أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1518

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد/ المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صادق الرشيدى، وأمين أحمد فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وابراهيم حسن علام.

(212)
الطلب رقم 4 لسنة 34 القضائية

( أ ) قانون. "سريان القانون من حيث الزمان".
إلغاء قاعدة قانونية وحلول قاعدة أخرى محلها. تعلق القاعدتين بأوضاع قانونية تكونت فى لحظة واحدة. سريان القاعدة الجديدة بأثر رجعى منذ نفاذها مع وقف سريان القاعدة القديمة. تكون الأوضاع القانونية خلال فترة زمنية متداخلة بين قاعدتين قانونيتين. فض التنازع بينهما. عدم تطبيق القاعدة الجديدة بأثر رجعى يمس الوضع المتكون فى الماضى وعدم الاستمرار فى تطبيق القاعدة بأثر ممتد على الوضع الذى يكون قد تكون بعد إلغائها. يستثنى من ذلك: النص على رجعية القاعدة الجديدة أو امتداد القاعدة القديمة. أو بتنظيم المشرع لقواعد التنازع الزمنى.
(ب) قانون. "التشريعات المتعلقة بالقانون العام". "سريان القانون من حيث الزمان". "الأثر الفورى".
التشريعات المتعلقة بالقانون العام - فيما عدا القوانين الجنائية - تسرى بأثر فورى مباشر. تندرج فيها التشريعات التى تنظم علاقة الموظف بالسلطة العامة سواء بالنسبة للعاملين المدنيين فى الدولة أو فى هيئات أخرى تنظمهم قوانين خاصة.
(ج) قضاه. "علاوات دورية". "استحقاقها".
القانون 72 لسنة 1964 النص على العمل به من أول يولية سنة 1964. سريانه بأثر فورى. مضى أكثر من سنة على آخر علاوة منحت قبل العمل به. العلاوة الممنوحة استنادا لهذا القانون تعتبر مستحقة من الأول من يوليه سنة 1964 واستبعاد أن تعتبر مستحقة فى تاريخ سابق على نفاذه. القول بذلك يؤدى إلى تطبيق القانون الجديد بأثر رجعى.
(د) قضاه. "علاوات دورية". "سنوية العلاوة".
العلاوة الدورية الممنوحة طبقا للقانون 72 لسنة 1964 - فى الأول من يوليه سنة 1964 - علاوة عادية مؤثرة من حيث تاريخ استحقاقها على ما يليها من علاوات دورية مستقبلة. لازم ذلك استحقاق العلاوة الدورية التالية بعد سنة من تاريخ استحقاق العلاوة الممنوحة طبقا للقانون المذكور.
(هـ) قضاه. "علاوات دورية". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان".
الأصل هو احتساب العلاوة الدورية للمستشارين من تاريخ تعيينهم فى درجاتهم. صدور القانون رقم 72 لسنة 1964 بتغيير المدة الزمنية التى تفصل بين العلاوات الدورية بجعلها سنة بدلا من سنتين. نسخ هذا الأصل بالقدر اللازم لتطبيق قواعد الانتقال وإرساء حكم القانون الجديد.
(و) قانون. "حجية المذكرة الإيضاحية".
استثناء حكم من أصل عام لا قوام له بغير نص. ذكر هذا الاستثناء فى المذكرة الإيضاحية رغم حذف النص الذى كان يقرره، سهو لا يؤبه له.
