غلاء المعيشة منه.
1 - حق صاحب العمل فى فسخ العقد طبقا للمادة 76/ 5 من القانون رقم 91 لسنة 1959 مقيد بأن يكون غياب العامل بغير سبب مشروع، وينبنى على ذلك أنه متى كان العامل قد تغيب بسبب مشروع وهو المرض، انتفى مبرر الفسخ.
2 - مشروعية سبب غياب العامل أو عدم مشروعيته لا شأن له بالتزام توفير الرعاية الطبية للعامل أو منحه إجازة مرضية، ومتى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من واقع أوراق الدعوى وفى نطاق سلطته مشروعية هذا السبب، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو خالف الثابت فى الأوراق.
3 - المقصود بالأجر الأساسى عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة، هو الأجر الإجمالى للعامل أو المستخدم بعد أن تطرح منه إعانة غلاء المعيشة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن محمود عبد الخالق عمرو تقدم بشكوى إلى مكتب العمل بالجيزة يطلب فيها وقف تنفيذ قرار فصله من العمل ببنك مصر ولم يتمكن المكتب من تسوية النزاع وأحاله إلى قاضى الأمور المستعجلة بمحكمة الجيزة وقيد بجدولها برقم 64 سنة 1960. وبتاريخ 17/ 5/ 1960 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى أجره بواقع 27 ج و500 م شهريا من تاريخ فصله وحددت لنظر الموضوع جلسة 28/ 6/ 1960 وفيها طلب المدعى الحكم بإلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 5671 ج و917 م منه 707 ج و142 م مكافأة نهاية الخدمة، 28 ج و230 م مكافأة مستحقة عن سنة 1959 و27 ج و500 م بدل إجازة، و4845 ج و45 م كتعويض، وقضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الجيزه الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 499 سنة 1960 عمال. وشرح المدعى دعواه بأنه فى خلال سنة 1957 ولتفانيه فى العمل أصيب بإرهاق عصبى تولى علاجه الدكتور أحمد وجدى وأشار الدكتور عبد الحكيم المرصفاوى طبيب البنك بأن يسند إليه عمل غير مرهق ولم يحفل البنك برأى الأطباء المعالجين وقرر نقله إلى قنا رغم مرضه ولتعذر تنفيذ قرار النقل تقدم بشهادة مرضية وأحاله البنك إلى طبيب غير مختص بالأمراض العصبية قرر أنه متمارض وفى 21/ 11/ 1959 أرسل له البنك خطابا حدد له فيه ثلاثة أيام لتنفيذ قرار النقل وإلا عد متغيبا بدون عذر واعتبر عقده مفسوخا ثم عاد وفى 29/ 11/ 1959 فأصدر قرارا بفصله بدون مكافأة أو تعويض، وإذ كان هذا الفصل تعسفيا وبغير مبرر ويستحق فى ذمة البنك مبلغ 5671 ج و914 م مكافأة نهاية الخدمة ومكافأة سنة 1959 وبدل إجازة وتعويض فقد طلب الحكم له به، ورد البنك بأنه لا يقصر فى علاج أحد من موظفيه وأن كبير أطبائه قرر أن المدعى غير مريض وعليه أن يعود إلى عمله ولكنه تغيب بدون عذر وتجاوز غيابه الحد القانونى وإزاء ذلك إضطر إلى فصله وبتاريخ 22/ 12/ 1960 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى مبلغ 629 ج و937 م والمصاريف المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وأعفت المدعى من باقى المصاريف وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، واستأنف محمود عبد الخالق عمرو هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا تعديله والحكم له بطلباته وقيد هذا الإستئناف برقم 140 سنة 78 قضائية كما استأنفه البنك طالبا إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الإستئناف برقم 538 قضائية، وقررت المحكمة ضم الإستئنافين. وبتاريخ 30/ 12/ 1960 حكمت المحكمة حضوريا: (أولا) بقبول الاستئنافين شكلا. (ثانيا) وفى موضوع الإستئناف رقم 140 سنة 78 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف عليه بأن يدفع للمستأنف مبلغ 2734 ج و642 م والمصاريف عن الدرجتين ومبلغ 30 ج مقابل أتعاب المحاماة عنهما. (ثالثا) وفى موضوع الإستئناف رقم 538 سنة 78 برفضه وإلزام بنك مصر بمصاريفه وبمبلغ 5 ج مقابل أتعاب المحاماة. وطعن البنك فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعا وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على أن فصل المطعون عليه كان تعسفيا مستندا فى ذلك على أنه كان مريضا ولم يكن متمارضا وكان على طبيب البنك أن يحيله إلى طبيب إخصائى فى الأمراض العصبية وفقا للمادة 27/ 2 من اللائحة وإن إنقطاعه عن العمل كان لسبب مشروع هو المرض الذى كشف عنه طبيب مختص تأخذ المحكمة بأقواله، وهذا من الحكم خطأ فى القانون واستخلاص غير سائغ ومخالفة للثابت فى الأوراق من وجوه: (أولها) أن التقارير الطبية التى استند إليها