أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 43 - صـ 1192

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزة نواب رئيس المحكمة.

(186)
الطعن رقم 4221 لسنة 61 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ الحكم بأقوال شاهد؟
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
تناقض الشهود وتضاربهم. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وجه الطعن وجوب أن يكون واضحاً ومحدداً.
النعي على الحكم وجود خلاف بين ما أورده وما جاء بأوراق الدعوى دون أن يكشف الطاعن عن وجه هذا الخلاف. أثره: عدم قبول النعي.
(4) حكم "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي البحت. لا يبطل الحكم ولا ينال من سلامته.
العبرة في الأحكام بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.
(5) قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من كافة عناصرها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) قتل عمد. إثبات "بوجه عام" "خبرة" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(7) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن طلب الدفاع. إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. بشرط بيان العلة.
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين.
(9) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية. لها مطلق التقدير في وقف نظر الدعوى المنظورة وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اشتمال مدونات الحكم على ما يفيد حصول المداولة. كفايته ما دام الطاعنون لا يدعون عدم حصولها.
(12) نقض "الصفة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن على الحكم بشأن مصادرته للسلاح المرخص به لشخص آخر. لا مصلحة له فيه. أساس ذلك؟
(13) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دفوع "الدفع باعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع باعتبار المدعي المدني تاركاً لدعواه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(14) عقوبة "عقوبة أصلية" "عقوبة تكميلية". "تطبيقها". ارتباط.
الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم. حد ذلك؟
(15) عقوبة "عقوبة أصلية" "عقوبة تكميلية". غرامة.
العقوبة التكميلية. ماهيتها؟
متى تعتبر العقوبة أصلية؟ إذا كونت العقاب المباشر للجريمة ووقعت منفردة دون أن يعلق القضاء بها على حكم بعقوبة أخرى.
إذا ما قضي بالغرامة بالإضافة إلى عقوبة أخرى. تكون الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها.
العقوبة المقيدة للحرية كالحبس قد تكون تكميلية.
مثال.
(16) سلاح. عقوبة "عقوبة تكميلية" "تطبيقها". قتل عمد.
عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل. طبيعتها الخاصة وما يترتب عليها من آثار؟
(17) قتل عمد. سلاح. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "حالات الطعن" "مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها".
توقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص. وهي الجريمة الأخف. بعد القضاء بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار - وهي الأشد - إعمالاً للمادة 32 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون يوجب تصحيحه. بإلغاء عقوبة الغرامة ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.
1 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الطعن الماثل - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنون قد أطلقوا القول بعدم اتفاق أقوال الشاهدين الثاني والثالث مع أقوال الشاهد الأول في كل عناصرها دون أن يكشفوا في طعنهم عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول.
4 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أورد لدى بيانه لواقعة الدعوى أن شقيق الشاهد الأول سبق أن اتهم بقتل والد المتهمين الأول والثاني، ومن ثم فإن ما ورد بالحكم لدى بيانه لأقوال شاهد الإثبات الأول من أن شقيقه سبق أن اتهم بقتل والد المتهمين الأول والثالث لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامته، كما أن العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو ما يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير أساس.
5 - لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
7 - من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن أن هذا الوجه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون في غير محله.
8 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو براءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
9 - من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بمحضري الصلح وما جاء بهما من أن الطاعنين لم يرتكبوا الواقعة محل الاتهام - على فرض صحته - وكذلك الشهادة الرسمية المقدمة من الطاعن الأول تأكيداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد.
10 - لما كان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا نص في المادة 29 على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: ( أ )...... (ب) "إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة شهور لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن"، وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعن بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد.
11 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد تضمن في مدوناته ما يفيد حصول المداولة قانوناً، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد ما تقدم لا يكون له محل.
12 - لما كان الطاعنون لا مصلحة لهم في نعيهم على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسلاح المرخص به لشخص آخر فإن هذا الأخير هو وحده صاحب المصلحة في ذلك وعليه أن يتتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاسترداده إن كان حسن النية وكان له حق في استلامه - لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه - ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده.
13 - لما كان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعنين لم يطلبوا اعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه فإنه لا يجوز لهم أن يثيروا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأن الدفع باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه هو من الدفوع التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً وبالتالي فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد.
14 - لما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد.
