مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 659

جلسة 12 مارس سنة 1945

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك وجندي عبد الملك بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

(523)
القضية رقم 653 سنة 15 القضائية

( أ ) تزوير. الحالات التي أوردها الشارع في المادة 216 ع وما يليها هي استثناء لا يصح القياس عليه. المادة 217. حكمها لا يسري إلا على أوراق المرور وجوازات السفر. لا يتناول الأوراق التي تعطيها مصلحة السكة الحديدية للترخيص في استخدام قطاراتها في الأسفار بأجر أو بغير أجر. تزوير تذكرة سفر بقطارات السكة الحديد بتغيير التاريخ الموضوع عليها. معاقب عليه بالمادتين 211 و212.
(المواد 179 و180 و184 و185 ع = 211 و212 و216 و217)
(ب) استئناف. حكم غيابي ابتدائي. عدم استئناف النيابة. استئناف النيابة الحكم الصادر في المعارضة بتعديل الحكم الغيابي إلى أخف. ليس للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بعدم الاختصاص على أساس أن الواقعة جناية أو أن تتجاوز عن العقوبة المحكوم بها غيابياً.
1 - إن قانون العقوبات إذ بدأ في باب التزوير بالأوراق الرسمية وعدّ التزوير فيها جناية قررّ لها عقوبة الأشغال الشاقة أو السجن (المواد 211 - 214) ثم بالتزوير في الأوراق العرفية وعده جنحة جعل عقوبتها الحبس مع الشغل (المادة 215)، وإذ نص بعد هذا في المواد 216 وما يليها على التزوير في حالات معينة وحدّد له، لاعتبارات قدّرها الشارع، عقوبة مخففة، من ذلك ما جاء بالمادة 217 من أن "كل من صنع تذكرة مرور أو تذكرة سفر مزوّرة (fausse feuille de route ou faux permis de route ou passeport) أو زوّر في ورقة من هذا القبيل كانت صحيحة في الأصل، أو استعمل إحدى الأوراق المذكورة، مع علمه بتزويرها، يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصرياً". وإذ أفصح في المادة 214 عن أنه "لا تسري أحكام المواد 211 - 215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216 - 222 وعلى أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين عقوبات خاصة"، فقد دل على أن الحالات التي أوردها في المواد 216 وما يليها إنما هي استثناء من الأصل لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه، كما دل في ذات الوقت، في غير ما لبس ولا غموض، على أن حكم المادة 217 المذكورة لا يسري إلا على أوراق المرور وجوازات السفر أي الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرّية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر بغض النظر عن الأسماء التي اصطلح على تسمية هذه الأوراق بها، ولا يتناول الأوراق التي تعطيها مصلحة السكك الحديدية للترخيص في استخدام قطاراتها في الأسفار بأجر أو بغير أجر، وذلك أيضاً بغض النظر عن الأسماء التي تطلق عليها. وإذن فإذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهم زوّر تذكرة سفر بقطارات السكك الحديدية بطريقة تغيير التاريخ الموضوع عليها، فإن عقابه على ذلك لا يصح أن يكون بمقتضى المادة 217 ع بل يجب أن يكون بمقتضى المادتين 211 و212 على أساس أنه يكوّن جناية تزوير في أوراق رسمية ولا يدخل في الاستثناء سالف الذكر.
2 - إذا كان الحكم الابتدائي قد صدر غيابياً بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل ولم تستأنفه النيابة بل استأنفت الحكم الصادر في المعارضة بتعديله إلى أخف، فإن المحكمة الاستئنافية لا يكون لها، بمقتضى القانون، أن تحكم - بناء على هذا الاستئناف - بعدم اختصاصها على أساس أن الواقعة جناية، أو أن تتجاوز حدّ العقوبة المحكوم بها غيابياً.


