مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 622

جلسة 29 يناير سنة 1945

برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك وجندي عبد الملك بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.

(480)
القضية رقم 291 سنة 15 القضائية

مراقبة:
( أ ) المراقبة المنصوص عنها في المادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923. عقوبة أصلية عن جريمة قائمة بذاتها هي مخالفة مقتضى إنذار الاشتباه. حكم صادر من محكمة عسكرية في جريمة سرقة ضدّ مشبوه. يكفي لتوقيع عقوبة المراقبة.
(ب) عقوبة المراقبة في جريمة العود إلى الاشتباه. القول بأن مدّتها لا يجوز أن تزيد على مدّة عقوبة الجريمة التي وقعت من المشبوه. لا أساس له من القانون.
1 - إن المادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشبوهين إنما تقضي بالحكم بالمراقبة على أنها عقوبة أصلية عن جريمة قائمة بذاتها هي سبق إنذار المتهم مشبوهاً ثم مخالفته مقتضى الإنذار سواء بالحكم عليه في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون أو بتقديم بلاغ جدّي ضدّه إلخ. وليس في القانون ما يفيد من قريب أو من بعيد أن هذه المراقبة هي عقوبة تكميلية يجب أن يكون الحكم بها مع عقوبة أخرى توقع عن الجريمة المرتكبة، بل بالعكس لا يستقيم القول بذلك مع وجوب الحكم بالمراقبة على المشبوه في الأحوال الأخرى التي لا يكون هناك فيها حكم آخر بالإدانة. ثم إن نص هذه المادة يستفاد منه أن الحكم الصادر من محكمة عسكرية في جريمة سرقة يكفي في تطبيقها، ما دامت محكمة الجنح قد رأت فيه دليلاً كافياً على أن المتهم قارف السرقة.
2 - إن الشارع في القانون رقم 24 لسنة 1923 لم ينص في جرائم التشرد والاشتباه، كما فعل في المادة 28 من قانون العقوبات بالنسبة لمن يحكم عليهم بالأشغال الشاقة أو السجن لجناية من الجنايات الواردة فيها، على أن تكون مدّة المراقبة مساوية لمدّة العقوبة الأصلية. ولذلك، ولأن عقوبة المراقبة في جريمة العود إلى الاشتباه هي عقوبة أصلية يجوز الحكم بها ولو لم يكن قد حكم على المشبوه بالعقوبة في الجريمة التي عدّ مشبوهاً من أجلها، يكون القول بأن مدّة هذه المراقبة لا يجوز أن تزيد على مدّة العقوبة المحكوم بها في الجريمة التي وقعت من المشبوه لا أساس له.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن في قضية الجنحة رقم 226 الرمل سنة 1944 بأنه في يوم 29 نوفمبر سنة 1943 بالرمل حدث بعد إنذاره مشبوهاً بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1942 أن حكم عليه في قضية الجنحة رقم 3303 إسكندرية بالحبس لمدّة شهرين لارتكاب جريمة سرقة. وطلبت معاقبته بالمواد 2 و3 و4 و5 و7 و8 و9 و10 و14 و30 من القانون رقم 24 لسنة 1923.
ومحكمة جنح العطارين الجزئية الأهلية نظرت هذه الدعوى ثم قضت فيها غيابياً بتاريخ 14 مارس سنة 1944 - عملاً بمواد الاتهام - بوضع المتهم تحت المراقبة الخاصة في الجهة التي يعينها وزير الداخلية لمدّة سنة ابتداء من تاريخ إمكان التنفيذ عليه وشمول الحكم بالنفاذ.
فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في هذه المعارضة بتاريخ 2 مايو سنة 1944 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فاستأنف المتهم هذا الحكم في يوم صدوره وقيد استئنافه برقم 4728 سنة 1944 ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الأهلية دفع محامي المتهم فرعياً (أوّلاً) بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في جريمة السرقة في القضية رقم 3303 سنة 1943 (وثانياً) لأنه حوكم أمام المحكمة العسكرية. ولذلك فلا يصح أن ينسب إليه عود للاشتباه.
وبعد أن سمعت المحكمة المذكورة بهيئة استئنافية هذا الاستئناف قضت فيه حضورياً بتاريخ 6 يونيو سنة 1944 بقبوله شكلاً وبرفض الدفعين وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع المتهم تحت المراقبة الخاص لمدّة ستة شهور تبدأ من تاريخ إمكان التنفيذ عليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.