15 - لما كانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة التي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى، وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثالث من الكتاب المذكور ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها. ويصدق هذا النظر على العقوبات المقيدة للحرية كالحبس التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على عقوبة الحبس الذي لا يجاوز الخمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجديد المدني.
16 - لما كانت عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل تعد عقوبة تكميلية، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها.
17 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص - وهي الجريمة الأخف - بعد أن قضي بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار - وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضى بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ومن نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن مع رفض الطعن فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: قتلوا.... عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتوا النية وعزموا القصد على قتل...... وأعدوا لذلك سلاحين ناريين "مسدس وبندقية خرطوش" وسيارتين نصف نقل قيادة المتهمين الثالث والرابع وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأخطأه وأصاب........ فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته بينما شد باقي المتهمين من أزره على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: شرعوا في قتل....... عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتوا النية وعزموا القصد على قتله وأعدوا لذلك سلاحين ناريين "مسدس وبندقية خرطوش" وسيارتين نصف نقل قيادة المتهمين الثالث والرابع وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهم الثاني عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بينما شد باقي المتهمين من أزره وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وفرارهم خشية ضبطهم. المتهم الثاني أيضاً: 1 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (بندقية خرطوش) 2 - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات كفر الشيخ قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 1، 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث والرابع بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ مائة جنيه عما أسند إليهم. ثالثاً: بمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين. رابعاً: بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية.
فطعن المحكوم عليهما الثالث والرابع في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار، وأدان الثاني منهم بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص أيضاً قد شابه الخطأ في التحصيل والإسناد والفساد في الاستدلال والإبهام والتهاتر والقصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والبطلان والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الثابت بمدونات الحكم أنه أحال في شهادة الشاهدين الثاني والثالث على ما أورده من أقوال الشاهد الأول على الرغم من أن أقوالهما بالتحقيقات لا تتفق في كل عناصرها مع أقوال الشاهد الأول كما لم يتفطن الحكم إلى الاختلاف الكبير بين أقوال الشاهد الثاني أمام المحكمة عن أقواله بالتحقيق وأن الشاهد الثالث اعتمد في أقواله على تحرياته دون أن يشهد الواقعة بنفسه، كما أورد الحكم أقوال الشاهد الأول على نحو غامض مبهم لا يبين منه الكيفية التي ظهر بها المتهم الثاني أمام نقطة الشرطة ليطلق النار على هذا الشاهد، كما نسب إلى الشاهد المذكور على خلاف الحقيقة بأنه شهد بأنه سبق اتهام شقيقه في قتل والد المتهمين الأول والثاني فضلاً عن أن المتهم الأول ليس شقيقاً للمتهم الثالث، وحمل بذلك المتهم الثالث بهذه القرينة رغم مخالفتها للثابت بالأوراق كما أن الصورة التي ساقتها المحكمة للواقعة أخذاً بما جاء بالتحقيقات تختلف عما دار بجلسة المرافعة مع استحالة حصول الواقعة على النحو الذي رواه الشهود مما يكشف عن عدم إحاطتها بعناصر الدعوى وبأدلتها عن بصر وبصيرة وتمسك دفاع الطاعنين بالتناقض الصارخ بين الدليلين الفني والقولي من حيث مسافة الإطلاق وختم دفاعه بطلب جازم هو إجراء معاينة لمكان الواقعة لإثبات استحالة وعدم معقولية حدوث الواقعة على النحو الوارد بالأوراق ورفض هذا الطلب برد غير سائغ، وأغفل الحكم تحصيل ما ورد بمحضري الصلح بين الطاعنين وأسرة المجني عليهما، وما جاء بهما من أن الطاعنين لم يرتكبوا الواقعة محل الاتهام، كما لم يعرض الحكم لدفاع كل من الطاعنين بشأن عدم تواجدهم بمكان الحادث وأهدر الشهادة الرسمية المقدمة من الطاعن الأول تأكيداً لدفاعه في هذا الشأن، كما أن المدافع عن الطاعنين دفع بعدم دستورية ما ورد في قانون العقوبات عن التجريم والعقاب في جرائم النفس والشروع فيها وانتهى الحكم إلى القول بعدم جدية هذا الدفع دون أن يستظهر عناصره أو أسانيده، وخلت نسخة الحكم الأصلية ومحضر الجلسة من أي بيان يفيد المداولة التي أوجبها القانون مما يبطل الحكم، وقضى الحكم بمصادرة السلاح المرخص لآخر دون أن يثبت أنه استخدم في الحادث مما يخل بحقوق الغير حسن النية، ولم يحضر المدعي بالحق المدني بنفسه أو بوكيل عنه مما كان يتعين معه القضاء باعتباره تاركاً لدعواه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان من المقرر أن الأحكام التي لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الطعن الماثل - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعنون قد أطلقوا القول بعدم اتفاق أقوال الشاهدين الثاني والثالث مع أقوال الشاهد الأول في كل عناصرها دون أن يكشفوا في طعنهم عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أورد لدى بيانه لواقعة الدعوى أن شقيق الشاهد الأول سبق أن اتهم بقتل والد المتهمين الأول والثاني، ومن ثم فإن ما ورد بالحكم لدى بيانه لأقوال شاهد الإثبات الأول من أن شقيقه سبق أن اتهم بقتل والد المتهمين الأول والثالث لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامته، كما أن العبرة في الأحكام هي بالمعاني لا بالألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو ما يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، هذا فضلاً عن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين أقوال الشهود والتقرير الفني أن تصادر شهادة الشهود ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها ومن ثم بات ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب إجراء معاينة لمكان الحادث وأطرحه في قوله "أن المحكمة لا ترى ضرورة لمعاينة مكان الحادث بعد أن وضحت لها صورة الدعوى من الأوراق". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح طلب إجراء المعاينة دون أن يوصم الحكم المطعون فيه بالقصور أو بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن أن هذا الوجه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها شهود الإثبات بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة، ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو براءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، كما أن من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بمحضري الصلح وما جاء بهما من أن الطاعنين لم يرتكبوا الواقعة محل الاتهام - على فرض صحته - وكذلك الشهادة الرسمية المقدمة من الطاعن الأول تأكيداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا نص في المادة 29 على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: ( أ )...... (ب) "إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة شهور لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن"، وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعن بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد تضمن في مدوناته ما يفيد حصول المداولة قانوناً، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد ما تقدم لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا مصلحة لهم في نعيهم على الحكم المطعون فيه في شأن مصادرته للسلاح المرخص به لشخص آخر فإن هذا الأخير هو وحده صاحب المصلحة في ذلك وعليه أن يتتبع ما رسمه القانون في هذا الشأن لاسترداده إن كان حسن النية وكان له حق في استلامه لما هو مقرر من أنه يتعين أن تعود على الطاعن مصلحة حقيقية من طعنه ولا يجوز للطاعن أن يطعن على الحكم لمصلحة القانون وحده. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعنين لم يطلبوا اعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه فإنه لا يجوز لهم أن يثيروا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأن الدفع باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه هو من الدفوع التي تستلزم تحقيقاً موضوعياً وبالتالي فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين عن جريمتي القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار كما دان الطاعن الثاني بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص وانتهى إلى أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين قد انتظمها مشروع إجرامي واحد وارتباطها ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يتعين معه توقيع العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات ثم أوقع على الطاعن الأول عقوبة الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، كما أوقع على باقي الطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات مع تغريم كل منهم مائة جنيه عما أسند إليهم. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المنصوص عليها في المادة 230 من قانون العقوبات هي الإعدام والتي يجوز تبديلها عملاً بالمادة 17 من القانون السابق بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وكانت عقوبة إحراز الذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية المنصوص عليها بالجدولين (2، 3) هي السجن وبغرامة لا تجاوز خمسين جنيهاً وذلك في غير الأحوال التي يكون الجاني فيها من الأشخاص المذكورين بالفقرات ج، د، هـ من المادة السابعة من القانون آنف الذكر. لما كان ذلك، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة التي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى، وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثالث من الكتاب المذكور ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها، ويصدق هذا النظر على العقوبات المقيدة للحرية كالحبس التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على عقوبة الحبس الذي لا يجاوز الخمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجديد المدني. لما كان ذلك، فإن عقوبة الغرامة المقررة في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل تعد عقوبة تكميلية، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إحراز الذخيرة بدون ترخيص - وهي الجريمة الأخف - بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون فإنه يتعين تصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضى بها عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن مع رفض الطعن فيما عدا ذلك.