أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1035

جلسة 5 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: ابراهيم الجافى، ومحمد صادق الرشيدى، وابراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

(140)
الطعن رقم 338 لسنة 32 القضائية

( ا ) إثبات "الإثبات بالكتابة". "مبدأ ثبوت بالكتابة" إلتزام. "سبب الالتزام". صورية.
عدم جواز إثبات صورية سبب الالتزام الثابت بالكتابة - فيما بين المتعاقدين - إلا بالكتابة. جواز الاثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة تعززه البينة أو القرائن.
(ب) حكم "عيوب التدليل". "قصور. ما يعد كذلك". محكمة الموضوع. إثبات. "مبدأ ثبوت بالكتابة".
تقدير وجود مبدأ ثبوت بالكتابة فى الورقة مما تستقل به محكمة الموضوع. تمسك الخصم باعتبار ورقة مبدأ ثبوت بالكتابة. إغفال المحكمة هذا الدفاع دون بيان أسباب إطراحها إياه. قصور.
1 - إذا كان سبب الالتزام ثابتا بالكتابة فإنه لا يجوز للمتعاقدين إثبات صوريته إلا بالكتابة إلا أن المشرع قد أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو القرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابى الكامل فى الإثبات.
2 - وإن كان تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من حيث كونها تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال أو لا تجعله هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أنه يجب على هذه المحكمة متى تمسك الخصم أمامها بورقة مكتوبة صادرة من خصمه على اعتبار أنها تكون مبدأ ثبوت بالكتابة وطلب الإحالة إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود - على المحكمة - أن تقول كلمتها فى هذه الورقة من جهة كونها تجعل الواقعة المدعى بها قريبة الاحتمال أو لا تجعلها فإن هى أغفلت ذلك وأطرحت الورقة بغير إبداء أسباب لهذا الاطراح فإن حكمها يكون قاصر البيان مستوجبا نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون ضدها استصدرت أمر الأداء رقم 148 سنة 1961 مدنى كلى الاسكندرية بإلزام الطاعن بأن يؤدى لها مبلغ 3000 ج والمصاريف وتثبيت الحجز التحفظى الموقع فى 30 من أغسطس سنة 1961 وذلك استنادا إلى أن إيصال مؤرخ أول يوليه سنة 1959 يفيد استلام الطاعن منها هذا المبلغ على سبيل الأمانة فعارض الطاعن فى هذا الأمر بالدعوى رقم 1936 سنة 1961 كلى الاسكندرية طالبا إلغاءه وأسس معارضته على أنه ليس مدينا بهذا المبلغ وأن سبب تحرير الإيصال - أنه كانت تربطه بالمطعون ضدها علاقة استمرت مدة طويلة ولما تزوج بأخرى ثارت المطعون ضدها وهددته بكشف أمره معها فتوسط بينهما بعض الأصدقاء وتم الاتفاق بينه وبين المطعون ضدها على أن يدفع لها مبلغ 20 جنيها شهريا علاوة على قيمة اشتراك التليفون وأجرة المنزل الذى تقيم فيه كلما تيسر له ذلك ولضمان الوفاء بهذه الالتزامات حرر لها إيصالا يفيد استلامه منها مبلغ 3000 جنيه على سبيل الأمانة وأودع هذا الإيصال لدى أمين على ألا يسلمه للمطعون ضدها إلا إذا أخل الطاعن بتعهده وأنه على الرغم من مواظبته على أداء المبلغ المتفق عليه للمطعون ضدها شهريا فقد تمكنت من الحصول على الإيصال وتحت تأثير اعتقاد خاطئ منها بأنه سيغادر البلاد أبلغت النيابة ضده متهمة إياه بتبديد هذا المبلغ ثم استصدرت بهذا الإيصال أمر الأداء المعارض فيه وأضاف الطاعن أنه مما يؤكد عدم مديونيته لها أنها أرسلت إليه خطابا بعد تحرير هذا الإيصال تستجديه فيه أن يمد لها يد المعونة من الناحية المادية بعد أن تركها وتزوج بأخرى وتمسك بأن هذا الخطاب الموقع عليه من المطعون ضدها يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تجوز تكملته بالبينة وعلى هذا الأساس طلب إحالة الدعوى للتحقيق ليثبت صورية السبب المذكور فى سند المديونية المؤرخ فى أول يوليه سنة 1959 وحقيقة الغرض من تحرير هذا السند وبعد أن ناقشت المحكمة الطرفين فى أمر الإيصال والخطاب المشار إليهما قضت بجلسة 31 يناير سنة 1962 برفض المعارضة وتأييد أمر الأداء فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية طالبا إلغاءه وقيد استئنافه برقم 131 سنة 18 ق وبجلسة 9 يونيه سنة 1962 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصورية السبب المذكور فى الإيصال المؤرخ أول يوليه سنة 1959 سند دعوى المطعون ضدها وقال إن السبب الحقيقى لتحرير هذا الإيصال هو أن يكون ضمانا لتنفيذ ما التزم بدفعه شهريا للمطعون ضدها على سبيل المعونة بسبب قطعه علاقته بها بعد زواجه بأخرى وأنه اتفق بينهما على إيداع هذا الإيصال لدى أمين على ألا يسلمه للمطعون ضدها إلا إذا أخل الطاعن بالتزامه بأداء المبلغ الذى تعهد بدفعه للمطعون ضدها شهريا وقدره عشرون جنيها علاوة على أجرة المنزل الذى تقيم فيه وقيمة اشتراك التليفون وأنه إذ لم يقع منه إخلال بهذا الالتزام وكان مواظبا على دفع ما تعهد به فى ميعاده فإنه لا يكون للمطعون ضدها أن تطالبه بالمبلغ الوارد بذلك الإيصال وقدم الطاعن للمحكمة خطابا موقعا عليه من المطعون ضدها ومرسلا إليه منها فى 23 يوليه سنة 1959 تستجديه فيه أن يمد لها يد المساعدة بسبب فقرها واعتلال صحتها وهو ما لا يمكن تصور حصوله لو أنها وكانت دائنة للطاعن بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وقد اعترفت المطعون ضدها فى استجوابها أمام المحكمة بصدور هذا الخطاب منها فى ذلك التاريخ وتمسك الطاعن بأن هذا الخطاب المؤيد بالأقوال التى أدلت بها المطعون ضدها عند استجوابها يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة لأن عباراته تؤيد صورية السبب المذكور فى الإيصال وطلب لذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود وإثبات صورية سبب الدين لكن الحكم المطعون فيه رفض إجابته إلى هذا الطلب وألزمه بالمبلغ الوارد فى الإيصال تأسيساً على ما قاله من أن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت إلا بالكتابة وأنه ما دام الطاعن لم يقدم مكتوبا على صحة ما يدعيه من صورية سبب الدين المطالب به فإن ادعاءه يضحى عديم الأثر ويرى الطاعن أن هذا من الحكم خطأ فى القانون ولا يصلح لتبرير رفض طلبه الاحالة إلى التحقيق ذلك أن لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة فى الاثبات متى كملته البينة.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه ومن المذكرة المقدمة من الطاعن إلى محكمة الاستئناف أنه تمسك أمام تلك المحكمة بدفاعه الوارد بسبب النعى وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية السبب المذكور فى الإيصال المؤرخ أول يوليه سنة 1959 سند دعوى المطعون ضدها وذلك على أساس ما تضمنه الخطاب الصادر إليه من المطعون ضدها والمذيل بتوقيعها والذى اعترفت عند استجوبها بجلسة 27 ديسمبر سنة 1961 بصدوره منها فى 23 يوليه سنة 1959 يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز للطاعن أن يكمله بالبينة وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "وبما أنه فيما يتعلق بما دفع به المستأنف (الطاعن) من صورية سبب السند موضوع الدعوى وطلبه الإحالة إلى التحقيق لإثبات مدعاه فى هذا الصدد فإنه مردود بأن الصورية بين المتعاقدين فيما هو ثابت بالكتابة لا تثبت إلا بالكتابة وما دام المستأنف لم يقدم مكتوبا على صحة ما يدعيه إذ لم يكن هناك ما يحول دون ذلك فإن إدعاءه يضحى عديم الأثر ويتعين لذلك اطراحه" وهذا الذى قرره الحكم لا يصلح ردا على دفاع الطاعن آنف الذكر ذلك أنه وإن كان صحيحا أن سبب الالتزام متى كان ثابتا بالكتابة فإنه لا يجوز للمتعاقدين إثبات صوريته إلا بالكتابة إلا أن المشرع قد أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة أو القرائن فإنه يقوم مقام الدليل الكتابى الكامل فى الاثبات وإذا كان تقدير الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من حيث كونها تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال أو لا تجعله هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أنه يجب على هذه المحكمة متى تمسك الخصم أمامها بورقة مكتوبة صادرة من خصمه على اعتبار أنها تكون مبدأ ثبوت بالكتابة وطلب الإحالة إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود، على المحكمة أن تقول كلمتها فى هذه الورقة من جهة كونها تجعل الواقعة المدعى بها قريبة الاحتمال أو لا تجعلها، فإن هى أغفلت ذلك وأطرحت الورقة بغير إبداء أسباب لهذا الاطراح فإن حكمها يكون قاصر البيان مستوجبا نقضه - لما كان ذلك وكان لا يوجد فى أسباب الحكم المطعون فيه ولا فى أسباب الحكم الابتدائى التى أحال إليها ما يصلح ردا على دفاع الطاعن المتضمن أن الخطاب المرسل إليه من المطعون ضدها فى 23 يوليه سنة 1959 والتى أقرت بصدوره منها عند استجوابها بمعرفة المحكمة يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وطلبه الاحالة إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بمخالفة القانون والقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.