أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1251

جلسة 26 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: ابراهيم الجافى، ومحمد صادق الرشيدى. وعباس حلمى عبد الجواد، وابراهيم حسن علام.

(172)
الطعن رقم 148 لسنة 32 القضائية

( أ ) إجارة. "إقامة المستأجر مبان على العين المؤجرة". ملكية "أسباب كسب الملكية". إلتصاق. نظام عام.
تصريح المؤجر للمستأجر بإقامة بناء - على نفقته - فوق العين المؤجرة مع التزامه بأداء عوايد المبانى التى تستجد. سكوت الطرفين عن بيان مصير هذه المنشآت. ملكيتها للمستأجر طوال مدة الاجارة. أيلولتها للمؤجر عند انتهاء عقد الايجار. حق المستأجر فى إزالتها قبل انتهاء الايجار مع إعادة العين المؤجرة لحالتها الأصلية. ليس للمؤجر فى هذا الفرض طلب الازالة.
قواعد الالتصاق المقررة فى القانون المدنى لا تتعلق بالنظام العام ويجوز الاتفاق على تعديلها. تصريح المؤجر بالبناء مع التزام المستأجر بدفع الضريبة العقارية عليه يتضمن قبول المؤجر تأجيل إعمال أحكام الالتصاق.
(ب) إجارة "إقامة المستأجر مبان على العين المؤجرة". "إلتزام المستأجر بدفع الأجرة".
إقامة المستأجر - بترخيص من المؤجر - مبان فوق العين المؤجرة. دخول هذه الانشاءات فى نطاق العين المؤجرة. خضوعها لأحكام القانون الخاصة بالمبانى التى يقيمها المستأجر على العين المؤجرة ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك ولا يلزم لذلك تحديد أجرة مستقلة بالإضافة إلى الأجرة المتفق عليها. جواز إعفاء المؤجر المستأجر من ية أجرة إضافية عن انتفاعه بالبناء الذى أحدثه هذا المستأجر على نفقته. اعتبار الأجرة المتفق عليها هى المقابل لانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد.
(ج) إجارة "إقامة المستأجر مبان على العين المؤجرة" إلتصاق. "البانى حسن النية".
المستأجر البانى - فى ظل القانون المدنى الملغى - فى العقار المؤجر بتصريح من المالك فى منزلة المبانى فى أرض الغير بحسن النية ويأخذ حكمه. انطباق المادة 65 من القانون المدنى الملغى ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك. هذا النظر قننه القانون القائم فى المادة 592/ 1. إلتزام المؤجر بأن يرد للمستأجر عند انقضاء الايجار ما أنفقته فى المنشآت أو ما زاد فى قيمة العقار بسبب هذه المنشآت.
1 - متى كان الواقع فى الدعوى هو أن المؤجر قد صرح للمستأجر بأن يقيم على نفقته بناء فوق العين المؤجرة على أن يلتزم بأداء عوايد المبانى التى تربط على هذا البناء المستجد وسكت الطرفان عن بيان مصير هذه المنشآت فإن ملكيتها تكون للمستأجر طوال مدة الإجارة ولا تؤول إلى المؤجر إلا عند انتهاء عقد الإيجار ذلك أن حق المؤجر بالنسبة لتلك المنشآت لا يتحدد إلا بالنظر إلى حالة العقار المؤجر فى هذا الوقت ويحق للمستأجر أن يزيلها قبل انتهاء عقد الإيجار بشرط أن يعيد العين المؤجرة إلى حالتها الأصلية بينما يمتنع على المؤجر فى هذا الفرض طلب إزالة هذه المنشآت. ولا يصح الاحتجاج بأن أحكام الالتصاق المقررة فى القانون المدنى تقضى باعتبار المؤجر مالكا للبناء من وقت إنشائه إذ أن ترخيص المؤجر للمستأجر فى إقامة البناء على نفقة هذا المستأجر مع التزام الأخير بدفع الضريبة العقارية عن هذا البناء - وهى مما يلتزم به أصلا المالك - ودون اتفاق على مصير هذا البناء ذلك يتضمن قبول المؤجر تأجيل إعمال أحكام الإلتصاق حتى ينتهى عقد الإيجار وهى أحكام لا تتعلق بالنظام العام ويجوز لذلك الاتفاق على تعديلها.
2 - إذا رخص المؤجر للمستأجر بإنشاء "مبان" على سطح المكان المؤجر فإن هذه الإنشاءات لا تعتبر خارجة عن نطاق العين المؤجرة بل داخلة فيها ويجرى عليها أحكام القانون الخاصة بالبناء الذى يحدثه المستأجر فى العين المؤجرة ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك. ولا يلزم لخضوع البناء الجديد لتلك الأحكام أن تكون قد حددت له أجرة مستقلة بالإضافة إلى الأجرة المتفق عليها فى عقد الإيجار إذ أن تحديد هذه الأجرة ليست شرطا لانطباق أحكام القانون فى هذا الخصوص ولا يوجد ما يمنع من أن يعفى المؤجر المستأجر من أية أجرة إضافية عن انتفاعه بالبناء الذى أحدثه هذا المستأجر على نفقته وتكون فى هذه الحالة الأجرة المتفق عليها أصلا فى العقد هى المقابل لانتفاع المستأجر بالعين المؤجر شاملة هذا البناء المستجد.
3 - جرى قضاء محكمة النقض بأن المستأجر الذى يبنى فى ظل القانون المدنى الملغى فى العقار المؤجر بتصريح من المؤجر ينزل منزلة البانى فى أرض الغير بحسن نية ويأخذ حكمه فتنطبق بالنسبة له الفقرة الأخيرة من المادة 65 من ذلك القانون ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك وهذا النظر هو ما قننه القانون القائم فى المادة 592/ 1 منه بشأن البناء الذى يقيمه المستأجر فى العين المؤجرة بعلم المؤجر ودون معارضته، ومن ثم يلتزم المؤجر بأن يرد للمستأجر عند انقضاء الإيجار ما أنفقه فى المنشآت أو ما زاد فى قيمة العقار بسبب هذه المنشآت [(1)].


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ فى 14 من ديسمبر سنة 1940 استأجر المطعون ضده بصفته من المرحومة السيدة زهرة الترجمان بصفتها ناظرة على وقف المرحوم على الترجمان قطعة من أرض الوقف المذكور مقاما عليها مبان وصفت فى العقد بأنها حوائط مغطاة بسقف وذلك لمدة سنة واحدة تبدأ من 15 يناير سنة 1941 وتتجدد سنة فسنة وحددت الأجرة بمبلغ 144 ج سنويا وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1941 وقبل انتهاء مدة العقد وجه المطعون ضده إلى الناظرة خطابا باللغة الفرنسية يطلب فيه موافقتها على التصريح له بأن يقيم على نفقته مكاتب فوق العين المؤجرة مع إلتزامه بدفع العوايد التى تربط على هذه المنشآت على ألا يتحمل بسبب ذلك أية زيادة فى الأجرة كما طلب فى هذا الخطاب تأييد موافقة الناظرة على أن يكون له الخيار فى تجديد العقد لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء مدته - وقد وافقت الناظرة على هذا الايجاب ونفذ هذا الاتفاق فعلا وأقام المطعون ضده طابقا فوق الدور الأرضى المؤجر له واستعمله كمكاتب واستمر يشغل العين المؤجرة حتى توفيت الناظرة المؤجرة وتولت الطاعنة نظارة الوقف ثم أصبحت حارسة قانونية عليه بمقتضى القانون الخاص بحل الأوقاف على غير الخيرات فرفعت بهذه الصفة على المطعون ضده الدعوى رقم 3409 سنة 1954 كلى مصر تطالبه بمبلغ 2201 ج على أنه قيمة الريع المستحق على الطابق المستجد عن المدة من 15 يناير سنة 1945 حتى آخر يونيه سنة 1954 وما يستحق من الأجرة بعد ذلك بواقع 19 ج و800 م شهريا وقضى فى هذه الدعوى انتهائيا بالرفض تأسيسا على أن المطعون ضده لا يلتزم بأى أجرة عن الطابق الجديد - بعد ذلك أقامت الطاعنة الدعوى الحالية رقم 3605 سنة 1958 كلى مصر على المطعون ضده بصفته وطلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها للمبانى والمنشآت المقامة فوق الدور الأرضى المؤجر بالعقد المؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1940 وتسليم هذه المبانى والمنشآت لها وبراءة ذمتها من قيمة ما أنفقه المطعون ضده فى إقامة تلك المنشآت أو ما زاد بسبب إقامتها فى قيمة العين المؤجرة وأسست الطاعنة دعواها هذه على أن مقتضى الاتفاق الذى تم بين الناظرة السابقة وبين