أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1261

جلسة 26 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وإبراهيم الجافى، وعباس حلمى عبد الجواد، وابراهيم علام.

(173)
الطعن رقم 336 لسنة 32 القضائية

( أ ) إستئناف. "طريقة رفعه". "الحكم فى الإستئناف". بطلان.
اقتصار صحيفة الاستئناف المطروح على المحكمة على قضاء الحكم المستأنف فى الشق المستعجل. رفع الاستئناف عن القضاء فى الموضوع بعريضة وبقائه فى التحضير دون عرضه على المحكمة. قضاء محكمة الاستئناف ببطلان هذا الاستئناف دون طرحه أمامها باطل. الطلب الوارد فى مذكرة المستأنف إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى الطلب الموضوعى لا يعتبر رفعا لإستئناف عن قضاء الحكم المستأنف فى الموضوع.
(ب) محكمة الموضوع. دعوى. "الطلب الموضوعى والطلب المستعجل". اختصاص. نقض.
تقدير قيام رابطة بين الطلب الموضوعى والطلب المستعجل. تمييز رفع الطلب الثانى أمام محكمة الموضوع بطريق التبعية للطلب الأول. تقدير موضوعى لا معقب عليه لمحكمة النقض متى بنى على أسباب سائغة.
(جـ) قاضى الأمور المستعجلة. "اختصاصه". حكم. "عيوب التدليل". "قصور. ما لا يعد كذلك.
قضاء الحكم المستعجل بطرد الوكيل من المخزن المسلم إليه بسبب الوكالة لاستظهار المحكمة إنتهاء عقد الوكالة، إعمالا للشرط الفاسخ الصريح دون التعويل على منازعة المحكوم عليه المؤسسة على أن استعمال الموكل حقه الذى يخوله الاتفاق مبنى على التعسف والتى يرمى من ورائها إلى تعديل الاتفاق وآثاره. لا قصور.
مهمة قاضى الأمور المستعجلة تقتصر على تنفيذ الاتفاقات دون إجراء أى تعديل فيها. عدم المساس بالحق يتناضل فيه ذو الشأن لدى جهة الاختصاص.
(د) قاضى الأمور المستعجلة. "سلطته".
سلطة قاضى الأمور المستعجلة فى تقدير جدية النزاع بغير معقب عليه.
1 - إذا كانت صحيفة الإستئناف المطروح على المحكمة لم تتضمن إستئناف قضاء الحكم المستأنف فى الموضوع بل اقتصرت على إستئناف قضائه فى الشق المستعجل منه وكان المستأنف قد رفع استئنافا عن القضاء الموضوعى بعريضة أودعت قلم الكتاب ولم يزل فى التحضير فلم يعرض على المحكمة - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذا الإستئناف وهو غير مطروح عليه يكون قد وقع باطلا ولا يغير من ذلك أن تتضمن مذكرة المستأنف الختامية طلب إلغاء قضاء الحكم المستأنف فى الطلب الموضوعى ذلك أن هذا الذى تضمنته المذكرة لا يعتبر رفعا لإستئناف عن قضاء الحكم المستأنف فى الموضوع.
2 - تقدير محكمة الموضوع لقيام رابطة بين الطلب الموضوعى والطلب المستعجل تجيز رفع الطلب الثانى إلى محكمة الموضوع بطريق التبعية للطلب الأول هو تقدير موضوعى لا معقب عليه لمحكمة النقض متى بنى على أسباب سائغة.
3 - متى كان الحكم قد أقام قضاءه بطرد الطاعن (الوكيل) من المخزن المسلم إليه بسبب الوكالة على ما استخلصه من ظاهر المستندات المقدمة إلى المحكمة من أن المطعون ضدها (الموكل) قد أنهت عقد الوكالة بإنذار وجهته إلى الطاعن إعمالا للشرط الصريح الوارد بعقد الوكالة وأنه بذلك يصبح وضع يده من غير سند وبمثابة غصب يبرر الالتجاء إلى القضاء المستعجل لازالته ولم يقم الحكم وزنا لمنازعة الطاعن المؤسسة على أن استعمال المطعون ضدها للحق الذى يخوله لها الاتفاق مبنى على التعسف - وهى منازعة يرمى الطاعن من ورائها إلى تعديل الاتفاق فى الآثار المترتبة عليه فإن الحكم لا يكون قد أخطأ أو عاره قصور ذلك أن مهمة قاضى الأمور المستعجلة فى هذه الحالة تقتصر على تنفيذ الاتفاقات دون إجراء أى تعديل فيها وليس فيما قرره الحكم مساس بالحق الذى يبقى محفوظا سليما يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الاختصاص.
4 - لقاضى الأمور المستعجلة السلطة التامة فى تقدير جدية النزاع بغير معقب عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم 25 سنة 1962 تجارى كلى أسيوط وقالت فى بيانها أنه بموجب عقد وكالة بالعمولة محرر فى 5 من يناير سنة 1938 تم التعاقد بين الطاعن وبين شركة سوكونى فاكوم أويل التى حلت محلها الشركة المطعون ضدها - على أن يكون الطاعن وكيلا لها فى بيع مستخرجاتها من الغاز والبنزين والديزل والزيوت المعدنية فى مناطق أبو تيج وصدفا والمطيعة وذلك بالأثمان والشروط التى تعينها له - وأنه نفاذا لهذا العقد وتسهيلا للطاعن فى مباشرة نشاطه التجارى قامت الشركة بتسليمه المهمات والأدوات اللازمة لمباشرة هذا النشاط وذلك على سبيل العارية بمقتضى إيصالات موقع عليها منه تعهد فيها برد تلك الأشياء عند طلب الشركة لها وإذ أخل الطاعن بشروط عقد الوكالة بأن تصرف فى البضاعة المودعة لديه على سبيل الأمانة دون إذن سابق من الشركة مخالفا بذلك تعليماتها فى هذا الشأن وهو ما سجلته عليه الشركة بخطابها المؤرخ فى 22 من يونيه سنة 1961 - فقد تقدمت هذه الشركة بطلب إلى رئيس محكمة أسيوط الابتدائية بصفته قاضيا للأمور الوقتية بطلب الأمر بتوقيع الحجز التحفظى الاستحقاقى على المهمات والأدوات - المبينة بطلبها - وتحديد جلسة لنظر الموضوع ليسمع الطاعن الحكم بإلزامه بأن يسلم للشركة للمطعون ضدها الأدوات والمهمات المنوه عنها أو دفع ثمنها أو ثمن الناقص منها طبقا لأسعارها المبينة بالكشوف المقدمة - المصروفات - وفى 23 من نوفمبر سنة 1961 أصدر قاضى الأمور الوقتية أمره بتوقيع الحجز - ووقع الحجز فعلا فى ذات اليوم - وبجلسة 23 من يناير سنة 1962 التى كانت محددة لنظر الموضوع - وجهت الشركة المطعون ضدها الطاعن طلبا آخر هو الحكم بصفة مستعجلة بطرده من مخزنها الكائن ببلدة أبى تيج وهو المخزن الذى كان قد تسلمه باعتباره وكيلا لها بالعمولة فى تلك البلدة - وقد طلب الطاعن رفض الطلب الموضوعى على أساس أن عقد الوكالة بالعمولة المبرم بينه وبين الشركة المطعون ضدها لا يزال قائما - كما دفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الطلب المستعجل استنادا إلى انتفاء علاقة التبعية بينه وبين الطلب الأصلى الذى رفعت به الدعوى - وبتاريخ 23 من مارس سنة 1962 قضت محكمة أول درجة (أولا) بإلزام المستأنف "الطاعن" بتسليم الشركة المطعون ضدها المهمات والأدوات المبينة بطلب الحجز ودفع قيمة الناقص منها حسب ما هو مبين بالإيصالات الخاصة بالإعارة (ثانيا) وبصفة مستعجلة بطرد المستأنف "الطاعن" من مخزن الشركة بجهة أبو تيج - وألزمت المستأنف المصروفات - استأنف الطاعن هذا الحكم فيما يختص بالطلب المستعجل - أمام محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 132 سنة 37 قضائية بتكليف بالحضور وطلب إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بطلب الطرد والقضاء بقبول هذا الدفع وبعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بالفصل فى هذا الطلب وضمن مذكرته الختامية المقدمة منه فى هذا الاستئناف طلب إلغاء الحكم المستأنف فى خصوص ما قضى به فى الطلب الموضوعى وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف: (أولا) فى استئناف الموضوع ببطلانه لرفعه بغير الطريق القانونى. (ثانيا) فى استئناف الشق المستعجل برفضه وبتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة أصرت النيابة على رأيها الذى أبدته بمذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بنى على خمسة أسباب يتحصل أولها فى بطلان الحكم المطعون فيه فيما قضى به من بطلان الاستئناف الموضوعى لرفعه بغير الطريق القانونى - وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الدعوى تضمنت طلبين أحدهما أصلى وهو طلب الحكم بتسليم المهمات والأدوات المبينة فى طلب الحجز والثانى وصف بأنه تبعى وهو طلب الحكم بصفة مستعجلة بطرد الطاعن من مخزن الشركة المطعون ضدها - وقد حكمت محكمة أول درجة فى الدعوى بشقيها فاستأنف الطاعن الحكم الموضوعى بطريق الإيداع وقيد استئنافه برقم 133 سنة 37 قضائية أسيوط كما استأنف الحكم فى شقه المستعجل بالاستئناف رقم 132 سنة 37 قضائية أسيوط بتكليف بالحضور - ولما كان الاستئناف الموضوعى قد تم بالطريق القانونى وكان ما زال فى دور التحضير بقلم الكتاب ولم يكن مطروحا على محكمة الاستئناف وقت فصلها فى الاستئناف الخاص بالشق المستعجل فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان الاستئناف الموضوعى لرفعه بغير الطريق القانونى يكون قد فصل فى نزاع لم يكن مطروحا على المحكمة مما يجعله باطلا فى هذا الخصوص - أما ما ورد فى صدر مذكرة الطاعن المقدمة إلى محكمة الاستئناف خاصا بطلب إلغاء الحكم الابتدائى فيما قضى به من تسليم المهمات فإنه فى الواقع حشو غريب عن حقيقة موضوع الاستئناف المستعجل وليس له علاقة بالطلبات التى أبديت فعلا فى عريضة الاستئناف ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ما ورد فى هذه المذكرة استئنافا عن قضاء الحكم الابتدائى فى الطلب الموضوعى قد أخطأ فى القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه لما كانت صحيفة الاستئناف المطروح على المحكمة لم تتضمن استئناف قضاء الحكم المستأنف فى الموضوع بل اقتصرت على استئناف قضائه فى الشق المستعجل منه وكان المستأنف قد رفع استئنافا عن القضاء الموضوعى بعريضة أودعت بقلم الكتاب وكان هذا الاستئناف ما زال فى التحضير ومن ثم فلم يكن هذا الاستئناف معروضا على المحكمة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان هذا الاستئناف وهو غير مطروح عليه يكون قد وقع باطلا فى هذا الخصوص ولا يغير من ذلك أن مذكرة المستأنف الختامية تضمنت طلب إلغاء قضاء الحكم المستأنف فى الطلب الموضوعى إذ أن هذا الذى تضمنته المذكرة لا يعتبر رفعا لاستئناف عن قضاء الحكم المستأنف فى الموضوع وإنما هو طلب غريب عن الاستئناف الذى كان مطروحا على المحكمة مما كان يتعين معه عليها أن تهمله ولا تنظر فيه وإذ اعتبرت محكمة الاستئناف أن هناك استئنافا عن الموضوع مطروحا عليها وحكمت ببطلانه فإنها تكون قد خالفت القانون بما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه فى خصوص ما قضى به من بطلان استئناف الموضوع.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى القانون ذلك أن الشركة المطعون ضدها عندما التجأت إلى قاضى الأمور الوقتية بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1961 استندت فى طلب استلام الأدوات والمهمات إلى إيصالات العارية فى حين أنها لم توجه الطلب المستعجل إلى الطاعن بالطرد إلا فى جلسة المرافعة فى 23 من يناير سنة 1962 وكان ذلك لاحقا لإنذار الفسخ الذى حصل منها للطاعن فى 12 من ديسمبر سنة 1961 وقد أسست هذا الطلب على أن عقد الوكالة قد فسخته بإرادتها المنفردة وأن العلاقة أصبحت غير قائمة - ويرى الطاعن أن الطلب المستعجل على هذه الصورة لم يكن متفرعا عن الطلب الأصلى الخاص باستلام المهمات أو تابعا له بل هو طلب مستقل تماما عنه ومختلف فى سببه وقد سلمت المحكمة نفسها بعدم قيام التلازم بين الطلبين حين انتهت إلى أن الطلب الموضوعى صحيح بقطع النظر عن استمرار عقد الوكالة بالعمولة - ومتى انعدم الارتباط بين الطلبين فإنه ما كان يجوز قبول الطلب المستعجل أمام المحكمة الابتدائية وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبول هذا الطلب قد خالف القانون.
وحيث إن الحكم الابتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله "لما كان البادى من ظاهر المستندات أن الدعوى المرفوعة بالطلب الأصلى قد أقيمت بطلب تسليم المهمات تأسيسا على أن عقد الوكالة بالعمولة قد انتهى بينهما ويبدو من ظاهر المستندات أيضا أن طلب الطرد من مستودع الشركة ليس فى ظاهره إلا صورة ملحقة فى الأساس والقصد للطلب الأصلى ومن ثم فهو طلب بإجراء وقتى اختارت المدعية "الشركة المطعون ضدها" طريق رفعه بالتبعية لدعواها الأصلية المرفوعة أمام هذه المحكمة وهذا حق لها منحته المادة 49 مرافعات وتملك هذه المحكمة سلطة الفصل فيه ما دامت دواعيه من توافر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق وكونه إجراءا وقتيا قد أفصح عنها ظاهر المستندات" وهذا الذى أورده الحكم يبين منه أن المحكمة قد فصلت فى الطلب المستعجل على أساس قيام علاقة تبعية بينه وبين الطلب الموضوعى ودللت على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها لما كان ذلك وكان تقدير محكمة الموضوع لقيام رابطة بين الطلب الموضوعى والطلب المستعجل تجيز رفع الثانى إلى محكمة الموضوع بطريق التبعية للطلب الأول هو تقدير موضوعى لا معقب عليه لمحكمة النقض متى بنى على أسباب سائغة فإن النعى على الحكم بالخطأ فى القانون فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعن أنه على الرغم من أن الشركة المطعون ضدها قد اعتمدت فى المطالبة بتسليم المهمات على إيصالات العارية الموقع عليها من الطاعن وعلى ما أثبتته المحكمة فى حكمها وأعادت الإشارة إليه فى موطن آخر بقولها إن من حق الشركة - المطالبة بتلك الأدوات والمهمات لحاجتها إليها حتى مع قيام الوكالة بالعمولة - فإن المحكمة عندما انتقلت إلى مناقشة الدفع المبدى من الطاعن غيرت سبب الدعوى الأصلية إذ ذهبت فى أسباب حكمها إلى أن الشركة تستند فى طلبها المذكور إلى انتهاء عقد الوكالة بالعمولة وقد لجأت إلى ذلك حتى توائم بين الطلب الموضوعى والطلب المستعجل وينتهى الطاعن إلى القول بأنه علاوة على ما وقعت فيه المحكمة من تناقض فى التسبيب مما يعجز محكمة النقض عن المراقبة فإن خطأها فى تغيير السبب الذى أقيمت عليه الدعوى الأصلية قد انتهى بها إلى الخطأ فى النتيجة التى خلصت إليها مما يجعل حكمها باطلا.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الشركة المطعون ضدها على ما يبين من مذكرتها المقدمة إلى محكمة أول درجة والمؤرخة 20 من فبراير سنة 1962 قد انتهت فيها إلى أن أساس دعواها سواء فيما يختص بالطلب الموضوعى أو الطلب المستعجل هو إلغاء التوكيل مما يترتب عليه التزام الطاعن بأن يسلم ما فى عهدته من أدوات ومهمات وبأن يخلى المخزن الذى سلم إليه بمناسبة قيام عقد الوكالة ومن ثم تكون المحكمة إذ ذهبت إلى سبب الطلبين واحد وهو إنها الوكالة من جانب الموكل مما يترتب عليه أن يلتزم الوكيل برد جميع ما كان قد تسلمه بسبب الوكالة فإنها لا تكون قد خالفت القانون أما التناقض المدعى به فلا وجود له فى ذلك أن قصد المحكمة كان ظاهرا ورأيها واضحا فى الحكم من أنها قضت فى الدعوى على أساس أن سبب الطلبين واحد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب من خمسة أوجه (الأول) دفع الطاعن أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بوصفها محكمة للأمور المستعجلة بالفصل فى طلب الطرد الذى تؤسسه الشركة المطعون ضدها على انتهاء عقد الوكالة إعمالا للحق المخول لها بالبند السادس عشر من ذلك العقد واستند الطاعن فى هذا الدفع إلى أن الشركة متعسفة فى استعمال حقها هذا فيكون استعماله غير مشروع طبقا لنص المادة الخامسة من القانون المدنى ولكن المحكمة لم ترد على هذا الدفع. (والثانى) أن الفسخ الذى يعتبر أساسا للطرد فيه مساس بحقوق جوهرية موضوعية لم يقل القضاء كلمته فيها ذلك أن ما جاء فى البندين السادس عشر والسابع عشر من عقد الوكالة لا يعدو أن يكون ترديدا للشرط الفاسخ الضمنى وهذا الشرط لا يضفى فى ذاته اختصاصا للقاضى المستعجل بل يجب أن يتوافر فى الدعوى سبب الاستعجال المبرر لاختصاصه عموما كما أن هذا الشرط لا يستوجب للفسخ حتما بل يخضع لتقدير القاضى - وللمدين نفسه أن يتفادى الفسخ بتنفيذ التزامه قبل صدور الحكم نهائيا عملا بنص المادة 157 من القانون المدنى فالحكم وحده هو الذى ينشئ الفسخ - وإذ كان الطاعن قد نازع المطعون ضدها فى الفسخ وأنكر الإخلال بأى التزام فإن قضاء المحكمة بالطرد دون تمحيص لهذا الدفاع ينطوى على مساس بالموضوع (والثالث) قدم الطاعن أمام محكمة الاستئناف عدة مستندات تفيد أنه يداين الشركة المطعون ضدها فى عدم مبالغ ناتجة عن عقد الوكالة ورتب على ذلك أن القضاء بالطرد فيه مساس بحقه فى اقتضاء هذا الدين من الشركة عن طريق حبس المستودع تحت يده حتى يستوفى حقه كاملا طبقا لنص المادتين 246 من القانون المدنى والمادة 85 من قانون التجارة إلا أن المحكمة قد اقتصرت على بيان موضوع هذه المستندات دون أن تتعرض لها مع أنها قدمت لأول مرة فى الاستئناف والوجه الرابع - أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الشركة عدلت عن إنهاء عقد الوكالة واستند فى ذلك إلى البرقية المرسلة منها إليه بتاريخ 24 من يناير سنة 1962 المتضمنة قبولها التعامل معه من جديد على أساس الدفع نقدا إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى فى الرد على هذا الدفاع بما أورده الحكم الابتدائى من أن هذه البرقية خاصة بصفقه عابرة هذا فى حين أن فى إرسال الشركة لهذه البرقية وقبولها التعامل مع الطاعن بعد إنذارها له بإنهاء الوكالة وتوجيه طلبها بطرده من المخزن ما يؤكد أنها كانت تبغى استمرار المعاملة مع الطاعن بالشروط الواردة فى العقد على أساس دفع الثمن نقدا وإذ خرج الحكم على هذا المعنى الظاهرة للبرقية فإنه يكون مشوبا بالقصور - والخامس - أن امتناع الطاعن عن تسليم المهمات لم يكن مرجعه إلى أنها قام بتبديدها كما ذهبت إلى ذلك الشركة المطعون ضدها وإنما يرجع إلى تمسكه بحقه الذى يخوله له العقد وهو عقد ملزم لكل من الطرفين بالتزامات معينة فلا تملك الشركة فسخه بإرادتها المنفردة كما أن الشركة تطلب بأثمان هذه المنقولات لا على أساس ما تساويه بالحالة التى انتهت إليها بعد هذه المدة الطويلة من الاستهلاك بل تطالب بأثمانها على أنها جديدة الأمر الذى لا يتفق مع طبيعة التعامل ولا مع حسن النية بين الطرفين.
وحيث إن هذا النعى مردود فى جميع وجوهه ذلك أن الحكم الابتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باختصاصه وبطرد الطاعن من المخزن المسلم إليه بسبب الوكالة على ما استخلصه من ظاهر المستندات المقدمة إلى المحكمة من أن المطعون ضدها قد أنهت عقد الوكالة بإنذار وجهته إلى الطاعن بتاريخ 12 من ديسمبر سنة 1961 وذلك إعمالا للشرط الصريح الوارد بالبند السادس عشر من ذلك العقد وأنه بذلك يصبح وضع يده من غير سند وبمثابة غصب يبرر الالتجاء إلى القضاء المستعجل لإزالته مما مفاده أن الحكم أعمل ما اتفق عليه الطرفان فى البند السادس عشر المشار إليه والذى ينص على أنه "يجوز لكل من الشركة ووكيل البيع أن يلغى هذا العقد فى أى وقت بشرط أن يعلن كل طرف الآخر برغبته بشهر على الأقل قبل ذلك والإخطار يرسل بخطاب موصى عليه بالبريد دون حاجة لذكر أسباب الإلغاء - وفى هذه الحالة يتعهد وكيل البيع أن يسلم للشركة لدى أول طلب منها البضائع والمهمات وخلافها ملك الشركة وذلك فى حالة جيدة دون أن يكون له الحق فى مطالبة الشركة بأى تعويض أو عمولة أو خصم عن البضائع الغير المبيعة" كما لم يقم الحكم وزنا لمنازعة الطاعن المؤسسة على أن استعمال الشركة للحق الذى يخوله لها هذا البند مبنى على التعسف وهى منازعة يرمى من ورائها الطاعن إلى تعديل الاتفاق فى الآثار المترتبة عليه ومن ثم فإن الحكم لا يكون قد أخطأ أو عاره قصور ذلك أن مهمة قاضى الأمور المستعجلة فى هذه الحالة تقتصر على تنفيذ الاتفاق دون إجراء أى تعديل فيها وليس فيما قرره الحكم مساس بالحق الذى يبقى محفوظا سليما يتناضل فيه ذوو الشأن لدى جهة الاختصاص- لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالقصور لإغفاله الرد على ما أثاره الطاعن من أن الشرط المشار إليه بسبب النعى مبنى على التعسف على غير أساس أما ما يثيره الطاعن من أن نص البند السادس عشر الآنف ذكره يتضمن شرطا ضمنيا فاسخا فمردود بأن ما احتواه هذا الشرط لا يعدو أن يكون تقريرا لأثر يترتب حتما على انتهاء عقد الوكالة وهو إلزام الوكيل برد ما كان تحت يده للموكل بسبب الوكالة - أما تعيب الحكم المطعون فيه بأنه أغفل الرد على المستندات التى قدمها الطاعن إلى محكمة الاستئناف لأول مرة وما رتبه على ذلك من أحقيته فى حبس المخزن فمردود بأنه لما كان يبين من إشارة الحكم إلى هذه المستندات ومن قوله أنه ليس فيها جديد يستأهل الرد عليه أن المحكمة رأت فى حدود سلطتها التقديرية عدم جدية المنازعة التى قدم الطاعن المستندات المشار إليها لتأييدها - لما كان ذلك وكان لقاضى الأمور المستعجلة السلطة التامة فى تقدير جدية النزاع بغير معقب عليه فإن تعييب الحكم فى هذا الخصوص يكون لا أساس له - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إطراحه البرقية المقدمة منه كدليل على استمرار العلاقة بينه وبين الشركة فإن الحكم الابتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "إن البرقية المقدمة دليلا على استمرار الوكالة التجارية بينهما لا تدل عبارتها على ذلك وإن دلت على شىء فعلى قيام صفقة عادية لا تدل على أن الشركة رجعت عن إنذارها بأن تترك عقد الوكالة بالعمولة وأنها أرادت بهذه البرقية استمرار وكالته فى البيع عنها" وهذا الذى قرره الحكم سائغ ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبته عليه المحكمة وهو ما تحتمله عبارات البرقية ويتضمن الرد الكافى على ما أثاره الطاعن فى هذا الشأن- أما ما يتحدى به الطاعن من أنه لم يبدد المهمات وإنما امتنع عن تسليمها استنادا إلى حقه الثابت فى عقد الوكالة وأنه لا يحق للشركة المطالبة بثمنها على اعتبار أنها جديدة فإن كل ذلك الذى يثيره الطاعن فى هذا الوجه خاص بالطلب الموضوعى وبذلك لا يصادف محلا من الحكم المطعون فيه الذى لم يتعرض للفصل فى هذا الطلب.