أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1573

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وإبراهيم حسن علام.

(220)
الطعن رقم 35 لسنة 32 القضائية

بيع. "بيع أملاك الحكومة". بطلان.
بيع أملاك الحكومة الخاصة. الأصل فيه أن يكون بالمزاد العلنى أو بواسطة مظاريف مختومة. إباحة البيع بالممارسة فى حالات استثنائية. حظر البيع بالممارسة للموظفين بالذات أو بالواسطة إلا فى الحالات الواردة بالمادة الثانية من لائحة بيع أملاك الحكومة. إنسحاب هذا الحظر على الاستثناءات المباح فيها البيع بالممارسة بقرار مجلس الوزراء فى 31 يناير سنة 1943. الاستثناء الوارد بهذا القرار الخاص بالأراضى التى تباع لمستأجريها من صغار الزراع. نطاقه. البيع لمن كانت حرفتهم الأصلية الزراعة. عدم امتداده للموظفين الذين يزاولون الزراعة. مخالفة ذلك. أثره. إبطال العقد.
مؤدى أحكام المادتين الأولى والثانية من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الحكومة الحرة الصادرة فى 21 من أغسطس سنة 1902 وقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 18 من مارس سنة 1942 ثم قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 31/ 1/ 1943 أن يعتبر الأصل فى بيع أملاك الحكومة الخاصة أن يكون بالمزاد العلنى أو بواسطة مظاريف مختومة وأن المشرع وإن استثنى من هذا الأصل بعض أملاك الحكومة فأباح بيعها بالممارسة، إلا أن هذه الاستثناءات تختلف فيما بينها من حيث نطاق تطبيقها بحسب ما يستظهر من النصوص المتعلقة بها ويبين من قرار 18/ 3/ 1942 المشار إليه أنه لما قامت لدى المشرع دواعى الحظر على الموظفين أن يشتروا بالذات أو بالواسطة شيئا من أملاك الحكومة بغير طريق المزاد لم ير مبررا لأن يشمل هذا الحظر الأراضى المنصوص عليها فى الفقرات الخمس من المادة الثانية من لائحة سنة 1902 لضآلة شأنها، فاستبعد بالنسبة لهذه الحالات المظنة التى قد تكتنف شراء الموظفين لأراضى الحكومة الخاصة بطريق الممارسة وسلب وزير المالية الحق الذى كانت تخوله إياه الفقرة السادسة من المادة الثانية المشار إليها فى أن يبيع أملاك الدولة الخاصة بطريق الممارسة بغير قيد إلا من تقديره. كما يبين من الأحكام السابق الإشارة إليها من ناحية أخرى أنه بالنسبة للاستثناءات التسعة التى لم ينص عليها بالمادة الثانية من لائحة سنة 1902 أن القرار الصادر بشأنها فى 31/ 1/ 1943 لم يعرض بشىء لما تضمنه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18/ 3/ 1943 فى خصوص منع الموظفين والمستخدمين بصفة عامة من شراء أملاك الدولة بالذات أو بالواسطة بغير طريق المزاد، كما لم يعرض لإلغاء الفقرة السادسة من المادة الثانية من لائحة سنة 1902 وما ترتب على هذا الإلغاء من سلب وزير المالية الحق فى أن يبيع هذه الأملاك فى أحوال خاصة بالممارسة وفقا لما يراه، مما مفاده أن الحظر على الموظفين فى شراء أملاك الدولة الخاصة بغير طريق المزاد وسلب السلطة التقديرية لوزير المالية فى أن يبيع هذه الأملاك بطريق الممارسة قد ظلا قائمين. وأن كل ما ترخص فيه قرار 31/ 1/ 1943 هو أنه خول وزارة المالية حقا مقيدا فى بيع بعض أنواع من الأراضى المملوكة للحكومة وجعل هذا الحق بالنسبة لكل حالة منوطا بالغرض الذى يؤدى إلى تحقيق المصلحة فيها ومقيدا بالشروط التى يتطلبها المشرع، بحيث إذا أذنت وزارة المالية ببيع شىء من أملاك الحكومة دون أن تتوافر مبررات هذا البيع، أو دون أن تتحقق شروطه فى كل حالة فإنها تكون متجاوزة الرخصة التى أعطيت لها. ولا محل لعدم التفرقة بين الموظفين وغير الموظفين فى جميع الاستثناءات التسعة التى نص عليها بالقرار المشار إليه، إذ أن المشرع لو أراد المساواة إطلاقا لنص عليها صراحة بهذا القرار أسوة بما فعله بالنسبة للحالات الخمس الواردة بالمادة الثانية من لائحة سنة 1902 حيث نص صراحة فى قرار سنة 1942 على عدم سريان حظر البيع بالممارسة للموظفين فى هذه الحالات جميعها. ولما كان الاستثناء الأول الذى شمله القرار الصادر فى 31 يناير سنة 1943 المتعلق بالأراضى التى لا تزيد مساحتها على العشرين فدانا وتصرح بيعها بالممارسة لمستأجريها من صغار الزراع قد ورد تحت عنوان "الأراضى التى تباع لمستأجريها من صغار الزراع"، وإذ يفصح هذا التعيير عن هدف المشرع الذى يسعى إليه بالتوسعة على صغار الزراع تدعيما لمكانتهم الاجتماعية بنشر الملكية الصغيرة بينهم، وكان الظاهر من هذا النص أن صغار الزراع الذين أراد المشرع أن يخصهم - دون سواهم - بهذه المصلحة هم من كانت حرفتهم الأصلية الزراعة، وإذ كانت الصفة الأصلية للموظفين هى الوظيفة، وليست الزراعة بالنسبة لهم - إن هم زاولوها - إلا عملا عارضا يستلزم نوعا من القرار والتوطن فى الأرض أو الإشراف عليها مما قد يتنافى مع مقتضيات الوظيفة وقيودها، وكانت العلة من حظر البيع للموظفين بالممارسة هى ضمان حسن التصرف فى أموال الحكومة والمحافظة على أموال الخزانة العامة، وإذ تعتبر هذه العلة قائمة فى بيع أملاك الحكومة موضوع الاستثناء الأول المنصوص عليه بالقرار الصادر فى 31/ 1/ 1943، فإن هذا يستوجب حظر البيع بالممارسة لموظفى الحكومة بالنسبة لهذا الاستثناء سواء فى ذلك تحققت المظنة التى تكتنفه باللجوء إلى أساليب غير سليمة أم لم تتحقق. وإذا وقعت المخالفة وجب الحكم بإبطال البيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المصلحة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 318 سنة 1956 مدنى كلى دمنهور ضد السيدة حفيظة على أحمد ومحمد السيد كامل الشرقاوى (المطعون ضدهما الأول والخامس) وطلبت الحكم عليهما بإبطال عقد البيع المحرر بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1948 والمسجل برقم 5156 دمنهور والمتضمن بيعها لهما 18 ف و3 ط بناحية حفص مركز دمنهور مبينة بذلك العقد وبصحيفة الدعوى مع محو كافة التسجيلات والتأشيرات على العين المذكورة وذلك فى مواجهة المرحوم عبد اللطيف محمود السعدنى (مورث المطعون ضدهم الأربعة الأولين) والسيد محمد كامل الشرقاوى (المطعون ضده السادس). وقالت شرحا لدعواها أن هذين الأخيرين كانا يستأجران منها الأرض موضوع ذلك العقد، وأنه لما كانت لائحة شروط وقيود بيع أملاك الحكومة الحرة الصادرة فى 21 من أغسطس سنة 1902 تمنع بيع تلك الأرض بغير طريق المزاد، كما أن قرر مجلس الوزراء الصادر فى 18 مارس سنة 1942 قد حظر على الموظفين شراء شىء من أملاك الحكومة الخاصة بالذات أو بالواسطة بطريق الممارسة إلا فى حالات معينة ورد ذكرها على سبيل الحصر فى اللائحة المشار إليها وسلب وزير المالية الحق الذى كانت تخوله إياه تلك اللائحة فى أن يبيع أملاك الحكومة بهذا الطريق كلما استصوب ذلك، وإذ صدر قرار مجلس الوزراء فى 31 يناير سنة 1943 بتخويل وزير المالية سلطة بيع أراضى الحكومة بالممارسة فى حالات خاصة منها بيع الأراضى الزراعية التى لا تزيد مساحتها على عشرين فدانا إلى صغار الزراع فقد تقدم المستأجران بطلب شراء الأرض المشار إليها والبالغ مساحتها 18 ف و3 ط، ولما رفض طلبهما لأنهما من الموظفين تقدما بطلب آخر وتم البيع إلى المطعون عليهما الأولى والخامس نظير ثمن قدره 870 ج ، ولما تبين للمصلحة أن هذا البيع قد وقع باطلا لمخالفته قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 من مارس سنة 1942 لأن المشتريين هما زوجة مورث المطعون ضدهم الأولين وابن المطعون ضده السادس المستأجرين للأطيان المباعة - وهما من الموظفين فى الحكومة - فقد أقامت دعواها الراهنة بطلباتها المتقدم بيانها. وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1960 قضت محكمة دمنهور الابتدائية برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة ذلك الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية بالاستئناف رقم 114 سنة 16 ق، وبتاريخ 24 ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 23 يناير سنة 1962، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وبتاريخ 15 مايو سنة 1965 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحدده لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الأصل طبقا للمادة الأولى من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الحكومة الحرة الصادرة فى 21 أغسطس سنة 1902 هو أن يكون بيع تلك الأملاك إما بالمزاد أو بواسطة عطاءات داخل مظاريف مختومة. وقد استثنت الفقرات الخمس الأولى من المادة الثانية من تلك اللائحة خمس حالات أجازت فيها لوزير المالية بيع الأملاك المشار إليها بطريق الممارسة، وأباحت له الفقرة السادسة منها أن يبيع هذه الأملاك أيضا بالممارسة فى أى حالة أخرى وفقا لما يستصوبه. وفى 18 مارس سنة 1942 أصدر مجلس الوزراء قرارا نص فيه على أنه يحظر على الموظفين والمستخدمين بوجه عام أن يشتروا بالذات أو بالواسطة شيئا من أملاك الحكومة بغير طريق المزاد العام إلا فى الأحوال الخمس المحددة التى نصت عليها لائحة سنة 1902 وأن يبطل كل تصرف يتم مخالفا لذلك، كما نص بهذا القرار على إبطال العمل بالفقرة السادسة من المادة الثانية من اللائحة المشار إليها. ثم أصدر مجلس الوزراء قرارا آخر فى 31 يناير سنة 1943 خول فيه وزير المالية بيع أملاك الحكومة بطريق الممارسة فى تسع حالات أخرى، الأولى منها هى بيع الأراضى التى لا تتجاوز مساحتها عشرين فدانا لمستأجريها من صغار الزراع إذ ظلوا مستأجرين لها بعقود لمدة ست سنوات متوالية وقاموا بسداد الإيجار. واستطردت الطاعنة تقول إن المشرع إذ أباح البيع بالممارسة طبقا لقرار 18 مارس سنة 1942 فى الحالات الخمس المنصوص عليها فى المادة الثانية من لائحة سنة 1902 ولم يمنع الموظفين والمستخدمين بوجه عام من الشراء بالذات أو بالواسطة فى هذه الحالات، فإن هذا لا يعنى إباحة البيع لهم بالممارسة فى الحالات التسع التى وردت على سبيل الحصر فى قرار 31 يناير سنة 1943 ذلك أن العلة فى الحظر على الموظفين شراء أملاك الحكومة بغير طريق المزاد هى حسن التصرف فى أملاك الدولة والمحافظة على حقوق الخزانة، وقد رأى المشرع أن هذه العلة غير متوافرة فى الحالات الخمس المنصوص عليها فى لائحة سنة 1902، أما الحالة الأولى التى وردت ضمن الحالات التسع المنصوص عليها فى قرار مجلس الوزراء الصادر فى 31 يناير سنة 1943 لاعتبارات اجتماعية خاصة فإن علة الحظر قائمة بالنسبة لها. وإذ لم يبطل الحكم المطعون فيه البيع موضوع الدعوى رغم حصوله بطريق الممارسة لأشخاص بالواسطة عن موظفين لأطيان مملوكة للحكومة محظور عليهما شراؤها إلا بالمزاد فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن المادة الأولى من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الحكومة الحرة الصادرة فى 21 من أغسطس سنة 1902 تنص على أن "بيع أملاك الميرى الحرة يكون إما بالمزاد العلنى أو بواسطة عطاءات داخل مظاريف مختوم عليها بالشمع الأحمر" وتنص المادة الثانية من تلك اللائحة على أنه "يجوز أن تباع بالممارسة أنواع الأراضى الموضحة: (أولا) الأراضى المغروس فيها أشجار ملك الغير (ثانيا) الأراضى المقام عليها مبانى تلك الغير (ثالثا) القطع الصغيرة التى لا يتجاوز مقدارها خمسة أفدنة وتكون متداخلة بأطيان الأفراد أو محاطة بها (رابعا) الأراضى المتخلفة عن الترع أو المساقى أو المصارف أو المتارب أو الجسور الملغية أو التى تكون مصلحة الرى قد نقصت حجمها مهما كان مقدار تلك الأراضى (خامسا) زوائد التنظيم بوجه عام مهما كان مقدارها (سادسا) ما عدا ذلك من الأراضى فى أحوال خصوصية بحسب ما تستصوبه نظارة المالية" وقد أصدر مجلس الوزراء قرارا بتاريخ 18 من مارس سنة 1942 وافق فيه على مذكرة تقدمت بها وزارة المالية لاحظت فيها على المادة الثانية من لائحة سنة 1902 المتقدمة الذكر أنها "وإن كانت قد بدأت بتعيين الأحوال التى يجوز فيها البيع بالممارسة تعيينا يقصد به إلى الحصر ويقصر البيع بالممارسة على أجزاء ضئيلة ضيقة النطاق إلا أن الفقرة السادسة منها قد ذهبت بآثار هذا الحصر إذ تركت لوزير المالية أن يخرج متى أراد عن حكم تلك المادة وأن يأذن بالبيع بالممارسة فى الأحوال التى يستصوبها" ثم أردفت المذكرة ذلك بقولها "إن البيع لموظفى الحكومة بالممارسة فيه مظنة لما قد يتخذه البعض من الأساليب التى قد تتعدى الوسائل السليمة" فلهذا ولزيادة فى الحيطة وضمانا لحسن التصرف فى أملاك الدولة اقترحت وزارة المالية ووافق مجلس الوزراء على "(أولا) يحظر على الموظفين والمستخدمين بوجه عام أن يشتروا بالذات أو بالوساطة شيئا من أملاك الحكومة بغير طريق المزاد العام إلا فى الأحوال التى نصت عليها المادة الثانية من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الميرى الحرة - وكل عقد أو تصرف يتم مخالفا لذلك يعد باطلا... (ثانيا) يبطل العمل بالفقرة (سادسا) من المادة الثانية من لائحة شروط وقيود بيع أملاك الميرى الحرة". على أنه بتاريخ 31 يناير سنة 1943 أصدر مجلس الوزراء قرار آخر وافق فيه على مذكرة لوزارة المالية قالت فيها "توجد هناك بعض حالات تتوافر فيها مبررات البيع بالممارسة غير ما هو وارد بالبنود الخمسة المبينة أعلاه وكانت وزارة المالية اتبعت قاعدة البيع بالممارسة فى هذا الأحوال استنادا إلى نص البند سادسا الذى ألغى بمقتضى قرار مجلس الوزراء الأخير - قرار 18 مارس سنة 1942" وعددت المذكرة تسع حالات اقترحت التصريح لها بالبيع بالممارسة فيها، وتتعلق الحالة الأولى منها بالأراضى التى لا تزيد مساحتها على عشرين فدانا والتى كانت وزارة المالية قد قررت فى سنة 1937 أن تباع لمستأجريها من صغار الزراع بالممارسة إذا كانوا قد استأجروها لمدة ست سنوات متواليه وسددوا جميع ما عليهم من ابجار... وذلك "بدافع من العمل على انتشار الملكية الصغيرة وعدم اخراج الأهالى من أراضى يكونون قد استوطنوا فيها عدة سنين وزرعوها". ومؤدى هذه الأحكام أن يعتبر الأصل فى بيع أملاك الحكومة الخاصة أن يكون بالمزاد العلنى أو بواسطة مظاريف مختومة، وأن المشرع وإن استثنى من هذا الأصل بعض أملاك الحكومة فأباح بيعها بالممارسة، إلا أن هذه الاستثناءات تختلف فيما بينها من حيث نطاق تطبيقها بحسب ما يستظهر من النصوص المتعلقة بها. ويبين من الأحكام المشار إليها أنه لما قامت لدى المشرع دواعى الحظر على الموظفين أن يشتروا بالذات أو بالواسطة شيئا من أملاك الحكومة بغير طريق المزاد لم ير مبررا لأن يشمل هذا الحظر الأراضى المنصوص عليها فى الفقرات الخمس من المادة الثانية من لائحة سنة 1902 لضآلة شأنها فاستبعد بالنسبة لهذه الحالات المظنة التى قد تكتنف شراء الموظفين لأراضى الحكومة الخاصة بطريق الممارسة وسلب وزير المالية الحق الذى كانت تخوله إياه الفقرة السادسة من المادة الثانية المشار إليها فى أن يبيع أملاك الدولة الخاصة بطريق الممارسة بغير قيد إلا من تقديره. كما يبين من الأحكام السابق الإشارة إليها من ناحية أخرى أنه بالنسبة للاستثناءات التسعة التى لم تنص عليها بالمادة الثانية من لائحة سنة 1902 أن القرار الصادر بشأنها فى 31 يناير سنة 1943 لم يعرض بشىء لما تضمنه قرار مجلس الوزراء الصادر فى 18 مارس سنة 1942 فى خصوص منع الموظفين والمستخدمين بصفة عامة من شراء أملاك الدولة بالذات أو بالواسطة بغير طريق المزاد، كما لم يعرض لالغاء الفقرة السادسة من المادة الثانية من لائحة سنة 1902 وما ترتب على هذا الالغاء من سلب وزير المالية الحق فى أن يبيع هذه الأملاك فى أحوال خاصة بالممارسة وفقا لما يراه، مما مفاده أن الحظر على الموظفين فى شراء أملاك الدولة الخاصة بغير طريق المزاد وسلب السلطة التقديرية لوزير المالية فى أن يبيع هذه الأملاك بطريق الممارسة قد ظلا قائمين وأن كل ما ترخص فيه قرار 31 يناير سنة 1943 هو أنه خول وزارة المالية حقا مقيدا فى بيع بعض أنواع من الأراضى المملوكة للحكومة وجعل هذا الحق بالنسبة لكل حالة منوطا بالغرض الذى يؤدى إلى تحقيق المصلحة فيها ومقيدا بالشروط التى يتطلبها المشرع بحيث إذا أذنت وزارة المالية ببيع شىء من أملاك الحكومة دون أن تتوافر مبررات هذا البيع أو دون أن تتحقق شروطه فى كل حالة فإنها تكون متجاوزة الرخصة التى أعطيت لها ولا محل لعدم التفرقة بين الموظفين وغير الموظفين فى جميع الاستثناءات التسعة التى نص عليها بالقرار المشار إليه، إذ أن المشرع لو أراد المساواة إطلاقا لنص عليها صراحة بهذا القرار أسوة بما فعله بالنسبة للحالات الخمس الواردة بالمادة الثانية من لائحة سنة 1902 حيث نص صراحة فى قرار سنة 1942 على عدم سريان حظر البيع بالممارسة للموظفين فى هذه الحالات جميعها. ولما كان الاستثناء الأول الذى شمله القرار الصادر فى 31 يناير سنة 1943 المتعلق بالأراضى التى لا تزيد مساحتها على العشرين فدانا وتصرح بيعها بالممارسة لمستأجريها من صغار الزراع وهو الاستثناء الذى رأى الحكم المطعون فيه أن أرض النزاع تندرج تحته - قد ورد تحت عنوان "الأراضى التى تباع لمستأجريها من صغار الزراع" وإذ يفصح هذا التعبير عن هدف المشرع الذى يسعى إليه بالتوسعة على صغار الزراع تدعيما لمكانتهم الاجتماعية بنشر الملكية الصغيرة بينهم، وكان الظاهر من هذا النص أن صغار الزراع الذين أراد المشرع أن يخصهم - دون سواهم - بهذه المصلحة هم من كانت حرفتهم الأصلية الزراعة، وإذ كانت الصفة الأصلية للموظفين هى الوظيفة، وليست الزراعة بالنسبة لهم - إن هم زاولوها - إلا عملا عارضا يستلزم نوعا من القرار والتوطن فى الأرض أو الإشراف عليها، مما قد يتنافى مع مقتضيات الوظيفة وقيودها. لما كان ذلك وكانت العلة من حظر البيع للموظفين بالممارسة هى ضمان حسن التصرف فى أملاك الحكومة والمحافظة على أموال الخزانة العامة، وإذ تعتبر هذه العلة قائمة فى بيع أملاك الحكومة موضوع الاستثناء الأول المنصوص عليه بالقرار الصادر فى 31 يناير سنة 1943 بما يستوجب الحظر بالنسبة له سواء فى ذلك تحققت المظنة التى تكتنفه باللجوء إلى أساليب غير سليمة أم لم تتحقق. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف الحالة الأولى المنصوص عليها بالقرار الصادر فى 31 يناير 1943 التى يحق بموجبها للمستأجرين من صغار الزراع بشروط محددة الشراء بالممارسة للأرض التى يستأجرونها من الحكومة إلى الحالات الخمس المنصوص عليها فى لائحة سنة 1902 لتأخذ حكمها، ولم يعمل الحظر على الموظفين من الشراء بالذات أو بالواسطة فى هذه الحالة، ورتب الحكم على ذلك على ذلك قضاءه برفض دعوى مصلحة الأملاك بطلب إبطال عقد البيع الصادر إلى المطعون ضدها الأولى زوجة مورث المطعون ضدهم الأربعة الأولين وإلى المطعون ضده الخامس ابن المطعون ضده السادس رغم ما ثبت مما حصله الحكم من أن الزوج والوالد المستأجرين للأطيان هما من الموظفين وأنهما اشتريا الأرض بالواسطة بطريق الممارسة، لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم فى الاستئناف رقم 114 سنة 16 ق الاسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وإبطال عقد البيع المحرر فى 11 من ديسمبر سنة 1948 والمسجل برقم 5156 دمنهور.