أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1196

جلسة 19 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: ابراهيم الجافى، ومحمد صادق الرشيدى، وابراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

(164)
الطعن رقم 290 لسنة 32 القضائية

بيع. "دعوى صحة ونفاذ البيع". دعوى. "عدم قبول الدعوى".
المقصود بدعوى صحة ونفاذ العقد هو تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذا عينيا والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية. عدم إجابة المشترى إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر له فى الدعوى ممكنين. عدم اختصام المشترى فى دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه إلى البائع. عدم تسجيل البائع للمشترى عقد شرائه. دعوى المشترى بصحة ونفاذ عقده تكون غير مقبولة.
إذ كان المقصود بدعوى صحة ونفاذ البيع - المعروفة بدعوى صحة التعاقد - هو تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذا عينيا والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية فإن المشترى لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان من انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر له فى الدعوى ممكنين ومن ثم فإذا ظهر للمحكمة من أوراق الدعوى أن الملكية لم تنتقل إلى البائع حتى تاريخ الفصل فى الدعوى لأن عقد شرائه لم يسجل وأن المشترى لم يختصم فى دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه إلى البائع للمشترى توطئة للحكم بصحة عقده هو حتى إذا ما سجل الحكم الصادر بصحة العقدين انتقلت الملكية إليه، فإنه لا يكون للمحكمة أن تجيب المشترى الأخير إلى طلبه وتكون دعواه بطلب صحة تعاقده قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه غير مقبولة ذلك أنه ما دامت الملكية لم تنتقل إلى البائع له فإن هذا البائع لا يستطيع نقلها إليه كما وان الحكم للمشترى فى هذه الحالة بصحة عقده لا يمكن أن يحقق الغاية منه بسبب استحالة تسجيله قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه وقد يمتنع من باع لهذا البائع عن القيام بالإجراءات اللازمة لهذا التسجيل ولا يكون فى الإمكان إجباره على انفاذ التزامه بذلك عن طريق رفع دعوى عليه بصحة التعاقد إذا تبين أن البيع الصادر منه غير صحيح أو غير واجب النفاذ بسبب قانونى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول السيد/ عبد الباقى محمد صالح أقام الدعوى رقم 329 سنة 1957 كلى الجيزة على مورث الطاعنين المرحوم محمد الصافى متولى ابراهيم قائلا أن هذا المورث باع له عشرين قيراطا أرضا زراعية مقابل ثمن قدره 600 جنيه قبضه المورث فور تحرير العقد وقد ظهر من البيانات المساحية أن حقيقة مساحة هذا القدر عشرون قيراطا وستة عشر سهما وأنه إذ كان البائع قد تخلف عن التوقيع على العقد النهائى فقد أقام عليه هذه الدعوى بطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر منه إليه فى 5 من فبراير سنة 1954 عن العشرين قيراطا وستة عشر سهما المبينة بهذا العقد وبصحيفة الدعوى بثمن قدره ستمائة جنيه - ولدى نظر الدعوى ادعى مورث الطاعنين بتزوير هذا العقد وقام بإعلان شواهد التزوير. وبتاريخ 12 من فبراير سنة 1958 قضت المحكمة بقبول الشاهد الأول منها وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مدعى التزوير بكافة طرق الإثبات أن المطعون ضده الأول حصل على ختمه للتوقيع به على عقد بدل تم بينهما عن نفس قطعة الأرض موضوع الدعوى فانتهز فرصة وجود الختم معه ووقع به على عقد البيع المطعون عليه بالتزوير فى غفلة منه وبدون علمه. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت فى 7 من ديسمبر سنة 1960: (أولا) برفض الادعاء بالتزوير وتغريم الطاعنين 25 جنيها (ثانيا) بصحة عقد البيع الصادر للمدعى (المطعون ضده الأول) من مورث المدعى عليهم (الطاعنين) فى 5 فبراير سنة 1954 عن عشرين قيراطا وستة عشر سهما بثمن قدره ستمائة جنيه. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 214 سنة 78 ق ولدى نظر الاستئناف طلب المطعون ضده الثانى السيد/ محمد مصطفى العوادلى قبول تدخله فى الاستئناف منضما إلى المستأنفين فى طلب رفض الدعوى وذلك تأسيسا على أنه هو المالك للعين المبيعة بالعقد المحكوم بصحته إذ قد اشتراها بعقد مؤرخ 26 نوفمبر سنة 1953 من عوض متولى ابراهيم شقيق مورث الطاعنين وأنه - أى طالب التدخل - رفع الدعوى رقم 68 سنة 1955 كلى الجيزة ضد ورثة البائع له بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقده وسجل صحيفة تلك الدعوى فى 14 من مايو سنة 1955 ولدى نظرها تدخل مورث الطاعنين مدعيا أنه اشترى ذات العين ضمن أطيان أخرى من شقيقه عوض متولى بعقد عرفى فى 30 يوليه سنة 1943 وانتهى الأمر فى تلك الدعوى بأن أقر مورث الطاعنين بأنه قبض من السيد/ العوادلى ثمن العين وقدره 300 ج ووافق على الحكم للأخير بما طلب وبناء على ذلك حكمت المحكمة فى 30 من مايو سنة 1956 بصحة ونفاذ عقده المؤرخ 26 نوفمبر سنة 1953 وسجل هذا الحكم فى 14 من أبريل سنة 1956 وتسلم العين المبيعة بمحضر تسليم رسمى فى 19 نوفمبر سنة 1956 وقال المطعون ضده الثانى أنه ما دامت ملكية هذه العين قد انتقلت إليه من تاريخ تسجيل صحيفة دعواه تلك فى 14 مايو سنة 1955 فإنه لا يجوز الحكم للمطعون ضده الأول بصحة عقده - وبتاريخ 7 من مايو سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلا وبعدم قبول محمد مصطفى العوادلى خصما فيه وبرفض الاستئناف موضوعا وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون وفى بيان ذلك يقولون أن هذا الحكم استند فى رفض طلب تدخل المطعون ضده الثانى فى الاستئناف إلى القول بأن مورث الطاعنين ليس مالكا للعين محل النزاع لأن عقده المؤرخ 30 يوليه سنة 1943 عقد عرفى لا ينقل ملكا ورغم ذلك قضى الحكم بصحة عقد البيع الصادر من هذا المورث إلى المطعون ضده الأول عن تلك العين مع أنه ما دامت ملكية العين المبيعة لم تنتقل إلى مورث الطاعنين فإنه لا يستطيع أن ينقلها إلى المطعون ضده الأول وبالتالى لا يجوز الحكم للأخير بصحة التعاقد عن التصرف الصادر إليه من ذلك المورث.
وحيث إنه جاء بأسباب الحكم المطعون فيه بصدد الرد على طلب التدخل ما يأتى "وغنى عن البيان أن قول طالب التدخل أن مورث المستأنفين (الطاعنين) بإقراره العقد المؤرخ 16/ 11/ 1953 قد أقر بوصفه مالكا تصرفا صدر من غير مالك فأسبغ عليه الصحة - هذا القول عار عن الصواب لأن مورث المستأنفين لم يكن مالكا للعين وما يزال كذلك لأن عقده الذى يتعلق به والمؤرخ 30/ 7/ 1943 على فرض صحته عقد عرفى لا ينقل ملكا". ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن اعتبر الدعوى المرفوعة من المطعون ضده الأول على مورث الطاعنين دعوى بصحة ونفاذ البيع الصادر من الأخير إلى الأول وقضى بتأييد الحكم الابتدائى على هذا الأساس وكان المقصود بدعوى صحة ونفاذ البيع المعروفة بدعوى صحة التعاقد هو تنفيذ التزامات البائع التى من شأنها نقل الملكية إلى المشترى تنفيذا عينيا والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد فى نقل الملكية فإن المشترى لا يجاب إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذى يصدر له فى الدعوى ممكنين ومن ثم فإذا ظهر للمحكمة من أوراق الدعوى أن الملكية لم تنتقل إلى البائع حتى تاريخ الفصل فى الدعوى لأن عقد شرائه لم يسجل وأن المشترى لم يختصم فى دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه إلى البائع للمشترى توطئة للحكم بصحة عقده هو حتى إذا ما سجل الحكم الصادر بصحة العقدين انتقلت الملكية إليه فإنه لا يكون للمحكمة أن تجيب المشترى الأخير إلى طلبه ذلك أنه ما دامت الملكية لم تنتقل إلى البائع له فإن هذا البائع لا يستطيع نقلها إليه كما وأن الحكم للمشترى فى هذه الحالة بصحة عقده لا يمكن أن يحقق الغاية منه بسبب استحالة تسجيله قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه وقد يمتنع من باع لهذا البائع عن القيام بالإجراءات اللازمة لهذا لتسجيل ولا يكون فى الإمكان إجباره على انفاذ التزامه بذلك عن طريق رفع دعوى عليه بصحة التعاقد وذلك إذا تبين أن البيع الصادر منه غير صحيح أو غير واجب النفاذ لسبب قانونى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد سلم فى أسبابه المتقدمة الذكر أن ملكية العين المبيعة لم تنتقل إلى مورث الطاعنين (البائع) بسبب عدم تسجيل عقد شرائه لها المؤرخ 30 يوليه سنة 1943 حتى تاريخ الفصل فى الاستئناف وكان المطعون ضده الأول لم يختصم فى دعواه البائع للبائع له ويطلب الحكم له بصحة البيع الصادر منه لمورث الطاعنين - البائع له - لما كان ذلك فإن دعواه بطلب صحة التعاقد الحاصل بينه وبين هذا المورث قبل أن يسجل الأخير عقد شرائه للعين المتصرف فيها تكون غير مقبولة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبولها وبصحة هذا التعاقد فإنه يكون مخطئا فى القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه - ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى.