أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 781

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وبهيج القصبجي ومصطفى صادق.

(120)
الطعن رقم 1468 لسنة 61 القضائية

(1) ضرب "أفضى إلى موت". ظروف مشددة. ظروف مخففة. عقوبة "العقوبة المبررة". اتفاق جنائي. سبق إصرار. نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم خطأه في استظهار ظرفي سبق الإصرار أو الاتفاق غير مجد متى كانت العقوبة التي أوقعها مقررة لجريمة الضرب بأداة مجردة من أي ظرف مشدد.
تقدير مبررات الرأفة طبقاً للمادة 17 عقوبات. العبرة فيه بالواقعة الجنائية ذاتها لا وصفها القانوني.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في الشهادة. أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها. كفاية أن تكون من شأنها أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير.
اعتماد الحكم على تقرير بني على الترجيح. لا يعيبه.
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها.
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب "أفضى إلى موت".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي.
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(6) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات التحقيق".
الطلب الجازم. ماهيته؟
مثال لما لا يعد طلباً جازماً.
1 - إن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار سبق الإصرار أو الاتفاق والتدليل على أي منهما - بفرض صحة منعاه في هذا الصدد يكون غير مجد ما دامت العقوبة المقضى بها عليه وهي الحبس لمدة ثلاث سنوات، مقررة في القانون لجريمة الضرب بأداة المنطبق عليها نص الفقرة الأخيرة من المادة 242 من قانون العقوبات، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من القانون ذاته، ذلك بأنها قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية بصرف النظر عن وصفها القانوني، ولو أنها قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها كانت تقتضي منها النزول بالعقوبة إلى ما دون الحد الذي ارتأته، لما منعها من ذلك الوصف الذي أسبغته عليها.
2 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، منتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها. وإذ كان ما أثبته الحكم - على ما سلف بسطه - يؤدي في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ما انتهى إليه ورتب عليه مساءلة الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يضحى من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل يخضع لسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وأنه لا يعيب الحكم اعتماده على تقرير بني على الترجيح لا القطع، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون مردوداً إذ الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدت لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وعن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فقد خلت الأوراق من دليل يثبت توافره بل إن الثابت للمحكمة أن المتهم والطاعن - هو الذي بادر بالاعتداء، فلا يحق له أن يتمسك بالدفاع الشرعي، ولا تطمئن المحكمة لأقواله بأن المجني عليه أحدث إصابة رضية برأسه، وتطرحها إذ لم يساندها شاهد تطمئن إليه المحكمة، ومن ثم يكون الدفع قائماً على غير سند من واقع أو قانون جديراً بالرفض". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر في دفاعه ما ذهب إليه في أسباب طعنه من عدم قدرته على الاعتداء فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها.
6 - لما كان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أقوال الشهود قد تليت بالجلسة وقد اكتفى الدفاع عن الطاعن بذلك وضمن مرافعته "أن التحقيق حدث فيه قصور لأن الجمالين لم يسألا في القضية" دون أن يطلب مناقشة أي من الشهود واختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن. فإن ما أثاره الطاعن في دفاعه على هذا النحو، لا يعد طلباً لسماع الشهود ولا يعدو في حقيقته أن يكون تعييباً لتحقيق النيابة العامة بما يراه فيه من نقص لم يتمسك بطلب استكماله، ويضحى من ثم ما ينعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب - وآخر سبق الحكم عليه غيابياً - ........ عمداً بعصا (شوم) على صدره وبطنه ويديه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر قبل المتهم بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن واقعة الدعوى كما صورها الحكم لا يتوافر فيها سبق الإصرار أو الاتفاق بين المتهمين على مقارفة الاعتداء على المجني عليه والثابت من التقرير الطبي أن بعض الإصابات التي لحقت بالمجني عليه ليس من شأنها أن تؤدي إلى موته، وخلا الحكم من بيان إصاباته تحديداً ومحدث كل منها وأي منها قد أدى إلى موته، وعول الحكم في قضائه على تقرير الصفة التشريحية على الرغم من أنه بني على الجواز وغير قاطع فيما خلص إليه واكتفي بإيراد نتيجته، وقام دفاع الطاعن على أن الواقعة بفرض صحتها - من قبيل الدفاع الشرعي عن النفس بدلالة الإصابة الجسيمة التي لحقت به من جراء مبادرة المجني عليه بالاعتداء عليه، بيد أن المحكمة