أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1564

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدى، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(219)
الطعن رقم 31 لسنة 32 القضائية

( أ ) حكم. "تسبيب الأحكام". "التسبيب الكافى". استئناف. "الحكم فى الاستئناف". "تسبيبه".
الحكم بالغاء حكم مستأنف. وجوب احتوائه على أسباب الإلغاء. الحكم بتعديل حكم مستأنف يكفى فيه ذكر الأسباب التى دعت للتعديل. اعتبار الجزء الذى لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده. بقاء أسباب الحكم المستأنف قائمة بالنسبة لهذا الجزء. مثال.
(ب) إثبات. "إجراءات الإثبات". "الخبرة". "أعمال الخبير".
دعوة الخبير للخصوم. إجراءاتها. المادة 236/ 1 مرافعات.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "الخبرة".
حق المحكمة فى عدم إجابة طلب مناقشة الخبير. مناطه.
(د) إثبات. "القرائن القانونية". "حجية الأمر المحكوم فيه". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تحصيل الدليل".
استخلاص النزول عن حجية الأمر المقضى. مسألة موضوعية.
(هـ) حكم. "تسبيب الحكم". "التسبيب الكافى". دعوى. "دعوى الضمان الفرعية".
عدم وجوب إيراد أسباب مستقلة لرفض دعوى الضمان متى كانت أسباب الحكم فى الدعوى الأصلية تستلزم رفضها. مثال.
1 - من المقرر فى قضاء محكمة النقض إنه يجب على محكمة الإستئناف عند الحكم بإلغاء حكم مستأنف أن تذكر الأسباب التى من أجلها قضت بالغائه، أما فى حالة الحكم بتعديله فلا ينصب هذا الوجوب إلا على الجزء الذى شمله هذا التعديل فقط، ويعتبر الجزء الذى لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة له [(1)] فمتى كان الحكم الاستئنافى وإن قضى بتعديل المبالغ المحكوم بها للمدعين من محكمة أول درجة - إلا أنه لم يمس الإجراءات التى تتعلق بتقرير الخبير، وكان الحكم الابتدائى قد عرض للدفع ببطلان عمل الخبير ورد عليه، فإن مؤدى ذلك أن تعتبر أسبابه بالنسبة لهذا الدفع قائمة وكان الحكم الاستئنافى قد قضى بتأييدها.
2 - جعلت المادة 236/ 1 من قانون المرافعات دعوة الخبير للخصوم تتم بكتب موصى عليها ترسل إليهم قبل التاريخ المحدد لبدء العمل بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته. وإذ رسم القانون شكلا معينا للإجراء المطلوب واعتد الحكم بهذا الشكل، فإنه يكون قد إلتزم صحيح القانون [(2)].
3 - لا تثريب على المحكمة إن هى لم تستجب إلى طلب مناقشة الخبراء ما دام قد وضح لها وجه الحق فى الدعوى.
4 - استخلاص النزول عن حجية الأمر المقضى مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع.
5 - متى كان الحكم قد انتهى إلى أن المدعى عليه كان يدير جميع أعيان التركة فى فترة النزاع ورتب على ذلك قضاءه بالزامه وحده بغلتها، فإن لازم ذلك هو رفض دعوى الضمان التى رفعها المدعى عليه ضد أحد المدعين بزعم أن هذا الأخير هو الذى كان يدير بعض أعيان التركة. ولا على الحكم إذا هو لم يورد أسبابا مستقلة لرفض الدعوى الأخيرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهم الخمسة الأول أقاموا الدعوى رقم 20 سنة 1950 مدنى كلى الجيزة على الطاعن، وقالوا بيانا لها أن مورث الطرفين توفى بتاريخ 29 من يونيه سنة 1947 عن عقارات زراعية وماشية ومعمل ألبان ومطحن ومحصولات زراعية ناضجة، وأن الطاعن استلم أعيان التركة لإدارتها باعتباره وكيلا عن الورثة منذ وفاة المورث حتى 15 من مارس سنة 1948 وهو التاريخ الذى قسمت فيه التركة، وإذ لم يدفع لهم الطاعن أنصبتهم فى غلتها فقد أقاموا هذه الدعوى بطلب الحكم بإلزامه بأن يقدم لهم حسابا مؤيدا بالمستندات عن هذه الفترة وبندب خبير لفحص هذا الحساب وتقدير غلة التركة وبإلزام الطاعن بأن يدفع لكل منهم نصيبه فى هذه الغلة - ندبت المحكمة خبيرين أحدهما زراعى والآخر حسابى لبيان ما غلته أعيان التركة فى فترة النزاع ووجه الطاعن إلى المطعون عليه الثالث دعوى ضمان عن إيراد المطحن بدعوى أنه كان يديره فى فترة النزاع، وأعادت المحكمة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتحقيق طعون الخصوم على التقرير وبيان إيراد المطحن فى المدة من أول يوليه سنة 1947 حتى 15 مارس سنة 1948، ورأت المحكمة ندب مكتب الخبراء مرة أخرى لتحقيق طعون الخصوم على التقرير السابق، ثم عادت المحكمة وندبت مكتب الخبراء للمرة الثالثة ليعهد بالمأمورية إلى خبيرين آخرين أحدهما حسابى والآخر زراعى. وبعد أن قدما تقريرهما تدخل المطعون عليهما الأخيران فى الدعوى وطلبا إلزام الطاعن بأن يدفع لهما نصيبهما فى غلة التركة، وبتاريخ 30/ 11/ 1960 قضت محكمة أول درجة بقبول تدخل المطعون عليهما الأخيرين، وفى الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ 316 و370 م ولكل من المطعون عليهم الثانى والثالث والرابع مبلغ 553 ج و648 م وللمطعون عليها الخامسة مبلغ 276 ج و804 م وللمتدخل الأول (المطعون عليه السادس) مبلغ 552 ج و648 م وللمتدخلة الثانية (المطعون عليها السابعة) مبلغ 276 ج و824 م، وفى دعوى الضمان الفرعية بإلزام المطعون عليه الثالث بأن يدفع للمطعون عليهما الأولى مبلغ 285 ج 803 م ولكل من المطعون عليهم الثانى والرابع والسادس مبلغ 500 ج و155 م ولكل من المطعون عليهما الخامسة والسابعة مبلغ 250 ج و77 م. استأنف المطعون عليهم الخمسة الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم برقم 141 سنة 78 ق، كما استأنفه الطاعن وقيد استئنافه برقم 371 سنة 78 ق، وبتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1961 قضت محكمة الاستئناف فى الاستئناف الأصلى المرفوع من المطعون عليهم الخمسة الأول بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها الأولى مبلغ 602 ج و173 م ولكل من المطعون عليهم الثانى والثالث والرابع 1053 ج و803 م وللمطعون عليها الخامسة مبلغ 526 ج و901 م، ورفض دعوى الضمان الفرعية الموجهة من الطاعن إلى المطعون عليه الثالث وبالغاء الحكم المستأنف فيما يتصل بها، وفى الدعوى الفرعية المرفوعة من المطعون عليهما السادس والسابعة بإلغاء الحكم المستأنف عنها وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه السادس مبلغ 1053 ج و803 م وللمطعون عليها السابعة مبلغ 526 ج و901 م، وحكمت فى الاستئناف المقابل برفضه. وبتاريخ 22 من يناير سنة 1962 قرر الطاعن بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8/ 5/ 1965 وفيما صممت النيابة على رأيها الوارد فى مذكرتها بنقض الحكم نقضا جزئيا فى خصوص عدم خصمه لمبلغ 141 ج و610 م مما قضى به للمطعون عليه الثالث ضد الطاعن وبرفض الطعن فيما عدا ذلك، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لصدور قرار الإحالة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب ومخالفة القانون، ويقول فى بيان ذلك أن محكمة أول درجة ندبت خبيرين من مكتب الخبراء أحدهما زراعى والآخر حسابى، وقد أرجأ الخبير الحسابى أداء مأموريته حتى ينتهى الخبير الزراعى من مأموريته، غير أن الخبير الحسابى عاد بعد ذلك وباشر عمله دون دعوة الطاعن للحضور فى التاريخ المحدد لذلك، وقد دفع الطاعن ببطلان عمل الخبير، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على دفعه ولم يشر إليه، كما لم يعن الحكم بالرد على ما طلبه الطاعن من استدعاء الخبراء لمناقشتهم ولا يكفى فى الرد على الدفع ببطلان عمل الخبير ما أورده الحكم الابتدائى من أن الثابت من محضر أعمال الخبير أنه أرسل خطابات موصى عليها إلى الخصوم ببيان التاريخ المحدد لعمله إذ ليس فى الأوراق ما يدل على إرسال الخبير مثل هذا الإخطار، كما أنه على فرض صحة ما أثبته الخبير فان مثل هذا الاخطار لا يكفى فى القانون لاعتباره دعوة صحيحة للطاعن بالحضور بل يجب ثبوت وصول الاخطار كما هو الحال فى أوراق المرافعات.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائى أنه رد على دفع الطاعن ببطلان تقرير الخبير بقوله "انه عن قول المدعى عليه الأول (الطاعن) ببطلان تقرير الخبير الحسابى فانه يدحضه الثابت بمحضر أعمال هذا الخبير المؤرخ 23/ 5/ 1959 من أنه أرسل خطابات مسجلة إلى الخصوم بتحديد يوم 31 من مايو سنة 1959 للمناقشة، وما أثبته بالمحضر المؤرخ 31/ 5/ 1959 من أرسل خطابا مسجلا لوكيل المدعى عليه بتحديد يوم 7/ 6/ 1959 للمناقشة يبد أنه لم يحضر ولم يعتذر، ومن ثم يكون هذا الشق من الدفاع فى غير محله". ولما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجب على محكمة الاستئناف عند الحكم بإلغاء حكم مستأنف أن تذكر الأسباب التى من أجلها قضت بالغائه أما فى حالة الحكم بتعديله فلا ينصب هذا الوجوب إلا على الجزء الذى شمله هذا التعديل فقط، ويعتبر الجزء الذى لم يشمله التعديل كأنه محكوم بتأييده وتبقى أسباب حكم محكمة أول درجة قائمة بالنسبة له، وكان الحكم المطعون فيه وإن قضى بتعديل المبالغ المحكوم بها للمطعون عليهم من محكمة أول درجة إلا أنه لم يمس الإجراءات التى تتعلق بتقرير الخبير، وإذ عرض الحكم الابتدائى للدفع ببطلان عمل الخبير على النحو المتقدم فإن مؤدى ذلك أن تعتبر أسبابه بالنسبة لهذا الدفع قائمة وكأن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييدها. ولما كانت المادة 236/ 1 من قانون المرافعات قد جعلت دعوة الخبير للخصوم تتم بكتب موصى عليها ترسل إليهم قبل التاريخ المحدد لبدء العمل بسبعة أيام على الأقل يخبرهم فيها بمكان أول اجتماع ويومه وساعته، وإذ رسم القانون شكلا معينا للاجراء المطلوب واعتد الحكم بهذا الشكل، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون. وما ينعاه الطاعن من خلو الأوراق من الدليل على إرسال الخبير مثل هذا الإخطار مردود بأن الطاعن لم يقدم الدليل لهذه المحكمة على عدم صحة ما أورده الحكم من أن الخبير وجه الدعوة إليه بمقضى كتب موصى عليها وأن إيصالات تسجيل هذه الكتب لم ترفق بمحاضر أعماله. لما كان ذلك وكان لا تثريب على المحكمة إن هى لم تستجب إلى طلب مناقشة الخبراء ما دام قد وضح لها وجه الحق فى الدعوى فإن النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثانى الخطأ فى القانون وفساد الاستدلال، ويقول الطاعن فى بيانه أنه تمسك بحجية الحكم الصادر فى الدعوى 341 سنة 1949 مدنى كلى الجيزة - وهى دعوى أقامها بعض المطعون عليهم وآخرون من الورثة على المطعون عليه الثالث بطلب تقديم حساب عن إدارته للمطحن فى فترة النزاع - وأن الحكم الصادر فى هذه الدعوى أثبت على المطعون عليه الثالث إدارة المطحن فى هذه الفترة مما يرفع عن الطاعن مسئوليته عن إدارته خلالها والتزامه بإيراده، غير أن الحكم مع تسليمه بهذه الحجية اعتبر أن الطاعن قد تنازل عن التمسك بها استدلالا من تقديمه حسابا عن إيرادات المطحن ومصروفاته عن مدة النزاع ومن أن هذا الحساب قد أقر بعض الورثة ومن أن محامى الطاعن حضر أمام الخبير وقال أن الطاعن قام بالصرف على المطحن مع أن ما أثبته الحكم لا يصلح دليلا على التنازل عن الحجية لأن التنازل عن الحقوق وخاصة حجية الأحكام يجب أن يكون صريحا لا يحتمل الجدل كما يجب فى النزول الضمنى أن لا يحتمل التأويل.
وحيث إن هذا النعى مردود بما قرره الحكم المطعون فيه فى قوله "أن الحكم فى القضية 321 سنة 49 الذى قطع فى أن محمد مدحت المليجى (المطعون عليه الثالث) هو الذى كان يدير المطحن دون محمد أحمد المليجى (الطاعن) قد صدر بتاريخ 19 مارس سنة 1951 وعقب رفعها رفعت الدعوى 20 سنة 1950 وظلت متداولة فى الجلسات حتى صدر الحكم فيها بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1960، وفى أثناء نظر تلك الدعوى الأخيرة وبعد أن صدر الحكم فى الدعوى 321 سنة 1949 قدم محمد أحمد المليجى الحساب الذى ألزمته المحكمة بتقديمه فى الدعوى الحالية بجلسة 28 مايو سنة 1951 بالحافظة رقم 16 ملف ابتدائى، وضمن هذا الحساب إيرادات ومصروفات المطحن عن مدة الحساب جميعها وهى من أول يوليه سنة 1947 حتى 15 من مارس سنة 1948 فوضع فى الإيرادات مبلغ 1889 ج و831 م مبيعات دقيق ومبلغ 80 ج و365 م مبيعات رده ووضع فى المصاريف مبلغ 1332 ج و398 م مصاريف المطحن 443 ج و83 م أجور نقل الحبوب والدقيق، وقد وقع على هذا الحساب بالإعتماد كل من مليجى أحمد المليجى (المطعون عليه السادس) وعزيزة أحمد المليجى ومنيره أحمد المليجى (المطعون عليها السابعة) وفتحيه أحمد المليجى وعائشة أحمد المليجى وفاطمه أحمد المليجى، كما أن الأستاذ وكيل محمد أحمد المليجى (الطاعن) حضر أمام الخبير بتاريخ 12 من ابريل سنة 1952 أى بعد صدور الحكم فى الدعوى 321 سنة 1949 مدنى كلى الجيزة وقال أن موكله كان يتولى الصرف على المطحن وأن الايراد كان يحصله محمد مدحت أحمد المليجى مما يستفاد منه أن محمد أحمد المليجى (الطاعن) كان يشارك فى إدارة المطحن إذ أن الصرف هو بلا شك جزء من الإدارة بل هو الإدارة الفعلية وهذا يدل على أن محمد أحمد المليجى بلسان وكيله الحاضر عنه أمام الخبير قد تنازل عن حجية الحكم القاضى بأن الذى يتولى الإدارة هو محمد مدحت أحمد المليجى (المطعون عليه الثالث) فكل ذلك يدل على أن محمد أحمد المليجى (الطاعن) قد تنازل ضمنا عن حجية الحكم الصادر فى الدعوى 321 سنة 1949 مدنى كلى الجيزة" ولما كان استخلاص النزول عن حجية الأمر المقضى مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع وكان ما استخلصه الحكم من نزول الطاعن عن الحكم الصادر فى الدعوى 321 سنة 1949 مدنى الجيزة هو استخلاص سائغ تؤدى إليه الأسباب التى بنى عليها فإن النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث بطلان الحكم المطعون فيه ذلك أن الطاعن كان قد أقام دعوى ضمان فرعية على المطعون ضده الثالث أمام محكمة أول درجة يطلب إلزامه بغلة المطحن عن فترة النزاع لإدارته له، وقضى الحكم الإبتدائى له بطلباته فاستأنف المطعون عليهم الخمسة الأول هذا الحكم وقضى الحكم المطعون فيه فى دعوى الضمان بالغاء الحكم الإبتدائى ورفض دعوى الطاعن عنها والزامه بغلة المطحن فى فترة النزاع، وخلا الحكم المطعون فيه من أسباب رفض دعوى الضمان مما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن الطاعن كان يدير جميع أعيان التركة ومنها المطحن فى فترة النزاع ورتب على ذلك قضاءه بإلزامه وحده دون المطعون عليه الثالث بغلتها فإن لازم ذلك هو رفض دعوى الضمان التى رفعها الطاعن ضد المطعون عليه الثالث، ولا على الحكم إذا هو لم يورد أسبابا مستقلة لرفض الدعوى الأخيرة ومن ثم يكون النعى بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع مسخ الثابت فى الأوراق وفساد الاستدلال، ويقول الطاعن فى بيان ذلك أنه استند فى الاستدلال على أن المطعون عليه الثالث كان يدير المطحن إلى إيصال مؤرخ 15 من مارس سنة 1948 تضمن استلامه مبلغ 141 ج و610 م من حساب المطحن غير أن الحكم لم يأخذ بهذا الإيصال باعتبار أن المبلغ الوارد به خاص برصيد المطحن بل اعتبر أنه خاص برصيد المطعون عليه الثالث وبالرغم من أن مقتضى هذا التفسير لعبارة الإيصال هو براءة ذمة الطاعن من حصة المطعون عليه الثالث من غلة المطحن فإن الحكم قضى لهذا الأخير بنصيبه فى هذه الغلة ولم يعتد بالإيصال على النحو الذى فسر به عبارته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لهذا الإيصال فى قوله "والذى يقطع بأن الإدارة كانت لمحمد أحمد المليجى (الطاعن) ولم تكن لمحمد مدحت المليجى (المطعون عليه الثالث) أن الأول سدد للثانى مبلغ 141 ج و610 م قيمة رصيده فى حسابات المطحن لغاية 15 مارس سنة 1948 الأمر الذى يدل على أنه عند عمل القسمة أراد محمد أحمد المليجى (الطاعن) أن يبرئ ذمته من حسابات المطحن بالنسبة لمحمد مدحت المليجى فدفع له رصيده فى الحساب الخاص بالمطحن وأخذ عليه الإيصال المتقدم، ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتمد هذا الإيصال للتدليل على إدارة الطاعن للمطحن ضمن أدلة أخرى استظهرها على ما سلف بيانه فى الرد على السبب الثانى. ولما كان الحكم قد استخلص من تقريرى الخبيرين اللذين أخذ بهما أن إيرادات التركة جميعها بما فيها المطحن فى فترة النزاع 31048 ج و841 م وأن المصروفات 14471 ج و207 م وأن المبالغ التى صرفت للورثة 2500 ج ثم قضى لكل من المطعون عليهم بما فيهم المطعون عليه الثالث بنصيبه فى الغلة بعد خصم ما صرف لهم، وإذ لم يستند الحكم فيما قضى به فى هذا الخصوص إلى الايصال المؤرخ 15 مارس سنة 1948 واعتمد ما ورد فى تقريرى الخبيرين على النحو المتقدم بيانه، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة صورة رسمية من هذين التقريرين لبيان ما إذا كان المبلغ الوارد بالإيصال أو غيره من المبالغ المتعلقة بغلة المطحن والخاصة بمفردات حساب المبالغ المدفوعة للمطعون عليه الثالث لم تدرج بتقريرى الخبيرين فإن النعى بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 28/ 10/ 1937 الطعن 18 لسنة 7 ق مجموعة الربع قرن ص 568 القاعدة 215.
[(2)] نقض 13/ 1/ 1966 مجموعة المكتب الفنى س 17 ص 133.