أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1179

جلسة 18 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وابراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

(162)
الطعن رقم 30 لسنة 34 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. "الأهلية". "عوارض الأهلية". "السفه". "ماهيته". أهلية. "عوارض الأهلية". "السفه". "ماهيته".
السفه. تبذير المال وإتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا صحيحا. ضوابطه. خفة تعترى الإنسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى العقل والشرع.
السفه هو تبذير المال وإتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا صحيحا [(1)] وهو فكرة معيارية تبنى بوجه عام على إساءة استعمال الحقوق ومن ضوابطه أنه خفة تعترى الإنسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى العقل والشرع. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على تقريرات ليس فيها ما ينبئ عن إنفاق المال وإتلافه على غير ما يقتضيه العقل والشرع ولا يتحقق بها مقتضاه إذ هى لا تنطوى على خفة وإساءة استعمال الحقوق بل تكشف عن خصومة يتدافعها طالب الحجر والمطلوب الحجر عليها ولم يكن طلب الحجر إلا حلقه منها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أنه بتاريخ 15/ 11/ 1962 تقدم الدكتور ماهر يسرى عن نفسه وبصفته وليا على ولديه أموزيس ومنيس إلى نيابة الأزبكية للأحوال الشخصية بطلب توقيع الحجر على زوجته السيدة نيوتكريس أمين جريس - أمل أمين محمد - وتضمن هذا الطلب أنه تزوجها رقيقة الحال فى سنة 1947 وعهد إليها بالإشراف على أعماله ومنها إدارة صيدليتين إحداهما بالقناطر الخيرية والأخرى بالقاهرة ومعمل لإنتاج المواد الكيماوية بشارع رمسيس وأودع لحسابها مبالغ فى بنك مصر كما أنشأ لها دارا للتجميل وصالون حلاقة للسيدات بعمارة رمسيس بلغت تكاليفها حوالى ثلاثة آلاف جنيه ولها فرع فى رأس البر واستأجر لحسابها شقة فى ذات العمارة بقصد استغلالها سياحيا بلغت تكاليفها ألف وخمسمائة جنيه واشترى لها سيارة بمبلغ ألفى جنيه وحرر لصالحها بوليصتى تأمين إحداهما بمبلغ 1000 ج والأخرى بمبلغ 4000 ج وأنها بعد ثرائها انحرفت وهجرت منزل الزوجية وأخذت فى تبديد أموالها، وحققت النيابة الطلب، وفى التحقيق أضاف الدكتور ماهر أنه أودع لحسابها فى بنك مصر حوالى خمسة عشر ألف جنيه وبفرع البنك بعمارة رمسيس حوالى خمسة آلاف جنيه ولها فى صندوق توفير البريد مبالغ أخرى وأنها تملك دار التجميل وصالون الحلاقة وأثاث الشقة المعدة للاستغلال السياحى ونصف أجزخانة القاهرة والمعمل الكيماوى وأنها جنحت إلى تبديد أموالها والعبث بها على وجه يؤكد أن ثمة عوامل خارجية سيطرت على حياتها وسلبت إرادتها إذا استولت على مبلغ 420 ج من إيراد صيدلية القاهرة وزعمت أنه سرق وتبين من التحقيق أن السرقة لم تحدث وبددت مبلغ 65 ج إستولت عليه من هذا الإيراد ولم يكن يعرف سبب لهفتها على المال وانفاقه إلى أن علم أنها على صلة بآخر ضبطها فى منزله وطلب تعيين مدير مؤقت لإدارة أموالها، وقرر شقيقها الأستاذ رمسيس أمين أنها