الحكم فى إثبات مرض المطعون عليه خاصة بحالة مرضية قديمة كانت قد إنتابته فى الفترة من يناير إلى مايو سنة 1957 وهى سابقة غيابه بدون سبب مشروع أدى إلى فصله فى نوفمبر سنة 1959 وقد كان فى مدة الغياب سليما كما تدل على ذلك الأوراق المودعة فى ملفه ومنها تقرير طبيبى البنك الدكتور حسنى خليل والدكتور عبد الحكيم المرصفاوى فى 28/ 8/ 1958 وقد جاء فى نتيجته أن حالة المطعون عليه العقلية والنفسية لا تمنعه من الاستمرار فى عمله: (ثانيها) إن لائحة عمال وموظفى البنك لا تلزمه بإحالة الموظف المريض إلى طبيب أخصائى بمجرد طلبه ومحض إرادته بل تخول طبيب البنك إحالة الموظف إلى طبيب أخصائى فى الحالات التى يرى فيها ما يستدعى هذه الإحالة وقد فحص طبيب البنك المطعون عليه فى مقر البنك وانتقل إليه فى منزله وهو ملم بظروفه وسبق له فحصه مع الطبيب الأخصائى الدكتور عبد الحكيم المرصفاوى ووجده فى حالة صحية جيدة وقادرا على مباشرة عمله فلم يكن ثمة داع لإحالته إلى طبيب أخصائى:
(وثالثها) إن النص فى المادة 47 من اللائحة التنفيذية للعمال وموظفى البنك على أنه "يجب على الموظف أو العامل عند شعوره بحالة المرض وعدم استطاعته الحضور إلى البنك أن يخطره فورا بذلك وللبنك أن ينتدب طبيبه الخاص لفحص حالة الموظف أو العامل إذا رأى البنك ذلك" يفيد أن المختص بمنح الإجازة وتقدير مشروعية سبب الغياب أو عدم مشروعيته هو طبيب البنك وقد قرر أن المطعون عليه غير مريض ولا محل لمنحه إجازة مرضية فانقطاعه عن العمل يكون بغير سبب مشروع ولا تجدى فى إثبات مشروعيته شهادة عرفية صادرة من طبيب آخر.
وحيث إن هذا النعى مردود فى الوجه (الأول) منه بأن النص فى المادة 76/ 5 من القانون رقم 91 لسنة 1959 على أنه لا يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون إعلان العامل ودون مكافأة أو تعويض إلا فى الحالات المبينة فيها ومنها "تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متوالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابى من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام فى الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام فى الحالة الثانية" يدل على أن حق صاحب العمل فى فسخ العقد مقيد بأن يكون الغياب بغير سبب مشروع. وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه فى هذا الخصوص على أن أوراق الدعوى مليئة بالتقارير الطبية منذ سنة 1957 "وهذه التقارير تبين أن محمود عبد الخالق عمرو كان ينتابه المرض حقا ولم يكن متمارضا كما هو ظاهر من تقرير الدكتور عبد الحكيم المرصفاوى سنة 1957 وهو طبيب البنك الأخصائى فى الأمراض العصبية وتقرير الدكتور محمد رضوان قناوى واعتراض الدكتور المرصفاوى على نقل الموظف المذكور إلى حلوان لحالته المرضية وتقرير الطبيب الأخصائى أحمد وجدى الأخير المؤرخ 15/ 11/ 1959 والثابت فيه أن محمود عبد الخالق عمرو يحتاج لعلاج لمدة ثلاثة أسابيع. ولما كان ذلك وكان الموظف قد طلب عرضه على الطبيب الأخصائى بالبنك وهو الدكتور المرصفاوى للكشف عليه لتقدير مدى صحة مدعاه دون الوقوف عند الدكتور حسنى خليل الذى كان واجبا عليه أن يحيل الموظف إلى أخصائى الأمراض العصبية سيما وهو يعلم بحالته المرضية منذ سنة 1957 وكان قد تولى عرضه على الدكتور المرصفاوى باعتباره الأخصائى فى هذا المرض بالبنك ووفقا للمادة 51/ 2 من اللائحة التى تجيز للموظف طلب استدعاء الأخصائى لعيادته فى منزله عند الضرورة كان تغيب ذلك الموظف فى الفترة من 2/ 11/ 1959 إلى 29/ 11/ 1959 بسبب مشروع وهو المرض إذ كان وليد مرض عصبى كشف عنه طبيب مختص تأخذ به المحكمة لما تقدم من أسباب". وهى أسباب موضوعية سائغة وكافية لحمل قضائه. والقول بأن بعض التقارير الطبية التى استند إليها الحكم يرجع إلى سنة 1957 فى حين أن المطعون عليه فصل فى سنة 1959 لا وجه له، ذلك أن الثابت من تقرير طبيبى البنك الدكتور حسنى خليل والدكتور عبد الحكيم المرصفاوى وهو التقرير المؤرخ 28/ 8/ 1958 "أن حالة الموظف العقلية والنفسية لا تمنعه من الاستمرار فى عمله. ولكننا ننصح بأن يستمر فى عمل خفيف قليل الاتصال بالجمهور لمدة سنة أخرى ويعرض لإعادة الفحص كل شهرين" وفى ذلك ما يقطع بأنه لم يكن إلى هذا التاريخ قد تم شفاؤه، ومردود فى الوجهين ( الثانى والثالث) بأن مشروعية سبب الغياب أو عدم مشروعيته لا شأن له بالتزام توفير الرعاية الطبية للعامل أو منحه إجازة مرضية طبقا للائحة البنك وقد استظهر الحكم مشروعيته وفى نطاق سلطته على ما سبق بيانه.
وحيث إن حاصل السببين الثانى والرابع أنه وقد استمر غياب المطعون عليه مدة تزيد على العشرين يوما وهى المدة من 3/ 11/ 1959 إلى 29/ 11/ 1959 بغير سبب مشروع وأنذره البنك فى 11، 17، 21 من نوفمبر سنة 1959 بالعودة إلى عمله ولم يستجب فقد أصبح من حق البنك أن يفسخ عقد استخدامه دون مكافأة أو تعويض عملا بالمادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وإذ قضى الحكم بالمكافأة وبالتعويض فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن هذا النعى مردود بما سبق الرد به على السبب الأول من أن غياب المطعون عليه فى الفترة من 2/ 11/ 1959 إلى 29/ 11/ 1959 إنما كان بسبب مشروع وهو المرض وفى ذلك ما ينفى مبرر الفسخ.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه لم يقتصر على تعويض الضرر المباشر وهو حرمان المطعون عليه من وظيفته بل أدخل ضمن عناصره افتراض ألا يحصل على وظيفة مماثلة فى وقت قريب وافتراض أن تطول مدة تعطله كما أدخل ضمن عناصره أن فصله من العمل بالبنك يؤدى إلى تكهنات قد تكون عقبة فى سبيل التحاقه بأية شركة أو مؤسسة أخرى، مع أن مرتب المطعون عليه لم يكن من الجسامة بحيث يستحيل معه أن يحصل على مرتب يساويه بل هو مرتب عادى لمن يحمل مؤهلاته (بكالوريوس تجارة) ولم يثبت أنه طرق أبواب العمل وأوصدت فى وجهه، وإدخال هذه العناصر فى التعويض أدى بالحكم إلى المبالغة فى تقديره إذ قدره بمبلغ 2734 ج و642 م مع أن مرتب المطعون عليه شاملا علاوة الغلاء وقبل خصم الضرائب هو مبلغ 28 ج و500 م وهو بذلك يكون قد عوضه بما يعادل مرتبه عن ثمان سنوات وأربعة أشهر مع أن مدة عمله بالبنك سبع سنوات وخمسة أشهر.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه إستظهر عناصر الضرر التى اتخذها أساسا لتقدير التعويض المحكوم به للمطعون عليه بقوله إن "المحكمة تراعى أنه حرم من وظيفة فى مؤسسة كبيرة وبمرتب كبير وله مستقبل ومن العسير الحصول على مثل تلك الوظيفة فى وقت قريب وهو ما زال فى سن الشباب ويحتمل أن تطول مدة تعطله إلى حين عثوره على عمل يساوى العمل الذى تركه كما أن الفصل من مؤسسة كبيرة كبنك مصر يؤدى إلى تكهنات قد تكون عقبة فى سبيل التحاقه بأية شركة أو مؤسسة أخرى وترى المحكمة تقدير هذا التعويض بملبغ 2000 ج" وهى اعتبارات موضوعية سائغة لا تنطوى على عناصر احتمالية مستقبلة وغير محققة الوقوع مما لا يجوز الحكم بتعويض عنه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن مكافأة نهاية الخدمة تحدد طبقا للائحة البنك وهى تكفل لموظفيه وعماله مبالغ تزيد على ما يستحقونه طبقا للقانون، وقد حددت هذه اللائحة المكافأة على أساس المرتب السنوى الأصلى، ومع تمسك الطاعن بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فقد سكت الحكم عن الرد عليه واحتسب المكافأة على أساس المرتب الأصلى مضافا إليه علاوة غلاء المعيشة وهو بذلك يكون مشوبا بالقصور وبالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا السبب فى محله ذلك أن المقصود بالأجر الأساسى هو الأجر الإجمالى للعامل أو المستخدم بعد أن تطرح منه إعانة غلاء المعيشة، وإذ كان ذلك وكانت اللائحة العامة لموظفى وعمال بنك مصر قد نصت فى المادة 31 منها على أن تحسب المكافأة على أساس الأجر الأصلى وجرى الحكم المطعون فيه على أنه يدخل فى حساب مكافأة نهاية الخدمة إعانة غلاء المعيشة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص.