أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1309

جلسة أول يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

(180)
الطعن رقم 9 لسنة 35 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) وقف. "التصرف فى الأوقاف". "تكييفه". "هيئة التصرفات". "قراراتها". "ماهيتها". "حجيتها". قرارات "قرارات هيئة التصرفات". دعوى. "شرط قبول الدعوى". "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى". قوة الأمر المقضى.
( ا ) التصرف فى الأوقاف بالاستبدال أو بغيره. قضاء فعلى.
(ب) قرارات هيئة التصرفات. حجيتها. منع هيئة التصرفات من إعادة النظر فيما نظرت فيه هيئة تصرفات أخرى. سلطة المحكمة القضائية فى إعادة النظر فى التصرفات بدعوى مبتدأة. إبطاله إذا لم تكن فيه مصلحة.
1 - التصرف فى الأوقاف بالإستبدال أو بغيره مما هو منصوص عليه فى المادة 270 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعتبر من قبيل القضاء الفعلى وهو أقرب إلى العمل الولائى منه إلى العمل القضائى يباشره القاضى بما له من الولاية العامة وبصفته ولى من لا ولى له ويحل فيه محل صاحبه الأصلى عند عدم وجوده وهو الواقف، وفعله أو تصرفه هذا لا يكون حكما ولا يسمى قضاء إلا تجوزا.
2 - ما يباشره القاضى من التصرفات - هيئة التصرفات بالمحكمة مقيد بالمصلحة ويدور معها من حيث الصحة والبطلان وللقاضى بصفته القضائية - أى المحكمة القضائية - الذى يرفع إليه هذا التصرف بدعوى مبتدأة أن ينظر فيه وأن يلغيه إذا لم يجد خيرا فيه، والنص فى المادة 29 من القانون رقم 78 لسنة 1931 قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 على أنه متى نظر شىء مما ذكر لدى من له حق النظر فيه فليس لغيره نظره، لا يتعارض مع ما للمحكمة القضائية من ولاية النظر فى دعوى إبطال تصرف أصدرته هيئة التصرفات لأن المنع هنا إنما يراد به منع هيئة التصرفات من إعادة النظر فيما نظرت فيه هيئة تصرفات أخرى لا منع المحكمة القضائية من إعادة النظر فيما نظرت فيه هيئة التصرفات، ولا وجه لقياس قرارات هيئة التصرفات فى شئون الأوقاف على أحكام القسمة والقول بحجيتها هى الأخرى لأن حجية هذه الأحكام وردت بشأنها نصوص خاصة فى القانون رقم 277 لسنة 1954.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقفى سليمان وسنان باشا أقامت الدعوى رقم 23 لسنة 1957 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد السيدة/ اعتدال عبد العزيز بركات بصفتها حارسة على وقفى زليخا خاتون وحميده عبد الله البيضاء تطلب الحكم عليها فى مواجهة مصلحة المساحة ببطلان القرار الصادر فى مادة التصرفات رقم 1567 لسنة 43/ 1944 القاهرة الشرعية بتاريخ 30/ 6/ 1946 واعتبار وقفى سليمان وسنان باشا مالكين لرقبة قطعتى الأرض الوارد عليها هذا القرار واستحقاقهما لثمنها وقدره 695 ج وعدم تعرض الحارسة لها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماه - وقالت شرحا لدعواها أن وقفى سليمان وسنان باشا المشمولين بنظرها يمتلكان قطعتى الأرض الموضحتى الحدود والمعالم بالعريضة ومقام عليهما مبان لمنفعة وقف زليخا خاتون المشمول بحراسة السيدة اعتدال وقد استولت مصلحة المساحة على هذه الأرض بما عليها من مبان لإقامة مجموعة صحية ببولاق مقابل ثمن إجمالى قدرته بمبلغ 747 ج و750 م منه 965 ج للأرض و52 ج و750 للمبانى وطلبت المصلحة من محكمة القاهرة الشرعية توقيع صيغة البدل إلا أنها أخطأت بأن جعلت وقف زليخا خاتون هو المالك للرقبة فى حين أنها مملوكة لوقفى سليمان وسنان. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1946 أصدرت المحكمة قراراها بتوقيع الصيغة فى مادة التصرفات رقم 1567 لسنة 43/ 1944 على هذا الأساس وإذ تنبهت الوزارة لهذا الخطأ وطلبت تصحيح هذا القرار وقضت المحكمة برفض الطلب استنادا إلى أن التصحيح إنما يرد على الأحكام دون القرارات فقد أقامت هذه الدعوى طالبة الحكم لها بطلباتها ودفعت السيدة/ اعتدال بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالقرارات الصادر فى مادة التصرفات رقم 1567 لسنة 43/ 1944 وقد أصبح نهائيا بعدم استئنافه. وبتاريخ 23/ 2/ 1958 حكمت المحكمة حضوريا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وألزمت