المحكمة

وحيث إن محصل الوجه الأوّل من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق المادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923 على الواقعة الثابتة به.
لأن المراقبة الخاصة التي يحكم بها على المشتبه فيه عند القضاء بإدانته في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية هي عقوبة تكميلية لا يجوز الحكم بها إلا مع العقوبة الأصلية التي يحكم بها في الجريمة المرتكبة. ولما كان الطاعن قد حكم عليه بالحبس شهرين عن جريمة السرقة التي ارتكبها بعد إنذاره مشبوهاً فما كان يجوز محاكمته ثانية وطلب توقيع المراقبة الخاصة عليه من أجل ارتكابه هذه الجريمة وكان الواجب على المحكمة أن تقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
وحيث إن المادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923 الخاص بالمتشردين والمشبوهين إنما تقضي بالحكم بالمراقبة على أنها عقوبة أصلية عن جريمة قائمة بذاتها وهي سبق إنذار المتهم مشبوهاً ثم مخالفته مقتضى الإنذار سواء بالحكم عليه في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون أو بتقديم بلاغ جدّي ضدّه... إلخ. وليس في القانون ما يفيد من قريب أو من بعيد أن المراقبة عقوبة تكميلية يجب أن يكون الحكم بها مع عقوبة أخرى توقع عن الجريمة المرتكبة بل بالعكس لا يستقيم هذا القول مع وجوب الحكم بالمراقبة على المشبوه في الأحوال الأخرى التي لا يكون هناك فيها حكم بالإدانة.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ اعتبر الحكم الصادر من محكمة عسكرية مما يسمح بتطبيق المادة التاسعة من القانون رقم 24 لسنة 1923.
وحيث إن المادة التاسعة إذ نصت على توقيع عقوبة المراقبة الخاصة إذا حدث بعد إنذار البوليس أن حكم مرة أخرى بالإدانة على الشخص المشتبه فيه أو قدّم ضدّه بلاغ جديد عن ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الفقرتين أوّلاً وثانياً من المادة الثانية... إلخ" قد دلت على أن الشارع أراد أن توقع المراقبة الخاصة كلما ثبت بحكم قضائي ارتكاب المشبوه بعد إنذاره جريمة من الجرائم المعينة التي أشار إليها أو قدّم ضدّه بلاغ جدّي عن جريمة من هذه الجرائم ولو لم يعقبه حكم، مما يستفاد منه أن الحكم الصادر من محكمة عسكرية يكفي في تطبيق هذه المادة ما دامت المحكمة - على ما هو مستفاد من حكمها - قد عدّته دليلاً كافياً على أن الطاعن قارف السرقة.
وحيث إن مؤدّى الوجه الثالث أن الدفاع طلب إلى المحكمة تأجيل نظر الدعوى لضم القضية العسكرية فرفضت المحكمة هذا الطلب مع أنها لا تستطيع أن تقدّر مدّة المراقبة الخاصة من غير أن تطلع على تلك القضية. وقد قضت بالمراقبة مدة ستة شهور مع أن قصد الشارع أن لا تزيد مدة هذه المراقبة عن مدّة العقوبة المحكوم بها في الجريمة التي وقعت من المشبوه.
وحيث إن القانون رقم 24 لسنة 1923 لم ينص في جرائم التشرد والاشتباه كما فعل في المادة 28 من قانون العقوبات بالنسبة لمن يحكم عليهم بالأشغال الشاقة أو السجن لجناية من الجنايات الواردة فيها - لم ينص على أن تكون مدّة المراقبة مساوية لمدّة العقوبة الأصلية فلذلك، ولأن عقوبة المراقبة في جريمة العود إلى الاشتباه هي عقوبة أصلية ويجوز الحكم بها ولو لم يكن قد حكم على المشبوه بالعقوبة في الجريمة التي عدّ مشبوهاً من أجلها، فإن ما يقوله الطاعن في هذا الصدد لا يكون له أساس في القانون يستند إليه.