أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1373

جلسة 14 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(189)
الطعن رقم 245 لسنة 31 القضائية

( أ ) إختصاص. "الإختصاص القيمى". دعوى. "تقدير قيمة الدعوى". استئناف. "تحديد نصاب الاستئناف".
تقدير قيمة الدعوى بآخر طلبات للخصوم سواء فى شأن تعيين الاختصاص أو تحديد نصاب الاستئناف. مثال.
(ب) دعوى. "تقدير قيمة الدعوى". إجارة.
طلب المؤجر إزالة المبانى المنشأة بالعين المؤجر من الطلبات الناشئة عن عقد الايجار. تقدير قيمة الدعوى بمجموعها.
(ج) إجارة. "المنازعات الناشئة عن القانون 121 لسنة 1947".
إحداث المستأجر مبان فى العين المؤجرة. النزاع حول زيادة الأجرة مقابل هذه المبانى استنادا إلى الاتفاق بين الطرفين أو إلى أحكام الالتصاق. خضوعه لأحكام القانون المدنى.
(د) إجارة. "المنازعات الناشئة عن القانون 121 لسنة 1947". حكم. "الطعن فى الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها".
العبرة فى معرفة ما إذا كان الحكم صادرا فى منازعة ناشئة أو غير ناشئة عن تطبيق القانون 121 لسنة 1947 هى بما قضت به المحكمة لا بما طلبه الخصوم. الحكم فى المنازعة وفقا لأحكام القانون المدنى. خضوع الطعن فيه للقواعد العامة.
(هـ) حكم. "تسبيب الحكم". "القصور فى التسبيب". "ما لا يعد كذلك". محكمة الموضوع.
عدم تقديم الخصم دليلا على دفاعه. عدم وجوب تكليفه بتقديمه. إغفال التحدث عن هذا الدفاع فى الحكم لا يعد قصورا.
(و) إجارة. "البناء فى العين المؤجرة". ملكية. "أسباب كسب الملكية". "الإلتصاق".
إقامة المستأجر بناء فى الأرض المؤجرة بغير رضاء المالك فى ظل القانون المدنى القديم. حق المالك فى تملك البناء أو طلب إزالته عملا بأحكام الالتصاق. اختيار المالك للإزالة. بقاء البناء ملكا لمن أقامه حتى يزيله. عدم أحقية المالك فى المطالبة بأجرة عنه.
1 - تقدير قيمة الدعوى لتعيين اختصاص المحكمة فى حكم المادة 30 مرافعات أساسه قيمة موضوعها. وأنه وإن كانت هذه القيمة تقدر فى الأصل باعتبارها يوم رفع الدعوى إلا أن الشارع - وقد أجاز للمدعى فى الحدود المبينة بالمادة 151 مرافعات أن يعدل أثناء الخصومة من طلباته الواردة بصحيفة دعواه بالزيادة أو بالنقص وأوجب أن يكون التقدير لتحديد نصاب الاستئناف بنص المادة 400 مرافعات على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى - إنما أراد بذلك أن يتخذ من هذه الطلبات أساسا لتعيين الاختصاص وتحديد نصاب الاستئناف معا حتى لا يختلف أحدهما عن الآخر فى تقدير قيمة الدعوى ذاتها. فإذا كانت الأقساط المترتبة على عقد الإيجار هى إلتزامات متعددة تنشأ على التعاقب من سند واحد وكانت الأقساط المطلوبة وقت تعديل المدعى طلباته أمام محكمة أول درجة (المحكمة الابتدائية) يجاوز مجوعها اختصاص المحكمة الجزئية كما يجاوز النصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية فإن الحكم يكون قابلا للاستئناف.
2 - طلب المؤجر إزالة المبانى المنشأة بالعين المؤجرة، سواء اعتبر طلبا ملحقا بطلب إخلاء المستأجر أو منفصلا عنه، هو - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - من الطلبات الناشئة عن عقد الإيجار التى يتعين تقدير قيمة الدعوى بمجموعها [(1)].
3 - النزاع بين المالك والمستأجر حول زيادة الأجرة مقابل المبانى التى أحدثها المستأجر استنادا إلى الإتفاق على هذه الزيادة أو إلى أحقية المؤجر فى اقتضائها طبقا لأحكام الالتصاق هو نزاع يخرج بطبيعته عن نطاق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 ويخضع الفصل فيه لأحكام القانون المدنى.
4 - العبرة فى معرفة ما إذا كان الحكم صادرا فى منازعة ناشئة أو غير ناشئة عن تطبيق القانون الاستثنائى 121 لسنة 1947 هى بما قضت به المحكمة لا بما طلبه الخصوم. فمتى كان الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية قد فصل فى النزاع وفقا لأحكام القانون المدنى، فإنه يكون خاضعا للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه عملا بالفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947 [(2)].
5 - محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفى لحمله فإذا أغفل الحكم التحدث عن دفاع لم يقدم الخصم المستندات التى استدل بها عليه فإنه لا يكون قد شابه قصور فى التسيب.
6 - خول الشارع مالك الأرض - وفقا لأحكام الالتصاق المنصوص عليها بالمادة 65 من القانون المدنى القديم - الحق فى تملك البناء الذى يقيمه الغير فى أرضه دون رضاء مقابل دفع القيمة طبقا لهذه المادة، وقضى بأن للمالك الخيار بين طلب إبقاء البناء وطلب إزالته على نفقة من أقامه مع تعويض الخسارة الناشئة عن فعله. وإذ لم يكن القانون المدنى القديم يتضمن نصوصا خاصة بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر فى هذا الشأن - كما ورد بنص المادة 592 من القانون المدنى الحالى - فإن مؤدى الأحكام العامة للإلتصاق الواردة بالقانون المدنى المشار إليها فيما تقدم، أن البناء الذى يقيمه المستأجر من ماله الخاص دون إذن صريح أو ضمنى بإنشائه من مالك الأرض لا يكون ملكا لصاحب هذه الأرض بفعل الإلتصاق إذا أعمل رخصته فى الاختيار بإظهار رغبته فى الإزالة. فلا يلحق البناء بملكية الأرض وإنما يبقى مستقلا عنها ملكا خالصا لمن أقامه مدة بقائه. فإذا كان المؤجر قد أظهر رغبته فى إزالة المبانى التى أنشأها المستأجر فإن هذه المبانى تبقى مملوكة لهذا الأخير حتى يقوم بإزالتها أثناء مدة الإيجار أو عند انتهائها ولا يكون للمؤجر حق المطالبة بأجرة عنها.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 246 لسنة 1950 كلى سوهاج ضد الطاعن وآخرين طلب فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 175 ج أجرة العين المؤجرة له عن المدة من أول سبتمبر سنة 1949 إلى 31 مارس سنة 1950 وما يستجد بواقع 25 ج شهريا من أول أبريل سنة 1950 حتى تمام الإخلاء، وبإخلاء هذه العين والتسليم وبإزالة ما أحدثه الطاعن من مبان بالطابق الثانى من الجهة البحرية وقد عدل المطعون عليه طلب الأجرة إلى مبلغ 245 ج عن المدة ذاتها وما يستجد بواقع 35 ج شهريا حتى الإخلاء وطلب إزالة أربع غرف أخرى أحدثها الطاعن بالطابق الأول من الجهة الشرقية. وقال بيانا لدعواه أنه يملك المكان المبين بالصحيفة، وقد استأجره منه الأستاذ كامل سعيد وأنشأ به مدرسة من ستة فصول وغرفتين للإدارة، وفى سنة 1945 تنازل المستأجر عن المدرسة للطاعن وكان إيجارها وقتئذ 175 ج فى السنة. ولما علم المطعون عليه بذلك وبأن الطاعن أنشأ غرفتين جديدتين أخطره بالإخلاء، ثم اتفق الطرفان - الطاعن والمطعون عليه - بموجب عقد إيجار محرر فى 26/ 9/ 1945 على أن الأجرة السنوية للمبنى 240 ج، وتسلم الطاعن نسختى العقد لإرسالهما للمنطقة التعليمية بأسيوط التى حددت أجرة المكان بمبلغ 168 ج وقد رد العقد للطاعن، إلا أنه لم يسلم للمطعون عليه نسخته. وإذ لم يقم الطاعن بالوفاء بالأجرة المتفق عليها وأنشأ بغير إذنه أربع غرف أخرى بالطابق الأرضى وغرفتين بالطابق العلوى فقد أقام دعواه للحكم به بالطلبات السابق بيانها - دفع الطاعن الدعوى بعدم إختصاص المحكمة الإبتدائية بنظرها تأسيسا على أن قيمة الأجرة المطالب بها تدخل فى اختصاص المحكمة الجزئية وأن طلبى الإخلاء والإزالة تابعان لطلب الأجرة ولا يدخلان فى تقدير قيمة الدعوى، وأبدى دفاعه فى الموضوع بأن الأجرة المتفق عليها هى ثمانون جنيها فى السنة، وأنه أوفى هذه الأجرة حتى أكتوبر سنة 1951 وأن عقد 26/ 9/ 1945 حرر من نسخة واحدة أرسلت إلى المنطقة التعليمية ولم توافق على الأجرة الواردة به فتبقى كما كان متفقا عليها من قبل أى بمبلغ ثمانين جنيها فى السنة. ومحكمة أول درجة قضت فى 31/ 3/ 1951 برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاصها لنظر الدعوى وفى الموضوع برفضها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 247 لسنة 26 ق، ودفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف استنادا إلى أن الحكم المستأنف وقد فصل فى النزاع حول مقدار الأجرة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون غير قابل لأى طعن وفقا للمادة 15 من ذلك القانون - ومحكمة الاستئناف قضت فى 25/ 1/ 1954 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن عقد الإيجار المؤرخ 26/ 9/ 1945 كان معلقا نفاذه على قيام المطعون عليه بدفع نفقات المبانى التى أحدثها الطاعن بالمكان المؤجر ولينفى المطعون عليه ذلك ثم قضت فى 24/ 4/ 1955 بقبول الدفع بعدم جواز نظر الاستئناف فيما قضى به الحكم المستأنف من رفض طلب أجرة المكان المؤجر المحددة بعقد إيجار 26/ 9/ 1945 ورفض الدفع بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لطلبى الأجرة والإزالة المتعلقين بالمبانى المستجدة بعد عقد الإيجار المذكور - وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف - طعن المطعون عليه فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 407 لسنة 25 ق - والمحكمة قضت فى 26/ 5/ 1960 بنقض الحكم والإحالة، وبعد التعجيل تمسك الطاعن بالدفع بعدم جواز الاستئناف وقضت المحكمة فى 5/ 4/ 1961 برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 766 ج و666 م أجرة العشر غرف التى كانت قائمة قبل عقد 26/ 9/ 1945 عن المدة من أكتوبر سنة 1951 حتى إبريل سنة 1961 بواقع 80 ج سنويا وقبل الفصل فى طلب أجرة الغرف المستجدة بندب مكتب الخبراء لتقدير الأجرة المناسبة مسترشدا بأجر المثل وأجر العشر غرف المنشأة قبل 26/ 9/ 1945 هو 80 ج سنويا. وقضت فى طلب الإزالة بعدم قبوله - طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 31/ 3/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذى أبدته فى مذكرتها بطلب نقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن فى السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على أن المطعون عليه طلب الحكم له بأجرة تريد على 250 ج وأن الأجرة السنوية تزيد على هذا المبلغ وأن الدعوى لا تخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 لأن المطلوب فيها ليس هو تحديد القيمة الإيجارية على أساس أجر المثل، وإنما هى دعوى مطالبة بأجرة يستند المطعون عليه بالنسبة لبعضها إلى إقرار المستأجر - الطاعن - فى عقد 26/ 9/ 1945 ويدور النزاع فيها حول مضمون هذا الإقرار وأثره - ويستند بالنسبة للباقى إلى أن من حقه اقتضاء الأجر مقابل المنشآت التى أضافها المستأجر منذ أول يناير سنة 1944 - وهى طلبات مبنية على أحكام القانون العام - وهذا الذى قام عليه قضاء الحكم يخالف القانون من وجهين (الأول) أن المطعون عليه لم يطلب إلا مبلغ 245 ج متأخر الأجرة من 1/ 9/ 1949 حتى 31/ 3/ 1950 وهو طلب لا يجاوز نصاب المحكمة الجزئية ولا النصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية - ولا يضاف إليه طلب الإخلاء أو الإزالة لأنهما طلبان تبعيان - كما لا يضاف إليه طلب ما يستجد لأن العبرة فى تعيين الاختصاص هى بقيمة الطلبات يوم رفع الدعوى لا بما يطرأ عليها أثناء سيرها (والثانى) أن الحكم الابتدائى أخضع الدعوى للقانون رقم 121 لسنة 1947 كما طلب المطعون عليه الفصل فيها على هذا الأساس فيكون هذا الحكم غير قابل للإستئناف ولو أسس المطعون عليه طلب زيادة الأجرة أثناء سير الاستئناف على أحكام الإثراء على حساب الغير لأنه يتعين فى صدد جواز الإستئناف الوقوف عند حد الحكم المستأنف والإلتفات عما أبدى بعد صدوره.
وحيث أن هذا النعى فى وجهه الأول مردود - ذلك أنه يبين من التقريرات الواقعية للحكم المطعون فيه أنه حصل أن المطعون عليه عدل طلباته أمام محكمة أول درجة فى خصوص الأجرة إلى طلب الحكم على الطاعن بمبلغ 245 ج أجرة العين عن المدة من أول سبتمبر سنة 1949 إلى 31 مارس سنة 1950 وما يستجد بواقع 35 ج شهريا حتى الإخلاء، وفى خصوص إزالة المبانى إلى طلب الحكم بإزالة أربع غرف أحدثها الطاعن بالطابق الأول - بالإضافة إلى المبانى المنشأة بالطابق الثانى والتى طلب إزالتها فى صحيفة افتتاح الدعوى، ثم أقام الحكم قضاءه برفض الدفع وبعدم الاختصاص على أن الدعوى مطالبة بأجرة تزيد عن 250 ج، وعلى أن الأجرة السنوية حسب تقدير المدعى تزيد عن 250 ج فتكون المحكمة الابتدائية مختصة بنظرها حتى لو اعتبر طلب الإزالة طلبا تبعيا. وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه لا خطأ فيه ذلك أن تقدير قيمة الدعوى لتعيين اختصاص المحكمة فى حكم المادة 30 مرافعات أساسه قيمة موضوعها - وأنه وإن كانت هذه القيمة تقدر فى الأصل باعتبارها يوم رفع الدعوى إلا أن الشارع - وقد أجاز للمدعى فى الحدود المبينة بالمادة 151 مرافعات أن يعدل أثناء الخصومة من طلباته الواردة بصحيفة دعواه بالزيادة أو بالنقص وأوجب أن يكون التقدير لتحديد نصاب الاستئناف بنص المادة 400 مرافعات على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى - إنما أراد بذلك أن يتخذ من هذه الطلبات أساسا لتعيين الاختصاص وتحديد نصاب الاستئناف معا حتى لا يختلف أحدهما عن الآخر فى تقدير قيمة الدعوى ذاتها. وإذ كانت الأقساط المترتبة على عقد الإيجار هى التزامات متعددة تنشأ عن التعاقب من سند واحد، وكانت الأقساط