أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1146

جلسة 17 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

(155)
الطعن رقم 395 لسنة 31 القضائية

( ا ) حكم. "الطعن فى الحكم". "الخصوم فى الطعن". نقض.
"الخصوم فى الطعن". تجزئة.
للخصم الذى قبل الحكم أو فوت ميعاد الطعن فيه أن يطعن أثناء نظر الطعن المرفوع من غيره من المحكوم عليهم فى موضوع غير قابل للتجزئة. القعود عن استعمال هذه الرخصة لا أثر له فى شكل الطعن.
(ب) وقف. "شرط الواقف". "تفسيره". "الرجوع فى الوقف". "انتهاء الوقف". "تدخل النيابة العامة". دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تدخل النيابة العامة". نيابة عامة. "تدخلها فى قضايا الوقف".
وجوب تدخل النيابة العامة فى الدعوى كلما كان النزاع متعلقا بأصل الوقت أو إنشائه أو الرجوع فيه أو انتهائه أو شخص المستحق فى الوقف، وإلا كان الحكم باطلا. يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى أصلا من هذا القبيل أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدينة وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف.
1 - مفاد ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات أن المشرع أجاز - خروجا على مبدأ نسبيه الأثر المترتب على إجراءات المرافعات - أن يفيد خصم من طعن مرفوع من غيره فى الميعاد فى حالة الحكم فى موضوع غير قابل للتجزئة بالتدخل فى الطعن بالوسيلة التى بينتها المادة المذكورة، ولما كانت هذه الرخصة قد أجازها الشارع فى هذه الحالة لمن قبل الحكم أو لمن لم يطعن عليه فى الميعاد فخول له أن يطعن فى الحكم أثناء نظر الطعن المقام فى الميعاد من أحد المحكوم عليهم أو يتدخل فيه منضما إليه فى طلباته، فإن هو قعد عن استعمال هذه الرخصة لم يؤثر ذلك فى شكل الطعن متى كان قد أقيم من باقى المحكوم عليهم صحيحا فى الميعاد، وإن كان الحكم قد صدر فى موضوع غير قابل للتجزئة.
2 - لما كان القانون 628 لسنة 1955 ينص فى مادته الأولى على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل فى قضايا الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الجزئية بمقضى القانون رقم 462 لسنة 1955. وعليها أن تتدخل فى كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلا". فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه كلما كان النزاع متعلقا أصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية، وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملا بالقانون 462 لسنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية، فإن تدخل النيابة يكون واجبا عند نظر هذا النزاع و إلا كان الحكم الصادر فيه باطلا، يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى أصلا من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنيه وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف [(1)]... فإذا كان النزاع يدور حول ما إذا كان الواقف قد حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وما إذا كان الوقف قد أنشئ مقابل عوض مالى أو لضمان حق ثابت قبل الواقف وذلك لتحديد ما إذا كان للواقف حق الرجوع فى الوقف من عدمه وبيان شخص المستحق الذى تؤول إليه ملكية ما انتهى فيه الوقف تبعا لطبيعة استحقاقه وتحديد صفته فيه، فإن النزاع فى هذه المسائل كلها يعتبر متعلقا بالوقف من حيث إنشائه وشروطه التى تستوجب بحثها الخوض فى تفسير عبارات كتاب الوقف ويطبق فى شأنها القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف ويكون تدخل النيابة العامة واجبا عند نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم باطلا.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2691 سنة 53 كلى القاهرة ضد السيدة زبيدة محمد مليحة ومصلحة الشهر العقارى يطلب الحكم بإيقاف شهر إنهاء الوقف المبين بالصحيفة والمقدم عنه الطلب رقم 3414 سنة 1952 واحتياطيا إلغاء ما يكون قد تم من شهر الطلب المذكور وإلغاء جميع التأشيرات بهامش السجل الخاص بأعيان الوقف. وقال شرحا لدعواه أنه يستحق الأطيان الزراعية الموقوفة ومساحتها 56 ف و8 ط و4 س بموجب الحجة الشرعية المؤرخة 10/ 6/ 1915 وقد تقدم إلى مصلحة الشهر العقارى طالبا شهر إنهاء الوقف تنفيذا للقانون رقم 180 سنة 1952 وقيد طلبه برقم 3255 سنة 1952. ونظرا لأن مصلحة الشهر أعادت إليه طلبه لتعارضه مع طلب الواقفة السيدة زبيدة محمد مليحة الذى قيد برقم 3414 لسنة 1952 والمقدم منها لإشهار إنهاء ذات الوقف باعتبارها صاحبة الحق فى أعيانه فقد أقام دعواه بطلباته المذكورة - وأثناء سير الدعوى قرر المطعون ضده أنه تصالح مع السيدة زبيدة عن طريق وكيل لها بمحضر صلح مؤرخ 31/ 8/ 1953 فأنكرت الموكلة عليه ذلك وطعنت بأن سند التوكيل الصادر منها قاصر على الإدارة - وبتاريخ 17 مايو سنة 1954 انقطع سير الخصومة فى الدعوى لوفاة السيدة زبيدة، فعجل المطعون ضده دعواه مختصما ورثتها وعدل طلباته إلى الحكم أصليا بصحة ونفاذ عقد الصلح المؤرخ 31/ 8/ 1953 واحتياطيا بأحقيته فى شهر ملكية الأطيان الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والواردة بحجة الوقف المؤرخ 10/ 6/ 1915 والمقيدة برقم 114 متتابعة وإلزام مصلحة الشهر العقارى بشطب الشهر الحاصل لصالح ورثة المرحومة زبيدة محمد مليحه عن الأطيان المذكورة - واستند فى طلبه الأصلى إلى عقد الصلح وفى طلبه الاحتياطى إلى أنه بصدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بشأن إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات أصبح هو المالك الوحيد لأعيان الوقف دون الواقفة - السيدة زبيدة مليحه - التى وإن كانت على قيد الحياة عند صدور هذا القانون إلا أن مؤدى المادتين الثالثة والرابعة منه والمادة 11 من القانون 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف التى أحيل إليها الا يصبح ما ينتهى فيه الوقف للواقف ولا تؤول ملكيته إليه متى ثبت أن ليس له حق الرجوع فيه بأن حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة أو بأن كان الاستحقاق فى الوقف بعوض مالى أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف، وأنه لما كانت الواقفة ممنوعة قانونا من الرجوع فى الوقف إذ أنها حرمت نفسها وذريتها من الاستحقاق كما حرمت نفسها من الشروط العشرة، ولم يكن لها فى الوقف سوى مرتب ضئيل يصرف لها مدى حياتها، وكان الاستحقاق فى هذا الوقف قاصرا على زوجها المرحوم إبراهيم اليمانى - الذى توفى فى 23/ 4/ 1924 - ومن بعده على ذريته منها أو من غيرها. وإذ توفيت الواقفة من غير عقب ومات زوجها المستحق الأول عن ولده من زوجة أخرى وهو المدعى فى هذه الدعوى - المطعون ضده - فإنه يكون المستحق الوحيد للأعيان التى تضمنتها حجة الوقف، هذا فضلا عن أن الواقفة كانت ممنوعة من الرجوع فى الوقف بسبب أن استحقاق والده فيه كان مقابل عوض مالى ولضمان حقوق ثابتة له قبل الواقفة - واستدل على ذلك بأن الواقفة ما كانت لتستطيع شراء الأطيان ودفع ثمنها وإنما قام بذلك زوجها - والده - من ماله الخاص وحرر العقد باسمها وأحرى الوقف بعد ذلك بثلاثة أيام كى يتجنب إدخال هذه الأطيان فى الضمان العام لدائنيه بعد أن أشهر إفلاسه - وبتاريخ 28 مارس سنة 1959 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى - استأنف المطعون ضده هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 921 سنة 76 ق القاهرة. دفع المستأنف عليهم السبعة الأول ومنهم الطاعنون ببطلان الاستئناف عملا بالمادة 406 مكررا من قانون المرافعات لأن المستأنف عليه الثالث عشر لم يعلن خلال ثلاثين يوما من تاريخ قيد الاستئناف ولأن الحكم المستأنف صادر فى موضوع غير قابل للتجزئة. وبتاريخ 26/ 3/ 1961 قضت محكمة الاستئناف ببطلان الاستئناف بالنسبة للمستأنف عليه الثالث عشر وحده بقبول الاستئناف شكلا بالنسبة لباقى المستأنف عليهم - الطاعنين وآخرين - وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف - المطعون ضده - أن استحقاق والده فى أعيان الوقف كان بعوض مالى أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقفة - وبعد أن نفذ الحكم بسماع الشهود قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 24/ 6/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف - المطعون ضده - فى شهر حقه فى أعيان الوقف البالغ مساحتها 56 ف و8 ط و4 س المبينة بالصحيفة والحجة الشرعية المؤرخة 10/ 6/ 1915 وإلغاء الشهر الحاصل عليها لصالح السيدة زبيدة مليحة - طعن الطاعنون فى هذا الحكم وفى الحكم الصادر قبله بتاريخ 26 مارس سنة 1961 بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم فى خصوص السبب الثانى من أسباب الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وقدم ورثة المطعون ضده مذكرة دفعوا فيها بعدم قبول الطعن تأسيسا على المادة 384 من قانون المرافعات قولا منهم أن الطعن لم يقدم إلا من ستة من الثمانية المحكوم ضدهم حالة أن الحكم صادر فى موضوع غير قابل للتجزئة، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة برأيها السابق الذى أبدته بمذكرتيها الأولى والتكميلية.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أنه إذ تقضى الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات بأنه إذا كان الحكم صادرا فى موضوع غير قابل للتجزئة جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع فى الميعاد من أحد زملائه منضما إليه فى طلباته، فإن مفاد ذلك أن المشرع أجاز خروجا على مبدأ نسبية الأثر المترتب على إجراءات المرافعات أن يفيد خصم من طعن مرفوع من غيره فى الميعاد فى حالة الحكم فى موضوع غير قابل للتجزئة بالتدخل فى الطعن بالوسيلة التى بينتها المادة المذكورة - ولما كانت هذه رخصة قد أجازها الشارع فى هذه الحالة لمن قبل الحكم أو لمن لم يطعن عليه فى الميعاد فخول له أن يطعن فى الحكم أثناء نظر الطعن المقام فى الميعاد من أحد المحكوم عليهم أو يتدخل فيه منضما إليه فى طلباته، فإن هو قعد عن استعمال هذه الرخصة فلا يؤثر ذلك فى شكل الطعن متى كان قد أقيم من باقى المحكوم عليهم صحيحا فى الميعاد - لما كان ذلك وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد صدر لصالح مورث المطعون عليهم ضده ثمانية أشخاص باعتبارهم ورثة المرحومة زبيدة مليحة، فإنه يجوز الطعن من ستة منهم فقط، وان كان هذا الحكم صادرا - على ما يقول به المطعون عليهم - فى موضوع غير قابل للتجزئة. ومن ثم فإنه يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان لصدوره على خلاف ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 ذلك أنه رغم أن تلك المادة تقضى بأنه يجوز للنيابة العمومية أن تتدخل فى قضايا الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 وأن عليها أن تتدخل فى كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلا، ورغم أن النزاع أمام المحكمة الاستئنافية كان يدور حول أصل الوقف وإنشائه وشخص المستحق فيه فإن المحكمة المذكورة قضت فى الدعوى دون أن تتدخل النيابة لإبداء رأيها فيها مما يجعل حكمها باطلا.
وحيث إنه لما كان القانون رقم 628 سنة 1955 فى شأن بعض الإجراءات فى قضايا الأحوال الشخصية والوقف التى تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 ينص فى مادته الأولى على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل فى قضايا الأحوال الشخصية التى تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، وعليها أن تتدخل فى كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلا" فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقا بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملا بالقانون رقم 462 سنة 1955 الصادر بإلغاء المحاكم الشرعية، فإن تدخل النيابة يكون واجبا عند نظر هذا النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلا، يستوى فى ذلك أن تكون الدعوى أصلا من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. لما كان ذلك وكان يبين من تدوينات الحكمين المطعون فيهما الصادر أولهما بتاريخ 22 مارس سنة 1961 والصادر ثانيهما فى 24/ 6/ 1961 أن المطعون ضده إذ استأنف الحكم برفض دعواه طالبا إلغاءه والحكم أصليا بأحقيته فى شهر ملكية الأطيان الواردة فى كتاب الوقف وشطب الشهر الحاصل عليها لصالح السيدة زبيده مليحه قد استند فى ذلك إلى "أن الواقفة المرحومة زبيده مليحة حرمت نفسها وذريتها من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وكان استحقاق والده فى الوقف مقابل عوض مالى ولضمان حقوق ثابتة قبلها. ومن ثم فلا يحق لها الرجوع فى الوقف وتؤول ملكية أعيانه إلى المستحق الوحيد وهو المستأنف (المطعون ضده) وفقا لأحكام القانونين رقمى 180 سنة 1952 و48 سنة 1946" وقد أقامت محكمة الاستئناف قضاءها الصادر فى 22 مارس سنة 1961 قبل الفصل فى الموضوع على ما قررته من أنه "يبين من مطالعة المواد الثانية والثالثة والرابعة من القانون رقم 180 سنة 1952 والمادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 أن ملكية أعيان الوقف لا تؤول إلى الواقف إن كان حيا وإنما تؤول إلى المستحقين إذا لم يكن للواقف حق الرجوع فى الوقف، ولا يكون له هذا الحق فى أى من الحالتين الآتيتين: الأولى أن يكون قد حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة لما وقفه، والثانية أن يثبت أن استحقاق ما وقفه لغيره كان بعوض مالى أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف. وقد جاء بالمذكرة التفسيرية بالنسبة لهذه الحالة الثانية أن إثبات ذلك يكون بجميع الأدلة القانونية ومنها القرائن . وبما أن الثابت من مطالعة إشهاد الوقف أن الواقفة المرحومة السيدة زبيدة مليحه قد أوقفت أطيانها موضوع النزاع على زوجها والد المستأنف - المطعون ضده - وعلى أولاده من زوجته الواقفة أو من غيرها على أن يصرف لها بعد وفاة زوجها مبلغ 24 جنيه سنويا من ريع الوقف المذكور مدة حياتها. وجعلت النظر فيه لزوجها المستحق وحرمت نفسها من الشروط العشرة، أى أنها حرمت نفسها من الاستحقاق فى الوقف ومن الشروط العشرة، ولكنها لم تحرم أولادها من المرحوم ابراهيم اليمانى (زوجها) من الاستحقاق فى الوقف، الأمر الذى تعتبر معه الحالة الأولى السالف بيانها غير متوافرة لعدم حرمان أولادها من زوجها المستحق ويشترط لتوافر الحالة الأولى أن يحرم الواقف نفسه وذريته أيا كانوا من الوقف ومن الشروط العشرة بالنسبة لما وقفه. وبما أنه بالنسبة للحالة الثانية فقد استدل المستأنف - المطعون ضده - على أن الوقف كان بعوض مالى بأن الواقفة حرمت نفسها وذريتها من غير زوجها المستحق الأول فى الوقف من الاستحقاق عدا مرتب ضئيل يكفى أودها كما حرمت نفسها من الشروط العشرة وعينت زوجها المستحق الأول ناظرا ووكلته بتوكيل رقم 846 مؤرخ 10/ 4/ 1916 فى جميع مالها وما عليها ولم تستثن من التوكيل العام سوى منزلها المملوك لها والكائن بدرب الأغوات وهو ما اشترته من مالها الخاص كما استدل على ذلك بخطاب مؤرخ 13/ 9/ 1952 موجه من الواقفة إلى المستأنف المطعون ضده - جاء به أن الوقف تم بمعرفة والده وهو المستحق الأول أى أن الوقف كان له ولحسابه وبما أن المستأنف - المطعون ضده - على السبب فى إجراء الوقف باسم المرحومة زبيدة - مع أن ثمن الأطيان المشتراه قبل اشهاد الوقف بثلاثة أيام فقط دفعها الزوج وهو المستحق من ماله الخاص - بأن ذلك لتجنب ادخال هذه الأطيان فى الضمان العام لدائنيه بعد أن قضى بجلسة 26/ 12/ 1957 فى الدعوى رقم 2613 سنة 32 ق بإشهار إفلاسه - وبما أنه نظرا لأن خصوم المستأنف (الطاعنين وآخرين) ينكرون أن الاستحقاق فى الوقف كان بمقابل فترى المحكمة استكمالا لجميع عناصر تقديرها إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى أن استحقاق والد المستأنف - المطعون ضده - فى الوقف كان بعوض مالى ولضمان حقوق ثابتة قبل الواقفة" - وبعد أن سمعت محكمة الإستئناف فى أقوال شهود الطرفين قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف فى شهر حقه فى أعيان الوقف، مستندة فى ذلك إلى ما استخلصته من أقوال الشهود، وإلى ما أوردته بحكمها الصادر بتاريخ 26/ 3/ 1961 وانتهت من ذلك إلى "أن استحقاق والد المستأنف كان بعوض مالى ولضمان حقه قبل الواقفة ومن ثم لا يحق للواقفة الرجوع فى الوقف وتؤول أعيانه إلى المستحق الحالى وهو المستأنف - المطعون ضده - عملا بالمواد 2 و3 و4 من القانون رقم 180 لسنة 1952 والمادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946" - لما كان ما تقدم وكان النزاع أمام محكمة الإستئناف يدور - على ما سلف بيانه - حول ما إذا كانت الواقفة قد حرمت نفسها وذريتها من الاستحقاق ومن الشروط العشرة وما إذا كان الوقف قد أنشئ مقابل عوض مالى أو لضمان حق ثابت قبل الواقفة وذلك لتحديد ما إذا كان للواقفة حق بالرجوع فى الوقف من عدمه وبيان شخص المستحق الذى تؤول إليه ملكية ما انتهى فيه الوقف تبعا لطبيعة استحقاقه وتحديد صفته فيه - وكانت هذه المسائل كلها متعلقة بالوقف من حيث إنشائه وشروطه ويستوجب بحثها الخوض فى تفسير عبارات كتاب الوقف ويطبق فى شأنها القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف، وكان الاختصاص بنظرها للمحاكم الشرعية طبقا للمادة الثامنة من لائحة ترتيب تلك المحاكم والفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من القانون رقم 180 سنة 1952 بعد تعديله بالقانون رقم 399 لسنة 1953 التى تقضى باستمرار المحاكم المذكورة فى نظر دعاوى الاستحقاق التى ترفع فى شأن الأوقاف التى انتهت، وقد خصت بنظرها - بعد إلغاء المحاكم الشرعية - دوائر الأحوال الشخصية فى نطاق التنظيم الداخلى لكل محكمة - لما كان ذلك فإنه يتعين تدخل النيابة العامة فى الدعاوى لابداء رأيها فيها حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية. وإذ قضت محكمة الاستئناف بحكميها الصادر أولهما فى 26/ 3/ 1961 وثانيهما فى 24/ 6/ 1961 دون تدخل النيابة لإبداء رأيها، فإنه ينبنى على ذلك بطلان هذين الحكمين عملا بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 مما يتعين معه نقضهما لهذا السبب دون حاجة لبحث الأسباب الأخرى.


[(1)] نقض 3 ديسمبر سنة 1964 مجموعة المكتب الفنى السنة 15 ص 1127.