أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1323

جلسة 7 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأميل جبران، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(182)
الطعن رقم 429 لسنة 31 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن فى الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها". "الأسباب المرتبطة بالمنطوق". "حجية الحكم". نقض. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الحكم الصادر بندب خبير. احتواؤه فى أسبابه المرتبطة بالمنطوق على حسم للنزاع حول تكييف العقد موضوع الدعوى لا تملك المحكمة التى أصدرته إعادة النظر فيه. جواز الطعن فى الحكم استقلالا.
(ب) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضى. نقض. "الحكم فى الطعن". "أثره".
الطعن بالنقض طعنا قاصرا على موضوع الحكم الاستئنافى دون شكله. نقض الحكم. أثره. امتناع إعادة النظر فى شكل الاستئناف من محكمة الاحالة.
(ج) التزام. "أوصاف الالتزام". "الشرط الواقف". "الشرط الاحتمالى".
الشرط الاحتمالى هو الذى يتوقف حصوله على المصادفات المحضة دون إرادة الإنسان. بيع أرض الوقف المعلق على موافقة المحكمة الشرعية. تعلقه. على شرط واقف.
(د) التزام. "أوصاف الالتزام". "الشرط الواقف".
الالتزام المعلق على شرط واقف. عدم اعتباره نافذا إلا إذا تحقق الشرط. اعتبار الشرط متحققا إذا حدث غش أو خطأ من جانب المدين للحيلولة دون تحققه.
(هـ) حكم. "الطعن فى الحكم". "الأحكام الغير جائز الطعن فيها". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه".
الحكم بندب خبير لتحقيق عناصر التعويض والذى لا يفيد بذاته استنفاد مناقشة ركن الخطأ أو رفض طلب التنفيذ العينى. عدم جواز الطعن فيه.
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى فى منطوقه بندب خبير لأداء المأمورية المبينة به، إلا أنه عرض فى أسبابه لدفاع الطاعن الذى استند فيه إلى أن العقد بين طرفى الخصومة رهين فى نشوئه بتحقيق واقعة احتمالية هى موافقة المحكمة الشرعية على استبدال الوقف وأنه عقد غير لازم لا يمكن أن يتولد عنه إلا حق احتمالى محض لا يصلح أن يكون أساسا لدعوى المطالبة بالتعويض، ورد الحكم على هذا الدفاع بما قرره من أن الالتزامات الناشئة عن العقد علقت على شرط موقف هو موافقة هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية على البدل، وأن هذا الشرط يعتبر متحققا وموجبا للتعويض إذا كان المدين (الطاعن) هو الذى حال بفعله دون تحققه مما ألحق الضرر بمن صدر الشرط لصالحه. وكان هذا الذى قرره الحكم فى أسبابه المرتبطة بمنطوقة وإن لم يقطع فى إسناد الخطأ إلى الطاعن بالحيلولة بفعله دون تحقق الشرط، إلا انه حسم النزاع على تكييف العقد موضوع الدعوى وقطع فى الخصومة المترتبة على الدفاع الذى أبداه الطاعن فى الموضوع بعدم قبول دعوى المطالبة بالتعويض على أساس هذا العقد، وعلى ذلك يكون قد قضى برفض هذا الدفاع وبقبول الدعوى باعتبار العقد أساسا لها. وإذ أنهى الحكم على هذا النحو جزءا من موضوع الخصومة لا تملك المحكمة التى أصدرته إعادة النظر فيه، فإنه يعد حكما قطعيا فى هذا الشق مما يجوز الطعن فيه استقلالا عملا بالمادة 378 من قانون المرافعات.
2 - متى كان الطاعن قد قصر طعنه على قضاء الحكم المطعون فيه فى موضوع الاستئناف دون شكله فإن نقض الحكم يكون مقصورا على موضوع الاستئناف محل الطعن، ولا يتعداه خارج هذا النطاق إلى شكل الاستئناف الذى يجوز قوة الأمر المقضى، يستوى فى ذلك أن يكون قد قضى فيه وحده بحكم مستقل أو مع الموضوع بحكم واحد متعدد الأجزاء، وبذلك يمتنع على محكمة الإحالة إعادة النظر فى شكل الاستئناف الذى أصبح أمره نهائيا.