أغفلت هذا الدفاع ولم تمحصه أو ترد عليه كما أطرح الحكم دفاعه بعدم قدرته على الاعتداء بقالة إنه البادئ بالاعتداء وهو ما لا تسانده الأوراق، ودون أن تعني المحكمة بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه خاصة وقد أثبت التقرير الطبي الشرعي أنه قد لحقت به إصابة مؤثرة، ولم تجبه المحكمة إلى طلب سماع بعض الشهود الذين تواجدوا في أرض النزاع، هذا إلى أن ظروف الواقعة وملابساتها وما كشفت عنه التحريات تنبئ عن أنها مشاجرة عفوية وعلى الرغم من المنازعة في توافر الاتفاق الجنائي، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بما انتهى إليه من مساءلة الطاعن عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت، وذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن شجاراً نشب بين المجني عليه وبين الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بسبب قيام الأول بوضع بعض الأشياء في قطعة أرض محل نزاع مع الأخيرين، وإذ ذاك ضربه كل منهما بعصا فأحدثا إصاباته التي أودت بحياته، ساق الأدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعن مستمدة من أقوال الشهود التي أوردها بما يتفق والمضمون السابق - ومن تقرير الصفة التشريحية الذي بين إصابات المجني عليه وخلص إلى حدوث وفاته من جراء تلك الإصابات. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار سبق الإصرار أو الاتفاق والتدليل على أي منهما - بفرض صحة منعاه في هذا الصدد يكون غير مجد ما دامت العقوبة المقضى بها عليه وهي الحبس لمدة ثلاث سنوات، مقررة في القانون لجريمة الضرب بأداة المنطبق عليها نص الفقرة الأخيرة من المادة 242 من قانون العقوبات، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملته بالمادة 17 من القانون ذاته، ذلك بأنها قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بصرف النظر عن وصفها القانوني، ولو أنها قد رأت أن الواقعة في الظروف التي وقعت فيها كانت تقتضي منها النزول بالعقوبة إلى ما دون الحد الذي ارتأته، لما منعها من ذلك الوصف الذي أسبغته عليها، لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي - له معينه في الأوراق - فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال الشهود أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد اعتدى كل منهما بعصا على المجني عليه - كما نقل عن تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه بالصدر والبطن واليدين رضية حيوية حديثة وتحدث من الضرب المتعدد بعصا ويجوز حدوثها وفق تصوير الشهود. فإن ذلك بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ذلك لما هو مقرر من أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة عليها ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها، منتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها. وإذ كان ما أثبته الحكم - على ما سلف بسطه - يؤدي في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى ما انتهى إليه ورتب عليه مساءلة الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يضحى من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل يخضع لسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وأنه لا يعيب الحكم اعتماده على تقرير بني على الترجيح لا القطع، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون مردوداً إذ الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدت لديها - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "وعن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، فقد خلت الأوراق من دليل يثبت توافره بل إن الثابت للمحكمة أن المتهم والطاعن - هو الذي بادر بالاعتداء، فلا يحق له أن يتمسك بالدفاع الشرعي، ولا تطمئن المحكمة لأقواله بأن المجني عليه أحدث إصابة رضية برأسه، وتطرحها إذ لم يساندها شاهد تطمئن إليه المحكمة، ومن ثم يكون الدفع قائماً على غير سند من واقع أو قانون جديراً بالرفض." لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبت عليه، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلاً الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتدياً قاصداً إلحاق الأذى بالمجني عليه لا دفع اعتداء وقع عليه أو على غيره، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد لما كان ذلك وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر في دفاعه ما ذهب إليه في أسباب طعنه من عدم قدرته على الاعتداء فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أقوال الشهود قد تليت بالجلسة وقد اكتفى الدفاع عن الطاعن بذلك وضمن مرافعته "أن التحقيق حدث فيه قصور لأن الجمالين لم يسألا في القضية" دون أن يطلب مناقشة أي من الشهود واختتم مرافعته بطلب براءة الطاعن. فإن ما أثاره الطاعن في دفاعه على هذا النحو، لا يعد طلباً لسماع الشهود ولا يعدو في حقيقته أن يكون تعييباً لتحقيق النيابة العامة بما يراه فيه من نقص لم يتمسك بطلب استكماله، ويضحى من ثم ما ينعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب غير قويم لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.