المطعون ضده أن المنشآت التى أحدثها الأخير تصبح ملكا للوقف بدون مقابل فى نهاية مدة الثلاث سنوات التى امتد إليها العقد وذلك على أساس أن المطعون ضده قد اقتضى مقابل تكاليف هذه المنشآت بانتفاعه بها بغير أجرة طوال هذه المدة وأنه إذ كان المطعون ضده ينازع الطاعنة فى هذا الحق مدعيا أن الوقف لا يتملك المنشآت إلا فى نهاية مدة الإيجار وبعد دفع تكاليفها أو ما زاد فى قيمة العقار المؤجر فقد اضطرت الطاعنة لرفع هذه الدعوى بطلباتها المنوه عنها - دفع المطعون ضده الدعوى (أولا) بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها فى الدعوى رقم 3409 سنة 1954 كلى القاهرة واستئنافها رقم 625 سنة 74 ق القاهرة: (ثانيا) بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيسا على أن الوقف لا يتملك المبانى الجديدة إلا عند انتهاء عقد الإيجار وبعد دفع إحدى القيمتين المشار إليهما، وطلب المطعون ضده احتياطيا رفض الدعوى - وبتاريخ 9 من مارس سنة 1960 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية (أولا) برفض الدفعين السابقين (ثانيا) بتثبيت ملكية المدعية (الطاعنة) للدور الأول فوق الأرضى من العين موضوع عقد الايجار المؤرخ 14 ديسمبر سنة 1940 وببراءة ذمة المدعية من قيمة ما أنفقه المدعى عليه (المطعون ضده) فى إقامة ذلك الدور ومما زاد فى قيمة العين المؤجرة بسبب إقامته وبتسليم هذا الدور إلى المدعية تسليما لا يخل بحق المدعى عليه فى الانتفاع به مدة سريان عقد الإيجار سالف الذكر - فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبا إلغاؤه ورفض دعوى الطاعنة كما استأنفته الطاعنة طالبة تعديله فيما قضى به فى خصوص التسليم والقضاء بأن يكون تسليم الدور لها فورا وقد قيد استئناف المطعون ضده برقم 925 سنة 77 ق القاهرة واستئناف الطاعنة برقم 962 سنة 77 ق القاهرة - وبتاريخ 18 من فبراير سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف (أولا) بقبول الاستئنافين شكلا (ثانيا) فى الاستئناف رقم 925 سنة 77 ق برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وبإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليها (الطاعنة) وإلزامها بمصروفاتها عن الدرجتين (ثالثا) فى الاستئناف رقم 962 سنة 77 ق برفضه وإلزام رافعته بمصروفاته فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأى.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب يتحصل أولها فى أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب تثبيت ملكية الطاعنة لمبانى الدور الجديد تأسيسا على أن هذه الملكية لا تؤول إليها إلا عند انتهاء عقد الإيجار وبعد قيامها بدفع ما أنفقه المطعون ضده فى إنشاء هذا الدور أو ما زاد فى قيمة العين المؤجرة - قد أخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله ذلك أن ملكية المالك لما يقام على ملكه من مبان تتحقق بمجرد الالتصاق طبقا للمادتين 803 و922 من القانون المدنى وإذا كان البانى مستأجرا فإنه يمتنع عليه أن ينزع ما أقامه من بناء ولا يحول سريان عقد الإيجار دون الحكم للمؤجر بملكية هذا البناء وكل ما يترتب على سريان العقد فى هذه الحالة هو أن استعمال المالك البناء يظل معطلا طيلة مدة العقد كما لا يحول دون القضاء للطاعنة بهذه الملكية ما قاله الحكم من أن للمطعون ضده حقا فى تعويض يوازى ما أنفقه فى البناء أو ما زاد فى قيمة العين المؤجرة ذلك أنه بفرض وجود هذا الحق فإن ذلك لا يؤثر على حق الطاعنة فى تملك البناء وإنما يكون للمطعون ضده المستأجر أن يحبسه حتى يقتضى التعويض ومن ثم فإن تعليق الحكم المطعون فيه حق ملكية الطاعنة للمبانى التى أنشأها المطعون ضده على شرط دفع التعويض عند انتهاء عقد الإيجار يكون خطأ فى القانون.
وحيث إن هذا النعى مرود بأنه لما كان الواقع فى الدعوى هو أن ناظرة الوقف السابقة على الطاعنة قد صرحت للمطعون ضده المستأجر بأن يقيم على نفقته بناء فوق العين المؤجرة على أن يلتزم بأداء عوايد المبانى التى تربط على هذا البناء المستجد وقد سكت الطرفان عن بيان مصير هذه المنشآت فإن ملكيتها تكون للمطعون ضده المستأجر طوال مدة الإجارة ولا تؤول إلى الوقف المؤجر إلا عند انتهاء عقد الإيجار ذلك أن حق المؤجر بالنسبة لتلك المنشآت لا يتحدد إلا بالنظر إلى حالة العقار المؤجر فى هذا الوقت ويحق للمستأجر أن يزيلها قبل انتهاء عقد الإيجار بشرط أن يعيد العين المؤجرة إلى حالتها الأصلية بينما يمتنع على المؤجر فى هذا الفرض طلب إزالة هذه المنشآت، ولا يصح الاحتجاج بان أحكام الالتصاق المقررة فى القانون المدنى تقضى باعتبار المؤجر مالكا للبناء من وقت إنشائه إذ أن ترخيص المؤجر للمستأجر فى إقامة البناء على نفقة هذا المستأجر مع التزام الأخير بدفع الضريبة العقارية عن هذا البناء وهى مما يلتزم أصلا به المالك - ودون اتفاق على مصير هذا البناء ذلك يتضمن قبول المؤجر تأجيل إعمال أحكام الالتصاق حتى ينتهى عقد الايجار وهذه الأحكام لا تتعلق بالنظام العام ويجوز لذلك الاتفاق على تعديلها.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه خالف القانون فى قضائه برفض طلب براءة ذمة الطاعن من قيمة ما أنفقه المطعون ضده فى المنشآت أو ما زاد فى قيمة العين المؤجرة ذلك أن الحكم أقام قضاءه برفض هذا الطلب على أن عبارات خطاب 30 أكتوبر سنة 1941 الذى تضمن الترخيص بإقامة هذه المنشآت تفيد أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ترك ملكية هذه المبانى لحكم القواعد العامة المنصوص عليها فى القانون المدنى فى شأن إقامة المستأجر حسن النية بناء فى العين المؤجرة. ووجه الخطأ فى ذلك - على ما ترى الطاعنة - (أولا) أن البناء الذى أحدثه المطعون ضده وقد أقيم فوق المبنى المؤجر فإنه يكون مقاما فى الفضاء والعلو المملوكين للوقف وبالتالى فلا يمكن اعتبار هذا البناء داخلا فى نطاق العين المؤجرة أو من توابعها ومن ثم فهو لا يأخذ حكم البناء الذى يحدثه المستأجر فى تلك العين وإنما يعتبر التصريح بإقامة ذلك الطابق عقد إيجار للعلو، وقول الحكم بأن عبارات خطاب 30 أكتوبر سنة 1941 خالية من هذا المضمون لما تضمنه هذا الخطاب من عدم التزام المطعون ضده المستأجر بأية زيادة فى الأجرة طيلة المدة التى امتدت إليها الإجارة سوى التزامه بدفع العوايد التى تربط على البناء الجديد، هذا القول من الحكم يعد استنادا إلى أسباب غير سائغة ومخالفة لحكم القانون إذ لابد لقيام التزام الوقف بتمكين المطعون ضده من الانتفاع الجديد بعلو الوقف من سبب كما أن الأجرة ركن من أركان عقد الإيجار ولا تعتبر العوايد التى التزم المطعون ضده بدفعها من قبيل الأجرة أو مقابل الانتفاع لأنها تكليف على العقار مفروض لصالح الدولة ولا تؤول للمؤجر ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطابق الجديد موضوع النزاع داخلا فى العين المؤجرة وطبق عليه حكم البناء فيها قد خالف القانون كما شابه القصور لعدم بيانه الأسباب التى من أجلها اعتبر البناء داخلا فى نطاق العين المؤجرة ولخلوه أيضا من الأسباب التى تسوغ إعفاء المطعون ضده من أجرة الطابق الجديد إن لم يكن ذلك فى مقابل تملك الوقف لهذا الطابق بدون مقابل فى نهاية مدة الإيجار سيما وإن هذا الاتفاق تم فى وقت لم يكن فيه للمستأجرين حماية من الاخلاء (ثانيا) إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما ذهب إليه من خلو الاتفاق من نص بخصوص مصير البناء المستجد ذلك