المحكمة

وحيث إن النيابة العمومية تستند في طعنها إلى القول بأن تذاكر السفر في السكك الحديدية لا تدخل في حكم المادة 217 من قانون العقوبات لأن هذه المادة لم يقصد بها تصريح السفر وجوازاته أي الباسبورتات، كما يدل على ذلك عبارة النص الفرنسي لها. وإذن فإن تغيير الحقيقة في تلك التذاكر يكون تزويراً في أوراق رسمية معاقباً عليه بعقوبة الجناية، لا جنحة في حكم المادة المذكورة.
ولذلك فقد كان واجباً على محكمة الجنح أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأن الواقعة جناية.
وحيث إن واقع الحال أن الدعوى العمومية رفعت على المتهم وآخر أمام محكمة الجنح بأنهما "زوّرا تذكرتي سفر على قطار سكة حديد الحكومة المصرية من محطة الإسكندرية إلى محطة دمنهور". ومحكمة أوّل درجة أدانت المتهم بمقتضى المادة 217 من قانون العقوبات وعاقبته غيابياً في 27 مارس سنة 1943 بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور. وفي المعارضة قضت في 22 يناير سنة 1944 بتعديل الحكم الغيابي والاكتفاء بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل. فاستأنف هذا الحكم في 20 من يناير سنة 1944 كما استأنفته النيابة في 24 من ذلك الشهر. والمحكمة الاستئنافية قضت بالحكم المطعون فيه بتغريم المتهم 500 قرش وقالت "إن الحكم المستأنف في محله من جهة الثبوت للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة ويلاحظ أن النص الفرنسي للمادة 217 عقوبات ورد فيه ما ترجمته باسبور لتذكرة السفر، والمحكمة لا تعوّل على الترجمة الفرنسية لقانون العقوبات الجديد لأن العبرة بالنص العربي الذي عرض على البرلمان ووافق عليه فهو الواجب الأخذ به بخلاف النص الفرنسي فلم يكن محل بحث، خصوصاً وأن النص العربي عام يشمل الباسبور وغيره من تذاكر السفر، وهو صريح لا لبس فيه ولا إبهام فلا محل لقصر تذكرة السفر على الباسبور عملاً بالنص الفرنسي دون العربي الذي جاء في مصلحة المتهم إلا أنه من جهة العقوبة ترى المحكمة تعديلها نظراً لكبر سنّ المتهم ولعدم وجود سوابق له".
وحيث إن قانون العقوبات إذ بدأ في باب التزوير بالأوراق الرسمية وعدّ التزوير فيها (المواد 211 و212 و213 و214) جناية قرّر لها عقوبة الأشغال الشاقة أو السجن، ثم بالتزوير في الأوراق العرفية وعدّه (المادة 215) جنحة جعل عقوبتها الحبس مع الشغل، وإذ نص بعد هذا في المواد 216 وما يليها على التزوير في حالات معينة وحدّد له عقوبة مخففة لاعتبارات قدّرها الشارع، ومن ذلك ما جاء بالمادة 217 من أن كل من صنع تذكرة مرور أو تذكرة سفر مزوّرة Fausse feuille de route ou faux permis de route ou passeport أو زوّر في ورقة من هذا القبيل كانت صحيحة في الأصل، أو استعمل إحدى الأوراق المذكورة مع علمه بتزويرها يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيهاً مصرياً" وإذ أفصح في المادة 224 عن أنه "لا تسري أحكام المواد 211 و212 و213 و214 و215 على أحوال التزوير المنصوص عليها في المواد 216 و217 و218 و219 و220 و221 و222 وعلى أحوال التزوير المنصوص عليها في قوانين عقوبات خاصة" فقد دل على أن الحالات التي أوردها في المواد 216 وما يليها إنما هي استثناء من الأصل لا يصح التوسع فيه أو القياس عليه، كما دل في ذات الوقت في غير ما لبس ولا غموض على أن حكم المادة 217 المذكورة لا يسري إلا على أوراق المرور وجوازات السفر أي الأوراق الخاصة برفع ما يكون عالقاً من القيود بحرّية الأشخاص في التنقل من مكان إلى آخر بغض النظر عن الأسماء التي اصطلح على تسمية هذه الأوراق بها ولا تتناول الأوراق التي تعطيها مصلحة السكك الحديدية بالترخيص في استخدام قطاراتها في الأسفار بأجر أو بغير أجر. وذلك أيضاً بغض النظر عن الأسماء التي تطلق عليها.
وحيث إنه متى كان ذلك كذلك وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المتهم اجترأ على تزوير تذكرة سفر بقطارات السكك الحديدية بطريقة تغيير التاريخ الموضوع لها عليها فإن عقابه على ما وقع منه لا يصح أن يكون بمقتضى المادة 217 من قانون العقوبات، كما قال الحكم، بل يجب أن يكون بمقتضى المادتين 211 و212 على أساس أنه يكون جناية تزوير في أوراق رسمية لا يدخل في الاستثناء السالف الذكر.
وحيث إنه لما كان الحكم الابتدائي قد صدر غيابياً بحبس المتهم لمدّة ستة شهور مع الشغل، وكانت النيابة لم تستأنفه بل استأنفت الحكم الصادر في المعارضة بتعديله إلى أخف فإن المحكمة الاستئنافية لا يكون لها بمقتضى القانون أن تحكم بناء على هذا الاستئناف بعدم اختصاصها على أساس أن الواقعة جناية أو تتجاوز حدّ تلك العقوبة المحكوم بها غيابياً. ولذلك فإن هذه المحكمة مع قضائها بنقض الحكم المطعون فيه لأن الواقعة جناية لا يصح الحكم فيها بغرامة - كما مر القول - تحكم على المتهم في موضوع الدعوى بعقوبة الحبس الواجب قانوناً توقيعها ولكنها ترى من الظروف والملابسات أن يكون الحبس مع الشغل ولمدّة ثلاثة شهور فقط.