أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 1007

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.

(155)
الطعن رقم 13871 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقامة الحكم على ما له أصله الثابت في الأوراق. النعي عليه بالخطأ في الإسناد. غير مقبول.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(2) قتل خطأ. جريمة "أركانها". خطأ. رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر علاقة السببية".
تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) قتل خطأ. خطأ.
مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي. ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية.
الخطأ المشترك. لا يخلي المتهم من مسئوليته الجنائية.
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في الإعراض عن قالة شهود النفي. إذا لم تطمئن إليها. عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم. ما دامت لم تستند إليها في قضائها. قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت. مفاده؟
(5) نقض "تقديم الأسباب. ميعاده".
عدم جواز إبداء أسباب جديدة للطعن سواء من النيابة العامة أو أي خصم غير الأسباب التي سبق تقديمها في الميعاد المقرر قانوناً.
(6) محكمة النقض "سلطتها".
نقض الحكم لمصلحة المتهم. رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة على سبيل الحصر. حالاته؟
1 - لما كان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات بأن الطاعنة لم توجه المجني عليه والمدرسان شاهدا الإثبات المرافقان له إلى وحدة علاج داء الكلب وأنها لم تثبت ذلك بتذكرة العلاج، له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها معينها الصحيح في الأوراق - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة، فإن ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنة وتتحقق به رابطة السببية بين الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ استناداً إلى التقرير الطبي الذي أورد مضمونه، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً ويضحى ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
3 - إن الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلي المتهم من المسئولية. ولما كان الحكم قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعنة بها فإن ما تثيره من أن وفاة المجني عليه تعزو إلى خطأ مدرسته وأهليته لعدم استكمال العلاج يكون ولا محل له.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، ومن ثم فإن نعي الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.
5 - الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو أي خصم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون.
6 - لما كان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر على خلاف هذا الأصل هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة على سبيل الحصر إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لا ولاية لها بالفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانوناً يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك وكان ما أثارته الطاعنة بمستنداتها المقدمة بالجلسة بعد فوات الميعاد المحدد بالقانون لا يتصل بشيء مما تقدم، فإنه لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر مجهول بأنهما أولاً: المتهمان تسببا خطأ في موت........ وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما ورعونتهما وعدم احترازهما وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح وأخلا إخلالاً جسيماً بما تفرضه أصول وظيفتهما ومقتضيات العمل الطبي وذلك بأن قام الآخر بإطلاق كلبه العقور دون قيد أو كمامة فعقر المجني عليه وتسبب في حدوث إصابته المبينة بالتقرير الطبي وقامت المتهمة "الطاعنة" بإغفال علاجه بإعطائه المصل الواقي من داء الكلب أو التقرير بلزوم ذلك بأوراق علاجه حال علمها بإصابته مما تسبب في إصابته بهذا المرض على النحو المبين بتقرير مصلحة الطب الشرعي المرفق والذي أودى بحياته. وطلبت عقابها بالمادتين 238/ 1، 3، 377/ 3 من قانون العقوبات المعدل والمواد 124، 125، 136/ ط، 144 من القانون رقم 53 لسنة 1966 بشأن الزراعة والمادة 3 من قرار وزير الزراعة رقم 35 لسنة 1967 وادعى والدي المجني عليه مدنياً قبل المتهمة بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح........ قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة "الطاعنة" خمسمائة جنيه وإلزامها بأن تدفع للمدعيين بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهمة ثلاثمائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات بأن الطاعنة لم توجه المجني عليه والمدرسان شاهدا الإثبات المرافقان له إلى وحدة علاج داء الكلب وأنها لم تثبت ذلك بتذكرة العلاج، له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق لا يكون له محل بما تنحل معه منازعتها في سلامة استخلاص الحكم لأدلة الإدانة في الدعوى إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومصادرتها في عقيدتها وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير توافر الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافرها هي من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها معينها الصحيح في الأوراق - كما هو الشأن في الدعوى الراهنة، فإن ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعنة وتتحقق به رابطة السببية بين الخطأ وبين النتيجة وهي وفاة المجني عليه نتيجة ذلك الخطأ استناداً إلى التقرير الطبي الذي أورد مضمونه، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً ويضحى ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص في غير محله، لما كان ذلك، وكان الأصل مساءلة المتهم عن كافة النتائج المحتمل حدوثها نتيجة فعله الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية تقطع رابطة السببية وأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية - بفرض قيامه - لا يخلي المتهم من المسئولية. لما كان الحكم قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعنة بها فإن ما تثيره من أن وفاة المجني عليه تعزو إلى خطأ مدرسته وأهليته لعدم استكمال العلاج يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما لم تستند إليها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، ومن ثم فإن نعي الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.
وحيث إن المدافع عن الطاعنة قدم بالجلسة مذكرة شارحة لما سبق أن أبداه بأسباب الطعن بشأن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت في الأوراق أرفق بها مستندات الغرض منها نفي التهمة عن الطاعنة.
وحيث إن الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض هو أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة سواء من النيابة العامة أو أي خصم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المذكور بالمادة 34 من ذلك القانون. لما كان ذلك، وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر على خلاف هذا الأصل رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة في حالات معينة على سبيل الحصر إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون أو لا ولاية لها بالفصل في الدعوى أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان ما أثارته الطاعنة بمستنداتها المقدمة بالجلسة بعد فوات الميعاد المحدد بالقانون لا يتصل بشيء مما تقدم، فإنه لا يكون مقبولاً، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة.