أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1201

جلسة 19 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، ومحمد صادق الرشيدى، وابراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

(165)
الطعن رقم 310 لسنة 32 القضائية

( ا ) نقض. "الحكم فى الطعن". "أثره".
الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع. عدم اتخاذه أساسا للحكم الصادر فى الموضوع. أوجه الطعن الموجهة للحكم الأول ليس من شأن قبولها ونقض الحكم المذكور تبعا لذلك أن يستتبع نقض الحكم الصادر فى الموضوع. لا مصلحة للطاعن فى النعى بهذه الأوجه.
(ب) تعويض "تقدير الضرر وتحديد التعويض". محكمة الموضوع. نقض. "مسائل الواقع.".
تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض ما دام قد اعتمد فى قضائه على أساس معقول
(جـ) فوائد. "بدء سريان الفوائد".
تحديد المدعى المبلغ المطالب به وثبوت استحقاقه إياه. المنازعة فى الاستحقاق كله أو بعضه لا تجعله غير معلوم المقدار وقت الطلب. استحقاق الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية.
(د) مسئولية. "علاقة السببية بين الخطأ والضرر". "السبب المنتج". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
نفى علاقة السببية بين الضرر والخطأ. مجرد القول بوجود أسباب أخرى من شأنها أن تسبب الضرر، لا يكفى. وجوب توافر أحد هذه الأسباب الأخرى وثبوت أنه السبب المنتج فى إحداث الضرر. عدم تحقق الحكم من ذلك. قصور.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه الصادر فى الموضوع لم يعتمد فى قضائه على أسباب الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع فإن هذا الحكم لا يعتبر أساسا للحكم الصادر فى الموضوع فى حكم المادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومن ثم فان أوجه الطعن الموجهة للحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع - على فرض صحتها - ليس من شأن قبولها ونقض الحكم المذكور تبعا لذلك أن يستتبع نقض الحكم المطعون فيه والصادر فى الموضوع ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة فى النعى بهذه الأوجه.
2 - تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض ما دام قد اعتمد فى قضائه على أساس معقول.
3 - متى كان المدعى قد حدد فى صحيفة دعواه المبلغ الذى يطالب به وثبت استحقاقه له فإنه ليس من شأن المنازعة فى استحقاق هذا المبلغ كله أو بعضه ما يصح معه القول بأنه غير معلوم المقدار وقت الطلب. فإذا كانت الشركة المطعون ضدها قد حددت المبلغ الذى تطالب به مع فوائده فى صحيفة دعواها وقد ثبت فساد منازعة الطاعنين لها فى استحقاقها للمبلغ المقضى به لها فإن الحكم المطعون فيه إذ أسند تاريخ استحقاق الفوائد إلى يوم المطالبة القضائية ملتزما فى ذلك حكم المادة 226 من القانون المدنى لا يكون مخطئا فى تطبيق القانون.
4 - لا يكفى لنفى علاقة السببية بين الضرر والخطأ الثابت وقوعه، القول بوجود أسباب أخرى من شأنها أن تسبب هذا الضرر ذلك أنه يجب لاستبعاد ذلك الخطأ كسبب للضرر أن يتحقق توافر أحد هذه الأسباب الأخرى وأن يثبت أنه السبب المنتج فى إحداث الضرر. فإذا كان الحكم قد اكتفى بإيراد رأى علمى مجرد يقول بوجود عوامل أخرى تؤدى إلى حدوث الضرر دون أن يتحقق الحكم من توافر أحد هذه العوامل فى خصوصية النزاع وأنه هو السبب المنتج فى إحداث الضرر فإنه يكون قاصرا فيما أورده من أسباب لنفى علاقة السببية بين الخطأ والضرر [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - فى