1 - الأصل فى صدد سريان القانون من حيث الزمان أن إلغاء قاعدة قانونية وحلول قاعدة قانونية أخرى محلها يترتب عليه - إذا تعلقت القاعدتان بأوضاع قانونية تكونت فى لحظة واحدة - أن تسرى القاعدة الجديدة بأثر فورى منذ نفاذها ويقف فى ذات الوقت سريان القاعدة القانونية القديمة بغير تنازع بين القاعدتين. أما إذا كانت الأوضاع القانونية لا تتكون إلا خلال فترة زمنية متداخلة بين قاعدتين قانونيتين فإنه يتعين فى سبيل فض التنازع بينهما أن يمتنع تطبيق القاعدة القانونية الجديدة بأثر رجعى يمس الوضع المتكون فى الماضى طبقا للقاعدة القانونية القديمة كما يمتنع استمرار تطبيق القاعدة القانونية القديمة بأثر ممتد على الوضع الذى يكون قد تكون بعد إلغائها وذلك كله ما لم يورد المشرع أحكاما تقرر رجعية القاعدة القانونية الجديدة أو امتداد القاعدة القانونية القديمة أو أن تكون المسألة التى مسها التشريع تدخل فى عموم إحدى مسائل القانون الخاص التى عنى المشرع بتنظيم التنازع الزمنى فى القوانين بشأنها فى المجموعة المدنية أو مجموعة قانون المرافعات.
2 - التشريعات المتعلقة بالقانون العام - فيما عدا ما تتضمنه القوانين الجزائية من أحاكم خاصة - تسرى جميعها بأثر فورى مباشر بما فيها التشريعات التى تنظم علاقة الموظف بالسلطة العامة وتحدد مخصصاته من مرتبات وعلاوات ومكافآت سواء فى ذلك تعلقت هذه التشريعات بالعاملين المدنيين فى الدولة بصفة عامة أم كانت تتعلق بهيئات معينة من العاملين الذين تنتظمهم قوانين خاصة وذلك باعتبار أن التشريع الجديد أصلح من التشريع السابق فى تحقيق المصلحة العامة.
3 - العلاوة الممنوحة فى أول يوليه سنة 1964 - استنادا إلى القانون رقم 72 لسنة 1964 لمضى أكثر من سنة بعد آخر علاوة منحت قبل هذا التاريخ يتعين اعتبارها مستحقة فى الأول من يوليه سنة 1964 تأسيسا على الأثر الفورى للقانون المذكور، واستبعاد اعتبارها مستحقة فى تاريخ سابق - ذلك أنه وإن كان استكمال هذا الشرط الزمنى مما يتعين الاعتداد به رغم تمام مدة السنة فى ظل القانون القديم إلا أن النص بالقانون الجديد على العمل به من أول يوليه سنة 1964 يحول دون اعتبار العلاوة التى منحت فى هذا التاريخ مستحقة من تاريخ سابق على نفاذ هذا القانون لما يترتب على ذلك من تطبيق القانون الجديد بأثر رجعى.
4 - إذ ينص القانون رقم 72 لسنة 1964 على سنوية العلاوة الدورية، وكان الطالب - وقد مضت على آخر علاوة دورية حصل عليها عند العمل بهذا القانون سنة فأكثر - منح علاوته الدورية الأولى طبقا للقانون المذكور فى الأول من يوليه سنة 1964 نفاذا للأثر الفورى له وهى علاوة دورية عادية مؤثرة من حيث تاريخ استحقاقها على ما يليها من علاوات دورية مستقبلة فإن لازم ذلك أن يستحق الطالب العلاوة الدورية التالية بعد سنة من تاريخ استحقاق علاوته الأخيرة أى فى أول يوليه سنة 1965 على أن يجرى استحقاق علاوته الدورية العادية بعد ذلك كل سنة فى نفس التاريخ إلى أن يصل مرتبه إلى آخر المربوط المقرر له. ولا محل للقول بأن ميعاد العلاوة الدورية التالية التى يستحقها الطالب بعد منحه علاوة أول يوليه سنة 1964 هو الميعاد الذى كان مقررا أصلا لاستحقاقه علاواته الدورية طبقا للقانون القديم بعد سنتين من تاريخ آخر علاوة منحت له لما يترتب على هذا القول من بعث للقانون القديم بتطبيقه بأثر ممتد إلى ما بعد إلغائه على وضع قانونى لم يكتمل تكوينه فى ظله، ولما يؤدى إليه هذا الموقف من اضطراب بتداخل القانونين معا وفى وقت واحد بصدد وضع قانونى واحد.
5 - إن قضاء هذه المحكمة وإن كان قد جرى على أن التعبير بالقواعد الملحقة بجدول المرتبات المرفق بالقانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن العلاوات الدورية المقررة للمستشارين ومن فى حكمهم بأن يمنحوا "العلاوة المقررة بحسب القانون". بدلا من التعبير السابق الذى ورد بالقانون رقم 221 لسنة 1955 فى شأن هذه العلاوات باعتبارها "محسوبة من تاريخ تعيينهم فى درجاتهم" لا يغير من اعتبار سريان العلاوات بالنسبة للمستشارين من تاريخ التعيين فى درجاتهم، إلا أن هذا القضاء قد صدر فى ظل قاعدة قانونية تمنح العلاوة بمقتضاها كل سنتين. وإذ تغيرت هذه المدة الزمنية التى تفصل بين العلاوة والأخرى فأصبحت سنة واحدة بموجب القانون رقم 72 لسنة 1964، وكان إعمال هذا القانون الجديد يقترن بتطبيق قواعد الانتقال اللازمة لإرساء حكمه، فإن هذه القواعد تعد بهذا الوصف ناسخة لقاعدة سريان العلاوات الدورية بالنسبة للمستشارين من يوم تعيينهم فى حدود ما تتعارض فيه معها وبالقدر اللازم لتطبيق القانون الجديد فى نطاق المبادئ القانونية العامة فى سريان القانون من حيث الزمان وذلك تأسيسا على الحقيقة القانونية التى ظهرت ولا تلبث أن تزول وهى الانتقال من القانون القديم إلى القانون الجديد.
6 - إذ كان قد نص فى المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل جدول مرتبات أعضاء مجلس الدولة على أن الضرورة اقتضت ادراج نص فى القواعد الملحقة بجدول الوظائف يقضى بمنح الأعضاء الذين مضى على تاريخ آخر علاوة منحوها مدة سنة على الأقل من تاريخ نفاذ هذا القانون علاوة من علاوات درجتهم بالفئة الجديدة فى أول يولية سنة 1964 على ألا تخل هذه العلاوة بموعد علاواتهم الدورية - فإن هذا التقرير يعد استثناء من الأصل فلا قوام له بغير نص، وبالتالى فإن حذف المشرع النص على ذلك من المشروع بعد إدراجه فيه يدل على أن المشرع قصد أن يقيم تجانسا فى الحكم بشأن هذه العلاوة لدى كافة الهيئات التى تنتظمها تشريعات خاصة، أما بقاء عبارة المذكرة الإيضاحية على حالها رغم حذف النص فهو سهو لا يؤبه له ولا يعتد به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن السيد المستشار..... تقدم إلى هذه المحكمة فى 27/ 10/ 1964 بطلب قيد برقم 4 سنة 34 ق رجال القضاء. وقال الطالب فى بيان طلبه أنه عين مستشارا بمحاكم الاستئناف فى 1/ 10/ 1958، ومنح فى 1/ 10/ 1960 وفقا لجدول المرتبات الملحق بالقانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية وبعد سنتين من تعيينه مستشارا أول علاوة دورية مقدارها 100 ج، كما منح فى 1/ 10/ 1962 بعد سنتين من علاوته الدورية الأولى علاوة دورية ثانية مقدارها 100 ج أيضا. ولما عدل جدول المرتبات بالقانون رقم 72 لسنة 1964 بجعلها بالنسبة لمستشارى محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحامين العامين من 1300 ج إلى 1800 ج بعلاوة مقدارها 72 ج سنويا ونص بهذا القانون على العمل به من أول يوليه سنة 1964 أصدرت وزارة العدل القرار الوزارى رقم 885 لسنة 1964 بمنحه علاوة دورية مقدارها 72 ج سنويا فى الأول من يوليه سنة 1964. وإذ كان يستحق علاوة دورية فى الأول من أكتوبر سنة 1964 فقد ترقب صدور قرار بها، غير أن الوزارة سكتت عن ذلك، مما يفيد عزوفها عن منحها له فى هذا التاريخ بجعل الأول من يوليه موعدا لإستحقاق علاوته الدورية كل سنة، فجاء تصرفها على هذا النحو مخالفا للتفسير الصحيح لأحكام القانون رقم 56 لسنة 1959 المعدلة بالقانون رقم 72 لسنة 1964. وأسس الطالب هذا النظر على أن القانون الأخير لم يتضمن النص على توحيد ميعاد العلاوات الدورية المستحقة لبعض رجال القضاء والنيابة بجعلها فى الأول من يوليه من كل سنة بالنسبة لمن يكونون قد أمضوا سنة فأكثر على آخر علاوة منحوها عند العمل بهذا القانون، ولو أراد المشرع ذلك لنص عليه صراحة، وأنه وإن كان الأصل طبقا لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة هو استحقاق العلاوات الدورية فى ميعاد موحد هو الأول من مايو من كل سنة، إلا أنه بالنسبة لرجال القضاء والنيابة العامة حيث ينتظمهم قانون خاص فانهم يستحقون علاواتهم الدورية محسوبة من تاريخ تعيينهم، ويستمر هذا الميعاد قائما حتى ترقيتهم إلى درجة مستشار، وعندئذ يصبح تاريخ هذه الترقية ميعادا لإستحقاق علاواتهم الدورية. واستدل الطالب على قوله بما اتبعته الوزارة نحو رجال القضاء والنيابة العامة الذين لم يكن قد مضى على آخر علاوة دورية منحت لهم سنة كاملة عند بدء العمل بالقانون رقم 72 لسنة 1964، إذ منحتهم علاواتهم الدورية السنوية فى ظل هذا القانون فى تاريخ تمام السنة محسوبا من ميعاد علاواتهم السابقة. واستطرد الطالب قائلا أنه وإن كان يستحق علاوة فى الأول من يوليه سنة 1964 نفاذا للأثر الفورى للقانون رقم 72 لسنة 1964 لأنه كان قد أمضى وقتئذ أكثر من سنة على تاريخ آخر علاوة منحت له، ولئن كان قد منح هذه العلاوة فعلا بموجب القرار الوزارى رقم 885 لسنة 1964، إلا أن مقتضى التفسير الصحيح للقانون رقم 72 لسنة 1964 ألا يخل منحه هذه العلاوة فى الأول من يوليه سنة 1964 بحقه فى علاوته الدورية التالية فى ميعادها الأصلى فى أول أكتوبر سنة 1964 باعتبار أنه فى هذا التاريخ كان قد أكمل السنة التى يستحق بتمامها علاوته الثانية، وأن العلاوة التى منحت له فى الأول من يوليه سنة 1964 كانت تستحق أصلا فى أول أكتوبر سنة 1963. وأردف الطالب يقول أن التفسير الذى اعتنقته الوزارة ليس من شأنه أن يحقق الهدف من القانون رقم 72 لسنة 1964 - وهو تحسين حال العاملين فى الدولة - إذ بموجبه خفضت علاوته الدورية عن عام 1964 من 100 ج إلى 72 ج وسوى به من حيث المرتب من هو أحدث منه. ويضيف الطالب أنه ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 114 لسنة 1964 بتعديل جدول مرتبات أعضاء مجلس الدولة الذى صدر على غرار القانون رقم 72 لسنة 1964 أن منح أعضاء مجلس الدولة الذين أمضوا على تاريخ آخر علاوة منحوها مدة سنة على الأقل من تاريخ نفاذ هذا القانون فى أول يوليه سنة 1964 علاوة من علاوات درجتهم بالفئة الجديدة فى هذا التاريخ - لا يخل بموعد علاواتهم الدورية، وأن نصا بهذا المعنى كان موجودا بمشروع هذا القانون ولكنه حذف وبقى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية بشأنه على حاله، مما مفاده - فى نظر الطالب - أن المشرع قدر أن المبدأ الذى تضمنه هذا النص لم يكن سوى تطبيقا سليما للقانون لا يحتاج إلى نص يقرره. وطلب الطالب الحكم بأحقيته لعلاوة دورية مقدارها 72 ج سنويا اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1964 مع صرف الفروق المالية المستحقة له من هذا التاريخ.
وحيث إن وزارة العدل ردت على هذا الطلب بأن الضابط فى استحقاق العلاوات الدورية هو مضى مدة معينة، هى سنتان قبل القانون رقم 72 لسنة 1964 وسنة واحدة طبقا له. وإذ ترتب على الأثر المباشر لهذا القانون بالنسبة لرجال القضاء والنيابة العامة الذين أمضوا سنة فأكثر على آخر علاوة منحت لهم عند العمل به أن منحوا علاوة دورية فى الأول من يوليه سنة 1964، فإن مؤدى ذلك ألا يستحق هؤلاء العلاوة الدورية التالية إلا فى الأول من يولية سنة 1965 أى بعد سنة من تاريخ منحهم العلاوة الأولى طبقا للقانون الجديد، وليس فى الموعد الذى كانت تمنح لهم فيه لو لم يصدر هذا القانون، وذلك حتى لا يجرى فى وقت واحد إعمال القانون القديم الذى كان يقضى بمنح العلاوة كل سنتين والقانون الجديد الذى تمنح العلاوة بمقتضاه كل سنة. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأى بتأييد الطالب فى طلبه.
وحيث إن الأصل فى صدد سريان القانون من حيث الزمان أن إلغاء قاعدة قانونية وحلول قاعدة قانونية أخرى محلها يترتب عليه - إذ تعلقت القاعدتان بأوضاع قانونية تكونت فى لحظة واحدة - أن تسرى القاعدة الجديدة بأثر فورى منذ نفاذها ويقف فى ذات الوقت سريان القاعدة القانونية القديمة بغير تنازع بين القاعدتين. أما إذا كانت الأوضاع القانونية لا تتكون إلا خلال فترة زمنية متداخلة بين قاعدتين قانونيتين فإنه يتعين فى سبيل فض التنازع بينهما أن يمتنع تطبيق القاعدة القانونية الجديدة بأثر رجعى يمس الوضع المتكون فى الماضى طبقا للقاعدة القانونية القديمة، كما يمتنع استمرار تطبيق القاعدة القانونية القديمة بأثر ممتد على الوضع الذى يكون قد تكون بعد إلغائها، وذلك كله ما لم يورد المشرع أحكاما تقرر رجعية القاعدة القانونية الجديدة أو امتداد القاعدة القانونية القديمة، أو أن تكون المسألة التى مسها التشريع تدخل فى عموم إحدى مسائل القانون الخاص التى عنى المشرع بتنظيم التنازع الزمنى فى القوانين بشأنها فى المجموعة المدنية أو مجموعة قانون المرافعات - لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من القانون رقم 72 لسنة 1964 بتعديل جدول المرتبات المنصوص عليه فى المادتين 73، 131 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 - وهو القانون السارى المفعول وقتئذ - قد نصت على أن "يستبدل جدول المرتبات المرفق بهذا القانون بجدول المرتبات الملحق بالقانون رقم 56 لسنة 1959" ...، وكان الجدول الملحق به قد نص على رفع العلاوات الدورية لرجال القضاء والنيابة العامة وتقصير مواعيدها فجعلها بالنسبة للمستشارين بمحكمة النقض ومحاكم الاستئناف والمحامين العامين - ومنهم الطالب - 72 ج سنويا بعد أن كانت طبقا للجدول الملحق بالقانون رقم 56 لسنة 1959 مائة جنيه كل سنتين، وإذ تنص المادة الثانية من القانون رقم 72 لسنة 1964 المشار إليه على أنه "يعمل به من أول يوليه سنة 1964"، وكانت التشريعات المتعلقة بالقانون العام - فيما عدا ما تتضمنه القوانين الجزائية من أحكام خاصة - تسرى جميعها بأثر فورى مباشر بما فيها التشريعات التى تنظم علاقة الموظف بالسلطة العامة وتحدد مخصصاته من مرتبات وعلاوات ومكافآت سواء فى ذلك تعلقت هذه التشريعات بالعاملين المدنيين فى الدولة بصفة عامة أم كانت تتعلق بهيئات معينة من العاملين الذين تنتظمهم قوانين خاصة وذلك باعتبار أن التشريع الجديد أصلح من التشريع السابق فى تحقيق المصلحة العامة. إذ كان ما تقدم فإن مؤدى تطبيق القانون رقم 72 لسنة 1964 المشار إليه - فيما لا خلاف عليه بين طرفى النزاع - أن يمنح رجال القضاء والنيابة العامة الذين لم تمض على آخر علاوة دورية منحت لهم عند العمل بهذا القانون سنة كاملة علاوة دورية من تاريخ علاواتهم الدورية السابقة، ذلك أنه يتوافر لهم فى هذا التاريخ تمام السنة الذى يكتمل به الأثر القانونى الموجب لاستحقاق هذه العلاوة طبقا للقانون الجديد، على أن يمنح هؤلاء علاواتهم السنوية الدورية التالية كل منهم من تاريخ علاواته الدورية السابقة على صدور القانون الجديد، طالما أن هذا القانون قد اكتفى بصدد تحديد المدة التى تمضى بين علاوتين دوريتين بجعلها سنة واحدة بدلا من سنتين ولم يحدد هذه المدة بعدد من الشهور أو بكسور السنة. أمام بالنسبة لرجال القضاء والنيابة العامة الذين مضت على آخر علاوة دورية منحت لهم عند العمل بالقانون الجديد سنة فأكثر - ومن بينهم الطالب - فإنه لا خلاف بين طرفى النزاع فى وجوب منحهم علاوة دورية بالفئة الجديدة فى الأول من يوليه سنة 1964، وقد منحوا فعلا هذه العلاوة بالقرار الوزارى رقم 885 لسنة 1964، وإنما يدور الخلاف حول التاريخ الذى تستحق فيه هذه العلاوة وتحديد ميعاد العلاوة التالية لها.
وحيث إنه بالنسبة للمسألة الأولى التى اختلف عليها الطرفان فإنه يتعين اعتبار العلاوة التى منحت للطالب فى الأول من يوليه سنة 1964 مستحقة فى هذا التاريخ تأسيسا على الأثر الفورى للقانون رقم 72 لسنة 1964، واستبعاد أن تعتبر هذه العلاوة مستحقة فى تاريخ سابق - ذلك أنه وإن كان قد استكمل الشرط الزمنى لمضى أكثر من سنة بعد آخر علاوة منحت له قبل أول يوليه سنة 1964 - فى الأول من أكتوبر سنة 1963 بالنسبة للطالب - ولئن كان استكمال هذا الشرط الزمنى مما يتعين الاعتداد به رغم تمام مدة السنة فى ظل القانون القديم، إلا أن النص بالقانون الجديد على العمل به من أول يوليه سنة 1964 يحول دون اعتبار العلاوة التى منحت فى هذا التاريخ مستحقة من تاريخ سابق على نفاذ هذا القانون لما يترتب على ذلك من تطبيق القانون الجديد بأثر رجعى. وإذ ينص القانون رقم 72 لسنة 1964 على سنوية العلاوة الدورية، وكان الطالب - وقد مضت على آخر علاوة دورية حصل عليها عند العمل بهذا القانون سنة فأكثر - منح علاوته الدورية الأولى على ما تقدم بيانه طبقا للقانون الجديد المشار إليه فى الأول من يوليه سنة 1964 نفاذا للأثر الفورى له، وإذ كانت هذه العلاوة من العلاوات الدورية العادية المؤثرة من حيث تاريخ استحقاقها على ما يليها من علاوات دورية مستقبلة، فإن لازم ذلك أن يستحق الطالب العلاوة الدورية التالية بعد سنة من تاريخ استحقاق علاوته الأخيرة أى فى أول يوليه سنة 1965، على أن يجرى استحقاق علاواته الدورية العادية بعد ذلك كل سنة فى نفس التاريخ إلى أن يصل مرتبه إلى آخر المربوط المقرر له. ولا محل للقول بأن ميعاد العلاوة الدورية التالية التى يستحقها الطالب بعد منحه علاوة أول يوليه سنة 1964 هو الميعاد الذى كان مقررا أصلا لاستحقاقه علاواته الدورية طبقا للقانون القديم بعد سنتين من تاريخ آخر علاوة منحت له أى فى أول أكتوبر سنة 1964 - لا محل لهذا القول لما يترتب عليه من بعث للقانون القديم بتطبيقه بأثر ممتد إلى ما بعد إلغائه على وضع قانونى لم يكتمل تكوينه فى ظله. هذا إلى أنه وقد انحسم الأمر فى خصوص هذا الوضع القانونى بتطبيق القانون الجديد فعلا بأثر فورى وأدى انطباقه إلى منح الطالب علاوة دورية عادية فى أول يوليه سنة 1964 فإنه يتعين الاستمرار فى تطبيق هذا القانون مستقبلا وعدم العود إلى القانون القديم لما يؤدى إليه هذا الموقف من اضطراب بتداخل القانونين معا وفى وقت واحد بصدد وضع قانونى واحد، ولأن العود إلى تطبيق القانون القديم من شأنه الإخلال إخلالا صريحا بمبدأ سنوية العلاوة المقرر بالقانون الجديد. ولما كان مؤدى تطبيق المبادئ العامة فى سريان القانون من حيث الزمان - على ما سلف بيانه - ألا يستحق الطالب علاوة سنوية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 72 لسنة 1964 من تاريخ سابق على تاريخ العمل به فى أول يوليه سنة 1964 لما يترتب على ذلك من تطبيق لهذا القانون بأثر رجعى، كما لا يستحق علاوة دورية سنوية فى الموعد الذى كان يستحقها فيه أصلا طبقا للقانون القديم بعد سنتين من آخر علاوة منحت له فى ظله لما يؤدى إليه منح هذه العلاوة فى تاريخ لاحق على إلغاء القانون القديم من تطبيق به بأثر ممتد إلى ما بعد إلغائه. وإذ كان الوضع فى الحالتين بعد استثناء واردا على الأصل وهو تطبيق القانون بأثر فورى، ولم يورد المشرع نصا مقررا لأى من الاستثناءين فإنه لا يكون للطاعن سند من القانون فى العلاوة المطالب بها.
وحيث إنه لا عبرة بما يثيره الطالب من أن التطبيق الذى اتبعته الوزارة من شأنه أن يوجد بغير نص التاريخ الذى تستحق فيه العلاوات الدورية لبعض رجال القضاء والنيابة العامة - لا عبرة بهذا القول ذلك أن القانون رقم 56 لسنة 1959 إذ نص بالقواعد الملحقة بجدول المرتبات على أنه "كل من يعين فى وظيفة من الوظائف المرتبة فى درجات ذات مبدأ ونهاية يمنح مربوط الدرجة عند التعيين، على أن يمنح العلاوات المقررة بحسب القانون" ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التعبير فى هذا القانون بأن "يمنح العلاوة المقررة بحسب القانون" بدلا من التعبير السابق الذى ورد بالقانون رقم221 لسنة 1955 فى شأن هذه العلاوات الدورية المقررة للمستشارين واعتبارها "محسوبة من تاريخ تعيينهم فى درجاتهم" - لا يغير من اعتبار سريان العلاوات بالنسبة للمستشارين من تاريخ التعيين فى درجاتهم، إلا أن هذا القضاء قد صدر فى ظل قاعدة قانونية تمنح العلاوة بمقتضاها كل سنتين. وإذ تغيرت المدة الزمنية التى تفصل بين العلاوة والأخرى وأصبح ميعاد العلاوة الدورية سنة واحدة بموجب القانون رقم 72 لسنة 1964، وكان إعمال هذا القانون الجديد يقترن بتطبيق قواعد الانتقال اللازمة لإرساء حكمه، وإذ تعد هذه القواعد بهذا الوصف ناسخة لقاعدة سريان العلاوات الدورية بالنسبة للمستشارين من يوم تعيينهم فى حدود ما تتعارض فيه معها، لما كان ذلك فإنه يتعين إطراح دفاع الطالب فى هذا الخصوص تأسيسا على الحقيقة القانونية التى ظهرت ولا تلبث أن تزول وهى الانتقال من القانون القديم إلى القانون الجديد وذلك بالقدر اللازم لتطبيق القانون الجديدة فى نطاق المبادئ القانونية العامة فى سريان القانون من حيث الزمان. وأنه وإن صح ما يقوله الطالب من أن علاوته الدورية عن عام 1964 قد خفضت من 100 ج إلى 72 ج إلا أن هذا التخفيض لا يعدو أن يكون تخفيضا مؤقتا لا يلبث أن يعوض عنه الطالب فى السنة التالية بعد بضعة شهور من التاريخ الذى كانت تستحق فيه أصلا علاوته الدورية فيما لو لم يصدر القانون الجديد، إذ يكون الطالب فى الأول من يوليه سنة1965 قد منح علاوتين بمجموع قدره 144 ج. وباستحقاق الطالب هاتين العلاوتين يكون قد زاد بما حصل عليه عن زملائه الآخرين - وهم الذين كانوا قد أمضوا عند صدور القانون الجديد أقل من سنة على آخر علاوة منحت لهم - إذ يكون ما حصل عليه هؤلاء الزملاء حتى أول يوليه سنة 1965 هو علاوة واحدة فقط أى 72 ج، مما ينتفى معه الإدعاء بوقوع ضرر. وما يقوله الطالب بشأن المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 144 لسنة 1964 بتعديل جدول مرتبات أعضاء مجلس الدولة - هذا القول تنقضه ذات العبارة التى وردت بالمذكرة الإيضاحية إذ قررت صراحة ضرورة "إدراج نص فى القواعد الملحقة بجدول الوظائف يقضى بمنح الأعضاء - الذين مضى على تاريخ آخر علاوة منحوها مدة سنة على الأقل فى تاريخ نفاذ هذا القانون - علاوة من علاوات درجتهم بالفئة الجديدة فى أول يوليه سنة 1964، ونص على ألا تخل هذه العلاوة بموعد علاواتهم الدورية". وإذ كان ما أوردته المذكرة الإيضاحية بصدد هذه العلاوة الأخيرة إن هو إلا تقرير للمبدأ السالف بيانه باعتبار أنها استثناء من الأصل فلا قوام لها بغير نص، فإن ذلك يؤكد أن حذف النص من المشروع بعد إدراجه فيه لم يكن وليد شعور لدى المشرع بعدم الحاجة إليه تقديرا منه - على ما يقوله الطالب - بأنه يتضمن مبدأ هو فى ذاته تطبيق سليم للقانون وفقا للقواعد العامة، إنما قصد المشرع من حذف هذا النص أن يقيم تجانسا فى الحكم بشأن هذه العلاوة لدى كافة الهيئات التى تنتظمها تشريعات خاصة، أما بقاء عبارة المذكرة الإيضاحية على حالها رغم حذف النص فهو سهو لا يؤبه له ولا يعتد به.
لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطلب.