أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1216

جلسة 24 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين 4 محمد عبد اللطيف، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

(167)
الطعن رقم 65 لسنة 31 قضائية

( أ ) حكم. "الطعن فى الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها". "حجية الحكم". "الأسباب المرتبطة بالمنطوق". نقض.
إحتواء الحكم بندب خبير فى أسبابه على القضاء بصفة قطعية فى شق من الخصومة هو أساس المسئولية فى الدعوى. عدم جواز إعادة النظر فى هذا القضاء. جواز الطعن فيه استقلالا. مثال.
(ب) إجارة. "المنازعات الناشئة عن القانون 121 لسنة 1947". بطلان. "البطلان فى التصرفات". "فى عقد الإيجار". عقد. "بطلان العقد".
الحكم الذى يصدر من دوائر الايجارات بتحديد القيمة الايجارية طبقا للمادة السادسة من القانون 121 لسنة 1947. أثره. بطلان الاتفاق الخاص بالأجرة دون مساس بشروط العقد الأخرى.
1 - يدل نص المادة 378 من قانون المرافعات - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن الحكم الذى يفصل فى موضوع الدعوى أو فى شق منها هو مما يجوز الطعن فيه استقلالا طبقا للإجراءات والمواعيد المقررة للطعن فى الأحكام [(1)]. فإذا كان الحكم المطعون فيه (بندب خبير) قد قطع فى أسبابه بسريان عقد الإيجار وملاحقه (الصادرة من وكيل الطاعن) على الطاعن، واعتباره ملزما له يسأل عن تنفيذه، فإنه بذلك يكون قد أنهى بصفة قطعية جزءا أساسيا من الخصومة، هو أساس المسئولية، لا تملك المحكمة إعادة النظر فيه، وبالتالى فإن الطعن فيه بطريق النقض إنما يكون على استقلال فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ صدوره وفقا للمادتين 5 و6 من القانون 57 لسنة 1959.
2 - مفاد نص المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الأحكام التى تصدر من دوائر الإيجارات بالمحاكم الإبتدائية بتحديد القيمة الإيجارية طبقا لتلك المادة لا يترتب عليها سوى بطلان الإتفاق الخاص بالأجرة المسماة فى العقد وردها إلى الحد القانونى دون مساس بشروط العقد الأخرى التى لا مخالفة فيها للقانون فتظل نافذة بين العاقدين منذ نشوء العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر المرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 994 سنة 1957 مدنى كلى اسكندرية طلبا فيها الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ 1498 ج وتمكينهما وعمالهما ورواد فندقهما من استعمال مصعد العقار، وقالا شرحا لدعواهما أنه بمقتضى عقد إيجار محرر فى 23 أغسطس سنة 1955 وملاحقه الثلاثة المحررة فى 23/ 8/ 1955 و14/ 10/ 1955 و10/ 1/ 1956 استأجرا من الطاعنة الأولى بصفتها حارسا قانونيا على أملاك المرحوم على الشربينى الطابق الأول من العقار رقم 8 بميدان عرابى بالاسكندرية لاستغلاله فندقا باسم "لوكاندة العاصمة" بإيجار شهرى قدره 52 ج و500 م خفض إلى 36 ج و125 م بمقتضى الحكم النهائى الصادر من دائرة الإيجارات فى الدعوى رقم 1078 سنة 1956 كلى اسكندرية. وقد تعهدت الطاعنة الأولى فى ملحق عقد الايجار بعدم السماح لأى شخص بعرقلة المجرى الطبيعى لأعمال المستأجر بالنسبة لمدخل العقار، كما تعهدت بتركيب بعض الأدوات الصحية بإحدى الغرف وبإجراء تعديلات بإحدى دورات المياه وإقامة بابين جانبيين للمكان المؤجر على أن يتم ذلك فى ظرف أسبوعين من تاريخ التعاقد ولكنها لم تقم بما التزمت به، كما أنها لم تنشئ سلم الخدم المتفق عليه مما أدى إلى عدم استعمال السطح وعدم بناء الحجرات الثلاث المتفق على إنشائها فوق السطح واضطرارهما إلى استعمال غرفتين لتخزين أدوات الفندق ومعداته، هذا فضلا عن أنها لم تضع مرآة على مدخل العقار لكتابة لافتة عليه باسم الفندق، ولم تمكن المطعون ضدهما من وضع مكتب بداخل العمارة بينما صرحت بذلك لفندق آخر وحرمتها من استعمال مصعد العقار، وأنه إزاء إخلال المؤجرة بالتزاماتها المترتبة على العقد، فقد رفعا ضدها الدعوى رقم 935 سنة 1956 مستعجل اسكندرية بطلب إثبات حالة العين المؤجرة، قدم فيها الخبير المنتدب تقريرا أثبت فيه هذه المخالفات. وإذ شرعت الطاعنة الأولى فى بيع العقار إلى الطاعن الثانى بصفته وليا شرعيا على أولاده القصر فإنهما يطلبان الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بدفع المبلغ سالف الذكر تعويضا لهما عما أصابهما من ضرر مع تمكينها من استعمال المصعد. وبتاريخ 28 من يناير سنة 1959 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 62 سنة 15 ق الاسكندرية، وتمسكت الطاعنة الأولى فى دفاعها أمام المحكمة أنها غير ملزمة بتنفيذ عقد الايجار وملحقاته لأن وكيلها الذى وقع عنها غير مفوض منها بالتأجير ذلك أنها وكلته فى مباشرة أعمالها القضائية فقط. ومحكمة الاستئناف أصدرت بتاريخ 5/ 3/ 1960 حكما قررت فى أسبابه بمسئولية الطاعنة الأولى عن تنفيذ عقد الايجار وقضت فى منطوقة بندب خبير للتحقق من مدى مخالفة الطاعنة الأولى لشروط العقد وملحقاته وبيان الضرر الذى أصاب المطعون ضدهما بسبب ذلك. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 12/ 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة الأولى بصفتها فى مواجهة الطاعن الثانى بصفته بأن يدفع للمطعون ضدهما مبلغ 900 ج و40 م وبإلزام الطاعنين بصفتيهما بتمكين المطعون ضدهما من استعمال المصعد الخاص بالعين المؤجرة وبإلزامها بمصاريف هذا الطلب عن الدرجتين. طعن الطاعنان فى هذا الحكم وفى الحكم الصادر فى 5 من مارس سنة 1960 بطريق النقص بتقرير فى 29 من يناير سنة 1961 وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للحكم الصادر فى 5 من مارس سنة 1960 ورفضه موضوعا بالنسبة للحكم الصادر فى 31/ 12/ 1960 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية، وبعد إعلان الطعن أودع المطعون ضدهما مذكرة دفعا فيها بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للحكم الصادر فى 5 من مارس سنة 1960 وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث أن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهما والنيابة أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 5 من مارس سنة 1960 قد أنهى الخصومة فى جزء منها بأن قطع فى أسبابه فى أساس مسئولية الطاعنة الأولى بصفتها بسريان عقد الإيجار وملاحقه عليها، فهو مما يطعن فيه استقلالا طبقا للمادة 378 مرافعات وإذ فات الطاعنان أن يطعنا فى هذا الحكم فى الميعاد المحدد بالقانون رقم 57 سنة 1959 فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول شكلا، وبالتالى لا يقبل النعى بالسبب الأول من الطعن الموجه إلى هذا الحكم.
وحيث إن هذا الدفع فى محله ذلك أن المادة 378 من قانون المرافعات إذ نصت على أن "الأحكام التى تصدر قبل الفصل فى الموضوع ولا تنتهى بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن فى الحكم الصادر فى الموضوع سواء كانت تلك الأحكام قطعية أو متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات وإنما يجوز الطعن فى الحكم الصادر بوقف الدعوى وفى الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم فى الموضوع" فقد دل ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الحكم الذى يفصل فى موضوع الدعوى أو فى شق منها هو مما يجوز الطعن فيه استقلالا طبقا للإجراءات والمواعيد المقررة للطعن فى الأحكام. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه الصادر فى 5 مارس 1960 إن الطاعنة تمسكت فى دفاعها بأن عقد الايجار وملحقاته - سند المطعون ضدهما فى الدعوى - غير ملزم لها لأن وكيلها الذى وقع عليها غير مفوض عنها بالتأجير وإن التوكيل الصادر منها إليه قاصرا على مباشرة أعمالها القضائية وكان الحكم المشار إليه قد قطع فى أسبابه بسريان هذا العقد وملاحقة على الطاعنة الأولى واعتباره ملزما لها تسأل عن تنفيذه، فإنه بذلك يكون قد أنهى بصفة قطعية جزءا أساسيا من الخصومة - هو أساس المسئولية - لا تملك المحكمة إعادة النظر فيه، وبالتالى فإن الطعن فيه بطريق النقض إنما يكون على استقلال فى ميعاد ثلاثين يوما من تاريخ صدوره وفقا للمادتين 5، 6 من القانون رقم 57 سنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، لما كان ذلك. وكان التقرير بالطعن قد حصل فى 29 يناير سنة 1961 فإن الطعن فى الحكم الصادر فى 5/ 3/ 1960 يكون غير مقبول شكلا لفوات الميعاد، ومن ثم لا يقبل النعى الموجه إلى هذا الحكم بالسبب الأول من الطعن.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة الأولى تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه الصادر فى 31/ 12/ 1960 قصور أسبابه عن الإحاطة بدفاع جوهرى لها وعدم الرد عليه، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى مذكرتها التى قدمتها لمحكمة الاستئناف بأن المطعون ضدهما رفعا عليها الدعوى رقم 1078 سنة 1956 كلى مساكن الاسكندرية قبل رفع الدعوى الحالية بطلب تحديد أجرة العين محل النزاع دون اعتبار للالتزامات الواردة فى ملاحق العقد الثلاثة وذلك على أساس الأجرة فى سنتى 1939، 1941 بغير إضافة العناصر الواردة فى الملاحق المذكورة والتى لم ترد فى عقد الإيجار. وقضت المحكمة بتخفيض الأجرة من 52 ج و500 م إلى 36 ج و125 م شهريا مما يعتبر تنازلا من المطعون ضدهما عن التمسك بالالتزامات الواردة فى ملاحق العقد لا يسوغ لهما بعده مطالبتها بتنفيذ هذه الالتزامات، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يتناوله بالرد مما يجعله مشوبا بالقصور.
وحيث أن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من القانون رقم 121 سنة 1947 بشأن إيجار الأماكن تنص على بطلان كل اتفاق على أجرة تجاوز الحد الأعلى الجائز قانونا ويحكم برد ما حصل زائدا على الأجرة المستحقة قانونا أو باستقطاعه من الأجرة التى يستحق دفعها كما يرد أى مبلغ إضافى يكون المؤجر اقتضاه من المستأجر مباشرة أو عن طريق الوسيط فى الإيجار، فإن مفاد ذلك أن الأحكام التى تصدر من دوائر الإيجارات بالمحاكم الابتدائية بتحديد القيمة الإيجارية طبقا للمادة السادسة من القانون المشار إليه لا يترتب عليها سوى بطلان الاتفاق الخاص بالأجرة المسماة فى العقد وردها إلى الحد القانونى دون مساس بشروط العقد الأخرى التى لا مخالفة فيها للقانون فتظل نافذة بين العاقدين منذ نشوء العقد، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر القانونى الصحيح ورتب على باقى شروط عقد الإيجار وملاحقه الثلاثة كافة آثارها القانونية فإنه لا محل لتعيينه بالقصور فى التسبيب، ومن ثم يكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث أن السبب الثالث يتحصل فى النعى على الحكم الصادر فى 31/ 12/ 1960 بتناقض أسبابه مع منطوقه، وفى بيان ذلك يقول الطاعن الثانى أن الحكم نفى مسئوليته عن الالتزامات المترتبة على عقد الإيجار باعتبار أنه لم يكن طرفا فيه ولأنه اشترى نصف العقار فى تاريخ لاحق لهذا العقد ولم ينازع المطعون ضدهما فى طلباتهما بخصوص التعويض، ومع ذلك فقد انتهى الحكم المطعون فيه فى منطوقه إلى إلزامه مع الطاعنة الأولى بتمكين المطعون ضدهما من استعمال المصعد مع إلزامها بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب عن الدرجتين.
وحيث أن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أورد فى أسبابه أن الطاعن الثانى بوصفه مشتريا لنصف العقار الذى تقع فيه العين المؤجرة غير مسئول عن تنفيذ الالتزامات التى التزمت بها الطاعنة الأولى للمطعون ضدهما فى عقد الإيجار وملاحقه على اعتبار أنها التزامات شخصية لا يترتب عليها أى أثر بالنسبة للغير الذى لم يكن طرفا فى العقد ثم انتهى الحكم فى منطوقه إلى إلزام الطاعن الثانى مع الطاعنة الأولى بتمكين المطعون ضدهما من الانتفاع بالمصعد الكائن بالعقار وبالمصروفات الخاصة بهذا الطلب. وهذا الذى انتهى إليه الحكم لا يتعارض مع ما جاء فى أسبابه ذلك أنه لما كان الطاعن الثانى شريكا للطاعنة الأولى فى العقار فإنها يلزمان معا بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها، وإذ كان الحكم قد انتهى فى منطوقه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانونا التى تنطبق على واقع الدعوى، فإن النعى عليه بالتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 26/ 2/ 1966 مجموعة المكتب الفنى السنة 17 ص 18.