أقدمت على مشروعات تجارية أنفقت فى سبيلها مالا كثيرا وضيعت بعض أموالها ووافق على طلب الحجر وتعيين شقيقها الدكتور فيكتور قيما عليها نظرا لما بينها وبين زوجها من قضايا ومنازعات، كما قرر شقيقها الدكتور فيكتور إنها أنفقت مبالغ طائلة على دار التجميل والشقة التى استأجرتها ولا يعلم شيئا عن حالتها المالية ووافق على طلب الحجر واعترض على ترشيح الدكتور ماهر للقوامة، وردت السيدة نيوتكريس بأنها تملك نصف الصيدلية، ودار التجميل وأثاث الشقة بعمارة رمسيس وسيارة ومبلغ ثلاثة آلاف جنيه كان مودعا بنك مصر وسحبته وكانت تعمل بالصيدلية بمرتب 50 ج وتدر عليها ربحا شهريا 50 ج بخلاف 30 ج من الصالون وكانت تنفق على نفسها وعلى مشروعاتها وأن النزاع بينما وبين زوجها نشأ بسبب استيلائه على إيراد الصيدلية وأشارت إلى وجود قضايا ومنازعات بينها وبين زوجها، وقيد هذا الطلب برقم 31 ب سنة 1963 القاهرة الإبتدائية للأحوال الشخصية وبتاريخ 14 أبريل سنة 1963 قررت المحكمة حضوريا رفض الطلب وألزمت الطالب بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
واستأنف الدكتور ماهر هذا القرار لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الإستئناف برقم 25 سنة 80 قضائية، وكذلك استأنفته النيابة العامة وقيد استئنافها برقم 26 سنة 80 قضائية، وقررت المحكمة ضم الإستئنافين وأثناء نظرهما طلب الدكتور ماهر تعيينه مديرا مؤقتا لأموال المطلوب الحجر عليها إلى أن يفصل فى الموضوع. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1963 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وبرفض طلب المستأنف فى الاستئناف رقم 25 سنة 80 قضائية تعيين مدير مؤقت على أموال المطلوب الحجز عليها وأبقت الفصل فى المصاريف، ثم عادت وبتاريخ 24 يونيه سنة 1946 فحكمت حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبتوقيع الحجر على السيدة أمل أمين محمد وتعيين الدكتور ماهر يسرى قيما عليها وإعادة الأوراق إلى محكمة القاهرة الإبتدائية للأحوال الشخصية للسير فى الإجراءات وألزمت القيم من مال المحجور عليها بمصروفات الدرجتين.
وطعنت السيدة أمل فى هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم المطعون عليه الأول رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالحجر على أن الطاعنة تتفق المال على غير مقتضى العقل والشرع واستدل على ذلك بأدلة غير منتجة هى أنها: ( ا ) ادعت فى 5/ 7/ 1962 سرقة مبلغ 420 جنيها كان محفوظا فى دولاب فى حجرة المعمل ولما أجرى التحقيق واتضح عدم إسناد التهمة لأحد عادت وفى 6/ 7/ 1962 فقررت أنها عثرت عليه. (2) استولت على مبلغ 65 جنيها من إيراد الصيدلية دون أن تكون مأذونة فى ذلك واتهمها زوجها بتبديده فى التحقيقات رقم 5020 سنة 1962 إدارى السيدة. (3) تبين من كشف حساب بنك مصر أن رصيدها فى أول سنة 1962 كان دائنا فى مبلغ 6078 ج و369 وانكمش إلى مبلغ 49 ج و728 م فى أكتوبر من نفس السنة وظل كذلك إلى منتصف سنة 1963 ولما ناقشتها المحكمة فى مصير المبالغ التى سحبتها زعمت أنها أنفقتها فى الصيدلية والمشروعات الأخرى حالة أنها ليست مديرة الصيدلية ومن غير المعقول أن تقوم بتمويل الصيدلية من رصيدها الخاص كما أن دار التجميل افتتحت فى 23/ 8/ 1959 ثم عادت وقررت أن هذه المبالغ موجودة ولا يمكنها الإرشاد عنها وهذا التناقض يؤكد أنها تصرفت فيها على وجه يحرجها أن تصرح به. (4) عمدت إلى تدمير المعمل الكيماوى وزعمت أنها حولته إلى ورشة ولم تبين وجه هذا التحويل ولم تقدم الدليل عليه. (5) نقلت دار التجميل إلى مصر الجديدة بعد أن أنفقت مبالغ طائلة فى إعدادها. (6) أنشأت سكنا سياحيا ولم تبين وجه الفائدة التى عادت عليها منه. (7) استأجرت مسكنا بمصر الجديدة وزودته بأثاث فاخر وحولت عقد إيجاره إلى ذات الشخص الذى حامت حوله شبهات الزوج. (8) شهادة شقيقيها رمسيس وفيكتور وهى سابقة على إشهار إسلامها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وفساد فى الإستدلال، إذ السفه هو تبذير المال وإنفاقه على غير مقتضى العقل والشرع ولازم هذا أن لأن شأن للسفه بغير انفاق المال وبما يعترض العلاقات الزوجية من شقاق واضطراب وأن مجرد انفاق المال لا يوجب الحجر بل يجب أن يثبت على وجه اليقين أنه كان على غير ما يوحى به العقل والشرع والدليل على ذلك يلزم طالب الحجر لا المطلوب حجره بحيث لا يكلف بإقامة الدليل على الأوجه السابقة التى أنفق فيها ماله، وهذه القواعد القانونية لم يفطن لها الحكم المطعون فيه وخالفها من وجوه (أولها) أنه جمع بين تصرفات الطاعنة والشقاق القائم والمستحكم فى العلاقات الزوجية وهو أمر خارج عن نطاق الدعوى ونطاق الحجر للسفه وتبذير المال وقد أثبت التحقيق كذب بلاغ المطعون عليه بشأن سلوكها. (وثانيها) أنه اتخذ من واقعة الادعاء بفقد مبلغ ال 420 ج دلالة على السفه وهى واقعة لا تحوى دليلا على إنفاق المال فى غير ما يسمح به العقل والشرع كما اتخذ من استيلاء الطاعنة على مبلغ ال 65 ج من إيراد الصيدلية دلالة على السفه مع أنها تملك فيها النصف ومرتبها وحصتها فى الربح حوالى المائة جنيه شهريا (وثالثها) أنه عول فى قضائه على كشوف حساب البنك وما جاء فيها من أن رصيد الطاعنة فى أول سنة 1962 كان حوالى 6000 ج ثم انكمش فى أكتوبر إلى 49 ج وأنها تناقضت حين قالت أنها صرفت المبلغ فى مشروعاتها ثم عادت فقالت أنه موجود وهذا التناقض يفيد أنها تصرفت فيه على وجه يحرجها أن تصرح به - مع أن مجرد سحب المبلغ لا يعتبر دليلا على السفه بل العبرة بثبوت إنفاقه فيما لا يقره العقل والشرع وهو ما لم يثبت والطاعنة لا يلزمها الدليل على وجوه إنفاقه وهى تمارس أعمالا تجارية ومالية من شأنها أن يكون تحت يدها مال سائل للانفاق منه والثابت من أوراق الدعوى أنها واجهت عدة مواقف تستدعيه منها نقل صالون التجميل إلى مصر الجديدة بعد أن شاغبها المطعون عليه ووضع يده عليه ونفقات التقاضى ومغارمه والمنازعات القضائية بينهم ومنها دعوى الطاعة ودعوى رد حيازة الصالون ودعوى مطالبة المطعون عليه بمبلغ 1000 ج ودعوى التطليق ودعوى التزوير ودعوى حساب الصيدلية ودعوى الجنحة المباشرة عن القذف ودعوى النفقة. (ورابعها) أنه استند فيما استند إليه إلى أن الطاعنة عمدت إلى تدمير المعمل الكيماوى ولما ناقشتها المحكمة زعمت أنها حولته إلى ورشة ولم تبين وجه التحويل، مع أنها أنكرت وجوده وقالت أن المكان المقصود هو مخزن لما لا قيمة له من الأدوات ورأت من حسن التصرف أن تستغله فيما يفيد فأجرته ورشة نجارة كما استند إلى أنها بعد أن أنفقت مبالغ طائلة على صالون التجميل عمدت إلى نقله إلى مصر الجديدة، وهو استدلال غير سائغ لأن الصالون يقع فى صندرة فوق الصيدلية ولما استحكم الخلاف وادعى المطعون عليه أنه المالك للصالون ووضع اليد عليه ومنع الطاعنة من الاتصال به وطرح الأمر على القضاء وحكم لمصلحتها ولما أرادت استلامه واستئناف العمل فيه أخذ يشاغبها ويشاغب عملاءها، وكل هذه التصرفات كانت تحتم على الطاعنة إن أرادت لمشروعها الخير أن تنقله إلى مكان آخر. (وخامسها) أنه استند إلى أن الطاعنة أنشأت سكنا سياحيا ولن تبين وجه الفائدة التى تعود عليها منه وهو مرود بأن طالب الحجر يقرر أنه هو الذى أنشأ المسكن وزوده بالأثاث اللازم لاستغلاله والتصرف فى ذاته لا يعتبر من مظاهر السفه. بل هو استغلال عادى متعارف عليه يدل على رجحان عقل من يسعى إليه وقد استأجرت الطاعنة المسكن من شركة مصر للتأمين وأجرته من باطنها لمكتب الخدمات العامة وربحت من وراء ذلك حوالى عشرين جنيها فى الشهر وعلى فرض أنه لم توفق فى استغلاله فهذا لا يعيب تصرفها شأن أى عمل تجارى يحتمل الكسب والخسارة وليس من المقبول أن ينسب التصرف إلى السفه فى الحالة الأخيرة وإلا كان كل تاجر لا يحالفه النجاح سفيها يستأهل الحجر. (وسادسها) أنه استند إلى أن الطاعنة استأجرت مسكنا فى مصر الجديدة واثثته بأثاث فاخر وحولت الإيجار للشخص الذى حامت حوله شبهات الزوج، وهو مردود بأن طالب الحجر لا يدعى أن الأثاث أعطى لذلك الشخص وفى الأوراق ما يثبت أنها استلمته وأخلت المسكن وليس فى هذا التصرف ما يدل على التبذير وإنفاق المال فى وجه غير مشروع. (وسابعها) أنه استند إلى أقول شقيقى الطاعنة وموافقتهما على طلب الحجر وهى لا تنبئ عن سفه ولا تكفى مسوغا له وكان على الحكم أن يمحصها ويراجعها لأن مقتضيات العمل التجارى يقدرها صاحب الشأن. (وثامنها) أنه أغفل مواجهة الأدلة القائمة فى الدعوى وهى لا تقف عند حد نفى حالة السفه بل تؤكد حسن تدبير الطاعنة للمال وحرصها فى انفاقه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن السفه هو تبذير المال وإتلافه فيما لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا صحيحا وهو فكرة معيارية تبنى بوجه عام على إساءة استعمال الحقوق ومن ضوابطه أنه خفة تعترى الإنسان فتحمله على العمل على خلاف مقتضى العقل والشرع. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتوقيع الحجر على الطاعنة مستندا فى ذلك إلى أن "الثابت من تحقيقات الشكوى رقم 2804 سنة 1962 إدارى الأزبكية أنها إدعت بفقد مبلغ 420 ج كان محفوظا فى دولاب بحجرة المعمل وأنها قد شاهدته لآخر مرة فى الساعة 12 من ظهر يوم 5/ 7/ 1962 فى حين اكتشفت سرقته حوالى السادسة مساء من نفس اليوم واتجهت بالإتهام إلى عمال الصيدلية وبعد أن سار التحقيق شوطا بعيدا إدعت يوم 6/ 7/ 1962 أنها عثرت على المبلغ فى حقيبة يدها - وترى المحكمة - من سياق مسلك المستأنف ضدها وعدم إنسجام أقوالها مع المنطق والمألوف ما يرجع أنها عمدت إلى الإستيلاء لنفسها على هذا المبلغ الأمر الذى يدل عليه رفعه من مكانه بالدولاب الموجود بالمعمل ووضعه فى حقيبة يدها فلما اجمع من سئلوا فى التحقيق على أن أحدا لم يسرق شيئا إضطرت إلى الإدعاء بأنها عثرت عليه - وهى على أى حال لم تدع بإعادة المبلغ إلى مكانه ليكون تحت تصرف زوجها" وأن "الثابت من التحقيقات رقم 5020 سنة 1962 إدارى السيدة أنها استولت من إيرادات الصيدلية على مبلغ 65 ج دون أن تكون مأذونة فى ذلك" وأنه يبين "من مطالعة كشف الحساب الجارى للسيدة المستأنف عليها طرف بنك مصر أن رصيدها كان دائنا للبنك حتى أول سنة 1962 فى مبلغ 6078 ج و369 م وانكمش إلى مبلغ 49 ج و728 م فى اكتوبر من نفس السنة وظل كذلك حتى منتصف سنة 1963 ولما ناقشت المحكمة المستأنف ضدها فى مصير هذه المبالغ الكبيرة التى سحبتها زعمت أنها أنفقتها فى الصيدلية والمشروعات الأخرى حالة أن الثابت أنها ليست مديرة الصيدلية وإنما مجرد رئيسه قسم المبيعات، ومن غير المعقول أن تقوم بتمويل الصيدلية من رصيدها الخاص كما أن دار التجميل افتتحت فى 23 من أغسطس سنة 1959" وأنها فى حين تقرر إنفاق المبلغ فى المشروعات إذا بها فى المذكرات تقرر أنه "موجود ولا يمكنها الإرشاد عنه وفى هذا التناقض ما يؤكد أنها تصرفت فيه على وجه يخرجها أن تصرح به" وأنها "عمدت إلى تدمير المعمل الكيماوى ولما ناقشتها المحكمة فى ذلك زعمت أنها حولته إلى ورشة نجارة ولم تبين وجه هذا التحويل "وأنها "بعد أن أنفقت مبالغ طائلة فى إعداد دار التجميل عمدت إلى نقلها إلى مصر الجديدة بحجة أن المستأنف قد منعها من دخولها مع أنها تحصلت على حكم استئنافى مستعجل بإعادة تمكينها من استلام هذه الدار ومن ثم لم يكن هناك موجب لنقل الدار إلى مكان آخر وتدمير زخارفها وضياع ما أنفق فيها وما يقتضيه النقل والمكان الجديد من إعداد ومصروفات باهظة" وأنها "بعد أن أنشأت مسكنا سياحيا وتكلفت فى سبيل ذلك مصروفات باهظة لم تبين الفائدة التى عادت عليها من ذلك بل لم تقدم أى عقد يفيد استغلالها لهذا المسكن" "الأمر الذى ينم عن أنها تنفق المال على غير مقتضى العقل والشرع" وأنها "استأجرت مسكنا فى مصر الجديدة وزودته بأثاث فاخر وسرعان ما حولت عقد الإيجار إلى ذات الشخص الذى حامت حوله شبهات الزوج وقيل أنه ذو أثر عليها ولم تبين السيدة علة استئجار هذا المسكن وتأثيثه ثم تحويل العقد إلى الغير" وأن شقيقيها "شهدا بتحقيق النيابة بأنها تنفق المال دون تعقل وأن من الخير لها أن يوقع الحجر عليها صيانة لما لها ولأولادها وغير صحيح أن الشاهدين قد حقدا عليها لإشهار إسلامها ذلك لأن أقوالهما صدرت عنهما منذ البداية فى الخطاب الذى بعث به أحد الشقيقين إلى شقيقه الآخر فى 14 نوفمبر سنة 1962 فى حين أن المستأنف ضدها لم تشهر إسلامها إلا فى شهر ديسمبر سنة 1962" ثم خلص مما تقدم "ومن تصرفات المستأنف ضدها وسلوكها وأقوال شقيقيها أنها تنفق المال على غير مقتضى العقل والشرع مما يستوجب توقيع الحجر عليها للسفه"، وهذه التقريرات من الحكم ليس فيها ما ينبئ عن إنفاق المال وإتلافه على غير ما يقتضيه العقل والشرع ولا يتحقق بها مقتضاه إذ هى لا تنطوى على خفة وإساءة استعمال الحقوق بل تكشف عن خصومة يتدافعها طالب الحجر والمطلوب الحجر عليها ولم يكن طلب الحجر إلا حلقة منها - إذ كان ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثانى.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ولما جاء فى الحكم الابتدائى من أن "الواقع فى الطلب والذى لا جدال فيه أن المطلوب الحجر عليها ذات نشاط تجارى واسع النطاق فهى تملك دارا للتجميل وتقاسم زوجها الطالب فى ملكية صيدلية ومعمل كيماوى وتستغل شقة سياحيا على حد قول زوجها الطالب بطلبه وهذا النشاط التجارى المتعدد يعود عليها بأرباح وفيرة ومن مقتضيات هذا النشاط أن يتداول بين يديها مبالغ كثيرة كما أنه من جهة أخرى فإن المنازعات والخصومات قد احتدمت فيما بين الطالب وزوجته المطلوب الحجر عليها وكان من جراء ذلك تبادل البلاغات والاتهامات والاختصام فى قضايا" وأن "معالم كل من الولاية على المال والولاية على النفس واضحة وجلية فيجب التفرقة بينها فضلا عن أنه يجب عدم الخلط بين الولاية على المال ووجود ثمة منازعات مدنية فالزوجة شرعا لها الولاية على مالها وأهليتها كاملة لا تنتقص ولا يحد منها ولا تعدم إلا إذا قام بها عارض من عوارض الأهلية من عته أو جنون أو سفه أو غفلة" وأن "الذى ساقه الطالب بطلبه من تصرفات نسبها المطلوب الحجر عليها باتخاذها دارا للتجميل ومقاسمتها إياه فى ملكية الصيدلية ومعمل كيماوى مثل هذا النشاط التجارى لا ينبئ عن سفه وإنما يدل على ممارسة المطلوب الحجر عليها لعمل تجارى يعود عليها بربح وفير. أما الشكاوى الإدارية التى أشار إليها الطالب والتى احتوتها حوافظ المستندات فلا يستدل منها أيضا على سفه المطلوب الحجر عليها فليس ثمة إذن واقعة محددة تتخذ ذريعة للقول بسفه المطلوب الحجر عليها أما ما تضمنه الخطاب المتداول بين شقيقى المطلوب الحجر عليها والمنوه عنه فيهدره ما قرره شقيقاها عند سؤالهما بمحضر تحقيق النيابة من أن الصلات بينهما وبين المطلوب الحجر عليها ضعيفة وأنهما ليسا على علم بحالتها المالية كما قررت المحجور عليها فى هذا الخصوص أن ما دفع شقيقاها لتحرير هذا الخطاب جهرها برغبتها فى الإسلام واتخاذها إجراءات إشهار إسلامها فكان أن أراد شقيقاها بأن يحولا بينها وبين ذلك وهدداها بتوقيع الحجر عليها إن هى أسلمت فواقع الحال إذن أن السفه ليس له ما يسنده من تصرفات المطلوب الحجر عليها فالقول بأنها تبذر فى مالها وتتلفه بإنفاقه على غير مقتضى العقل والشرع وهذا معنى السفه ومبناه. هذا القول عار عن الدليل إذ أن إقدامها على الأعمال التجارية التى تعود عليها بربح كثير ووجود منازعات وخصومات وقضايا بينها وبين زوجها الطالب لا ينبئ هذا كله عن سفه المطلوب الحجر عليها فلا يستدل منها عن نقص فى تمييز المطلوب الحجر عليها فى دائرة التصرفات المالية كمعنى السفه وعلى ذلك فطلب الحجر لم يصادف موجبا يوجبه" فإنه يتعين تأييده.


[(1)] نقض 2/ 6/ 1966. الطعن رقم 31 لسنة 33 ق "أحوال شخصية". السنة 17 ص 237 ونقض 20/ 6/ 1957. الطعن رقم 2 لسنة 26 ق "أحوال شخصية". السنة 8 ص 619.