أنه لو صح جدلا أن الاتفاق على إقامة هذا البناء خلو من بيان هذا المصير فإن نصوص عقد الإيجار الأصلى المؤرخ 14 ديسمبر سنة 1940 والتى يجب الرجوع إليها قد تضمنت فى البند الحادى عشر منها الإحالة إلى كافة الشروط الأخرى الواردة فى العقود المطبوعة المستعملة بالقاهرة والتى لم يرد ذكرها فى عقد الإيجار المذكور وإذ كانت هذه العقود المطبوعة تنص دائما على أن المستأجر لا يستحق أى تعويض عن المبانى التى يقيمها فى العين المؤجرة وقد قضى بذلك الحكم الصادر بين الطرفين من محكمة استئناف القاهرة فى الاستئنافين رقمى 1258 سنة 76 ق، 872 سنة 77 ق فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطاعنة ملزمة بأداء التعويض عن الطابق الجديد على خلاف ما تقضى به النصوص التى أحال إليها عقد الإيجار يكون مخالفا للقانون (ثالثا) أن الحكم المطعون فيه قد شابه التناقض ذلك أنه فى الوقت الذى قرر فيه بأن عبارة الخطاب المؤرخ 30/ 10/ 1941 واضحة الدلالة وليست فى حاجة إلى تفسير فإن الحكم فى نفس الوقت يسلم بوجود الغموض الداعى إلى التفسير وذلك حينما احتج بأن ناظرة الوقف لم ترد على المطعون ضده بما يكشف عن هذا الغموض.
وحيث إن هذا النعى مردود فى شقه الأول بأنه لما كانت العين المؤجرة قد وصفت فى عقد الإيجار المؤرخ 14 ديسمبر سنة 1940 بأنها عبارة عن قطعة أرض مقام عليها مبنى مكون من جدران من المبانى مغطاه بسقف وكان يبين من خطاب 30 أكتوبر سنة 1941 أن ناظرة الوقف المؤجرة قد رخصت للمطعون ضده بإنشاء مكاتب على سطح المكان المؤجر فإن هذه الانشاءات لا تعتبر خارجة عن نطاق العين المؤجرة بل داخلة فيها ويجرى عليها أحكام القانون الخاصة بالبناء الذى يحدثه المستأجر فى العين المؤجرة ما لم يكن هناك اتفاق يقضى بغير ذلك، ولا يلزم لخضوع البناء الجديد لتلك الأحكام أن تكون قد حددت له أجرة مستقلة بالإضافة إلى الأجرة المتفق عليها فى عقد الإيجار إذ أن تحديد هذه الأجرة ليست شرطا لانطباق أحكام القانون فى هذا الخصوص ولا يوجد ما يمنع من أن يعفى المؤجر المستأجر من أية أجرة إضافية عن انتفاعه بالبناء الذى أحدثه هذا المستأجر على نفقته وتكون فى هذه الحالة الأجرة المتفق عليها أصلا فى العقد هى المقابل لانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة شاملة هذا البناء المستجد ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون فى هذا الخصوص على غير أساس كما أنه على غير أساس أيضا النعى عليه بالقصور لعدم ذكره أسباب اعتباره البناء الجديد داخلا فى العين المؤجرة وأسباب إعفائه المطعون ضده من أجرة هذا البناء ذلك أن الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع أية منازعة فى هذين الخصوصين حتى كان يلتزم الحكم المطعون فيه بالرد عليها - لما كان ذلك وكان يبين من خطاب 30 أكتوبر سنة 1941 الذى تضمن ترخيص ناظرة الوقف للمطعون ضده المستأجر بإحداث المنشآت الجديدة أنه خلو من بيان مصير هذه المنشآت وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن المستأجر الذى يبنى فى ظل القانون المدنى الملغى فى العقار المؤجر بتصريح من المؤجر ينزل منزلة البانى فى أرض الغير بحسن نية ويأخذ حكمه فتطبق بالنسبة عليه الفقرة الأخيرة من المادة 65 من ذلك القانون ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك - وهذا النظر هو ما قننه القانون القائم فى المادة 592 منه بشأن البناء الذى يقيمه المستأجر فى العين المؤجر بعلم المؤجر ودون معارضته (نقض 11 يونيه سنة 1964 فى الطعن رقم 348 سنة 39 قضائية) ومن ثم يلتزم المؤجر بأن يرد للمستأجر عند إنقضاء الإيجار ما أنفقه فى المنشآت أو ما زاد فى قيمة العقار بسبب هذه المنشآت لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض القضاء ببراءة ذمة الطاعنة من هاتين القيمتين فإنه يكون مصيبا فى القانون ومبنيا على أسباب سائغة خلافا لما تقرره الطاعنة فى وجه النعى، والنعى مردود فى شقه الثانى بأن ما تثيره الطاعنة فى هذا الشق هو دفاع جديد لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع وهو لما يخالطه من واقع لا يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض. أما عن الحكم الصادر فى الإستئنافين رقمى 872 و1258 سنة 77 ق القاهرة الذى أشارت إليه الطاعنة فى وجه النعى وقدمت صورته بملف الطعن فإنه علاوة على عدم تقديم الطاعنة الدليل على إنها عرضت هذا الحكم على محكمة الموضوع فإن ذلك الحكم الصادر فى شأن عين أخرى غير العين محل النزاع فى الدعوى الحالية ومؤجرة بعقد إيجار مستقل فى 12 نوفمبر سنة 1941 ومن ثم فلا حجية لهذا الحكم على المطعون ضده فى النزاع المطروح والنعى مردود فى شقه الثالث بأن التناقض المدعى به لا وجود له فى الحكم المطعون فيه ذلك أن هذا الحكم حين قرر أن عبارات الكتاب المؤرخ فى 30 أكتوبر سنة 1941 صريحة وجلية بحيث لا تحتاج إلى تفسير فإنه عنى أنها صريحة فى أن الطرفين قد سكتا عن بيان مصير ملكية المبانى الجديد وأنهما تعمدا ترك هذه المسألة لحكم القواعد العامة المنصوص عليها فى القانون المدنى والخاصة بما يقيمه المستأجر من بناء فى العين المؤجرة وإذا كان الحكم قد أردف ذلك بقوله "ولو كان قصدهما أيلولة ملكية هذه المبانى إلى الوقف المؤجر فى نهاية المدة المحددة لما توانى المستأنف (المطعون ضده) عن إثبات هذا المصير فى هذا الخطاب أو لردت عليه ناظرة الوقف بما يكشف عن هذا الغموض" فإن الحكم لم يقصد بكلمة "الغموض" هنا أن هناك غموضا حول ما إذا كان الطرفان قد سكتا عن بيان مصير المبانى الجديدة أو لم يسكتا وإنما الغموض الذى عناه هو الغموض الذى يكتنف قول الطاعنة بأن قصد الطرفين اتجه إلى أن تؤول ملكية المبانى الجديدة إلى الوقف بغير مقابل فى نهاية المدة المحددة ومتى كان قصد المحكمة واضحا ورأيها ظاهرا فى الحكم من أنها بنت قضاءها على عدم وجود اتفاق على مصير المنشآت الجديدة فإن النعى بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعنة تسليمها الدور الجديد قد أخطأ فى القانون ذلك أن هذا الدور كما سبق القول قد أقيم على مسطح فضاء فى العلو المملوك للوقف ولا يدخل فى العين المؤجرة وبالتالى فلا ينطبق عليه القانون رقم 121 لسنة 1947 ولا يقدح فى ذلك قيام المطعون ضده بإقامة هذا الدور بإذن من المؤجرة لأن العبرة فيما يختص بتطبيق أحكام ذلك القانون هى بصفة المكان المؤجرة التأجير وبذلك فإن حق المطعون ضده فى الانتفاع بهذا الطابق ينتهى بانتهاء الثلاث السنوات المحددة فى خطاب 30 أكتوبر سنة 1941 ومن ثم يلتزم المطعون ضده بتسليمه من هذا التاريخ.
وحيث إن هذا النعى مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى بحق إلى أن ملكية المبانى التى أقامها المطعون ضده لا تكون للوقف إلا عند انتهاء الإيجار وبعد دفع أى القيمتين وعلى هذا الأساس رفض طلب التسليم قائلا أنه أثر من آثار الملكية ومترتب عليها فإن النعى عليه بالخطأ فى القانون فى هذا الخصوص يكون على غير أساس - أما ما تثيره الطاعنة فى هذا الوجه خاصا بأن الطابق الجديد لا يدخل فى العين المؤجرة فقد سبق الرد عليه عند الرد على الوجه الأول من السبب الثانى من أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.


[(1)] راجع نقض 11 يونيه سنة 1964 في الطعن رقم 248 لسنة 29 ق بمجموعة المكتب الفنى س 15 ص 819.