المطلوبة وقت تعديل المدعى طلباته أمام محكمة أول درجة فى مذكرته المقدمة لجلسة 25/ 12/ 1950 - والمودعة صورتها الرسمية من الطاعن تشمل الأقساط اللاحقة لشهر أبريل سنة 1950 حتى تاريخ تقديمها، وكان مجموع هذه الأقساط يجاوز اختصاص المحكمة الجزئية كما يجاوز النصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية بما يجعل الحكم يكون قابلا للإستئناف - لما كان ذلك وكان طلب المؤجر إزالة المبانى سواء اعتبر طلبا ملحقا بطلب إخلاء المستأجر أو منفصلا عنه هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من الطلبات الناشئة عن عقد الإيجار التى يتعين تقدير قيمة الدعوى بمجموعها فإن النعى على الحكم بمخالفة القانون بهذا الوجه يكون على غير أساس والنعى فى وجهه الثانى مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه رفع الدعوى لطلب الأجرة المتأخرة على أساس ما انتهى إليه فى طلباته المعدلة بواقع 35 ج شهريا استنادا إلى أنه تعاقد مع الطاعنين على زيادة الأجرة السنوية إلى 245 ج بعد أن أنذره بإزالة المبانى التى أحدثها وأن الطاعن أقر فى خطابه المرسل إلى منطقة أسيوط التعليمية بحصول هذا التعاقد فى 26/ 9/ 1945 وإلى أن من حقه اقتضاء أجرة مقابل الزيادة فى المبانى المستحدثة بعد ذلك وأقامت المحكمة الابتدائية قضاءها برفض طلب زيادة الأجرة على أساس أنه لم يحصل اتفاق على مآل المبانى التى أقامها الطاعن وأن المادة 65 من القانون المدنى القديم هى التى تحكم وضعها. ولما كان النزاع الذى احتدم بين الطرفين حول زيادة الأجرة مقابل المبانى التى أحدثها المستأجر استنادا إلى الاتفاق على هذه الزيادة أو إلى أحقية المؤجر فى اقتضائها طبقا لأحكام الالتصاق هو نزاع يخرج بطبيعته عن نطاق أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 ويخضع الفصل فيه لأحكام القانون المدنى، وإذ كانت العبرة فى معرفة ما إذا كان الحكم صادرا فى منازعة ناشئة أو غير ناشئة عن تطبيق هذا القانون الاستثنائى هى بما قضت به المحكمة لا بما طلبه الخصوم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية قد فصل فى النزاع وفقا لأحكام القانون المدنى على ما سلف البيان فإنه يكون خاضعا للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه عملا بنص الفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر فى قضائه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق إذ قضى بإلزامه بدفع مبلغ 766 ج و666 م أجرة للعين عن المدة من أكتوبر سنة 1951 حتى أبريل سنة 1961 تأسيسا على أن المطعون عليه طلب الحكم بما يستجد من الأجرة حتى الإخلاء والإزالة وأنه لم يتخالص إلا عن أجرة العشر غرف حتى سبتمبر سنة 1951 بواقع 80 ج سنويا، وأن الطاعن تأخر فى سداد الأجرة فيكون للمطعون عليه الحق فى اقتضائها من أكتوبر سنة 1951 حتى أبريل سنة 1961. هذا فى حين أن الثابت بالمستندات التى قدمها الطاعن فى المرحلة السابقة على إصدار محكمة الاستئناف حكمها الأول المنقوض أنه قام بسداد جميع أقساط الأجرة فى مواعيد استحقاقها وأنه قد تمسك بهذا الدفاع فى مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 25/ 1/ 1954 ولكن الحكم أغفل الرد عليه، ولو أنه التفت إليه لما ألزمه بدفع الأجرة مرة ثانية وهو ما يشوبه بالقصور المبطل له.
وحيث إن هذا النعى مردود - ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن المستندات التى استدل بها الطاعن على إثبات الوفاء بالأجرة لم تكن تحت نظر محكمة الموضوع عند إصدار الحكم المطعون فيه، وإذ كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الطاعن بتقديم الدليل على وفائه بالأجرة أو لفت نظره إلى مقتضيات دفاعه وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفى لحمله، لما كان ذلك فإن الحكم إذ أغفل التحدث عن هذا الدفاع لا يكون قد شابه قصور فى التسيب أو مخالفة للثابت بالأوراق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة القانون إذ قضى باعتباره ملزما بأجرة المبانى التى أقامها من ماله الخاص بعد 26/ 9/ 1945 وبأحقية المطعون عليه لهذه الأجرة وبندب خبير لتقديرها - ويقول الطاعن فى بيان ذلك أنه تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه مالك للمنشآت الجديدة وأنه أقامها من ماله الخاص بإذن المطعون عليه الثابت بعقد سنة 1937 الصادر إلى المستأجر والذى انتقل إليه بموجب عقد سنة 1943 وأنه أنشأ هذه المبانى تباعا ولم يعترض على ذلك المطعون عليه واستمر يتقاضى الأجرة المتفق عليها دون زيادة حتى سنة 1948 - ولكن - الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، كما أخطأ الحكم فى تطبيق القانون إذ جعل انتفاع المستأجر مقصورا على المبانى القائمة سنة 1945 واعتبر المؤجر مالكا للمبانى الجديدة دون أن يدفع تكاليفها.
وحيث إن هذا النعى صحيح - ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه طلب زيادة الأجرة مقابل الغرف التى أنشأها الطاعن فى المكان المؤجر على أساس أنها قد أنشئت فى ملك المطعون عليه دون إذنه وأن الطاعن يلتزم بأداء الأجرة حتى الإزالة التى طلب المطعون عليه القضاء بها، وقد حصل الحكم فى فهمه للأجرة الزائد الواردة فى عقد 26/ 9/ 1945 والتى تمثل مقابل انتفاع الطاعن بالغرف التى أنشاها إن هذا العقد لم ينفذ وأن وزارة التربية والتعليم لم توافق عليه وأن المطعون عليه لم يدفع قيمة تكاليف المبانى الجديدة، ثم أقام الحكم قضاءه بأحقية المطعون عليه لأجرة الغرف المستحدثة على أنه هو المالك والمؤجر لها. وهذا الذى أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح فى القانون ذلك أن الشارع إذ خول مالك الأرض - وفقا لأحكام الالتصاق المنصوص عليها بالمادة 65 من القانون المدنى القديم الذى ينطبق على واقعة النزاع - الحق فى تملك البناء الذى يقيمه الغير فى أرضه دون رضاه مقابل دفع القيمة طبقا لهذه المادة، وقضى بأن للمالك الخيار بين طلب إبقاء البناء وطلب إزالته على نفقة من أقامه مع تعويض الخسارة الناشئة عن فعله - وإذ لم يكن القانون المدنى القديم يتضمن نصوصا خاصة تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر فى هذا الشأن كما ورد بنص المادة 592 من القانون المدنى فإن مؤدى الأحكام العامة للالتصاق - الواردة بالقانون المدنى المشار إليها فيما تقدم - أن البناء الذى يقيمه المستأجر من ماله الخاص دون إذن صريح أو ضمنى بإنشائه من مالك الأرض لا يكون ملكا لصاحب هذه الأرض بفعل الالتصاق إذا أعمل رخصته فى الاختيار بإظهار رغبته فى الإزالة فلا يلحق البناء بملكية الأرض وإنما يبقى مستقلا عنها ملكا خالصا لمن أقامه مدة بقائه. ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قد أظهر رغبته فى إزالة المبانى التى أنشأها المستأجر – الطاعن - فإن هذه المبانى تبقى مملوكة لهذا الأخير حتى يقوم بإزالتها أثناء مدة الإيجار أو عند انتهائها - وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون عليه بأحقيته فى أجرة المبانى المستحدثة رغم إظهار رغبته فى إزالتها فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع بالنسبة لطلب أجرة السبع غرف المستحدثة بعد عقد 26/ 9/ 1945 صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين رفض هذا الطلب وتأييد الحكم المستأنف فى خصوصه.


[(1)] راجع نقض 30 يونيه سنة 1955 مجموعة الربع قرن ص 625 القاعدة 24.
[(2)] راجع نقض 9 ديسمبر سنة 1965 مجموعة المكتب الفنى السنة 16 ص 277.