مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء السادس (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1942 لغاية 29 أكتوبر سنة 1945) - صـ 713

جلسة 21 مايو سنة 1945

برياسة حضرة صاحب العزة جندى عبد الملك بك المستشار وحضور حضرات: محمد المفتى الجزايرلى بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.

(578)
القضية رقم 746 سنة 15 القضائية

( أ ) قتل اقترنت به أو تلته جناية أخرى. تغليظ العقاب. أساسه. الجناية الأخرى لا يعاقب المتهم عليها لسبب خاص به. ليس للتغليظ مبرر. ابن قتل أباه من أجل سرقة اقترفها فى ماله. لا يصح الحكم عليه بالعقوبة المغلظة.
(ب) الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 312 ع. واحد ممن ارتكبوا الجريمة يشمله الإعفاء. عقاب سائر من قارفوها معه على أساس أنها وقعت منهم جميعا. كون وجوده معهم من شأنه أن يغير من وصف الجريمة أو يشدّد عقوبتها. وجوب معاملتهم على هذا الاعتبار كما لو كان هو الآخر معاقبا. مجنى عليه. اتفاق المتهم مع ولديه على سرقة ماله. قتل أحدهما والده. اعتبار واقعة الشروع فى السرقة جناية وعدّها ظرفا مشددا للقتل الذى اقترفت به. صواب.
1 - إن القانون حين نص فى المادة 234 من قانون العقوبات على تغليظ عقوبة جناية القتل إذا تقدّمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى الخ قد قدّر أن الجانى ارتكب جريمتين لكل منهما عقوبتها بالنسبة إليه فقرّر لهما معا عقوبة واحدة مغلظة ينطوى فيها عقابه عن الجريمتين. ومقتضى ذلك أنه إذا كانت الجناية الأخرى لا عقاب عليها لسبب خاص بالمتهم فإن التغليظ لا يكون له من مبرر. وإذن فإذا قتل الابن أباه لسرقة ماله فلا يصح الحكم بالعقوبة المغلظة عليه. إذ الحكم عليه بهذه العقوبة معناه أنه قد عوقب أيضا على السرقة فى حين أن القانون لا يعاقبه عليها.
2 - إن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 312 ع ليس له من أثر من جهة قيام الجريمة. غاية الأمر أن من يشمله الإعفاء لا توقع عليه أية عقوبة عن الجريمة التى نص على إعفائه من عقوبتها، أما سائر من قارفوها معه فإنهم يعاقبون. وذلك، لا على أساس أنهم ارتكبوها وحدهم، بل على أساس أنها وقعت منهم وهو معهم. وإذن فإذا كان وجوده معهم من شأنه تغيير وصف الجريمة أو تشديد عقوبتها فى ذاتها، فإنهم يعاملون على هذا الاعتبار، أى كما لو كان هو الآخر معاقبا، لأن الإعفاء من العقوبة خاص به فلا يستفيد منه غيره. وإذن فإذا كان المتهم قد اتفق مع ولدى المجنى عليه على سرقة ماله، ودخلوا هم الثلاثة منزله لهذا الغرض بواسطة نقب أحدثوه فيه، وكان أحد الولدين يحمل بندقية أخذها من المتهم وصعد بها إلى السطح ثم أطلقها على والده وهو نائم فى الحوش فأرداه قتيلا، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا اعتبرت واقعة الشروع فى هذه السرقة جناية، وعاملت المتهم على هذا الأساس فعدّتها ظرفا مشدّدا للقتل الذى اقترنت به، ما دام هو - خلافا لولدى المجنى عليه - لا شأن له بالإعفاء من العقوبة.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه هذا الطعن أن القانون لا يعاقب على واقعة الشروع فى السرقة التى اعتبر القتل نتيجة محتملة للاتفاق عليها لوقوعها من ولدى المجنى عليه، ولذلك فان الحكم المطعون فيه إذ اعتبرها ظرفا مشدّدا لجناية القتل التى دين الطاعن بالاشتراك فيها يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن القانون حين نص فى المادة 234 من قانون العقوبات على تغليظ عقوبة جناية القتل إذا تقدّمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى الخ، قد راعى أن الجانى ارتكب جريمتين لكل منهما عقوبتها بالنسبة إليه فقرّر لهما معا عقوبة واحدة مغلظة على أساس أنه يعاقبه على الجريمتين. فإذا كانت الجريمة الأخرى لا يعاقب المتهم عليها لسبب خاص به فإن التغليظ لا يكون له مبرر. وإذن فإذا قتل الابن أباه من أجل سرقة اقترفها على ماله فلا يصح الحكم بالعقوبة المغلظة عليه. والقول بغير ذلك يقتضى القول بمعاقبة المتهم عن السرقة التى رأى الشارع عدم معاقبته عليها.
