أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1599

جلسة أول نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف، وابراهيم حسن علام.

(224)
الطعن رقم 57 لسنة 32 القضائية

( ا ) مواريث. "شهر حق الإرث". شهر عقارى. ملكية. "أسباب كسب الملكية". "الميراث". بيع. "بيع العقار من الوارث".
انتقال الحقوق العينية العقارية للورثة من وقت وفاة المورث. عدم شهر حق الإرث. جزاؤه. منع شهر أى تصرف يصدر من الوارث فى عقارات التركة دون منع التصرف ذاته.
(ب) بيع. "آثار البيع". "التزامات البائع".
مشترى العقار بعقد غير مسجل. اعتباره مجرد دائن للبائع بالتزامات شخصية.
(ج) مواريث. "شهر حق الإرث". بيع. "تزاحم المشترى من المورث والمشترى من الوارث". التزام.
حق دائنى التركة فى التقدم على المتعاملين مع الوارث بالتأشير بحقوقهم فى هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله. عدم التأشير فى الميعاد. جزاؤه. عدم الاحتجاج بالدين على المتعاملين مع الوارث.
(د) ملكية. "انتقال الملكية بالتسجيل". دعوى "دعوى صحة التعاقد". "تسجيل صحيفة الدعوى". بيع. شهر عقارى.
انتقال الملكية بتسجيل العقد أو الحكم. عدم انتقالها بتسجيل صحيفة الدعوى.
1 - مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية للمادة 13 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 أن المشرع لم يجعل شهر حق الإرث شرطا لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة، حتى لا تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية العقارية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة. واكتفى المشرع فى مقام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الإرث بمنع شهر أى تصرف يصدر من الوارث فى أى عقار من عقارات التركة دون منع التصرف ذاته.
2 - مشترى العقار بغير عقد مسجل يعتبر مجرد دائن عادى بالالتزامات الشخصية المترتبة فى ذمة البائع والناشئة عن هذا العقد.
3 - مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى مرتبطا بنص المادة 13 منه وبما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية لذات القانون، أنه وإن كان إعمال المفاضلة فى مقام نقل الملكية لا يتم إلا على أساس الأسبقية فى الشهر طبقا للمادة التاسعة من القانون المشار إليه، ألا أن المشرع فى سبيل الحد من التزاحم بين المتعاملين مع المورث والمتعاملين مع الوارث منع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه فى الإرث فإذا كان الإرث لم يشهر فإن المشترى من الوارث لا يستطيع الاحتجاج بعقده فى مواجهة دائنى التركة - ومنهم المشترى من المورث بعقد غير مسجل. أما إذا أشهر حق الإرث فقد خول المشرع دائنى التركة - بما فيهم المشترى لعقار من المورث إذا لم يكن قد سجل عقد شرائه - وسيلة يتقدمون بها على المتعاملين مع الوارث وهى المبادرة إلى التأشير بحقوقهم فى هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله، فإذا لم يؤشر الدائن بحقه إلا بعد انتهاء هذا الميعاد فإنه يفقد الحق فى الاحتجاج بالتصرف الصادر إليه من المورث فى مواجهة المشترى من الوارث على أساس من الحماية المقررة له بموجب المادة 14 السالفة الذكر.
4 - المعول عليه فى نقل الملكية ليس بالأسبقية فى تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد، وإنما هو بتسجيل الحكم أو العقد.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدهن الأربع الأوليات أقمن الدعوى رقم 101 سنة 1959 مدنى كلى الزقازيق ضد المطعون عليه الخامس وطلبن الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليهن فى 26 فبراير سنة 1956 من مورثة هذا الأخير المرحومة رقية محمد الحبشى نظير ثمن قدره 1100 ج قبضته البائعة عند تحرير العقد. تدخل الطاعن خصما فى الدعوى طالبا الحكم برفضها وركن فى هذا الطلب إلى أنه اشترى أرض النزاع من المطعون ضده الخامس بعقد محرر فى 20 من أبريل سنة 1958 وذلك بعد أن آلت إليه ملكيتها بالميراث عن المرحومة رقية محمد الحبشى، وأنه أقام ضد البائع له دعوى بطلب صحة ونفاذ العقد الصادر له منه وسجل عريضة تلك الدعوى فى 21 من أكتوبر سنة 1958 قبل أن تسجل المطعون ضدهن الأربع الأوليات عريضة الدعوى الماثلة فى 13 من أبريل سنة 1959 وقضى له بطلباته فى دعواه ضد المطعون عليه الخامس وصار أسبق فى التسجيل من المطعون ضدهن الأربع الأوليات. وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضدهن الأربع الأوليات هذا الحكم بالاستئناف رقم 27 سنة 4 ق المنصورة. ومحكمة الاستئناف قضت فى 6 يناير سنة 1962 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26 من فبراير سنة 1956 والصادر للمطعون ضدهن الأربع الأوليات من مورثة المطعون ضده الخامس. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 4 من فبراير سنة 1962، وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأى بطلب رفض الطعن وفى الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد حاصله خطأ الحكم المطعون فيه فى القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم قد أقيم على قاعدة للمفاضلة بين التصرفات الصادرة من المورث وتلك الصادرة من الوارث هى الأسبقية فى شهر هذه التصرفات ولكنه استثنى من هذه القاعدة التصرفات الصادرة من المورث والمشهرة قبل مضى سنة على شهر حق الإرث فجعل لها الأفضلية على تصرفات الوارث ولو كانت مشهرة بعد شهر التصرفات الصادرة من هذا الأخير مستندا فى ذلك إلى المواد 9، 13، 14 من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى والمذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، وذلك على الرغم من أن كل ما أوراده المشرع بما نص عليه فى المادة 14 من القانون المذكور هو وضع تنظيم لحماية أصحاب الديون العادية على المورث فجعل من حقهم تتبع أعيان التركة والتنفيذ عليها بشرط أن يقوموا بالتأشير على هامش تسجيل حق الإرث وقوائم الجرد المتعلقة بها، ولا شأن لهذا التنظيم بالمفاضلة بين تصرفات المورث وتصرفات الوارث الناقلة للحقوق العينية العقارية. وتؤيد المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 هذا النظر بما أوردته من أن أيلولة العقارات إلى الوارث بمقتضى حق الإرث إنما تترتب على مجرد واقعة موت المورث وقيام سبب الإرث بالوارث، فلم يكن هناك وجه لجعل انتقال الحق إلى الوارث متوقفا على شهره. وإذ أطلق الحكم المطعون فيه القيد الوارد فى المادة 14 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بأن لم يجعله قاصرا على أصحاب المحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث بل منحه للمتصرف إليهم من المورث فى حقوق عينية عقارية، وذلك على الرغم من أن هذا القيد قد ورد على سبيل الاستثناء ولا يجوز التوسع فى تفسيره، فإنه يكون قد أخطأ فى فهم ذلك النص وحمل عبارة المذكرة الإيضاحية فوق ما تحتمل.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى التى استحدثت نظام شهر حق الإرث إذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه "يجب شهر حق الإرث بتسجيل إشهادات الوراثة الشرعية والأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية" ورتبت الجزاء على مخالفة هذا الإجراء بما نصت عليه فى الفقرة الثانية من أنه "إلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أى تصرف يصدر من الوارث فى حق من هذه الحقوق"، فإن مفاد هذه النصوص أن المشرع لم يجعل شهر حق الإرث شرطا لانتقال الحقوق العينية العقارية إلى الورثة حتى تبقى هذه الحقوق بغير مالك لحين شهر حق الإرث، وإنما تؤول هذه الحقوق للورثة من وقت وفاة المورث باعتبار أن انتقال ملكية أعيان التركة بما فيها الحقوق العينية العقارية من المورث إلى الوارث أثر يترتب على واقعة الوفاة، واكتفى المشرع فى مقام تحديد الجزاء على عدم شهر حق الإرث بمنع شهر أى تصرف يصدر من الوارث فى أى عقار من عقارات التركة دون منع التصرف فى ذاته، ولما كانت المادة 14 من ذات القانون قد تلت المادة السابقة وجاءت مكملة لها للتوفيق بين مصلحة دائنى التركة والمتعاملين مع الوارث بأن نصت على أنه "يجب التأشير بالمحررات المثبتة لدين من الديون العادية على المورث فى هامش تسجيل الإشهادات أو الأحكام أو السندات أو قوائم الجرد المتعلقة بها ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ومع ذلك إذا تم التأشير فى خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقا عينيا عقاريا وقام بشهره قبل هذا التأشير"، وإذ يعتبر المشترى لعقار من المورث بعقد غير مسجل مجرد دائن عادى بالالتزامات الشخصية المترتبة فى ذمة المورث والناشئة عن هذا العقد، فإن مفاد هذا النص مرتبطا بنص المادة 13 المشار إليها وبما أورده المشرع بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 114 لسنة 1946 أنه وإن كان إعمال المفاضلة فى مقام نقل الملكية لا يتم إلا على أساس الأسبقية فى الشهر طبقا للمادة التاسعة من القانون المشار إليه، إلا أن المشرع فى سبيل الحد من التزاحم بين المتعاملين مع المورث والمتعاملين مع الوارث منع شهر تصرفات الوارث قبل شهر حقه فى الإرث، فإذا كان الإرث لم يشهر فإن المشترى من الوارث لا يستطيع الاحتجاج بعقده فى مواجهة دائنى التركة ومنهم المشترى من المورث بعقد غير مسجل، أما إذا أشهر حق الإرث فقد خول المشرع دائنى التركة - بما فيهم المشترى لعقار من المورث إذا لم يكن قد سجل عقد شرائه وسيلة يتقدمون بها على المتعاملين مع الوارث، وهى المبادرة إلى التأشير بحقوقهم فى هامش شهر حق الإرث خلال سنة من حصوله، فإذا لم يؤشر الدائن بحقه إلا بعد انتهاء هذا الميعاد فإنه يفقد الحق فى الاحتجاج بالتصرف الصادر إليه من المورث فى مواجهة المشترى من الوارث على أساس من الحماية المقررة له بموجب المادة 14 السالفة الذكر. لما كان ذلك وكان الثابت على ما حصله الحكم المطعون فيه أن الدعوى الخالية مما يدل على أن ثمة شهرا لحق الإرث قد تم، ولم يكن الطاعن ليستطيع تسجيل التصرف الحاصل إليه من الوارث للعقار موضوع النزاع، وأنه وإن كان قد سجل صحيفة دعواه بصحة ونفاذ العقد الصادر له من الوارث وقضى له بطلباته، إلا أن المعول عليه فى نقل الملكية ليس بالأسبقية فى تسجيل صحيفة الدعوى وإنما هو بتسجيل الحكم أو العقد وهو لا يستطيع مباشرته إلا بعد شهر حق الإرث كما سبق البيان. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضدهن الأربع الأوليات بصحة ونفاذ العقد الصادر إليهن كمشتريات من المورثة - على أن تقوم المفاضلة بين الطرفين فى خصوص نقل الملكية بعد ذلك على أساس الأسبقية فى التسجيل مع مراعاة ما نصت عليه المادتان 13 و14 من القانون رقم 114 لسنة 1946 - فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيقه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.