3 - متى كان الحكم المطعون فيه وهو بصدد تكييف العقد موضوع الدعوى قرر أنه "لا يمكن وصف العقد المبرم بين الطرفين (ببيع أطيان موقوفة) بأنه معلق على شرط احتمالى. ذلك لأن الشرط الاحتمالى هو الذى يتوقف حصوله على المصادفات المحضة دون أن يتعلق بإرادة إنسان، والصحيح أن الالتزامات الناشئة عن العقد المذكور قد علقت على شرط موقف هو شرط موافقة هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية على البدل". فإن تكييف الحكم لالتزام البائع بأنه التزام معلق على شرط واقف إنما هو تكييف صحيح.
4 - حق الدائن فى الالتزام المعلق على شرط واقف هو مما ينظمه القانون ويحميه. ولئن كان هذا الحق لا يعد نافذا إلا إذا تحقق الشرط، غير أن الشرط يعتبر قد تحقق - ولو لم يقع بالفعل - إذا حدث غش أو خطأ من جانب المدين للحيلولة دون تحققه.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه (الصادر بندب خبير) لم يقطع فى وقوع الخطأ من جانب الطاعن (المدين) فى تنفيذ التزامه، ولم يقم ضابطا محددا يتخذ أساسا لتقدير الضرر. وكان تحقيق عناصر التعويض لا يفيد بذاته استنفاد مناقشة ركن الخطأ أو رفض ما عسى أن يكون الطاعن قد عرضه من استعداده للتنفيذ العينى لاستحالة هذا التنفيذ أو لعدم جدية العرض. فإن النعى على الحكم فى ذلك هو مما لا يجوز النظر فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مورث المطعون عليهم السيد/ جورج ميخائيل متى أقام ضد الأستاذ موريس دوس الذى يمثله الطاعن - الدعوى رقم 2605 لسنة 1948 مدنى كلى القاهرة طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 45000 ج وقال فى بيانها إنه بمقتضى العقد المؤرخ 6/ 1/ 1948 باعه الأستاذ موريس دوس أطيانا زراعية بثمن مقداره 176452 ج قبض منه فور العقد مبلغ 33000 ج واتفق على تسديد الباقى عند التسجيل - ونظرا لأن الأطيان المبيعة وقف والبائع هو المستحق الوحيد فيها والناظر عليها فقد نص فى العقد على أن يتعهد بالحصول على موافقة المحكمة الشرعية باستبدالها بأطيان أخرى يملكها فى مدة أقصاها ستة أشهر وبتقديم جميع المستندات إلى المحكمة الشرعية خلال أسبوع فإذا رفضت المحكمة الاستبدال وجب عليه رد الثمن - كما نص فى العقد على أن يكون لجورج ميخائيل حصة فى إيجار الأطيان عن سنة 1948 تقدر بنسبة ما عجله من الثمن باعتبار إيجار الفدان 32 ج فى السنة، وأنه نفاذا للعقد قدم الأستاذ موريس دوس فى 12/ 1/ 1948 طلب الاستبدال إلى المحكمة الشرعية التى ندبت خبيرين لتقدير قيمة الأطيان موضوع عقد البيع وأطيان البدل المملوكة له فى المنصورة - غير أنه حدث خلال نظر طلب الاستبدال أن ارتفع ثمن الأطيان الزراعية لارتفاع أسعار القطن فأخذ الأستاذ موريس فى عرقلة الإجراءات بأن طلب من المحكمة الشرعية حفظ المادة بدعوى أن الاستبدال ليس فى مصلحة الوقف، وصدر قرار بالحفظ فى 4/ 8/ 1948 ثم صدر قرار برفض الطلب فى 6/ 12/ 1948 وبادر موريس دوس بإبلاغه إليه فى 8/ 12/ 1948 مرفقا به شيكا بالمبلغ الذى قبضه من الثمن وقدره 33000 ج - وإذ ترتب على نكوله عن البيع ضرر يتمثل فيما ضاع عليه من ربح بمقدار الارتفاع فى ثمن الأطيان وفى الحصة المتفق عليها من الإيجار فقد أقام الدعوى الحالية بالمبلغ المطالب به - دفع الأستاذ موريس دوس الدعوى بأن العقد موضوعها كان رهينا فى نشوئه بتحقق واقعة احتمالية هى موافقة المحكمة الشرعية على الاستبدال فلا تتولد عنه إلا حقوق احتمالية لا تصلح أساسا للمطالبة بالتعويض. ومحكمة أول درجة قضت فى 23/ 5/ 1953 بإلزام الأستاذ موريس دوس بأن يدفع لمورث المطعون عليهم 1637 ج و472 م. استأنف الطرفان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، وقيد إستئناف الأستاذ موريس دوس برقم 537 لسنة 70 ق وإستئناف المطعون عليهم برقم 567 لسنة 70 ق وبعد أن ضمت المحكمة الإستئنافين قضت فى 23/ 12/ 1954 بقبولهما شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الأستاذ موريس دوس بان يدفع لمورث المطعون عليهم مبلغ 13629 ج. طعن الأستاذ موريس فى ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 158 لسنة 25 ق، وقضت محكمة النقض فى 21/ 1/ 1960 بنقض الحكم والإحالة تأسيسا على أنه تناقض فى أسبابه إذ قرر فى صدرها أن إلتزام الطاعن هو إلتزام ببذل عناية ثم عاد وقرر فى موضع آخر منها أنه التزام بنتيجة - عجل المطعون عليهم الدعوى أمام محكمة الإستئناف وقضت المحكمة فى 19/ 11/ 1961 قبل الفصل فى موضوع الإستئنافين بندب خبير لمعاينة الأطيان موضوع العقد وبيان ما إذا كانت قيمتها قد اختلفت خلال المدة من 1/ 4/ 1948 إلى 8/ 9/ 1948 وبيان أسعار القطن الأشمونى فى تلك المدة وتأثيرها فى القيمة. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها دفعت فيها بعدم قبول الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20/ 4/ 1965 وفيها صممت النيابة على الدفع، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية، وبعد استيفاء - الإجراءات التالية للإحالة قدم المطعون عليهم مذكرة دفعوا فيها بدورهم بعدم قبول الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق فى الدفع وطلبت فى الموضوع رفض الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أن الحكم المطعون فيه إنما صدر بندب خبير لتحقيق خطأ الطاعن الذى يتمثل فى عرقلة إجراءات الاستبدال لإرتفاع قيمة الأطيان المبيعة وبيان أسباب الارتفاع ومقداره وهو بذلك حكم صادر قبل الفصل فى الموضوع بإجراء متعلق بالإثبات لم يفصل فى أساس المسئولية: فلا يجوز الطعن فيه استقلالا. ولا يعتبر فصلا فى الموضوع ما عرض له الحكم من تكييف للعقد محل النزاع فى صدد الرد على الدفاع المبدى من الطاعن بأنه لا يصلح أساسا للمطالبة بالتعويض طالما أنه لم يرتب على هذا التكييف القضاء برفض هذا الوجه من الدفاع الذى لا يزال الفصل فيه معلقا على أداء الخبير المأمورية المبينة بمنطوق الحكم.
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن كان قد قضى فى منطوقه بندب خبير لأداء المأمورية المبينة به، إلا أنه عرض فى أسبابه لدفاع الطاعن الذى استند فيه إلى أن العقد 6/ 1/ 1948 رهين فى نشوئه بتحقيق واقعة احتمالية هى موافقة المحكمة الشرعية على الاستبدال وأنه عقد غير لازم لا يمكن أن يتولد عنه إلا حق إحتمالى محض لا يصلح أن يكون أساسا لدعوى المطالبة بالتعويض - ورد الحكم على هذا الدفاع بما قرره من أن الالتزامات الناشئة عن العقد علقت على شرط موقف هو موافقة هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية على البدل، وأن هذا الشرط يعتبر متحققا وموجبا للتعويض إذا كان المدين هو الذى حال بفعله دون تحققه مما الحق الضرر بمن صدر الشرط لصالحه. وهذا الذى قرره الحكم فى أسبابه المرتبطة بمنطوقة وإن لم يقطع فى إسناد الخطأ إلى الطاعن بالحيلولة بفعله دون تحقق الشرط، إلا أنه حسم النزاع على تكييف العقد موضوع الدعوى وقطع فى الخصومة المترتبة على الدفاع الذى أبداه الطاعن فى الموضوع بعدم قبول دعوى المطالبة بالتعويض على أساس هذا العقد. وعلى ذلك يكون قد قضى برفض هذا الدفاع وبقبول الدعوى باعتبار العقد أساسا لها. وإذ أنهى الحكم على هذا النحو جزءا من موضوع الخصومة لا تملك المحكمة التى أصدرته إعادة النظر فيه، فإنه يعد حكما قطعيا فى هذا الشق، مما يجوز الطعن فيه استقلالا عملا بالمادة 378 من قانون المرافعات، ومن ثم يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول منها فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون إذ اعتبر الاستئنافين مقبولين شكلا بالحكم المنقوض فقضى بذلك بعدم جواز النظر فى شكل الاستئناف المرفوع على الطاعن لسبق الفصل فيه رغم أنه استئناف باطل لم يرفع بعريضة طبقا لنص المادة 405 مرافعات الذى يحكم إجراءاته - وفى حين أن الحكم الأول الصادر من محكمة الاستئناف الذى فصل فى الشكل والموضوع معا كان قد طعن فيه الطاعن بطريق النقض بالطعن رقم 158 سنة 25 ق وقضت محكمة النقض بنقضه دون تخصيص فيكون بذلك النقض نقضا كليا على جميع مشتملا ته بما فى ذلك شكل الاستئناف مما كان يحتم على محكمة الاستئناف إعادة النظر فى شكل الاستئناف والفصل فيه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من الأوراق أن محكمة الاستئناف قضت فى حكمها الأول الصادر فى 23/ 12/ 1954 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الأستاذ موريس دوس الممثل بالطعن - بأن يدفع لمورث المطعون عليهم بمبلغ 13629 ج، فلما طعن الأستاذ موريس دوس فى ذلك الحكم انصب طعنه على قضائه فى الموضوع وطلب للأسباب التى أوردها فيه نقض الحكم، ثم قضت محكمة النقض فى 21/ 1/ 1960 بنقض الحكم والإحالة للقصور فى التسبيب الذى عابه عليه الطاعن. ولما كان الطاعن قد قصر طعنه السابق فى الحكم الصادر بتاريخ 23/ 12/ 1954 على قضائه فى موضوع الاستئناف دون شكله فإن نقض هذا الحكم يكون مقصورا على موضوع الاستئناف محل الطعن، ولا يتعداه خارج هذا النطاق إلى شكل الاستئناف الذى يحوز قوة الأمر المقضى، يستوى فى ذلك أن يكون قد قضى فيه وحده بحكم مستقل أو مع الموضوع بحكم واحد متعدد الأجزاء، وبذلك يمتنع على محكمة الاحالة فى صورة الدعوى المطروحة إعادة النظر فى شكل الاستئناف الذى أصبح أمره نهائيا. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى بالخطأ فى القانون يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى القانون والقصور فى التسبيب - ويقول فى بيان ذلك إنه دفع بعدم قبول الدعوى تأسيسا على أن العقد المؤرخ 6/ 1/ 1948 هو عقد غير لازم للنص فيه على وجوب الحصول على موافق المحكمة الشرعية على الاستبدال - وإذ يعلم طرفا العقد سلفا إحتمال عدم حصول الموافقة - فإنه لا ينشأ عن العقد إلا مجرد حق إحتمالى لا يجوز رفع الدعوى به أو طلب التعويض عنه، ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بأن العقد ليس معلقا على شرط احتمالى. ومضى يبحث طبيعة الشرط الاحتمالى ليفرق بينه وبين الشرط الموقف - هذا فى حين أن دفاع الطاعن كان منصبا على أن العقد موضوع الدعوى لا يرتب إلا حقا احتماليا، وإذ أغفل الحكم البحث فى طبيعة الحقوق الناشئة عن العقد ليرتب عليها نتائجها واقتصر فى رفض الدفع على بحث الشرط الاحتمالى فإنه يكون قد أخطأ فى القانون وشابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه وهو بصدد تكييف العقد موضوع الدعوى قرر أنه "لا يمكن وصف العقد المبرم بين الطرفين فى 6 يناير سنة 1948 بأنه معلق على شرط احتمالى.. ذلك لأن الشرط الاحتمالى هو الذى يتوقف حصوله على المصادفات المحضة دون أن يتعلق بإرادة إنسان - والصحيح أن الالتزامات الناشئة عن العقد المذكور قد علقت على شرط موقف هو شرط موافقة هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية على البدل" وبعد أن أشار الحكم إلى التزامات الطرفين الواردة فى نصوص العقد انتهى إلى أن "تلك النصوص تدل أيضا على أن الطرفين مع قبولهما تعليق نفاذ الصفقة على موافقة صاحب الشأن والولاية فى الإجازة والتصديق إلا أن كلا منهما التزم بالتزامات لا يستطيع إخلافها بعمله وبفعله" ثم أورد الحكم فى خصوص التزام الطاعن أنه "قد التزم بأن يسلك المسلك الذى يؤدى إلى إنهاء موافقة المحكمة الشرعية وهو التزام بوسيلة لأن أمر الاستبدال فى النهاية يتوقف على تقدير هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية فيكون مدى هذا الالتزام بالنسبة لموريس دوس أن يبذل فى تنفيذه عناية الرجل الحريص وأن الإخلال بهذا الالتزام هو بالذات الحيلولة دون تحقق الشرط الموقف" - ولما كان حق الدائن فى الالتزام المعلق على شرط واقف هو مما ينظمه القانون ويحميه - ولئن كان هذا الحق لا يعد نافذا إلا إذا تحقق الشرط - غير أن الشرط يعتبر قد تحقق - ولو لم يقع بالفعل - إذا حدث غش أو خطأ من جانب المدين للحيلولة دون تحققه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل أن التزام الطاعن الذى اتفق على تعليق نفاذه على حصول موافقة المحكمة الشرعية على استبدال أطيان الوقف هو التزام بوسيلة يفرض عليه البذل المتفق عليه لتحقيق هذا الشرط - وأن إخلاله بالتزامه يتمثل فى الحيلولة دون تحقق الشرط الواقف، لما كان ذلك وكان تكييف الحكم لالتزام الطاعن بأنه التزام معلق على شرط واقف هو تكييف صحيح - وإذ يتضمن هذا التكييف الرد على ما دفع به الطاعن من أن حق مورث المطعون عليهم الناشئ عن العقد هو حق احتمالى فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى القانون أو شابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى بالسببين الثالث والرابع يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون واعتوره قصور فى التسبيب ذلك أنه كلف الخبير الذى ندبه بتقدير قيمة أطيان الوقف موضوع النزاع فى 27/ 9/ 1948 وهو تاريخ الانذار الموجه إلى الطاعن من مورث المطعون عليهم - هذا فى حين أن الضرر المتغير - لا يقدر عنه وقوعه وإنما يتعين تقديره على ما صار إليه عند صدور الحكم بالزيادة أو بالنقص - كما أخطأ الحكم إذ انتقل إلى مرحلة تقدير التعويض رغم أن الطاعن عرض التنفيذ العينى.
وحيث إن النعى بهذين السببين مردود ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه عرض للنزاع الذى دار بين الطرفين حول تنفيذ الطاعن إلتزامه ببذل السعى لتحقيق استبدال أطيان الوقف، كما عرض إلى عامل إرتفاع أسعار القطن الأشمونى بعد إبرام العقد وهو العامل الذى تمسك مورث المطعون عليهم بأنه هو الذى حمل الطاعن على النكول عن تنفيذ إلتزامه - وبعد أن حصل الحكم ذلك كلف الخبير الذى ندبه للتحقيق بتقدير قيمة أطيان الوقف بمراعاة ما تنتجه من محاصيل وتأثير عامل إرتفاع أسعار القطن فى المدة من 1/ 4 إلى 8/ 9/ 1948 فى قيمتها - ولما كان يبين من ذلك أن الحكم لم يقطع فى وقوع الخطأ من جانب الطاعن فى تنفيذ إلتزامه، ولم يقم ضابطا محددا يتخذ أساسا لتقدير الضرر وكان تحقيق عناصر التعويض لا يفيد بذاته استنفاد مناقشة ركن الخطأ أو رفض ما عسى أن يكون الطاعن قد عرضه من استعداده للتنفيذ العينى لاستحالة هذا التنفيذ أو لعدم جدية العرض - لما كان ذلك وكان النعى بسببيه لا يتجه إلا إلى الشرط التمهيدى من قضاء الحكم المطعون فيه - فإن النعى يكون مما لا يجوز النظر فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.