وحيث إن الإعفاء المنصوص عليه فى المادة 312 عقوبات ليس من شأنه أن يؤثر فى قيام الجريمة بل كل ما هنالك أن من يشمله الإعفاء لا توقع عليه أية عقوبة عن الجريمة التى نص على إعفائه من عقوبتها، أما سائر من قارفوها معه فأنهم يعاقبون عليها لا على أساس أنهم ارتكبوها وحدهم بل على أساس أنها وقعت منهم جميعا. وإذن فإذا كان وجوده معهم من شأنه تغيير وصف الجريمة أو تشديد عقوبتها فى ذاتها فانهم يعاملون على هذا الاعتبار أى كما لو كان هو الآخر معاقبا، لأن الإعفاء من العقوبة خاص به ولا يستفيد منه غيره. ومتى كان الأمر كذلك فإن السرقة تكون جناية بمقتضى المادة 313 عقوبات ولو كان واحد أو اثنان من فاعليها معفيين من العقاب بناء على المادة 312 المذكورة وتوقع العقوبة المقرّرة فيها على كل من لا يتمتع بالإعفاء.
وحيث إنه لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اتفق مع ولدى المجنى عليه على سرقة ماله ودخلوا منزله لهذا الغرض بواسطة نقب أحدثوه فيه، وكان أحد الولدين يحمل بندقية أخذها من الطاعن وصعد بها إلى السطح ثم أطلقها على والده وهو نائم فى الحوش عندما شعر باستيقاظ زوجته فأرداه قتيلا - لما كان هذا هو الثابت فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذ اعتبرت واقعة الشروع فى هذه السرقة جناية وعاملت الطاعن على هذا الأساس فعدّتها ظرفا مشدّدا للقتل الذى اقترنت به.
وحيث إن محصل الوجه الثانى أنه لا دليل على واقعة الشروع فى السرقة المذكورة سوى اعتراف ولدى المجنى عليه فى التحقيق والنقب الذى وجد فى المنزل. ولما كان والدا المجنى عليه قد تناقضا فى أقوالهما ولم يصرا على اعترافهما وكان وجود النقب لا يدل على قصد السرقة إذ قد يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أخرى فإنه لا يمكن الاستناد إلى هذين الدليلين فى القول بثبوت الواقعة المذكورة.
وحيث إن لمحكمة الموضوع، بما لها من حرية مطلقة فى تقدير الوقائع والأدلة، أن تأخذ فى قضائها بما تطمئن إليه من أقوال المتهمين والشهود سواء ما صدر منها فى التحقيق أو فى الجلسة وأن تعتمد على الأدلة المادية والعناصر الأخرى القائمة فى الدعوى متى اطمأنت إليها، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك، ما دامت المقدّمات التى أوردتها فى حكمها من شأنها أن تؤدّى إلى النتيجة التى انتهت إليها. ولما كانت المحكمة قد استخلصت استخلاصا سائغا من أقوال المتهمين فى التحقيق ومن النقب الذى وجد فى منزل المجنى عليه ومن ظروف الدعوى وقرائن الأحوال أن الطاعنين قد دخلوا المنزل للسرقة بواسطة النقب فإن ما يثيره الطاعن فى وجه الطعن لا يقبل منه.
وحيث إن مؤدّى الوجه الثالث أن الأدلة التى اعتمدت عليها المحكمة فى قضائها بإدانة الطاعن بالاشتراك فى جناية القتل ليس من شأنها أن تؤدّى إلى هذه النتيجة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد استند فى القضاء بإدانة الطاعن بالاشتراك فى القتل إلى ضبط البندقية التى استعملت فى ارتكاب الجريمة فى منزله وإلى اعترافه بأن هذه البندقية سلمت إليه من الطاعن الأوّل القاتل فى ليلة الحادث بحالة مريبة وإلى تعرّف الكلب البوليسى عليه بأنه صاحب البندقية وإلى أقوال الطاعن الأوّل فى التحقيق بأنه صحبه إلى منزل المجنى عليه حيث وقع الحادث، وهى أدلة من شأنها أن تؤدّى إلى إدانة الطاعن بالاشتراك فى جناية القتل المرفوعة بها الدعوى عليه. ولما كان الأمر كذلك فإن مجادلة الطاعن على الصورة الواردة بوجه الطعن لا تقبل منه إذ لا يكون لها من معنى سوى محاولة فتح باب المناقشة فى وقائع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.