المدعى بصفته بالمصاريف ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة - واستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة الحكم ببطلانه لعدم اشتماله على اسم عضو النيابة الذى أبدى الرأى فى الدعوى والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 60 سنة 75 تصرفات قضائية. وبتاريخ 10/ 1/ 1965 حكمت المحكمة حضوريا (أولا) بقبول الاستئناف شكلا (ثانيا) ببطلان الحكم المستأنف (ثالثا) بقبول الدفع المبدى من المستأنف عليها الأولى بصفتها وفى مواجهة المستأنف عليها المستأنف الثانية وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى المادة 1567 لسنة 43/ 1944 تصرفات القاهرة الابتدائية الشرعية (رابعا) إلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليها الأولى بصفتها. وطعنت الوزارة فى هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين فى التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة ولم تبد دفاعا وطلبت المطعون عليها الأولى رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد فى مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مستندا فى ذلك إلى أن قرارات هيئة التصرفات تخضع لذات القواعد التى تخضع لها الأحكام ولا يجوز الطعن فيها بالبطلان بدعوى مبتدأة وقد فات الوزارة استئناف القرار الصادر فى مادة التصرفات 1567 لسنة 43/ 1944 وأصبح نهائيا وحائزا لقوة الشىء المحكوم فيه وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن التصرفات فى شئون الأوقاف ومنها البدل والاستبدال أقرب إلى العمل الإدارى منه إلى العمل القضائى وهو ما اصطلح على تسميته بالوظيفة الولائية للمحاكم القضائية تباشرها بما لها من الولاية العامة والقرارات التى تصدر فيها لا تجوز قوة الشىء المحكوم فيه وللقاضى إذا ما رفعت إليه خصومة قضائية بشأنها أن يعيد النظر فيها ويحكم بصحتها أو بطلانها بما يحقق مصلحة الوقف بما له من ولاية عامة عليه، ولا محل لما احتج به الحكم من أن الأحكام التى تصدرها المحاكم الشرعية فى دعاوى القسمة والاستبدال وما إليها يكون لها أثر الأحكام التى تصدرها المحاكم المدنية طبقا للقانون رقم 181 لسنة 1952 بعد تعديله بالقانون رقم 277 لسنة 1954 لأن هذا الأثر يقتصر نطاقه على دعاوى القسمة والاستحقاق فى الوقف وما عدا ذلك من الدعاوى باق على أصله.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أن التصرف فى الأوقاف بالإستبدال أو بغيره مما هو منصوص عليه فى المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعتبر من قبيل القضاء الفعلى وهو أقرب إلى العمل الولائى منه إلى العمل القضائى يباشره القاضى بما له من الولاية العامة وبصفته ولى من لا ولى له ولا يحل فيه محل صاحبه الأصلى عند عدم وجوده وهو الواقف وفعله أو تصرفه لا يكون حكما ولا يسمى قضاء إلا تجوزا، وقد نص الفقهاء على أن ما يباشره القاضى من التصرفات - هيئة التصرفات بالمحكمة - مقيد بالمصلحة ويدور معها من حيث الصحة والبطلان كما نصوا على أن للقاضى بصفته القضائية - المحكمة القضائية - الذى يرفع إليه هذا التصرف بدعوى مبتدأة أن ينظر فيه وأن يبطله أو يلغيه إذا لم يجد خيرا فيه والنص فى المادة 29 من القانون رقم 78 لسنة 1931 قبل إلغائها بالقانون رقم 462 لسنة 1955 على أنه متى نظر شىء مما ذكر لدى من له حق النظر فيه فليس لغيره نظره، لا يتعارض مع ما للمحكمة القضائية من ولاية النظر فى دعوى إبطال تصرف أصدرته هيئة التصرفات لأن المنع هنا إنما يراد به منع هيئة التصرفات من إعادة النظر فيما نظرت فيه هيئة التصرفات أخرى لا منع المحكمة القضائية من إعادة النظر فيما نظرت فيه هيئة التصرفات ولا وجه لقياس قرارات هيئة التصرفات فى شئون الأوقاف على أحكام القسمة والقول بحجيتها هى الأخرى لأن حجية هذه الأحكام وردت بشأنها نصوص خاصة فى القانون رقم 277 لسنة 1954 وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر أو قضى بعدم جواز الدعوى لسابقه الفصل فيها بالقرار الصادر فى مادة التصرفات رقم 1567 لسنة 43/ 1944 القاهرة الشرعية فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه.