أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 1157

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزة ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.

(181)
الطعن رقم 21763 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "بياناته" "بيانات الديباجة". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جواز إثبات تاريخ الحكم في أي مكان منه.
خلو ديباجة الحكم من بيان تاريخ إصداره إلا أن منطوقه قد ذيل به. كفايته لبيان تاريخ صدوره.
(2) حكم "بيانات التسبيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. حق لمحكمة الموضوع.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض الشاهد في روايته - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(7) وصف التهمة. مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
اقتصار التعديل على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة حيازة مواد مخدرة. لا يقتضي تنبيه الدفاع. أساس ذلك؟
1 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه تضمن في صدره ما يفيد صدوره بعد المداولة، وأنه وإن خلت ديباجته من تاريخ إصداره إلا أن منطوقه قد ذيل بما يفيد صدوره في الأول من أكتوبر سنة 1990، وكان القانون لم يشترط إثبات البيان الخاص بتاريخ إصدار الحكم في مكان معين منه فإن نعي الطاعن بخلو الحكم من تاريخ إصداره وخلوه مما يفيد صدوره بعد المداولة يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - لما كان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. فإن تناقض الشاهد في روايته - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
6 - لما كان التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة. وإذ كان ما تقدم، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه سواء في صورة واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة أو فيما أورده من أقوال شاهد الإثبات - التي لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم منها - قد خلصت في غير تناقض إلى ثبوت جريمة إحراز الطاعن لجوهري الأفيون والهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله ما أثبته وكيل النيابة المحقق من أن الجوهرين المخدرين ضبطا في حيازة الطاعن التي أشار إليها بأسباب طعنه - بفرض صحته - يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (1) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (2) أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "أفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 2 من القسم الأول، 9 من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق مع إعمال المادتين 17، 32/ 1 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وغرامة مائة ألف جنيه عما هو منسوب إليه مع مصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه خلا من تاريخ صدوره وما يفيد صدوره بعد المداولة، كما أنه عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الملازم أول....... دون إيراد مضمونها تفصيلاً ورغم ما شابها من تضارب إذ أنه شهد بالتحقيقات بتفتيش مسكن الطاعن ولم يعثر به على ثمة ممنوعات بينما خلا محضر الضبط مما يفيد قيامه بهذا الإجراء فضلاً عن قوله إنه ضبط الجوهرين المخدرين بجيب ملابس الطاعن حال إثبات النيابة العامة ضبطهما في حيازته ولم يرفع الحكم هذا التناقض لما بين الإحراز والحيازة من اختلاف هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف التهمة من إحراز بقصد الاتجار إلى إحراز مجرد من القصود دون أن تنبه الدفاع إلى ما أجرته من تغيير في التهمة المسندة إلى الطاعن، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابط شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعامل الكيميائية بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه تضمن في صدره ما يفيد صدوره بعد المداولة، وأنه وإن خلت ديباجته من تاريخ إصداره إلا أن منطوقه قد ذيل بما يفيد صدوره في الأول من أكتوبر سنة 1990، وكان القانون لم يشترط إثبات البيان الخاص بتاريخ إصدار الحكم في مكان معين منه فإن نعي الطاعن بخلو الحكم من تاريخ إصداره وخلوه مما يفيد صدوره بعد المداولة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شاهد الإثبات الملازم أول...... الضابط بقسم مكافحة مخدرات القاهرة التي سردها في بيان كاف لتفهم الواقعة، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها. وكان تناقض الشاهد في روايته - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، كما أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وكان التناقض الذي يعيب الحكم، هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة. وإذ كان ما تقدم، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه سواء في صورة واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة أو فيما أورده من أقوال شاهد الإثبات - التي لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم منها - قد خلصت في غير تناقض إلى ثبوت جريمة إحراز الطاعن لجوهري الأفيون والهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله ما أثبته وكيل النيابة المحقق من أن الجوهرين المخدرين ضبطا في حيازة الطاعن التي أشار إليها بأسباب طعنه - بفرض صحته - يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر، هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.