أن الطاعن الأول ومورث باقى الطاعنين رفعا على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 380 سنة 1950 أمام محكمة القاهرة الإبتدائية طالبين الحكم بالزامها بأن تدفع لهما 32137 ج و450 م قائلين فى تبيان دعواهما أنه بموجب عقدين مؤرخين 8 من أكتوبر سنة 1947 و10 من فبراير سنة 1948 اتفقا مع الشركة المطعون ضدها على أن تقوم بانشاء غرفتى تبريد (ثلاجتين) لحفظ البطاطس وذلك طبقا لشروط وبواصفات معينة من بينها أن يحتفظ داخل الغرفة بدرجة حرارة تعادل 40 درجة فرنهيت أى 4 مئوية وأن تكون نسبة الرطوبة 85 % إذ أن درجة الحرارة المذكورة هى الدرجة الملائمة لحفظ البطاطس بحالة جيدة لمدة أربعة أشهر - وتضمن العقدان أن الشركة تضمن الأجهزة التى توردها ضد أى عيب صناعى أصلى لمدة سنة من تاريخ تسليمها كما تضمن قدرة الأجهزة المذكورة على حفظ درجة الحرارة داخل الغرفة على النحو المبين آنفا. وحدود الأجر الذى تستحقه الشركة مقابل الإنشاء بمبلغ 6700 ج للغرفة الأولى و6104 ج للغرفة الثانية وأن يكون الدفع حسب الأقساط المبينة بكل عقد وقد ظهر بعد قيام الشركة بإنشاء الغرفتين أن درجة الحرارة داخلهما لم تنخفض إلى الحد المتفق عليه مما حدا بالطاعنين إلى إبلاغ الأمر لوزارة التموين التى شكلت لجنة لمعاينة الغرفتين ثم أبلغت وزارة التموين نتيجة المعاينة إلى الطاعنين بخطاب مؤرخ 14 من يوليو سنة 1949 جاء به أن درجة حرارة الغرفتين تتراوح بين 6 ْ و9 مئوية أى أنها مرتفعة عن الدرجات التى حددها القرار الوزارى رقم 89 لسنة 1949 والذى نصت المادة 15 منه على أن تنظم درجات الحرارة فى الثلاجات المخصصة لحفظ تقاوى البطاطس بحيث لا تقل عن درجتين ولا تزيد على خمس درجات مئوية كما جاء بهذا الخطاب أنه لوحظ وجود إنبات فى التقاوى لا يزيد طوله على سنتيمتر واحد بنسبة 5ر1 % إلى 2% واخضرار جزئى من الخارج بنسبة 2% وعفن بنسبة 1/ 2 كما لوحظ وجود فطر على الأقفاص بنسبة 1% وأوصت الوزارة فى هذا الخطاب بسرعة التصرف فى التقاوى المخزونة - وإزاء اصرار الشركة المطعون ضدها على عدم مخالفتها شروط التعاقد فقد رفع الطاعن الأول ومورث باقى الطاعنين الدعوى رقم 937 لسنة 1949 مستعجل كفر الزيات لإثبات حالة غرفتى التبريد وبتاريخ 22 من أغسطس سنة 1949 قضت محكمة كفر الزيات الجزئية بندب خبير لإثبات حالة الغرفتين وقد قدم الخبير تقريره الذى انتهى فيها إلى أن الشركة لم تنفذ بعض تعهداتها المبينة بالعقدين المذكورين وأنه كان من نتيجة ذلك أن درجة الحرارة بغرفة التبريد الأولى تتراوح بين 42 ْ و47 ْ فهرنهيت وأنها بغرفة التبريد الثابتة تتراوح بين 45 ْ و47 ْ فهرنهيت مما يجعل الغرفتين غير صالحتين للغرض الذى أنشئا من أجله وهو حفظ تقاوى البطاطس وانه لذلك فقد اضطر الطاعن الأول ومورث باقى الطاعنين إلى أن يعهدا إلى شركة كولدير بإجراء اصلاح بالغرفتين لقاء أجر قدره 1210 ج - ثم رفعا هذه الدعوى للمطالبة بالتعويض عما أصابهما من ضرر وهو ما قدراه بالمبلغ المشار إليه - وكانت الشركة المطعون ضدها قد رفعت الدعوى رقم 73 لسنة 1950 كلى أمام محكمة طنطا الابتدائية طالبة الحكم بالزام الطاعن الأول ومورث باقى الطاعنين بدفع مبلغ 4525 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وهو المبلغ الباقى لها من الأجر المتفق عليه وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت برقم 1013 سنة 1950 وقد قررت هذه المحكمة ضم القضيتين وقضت فى 28 من مارس سنة 1955 برفض الدعويين فرفع كل من الطاعنين والمطعون ضدها استئنافا عن هذا الحكم وقيد استئناف الطاعنين برقم 927 سنة 72 ق واستئناف المطعون ضدها برقم 989 سنة 72 ق وبتاريخ 19 من مايو سنة 1960 قضت محكمة استئناف القاهرة قبل الفصل فى الموضوع بندب خبير هندسى وآخر زراعى لبيان ما إذا كان عدم تركيب بعض الأجهزة فى غرفتى التبريد له دخل فى عدم انتظام درجة الحرارة فيها وما إذا كانت الاصلاحات التى قامت بها شركة كولدير ضرورية لحفظ درجات الحرارة إلى الحد المتفق عليه فى العقد أم أن ذلك كان مجرد تحسينات وبيان قيمة الاصلاحات الضرورية وتقدير الضرر الذى لحق البطاطس - ان وجد - وبيان سببه - وقد باشر الخبيران مأموريتهما وقدما تقريرهما وبتاريخ 24 من مايو سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف فى موضوع الاستئنافين بتعديل الحكمين المستأنفين وبالزام عبد الله عبد ربه عثمان من ماله الخاص وورثة المرحوم عبد العزيز مصطفى راضى من تركة مورثهم بأن يدفعوا إلى شركة المحاريث والهندسة مبلغ 3373 جنيها وفوائده بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 6 من يناير سنة 1950 حتى تمام السداد - طعن الطاعنون فى هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه المحكمة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه والصادر قبل الفصل فى الموضوع مخالفته الثابت فى الأوراق حين قضى على خلاف الثابت أن الطاعنين استلموا غرفتى التبريد فى موسم سنة 1949 كما ينعون بالسبب الثالث على ذلك الحكم مخالفة القانون ذلك أنه حين تعرض لإثبات التلف الحاصل لتقاوى البطاطس تطلب أن يكون هذا الإثبات بدليل معين مع أن التلف كواقعة مادية يمكن إثباته بكافة الطرق كما أنه اشترط لجواز الحكم بالتعويض أن يكون الهلاك كاملا مع أن الضرر أيا كان مداه يستوجب التعويض - كما ينعون على ذلك الحكم بالسببين الثانى والرابع الخطأ فى الإسناد ومسخ الواقع فى الدعوى حين قرر أن الطاعنين لم يقدموا دليلا على تلف تقاوى البطاطس سوى نتيجة التفتيش الوزارى على غرفتى التبريد وأن تلك النتيجة ليس فيها ما يستفاد منه وجود تلف بتقاوى البطاطس.
وحيث إن النعى بهذه الأسباب الأربعة مردود بأنه يبين من الإطلاع على الحكم المطعون فيه والصادر فى الموضوع أنه يعتمد فى قضائه على أسباب الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع الذى وجه إليه الطاعنون مطاعنهم المبينة بهذه الأسباب الأربعة وعلى ذلك فإن الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع لا يعتبر أساسا للحكم الصادر فى الموضوع فى حكم المادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض كما أن الحكم الصادر فى الموضوع لم يكن مترتبا على ذلك الحكم ومن ثم وتأسيسا على ما تقدم ومع افتراض صحة المطاعن المبينة بأسباب النعى فإنه لن يكون من شأن قبولها ونقض الحكم الصادر قبل الفصل فى الموضوع تبعا لذلك أن يستتبع نقض الحكم المطعون فيه والصادر فى الموضوع إعمالا لنص المادة 26 المشار إليها ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين فى هذا النعى ويتعين لذلك الحكم بعدم قبوله لعدم إنتاجه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه والصادر فى الموضوع القصور فى التسبيب ذلك أنهم دفعوا فى صحيفة الاستئناف وفى المذكرة التى قدموها إلى محكمة الاستئناف بجلسة أول أبريل سنة 1959 بعدم تنفيذ التزامهم بدفع الباقى من الأجر المتفق عليه لأن الشركة المطعون ضدها لم تقم بتنفيذ التزاماتها المقابلة طبقا للشروط والمواصفات المبينة بالعقدين المبرمين بينهما وبينها وعلى الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد أبرز هذا الدفع بين أسبابه فإنه قد أغفله ولم يرد عليه وبذلك جاء الحكم مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه قد سجل فى أسبابه أن الأجهزة التى وردتها الشركة المطعون ضدها كان بعضها ناقصا وبعضها معيبا لا يؤدى الغرض المطلوب وأن من حق الطاعنين المطالبة بما كان ناقصا أو معيبا ثم قضى للطاعنين بمبلغ 1152 ج وهو قيمة الإصلاحات والتركيبات الضرورية التى قامت بها شركة كولدير لاستكمال النقص وإصلاح ما كان مختلا فى الأجهزة وذلك كتعويض للطاعنين وبناء على طلبهما بعد أن أصرت الشركة المطعون ضدها على عدم القيام بهذه الإصلاحات - ولما كان قضاء المحكمة بأحقية الطاعنين فى خصم مبلغ 1152 ج من قيمة الأجر المتحقق للشركة المطعون ضدها يعتبر تحديدا لما كان يجوز للطاعنين حبسه من التزامهم بدفع هذا الأجر لعدم قيام الشركة المطعون ضدها بتنفيذ التزامها وردا ضمنيا من المحكمة بعدم أحقية الطاعنين فى الاستفادة من الدفع بعدم التنفيذ فيما زاد على هذا المبلغ الذى حددته المحكمة وقررت خصمه من الأجر - وبذلك يكون الحكم قد أعمل هذا الدفع فى الحدود التى رأى أن للطاعنين حقا فى الاستفادة منه ويكون النعى عليه بالقصور لإغفال هذا الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبب ذلك أن شركة كولدير حينما أرادت القيام بجميع الإصلاحات اللازمة للوصول بغرفتى التبريد إلى درجة الحرارة المتفق عليها وجدت أن الوقت الباقى من موسم سنة 1950 ليس منفسحا أمامها نظرا لقرب التخزين فقامت ببعض الإصلاحات العاجلة فى سنة 1950 وأجلت الباقى إلى ما بعد موسم سنة 1950 ورغم تمسك الطاعنين بأن جميع الإصلاحات سواء ما كان منها عاجلا أو آجلا ضرورى ولازم لتثبيت درجة الحرارة بغرفتى التبريد إلى الحد المطلوب فإن الحكم قضى لهم بقيمة الإصلاحات العاجلة دون الآجلة ولم يرد على ما أثاروه من دفاع فى هذا الصد فجاء بذلك مخطئا فى القانون ومشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين قضى للطاعنين بمبلغ 1152 ج كتعويض عن الإصلاحات العاجلة قرر أن هذه الإصلاحات هى الإصلاحات الضرورية لتثبيت درجة الحرارة داخل غرفتى التبريد عند الحد المتفق عليه كما قدر أن فى الحكم بذلك التعويض ما يكفى لتعويض الضرر الحاصل والمتمثل فى نقص بعض الأجهزة والخلل فى البعض الآخر أى أن ذلك التعويض يكفى لدرء الضرر الناتج عن إخلال الشركة بالتزامها - ولما كانت الأسباب التى اعتمد عليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها وكان تقدير الضرر وتحديد التعويض الجابر له من مسائل الواقع التى يستقل بها قاضى الموضوع ولا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض ما دام قد اعتمد فى قضائه على أساس معقول فإنه لا يصح النعى على الحكم فى هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أنه ألزم الطاعنين بفوائد المبلغ الباقى من الأجر والمحكوم به للشركة المطعون ضدها من تاريخ المطالبة القضائية مع أن الطاعنين قد نازعوا فى استحقاق الشركة لهذا المبلغ لعدم قيامها بالتزامها- وقد ثبت سداد هذه المنازعة بما حكمت لهم به المحكمة من تعويض عن إخلال الشركة بالتزامها وما تبع ذلك من إنقاص الأجر المطلوب الحكم به مما يعتبر معه ذلك الأجر غير معين المقدار وقت الطلب فلا يحكم بالفوائد عنه إلا من تاريخ الحكم الصادر به - لكن الحكم المطعون فيه قضى بتلك الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية مخالفا بذلك نص المادة 226 من القانون المدنى.
وحيث إن هذا النعى مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أنه متى كان المدعى قد حدد فى صحيفة دعواه المبلغ الذى يطالب به وثبت استحقاقه له فإنه ليس من شأن المنازعة فى استحقاق هذا المبلغ كله أو بعضه ما يصح معه القول بأنه غير معلوم المقدار وقت الطلب - ولما كانت الشركة المطعون ضدها قد حددت المبلغ الذى تطالب به مع فوائده فى صحيفة دعواها وقد ثبت فساد منازعة الطاعنين لها فى استحقاق المبلغ المقضى به لها فإن الحكم المطعون فيه إذ أسند تاريخ استحقاق الفوائد إلى يوم المطالبة القضائية ملتزما فى ذلك حكم المادة 226 من القانون المدنى لا يكون مخطئا فى تطبيق القانون ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول والثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى الإسناد ومسخ تقرير الخبير الزراعى ذلك أنه قرر أن تقرير الخبير الزراعى لم يأت حاسما وجازما بوقوع ضرر للبطاطس باعتبارها مخزونة للتقاوى مع أن هذا الخبير قد أكد فى أكثر من موضع من تقريره أن نمو النبت بالبطاطس المخزونة يقلل من قيمتها كتقاو - هذا إلى أن الحكم قد شابه فساد فى الاستدلال حين أهدر النتيجة التى انتهى إليها الخبير الزراعى فى تقريره من أن حصول النبت بالبطاطس يرجع إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل غرفتى التبريد مستندا فى إهداره لتلك النتيجة إلى عبارة عامة وردت فى تقرير الخبير فحواها أن خروج النبت من درنات البطاطس المخزونة فى غرف التبريد يتوقف على بعض العوامل الأخرى غير ارتفاع درجة الحرارة مثل نضج الدرنات وصنف البطاطس مما رأى معه الحكم أنه لا يمكن الجزم بأن ارتفاع درجة الحرارة كان هو السبب فى تلف البطاطس مع أن تلك العبارة قد وردت بصيغة عامة فى مقام البحث العلمى وليس فى خصوصية هذه الدعوى مما لا يسوغ معه إهدار النتيجة التى انتهى إليها تقرير الخبير من أن ارتفاع درجة الحرارة كان سببا فى خروج النبت ومع افتراض أن هنالك أسبابا أخرى يمكن أن تساعد على حصول الإنبات فإن الخبير لم يشر إلى توافر أحد هذه العوامل كما أن وجود أحد هذه العوامل لا يشفع فى إهدار أثر السبب الأساسى وهو ارتفاع درجة الحرارة بذلك جاء الحكم مخطئا فى الاسناد ومشوبا بفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن الخبير الزراعى قد بث فى تقريره وفى مواطن عديدة منه رأيه فى أثر ارتفاع درجة الحرارة عن الحد المتفق عليه على تقاوى البطاطس التى كانت مخزونة فى غرفتى التبريد فقرر فى الصحيفة الثانية عشر من تقريره أن "الثابت أيضا أن الدرنة إذا ما وجدت تحت درجات حرارة تزيد عن 4 ْ أو 5 ْ درجة مئوية فإنه يخرج منها النبت الأبيض الذى يستطيل بمرور الوقت- وهذا التنبيت وإن كان لا يحول دون صلاحية الدرنة للزراعة إلا أنه يستنفد جزءا من الغذاء المخزن تبعا لطول النبت مما يقلل من حيوية الدرنة للزراعة وبالتالى من قيمتها كتقاوى كما هو الحال فى التقاوى المشونة بالنوالات والتى يحصل فيها فقد كبير يصل إلى الثلث وتكون فى قيمتها أقل من الأخرى المخزونة بالثلاجات بنسبة حوالى 25 % نظرا لضعف الدرنات وضمورها نتيجةلا نتشار حالة التنبيت فيها وهذا ما يلاحظ فى حالة الأسعار المتداولة فى كل سنة والفرق الملموس بين سعر التقاوى المخزونة بالثلاجات والأخرى المشونة بالنوالات" كما قرر فى الصحيفة الثالثة عشر "أما البطاطس المخزونة فى الثلاجات فهى تمضى عادة مدة شهرين فى دور راحة من بدء التقليع أى أن الدرنات لا تنبت حتى ولو هيأنا لها كل الظروف الملائمة التى يتطلبها الإنبات وبعد هذه الفترة تبدأ الدرنة فى الإنبات إذا ما وجدت تحت درجات حرارة تزيد عن 4 درجة مئوية حيث يخرج من غرف التبريد التى تزيد درجة الحرارة فيها عن الدرجة الملائمة نبت أبيض يستطيل بمرور الوقت ويستنفد جزءا من الغذاء المخزن فى الدرنة تبعا لطول النبت كما سبق أن بينا - إن هذا يقلل من حيوية الدرنة وقيمتها كتقاوى - والقدرة الانتاجية لها" كما قرر أيضا بالصحيفة السابعة عشرة "والنبت يظهر بدرنات البطاطس بهذه النسبة تحت درجات الحرارة التى تزيد عن 4 ْ أو 5 ْ وإن كان لا يحول دون صلاحية هذه التقاوى للزراعة، إلا أنه يقلل نوعا من حيوية الدرنة وقيمتها كتقاوى - والقدرة الإنتاجية لها - كذلك يقلل من قيمتها التجارية فى الأسواق تبعا لذلك بقيمة الفرق بين أسعار التقاوى المخزنة فى الثلاجات والأخرى المشونة بالنوالات" وقد أنهى الخبير تقريره بالنتيجة الآتية "إن ارتفاع درجة الحرارة بالثلاجة موضوع النزاع خلال فترة تخزين تقاوى البطاطس وزيادتها عن الدرجة المتفق عليها وهى 40 ْ فهرنهيت ببضع درجات تصل إلى ما يعادل 8 ْو9 ْ درجة مئوية ليس من شأنه أن يؤدى إلى تلف البطاطس المخزنة وهلاكها إلا أنه يقلل من قيمتها نظرا لأنه ينشأ عن ارتفاع درجة الحرارة حدوث النبت أى يخرج من الدرنة نبت أبيض يستطيل بمرور الوقت، وهذا يقلل نسبيا من حيويتها ومن القدرة الإنتاجية لها إذ أن هذا النبت يستنفد جزءا من الغذاء المخزن فى الدرنة تبعا لطول النبت- كذلك يؤدى النبت إلى نقص فى قيمتها التجارية فيقل ثمن مثل هذه البطاطس فى الأسواق" - ويبين بجلاء من هذا الذى أورده الخبير فى تقريره أن الخبير قد قطع بأن ارتفاع درجة الحرارة فى غرفتى التبريد عن الحد المتفق عليه فى العقدين المبرمين بين الطاعنين والشركة المطعون ضدها إذ لم يكن من شأنه أن يؤدى إلى تلف درنات البطاطس أو هلاكها أو إلى عدم صلاحيتها للزراعة من الناحية الفنية فإنه يقلل من حيويتها وقدرتها الإنتاجية وقيمتها كتقاو ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى تقرير الخبير أنه لم يأت حاسما وجازما بوقوع أى ضرر بالبطاطس المخزونة باعتبارها مخزونة للتقاوى فإنه يكون قد أخطأ فى الاسناد ولما كان هذا الخطأ مؤثرا فى قضاء الحكم فإنه يستوجب نقضه - لما كان ذلك وكان لا يكفى لنفى علاقة السببية بين هذا الضرر وبين خطأ الشركة المطعون ضدها فى زيادة درجة الحرارة فى غرفتى التبريد عن الحد المتفق عليه ما قاله الحكم من أن هنالك من الأسباب الأخرى - إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة - ما يؤدى إلى نمو النبت المؤثر على حيوية الدرنات وقدرتها الإنتاجية، ذلك أنه يجب لإستبعاد عامل زيادة الحرارة كسبب للضرر أن يتحقق توافر أحد هذه الأسباب الأخرى فى خصوصية هذه الدعوى وأن يثبت أنه السبب المنتج فى إحداث الضرر، وإذ كان الحكم قد اكتفى بإيراد رأى علمى مجرد يقول بوجود عوامل أخرى إلى جانب عامل الحرارة تؤدى إلى نمو النبت فى درنات البطاطس دون أن يتحقق الحكم من توافر أحد هذه العوامل الأخرى فى خصوصية النزاع وأنه هو السبب المنتج فى إحداث الضرر فإنه يكون قاصرا فيما أورده من أسباب لنفى علاقة السببية بين الخطأ والضر.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم فى خصوص ما قضى به من رفض طلب التعويض فيما زاد على مبلغ 1152 ج الذى خصمه من الأجر المستحق للشركة المطعون ضدها.


[(1)] راجع نقض 30/ 6/ 1965 بمجموعة المكتب الفنى س 16 ص 870.