أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1649

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

(233)
الطعن رقم 457 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "إجراءات الضريبة". "التقدير الحكمى".
التقدير الحكمى. عدم وجود نشاط للممول خلال سنة 1947 أو بدء نشاطه خلالها. قرار لجنة الطعن بربط الضريبة بطريق التقدير على الأرباح المقررة عن أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول نشاطه أو استأنفه. إتخاذ تلك الأرباح أساسا لربط الضريبة فى السنوات التالية وإن كانت الحسابات فيها منتظمة. المنازعة فى تقدير أرباح سنة القياس. لا يمنع من اتخاذها أساسا لربط الضريبة عن السنوات التالية إلى أن يصدر حكم على خلافه.
جرى قضاء محكمة النقض على أن تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 - أو أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول نشاطه - بالنسبا للمولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساسا لربط الضريبة عليهم فى السنوات التالية وإن كانت حساباتهم فى تلك السنوات منتظمة، ولا يمنع من ذلك أن يكون تقدير أرباح سنة القياس محلا لنزاع لم ينحسم أمام القضاء ولم يتقرر بصفة نهائية خضوعها لربط الضريبة بطريق التقدير طالما أن دفاتر الممول لم تعتمد وصدر قرار من اللجنة بربط الضريبة بطريق التقدير فى تلك السنة وهذا القرار يتعين إلتزامه وتحصيل الضريبة على مقتضاه إلى أن يصدر حكم على خلافه [(1)].


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن مأمورية ضرائب عابدين أول قدرت أرباح الشركة الهندسية للتجارة ومواد البناء "أطلس" فى السنوات من 1949 إلى 1951 بطريق الربط الحكمى واتخذت من أرباح سنة 1948 أساسا للربط طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952، وإذ اعترضت السيدة/ وفيه محمد النجار عن نفسها وبصفتها المديرة العامة للشركة على هذا الربط الحكمى واتخاذ أرباح سنة 1948 أساسا لربط الضريبة فى سنوات النزاع وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وفى 30/ 7/ 1957 أصدرت اللجنة قرارها برفض طلب المنشأة وبوجوب تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 بالنسبة للسنوات من 1949 إلى 1951 فقد أقامت الدعوى رقم 200 سنة 1957 القاهرة الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بطلب إلغاء هذا القرار وبطلان الربط وعدم إنطباق أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 على أرباح السنوات من 1949 إلى 1952 مع إلزام المصلحة بالمصروفات والأتعاب - وبتاريخ 19/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء ربط الضريبة على الطاعنة بصفتها عن سنتى النزاع على أساس تطبيق المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 من غير فحص لحساباتها وألزمت المصلحة بالمصروفات وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 457 سنة 76 قضائية. وبتاريخ 17/ 11/ 1960 حكمت المحكمة حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه ورفض الطعن المرفوع فى قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 30/ 7/ 1957 وتأييد القرار المذكور وإلزام المستأنف عليها بصفتها بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ 10 ج أتعابا للمحاماة.
وطعنت السيدة وفية عن نفسها وبصفتها فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وجاء مشوبا بالقصور من وجوه (أولها) أن من حق الممول الذى تطبق فى شأنه أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 أن ينازع فى سبب ربط الضريبة عليه بطريق التقدير وفى سنة الأساس بحيث إذا كانت المنازعة جدية وقام الشك فى أيهما تخلفت شروط تطبيقه وتعينت محاسبته على أساس الأرباح الفعلية، وقد نازعت الطاعنة فى سبب ربط الضريبة عليها بطريق التقدير، وهى وإن أخفقت فى منازعتها هذه لعيب شكلى جعل طعنها غير مقبول هو تقديمه إلى موظف غير مختص بمأمورية أخرى خلاف المأمورية المختصة وقضت محكمة استئناف القاهرة بحكمها الصادر فى 11/ 4/ 1957 بعدم قبوله إلا أنها طعنت فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 91 لسنة 28 قضائية، كما نازعت فى سنة الأساس لأن المأمورية المختصة ربطت الضريبة على أرباح اثنى عشر شهرا شيوعا فى سبعة عشر شهرا هى المدة من 25 يوليو سنة 1947 إلى 31 ديسمبر سنة 1948 لا على أرباح سنة 1948 بعينها، والحكم المطعون فيه بدلا من أن يفصل فى هذه المنازعة ويقرر ما إذا كان ربط الضريبة على هذا الوجه يعتبر ربطا لأرباح سنة 1948 أحل نفسه محل محكمة النقض وفضل فى الطعن رقم 91 لسنة 28 ورفضه مقدما وقبل الأوان بحجة أن الطعن المرفوع عنه لم يقدم فى الميعاد، رغم ما هو ثابت من أنه قدم فى الميعاد غير أن موظفا غير مختص من مأمورية أخرى تصدى لإستلامه وهى نقطة النزاع المعروضة على محكمة النقض وقد فصل فيها الحكم واتخذ من فصله فيها أساسا للحكم بأن الطاعنة من الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير فى سنة الأساس دون اعتبار للسنوات المقيسة - هذا وما قرره الحكم من أن منشأة النزاع كانت - وبإقرار الحكم الابتدائى - خاضعة لربط الضريبة بطريق التقدير فى سنة 1948 وقدرت أرباحها بهذا الطريق وكان تحت نظره صحيفة الطعن بالنقض فى حكم 11/ 4/ 1957 وبمقتضاه أصبح الربط نهائيا وأن تطبيق القانون على هذه الواقعة كان يؤدى بمحكمة أول درجة إلى اعتبار تقديرات تلك السنة غير قابلة لأى طعن لا الالتجاء لقواعد العدالة توصلا لإهدار هذا الأثر القانونى ومطالبة مصلحة الضرائب بإعادة فحص حسابات المنشأة، ما قرره الحكم من ذلك مخالفة للقانون - إذ كان عليه أن يفصل فى صحة ربط الضريبة بطريق التقدير بالصورة التى تم عليها وعن اثنى عشر شهرا شيوعا فى سبعة عشرة شهرا لا عن سنة 1948 بذاتها - كذلك وما قرره من أن الحكم الابتدائى لم يلتزم الأثر القانونى لحكم 11/ 4/ 1957 فهو مخالفة أخرى إذ أن قوة الشىء المقضى به مقصورة على ما يفصل فيه من منازعة بين الخصوم والمنازعة التى فصل فيها حكم 11 أبريل سنة 1957 إنما دارت حول الأثر القانونى المترتب على استلام موظف غير مختص من مصلحة الضرائب عريضة طعن وعدم اتخاذه الإجراءات اللازمة لإحالتها إلى لجنة الطعن وتسليمها إلى المأمورية المختصة، وهو لم يفصل فى صحة أو بطلان ربط الضريبة بطريق التقدير عن سنة الأساس، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أعمل أثر قوة الشىء المقضى به فى غير نطاقه القانونى ومده إلى ما لا يتسع له مخالفا نص المادة 405 من القانون المدنى وأعفى نفسه بذلك من الفصل فى نقطة النزاع التى كان واجبا عليه أن يفصل فيها، ثم إن الحكم الابتدائى لم يقل أن تقدير سنة الأساس صحيح وإنما استظهر أحكام القانون رقم 240 لسنة 1952 وبتطبيقه وجد أن سنة الأساس هى سنة 1948 دون أن يتعرض لصحة الربط الذى أجرته المأمورية وما هو لصيق من عيب يبطله (وثانيها) أنه فصل فى الخلاف الدائر حول لزوم أو عدم لزوم خضوع الممول للضريبة بطريق التقدير فى السنوات التالية لسنة الأساس على وجه مخالف للحكم الابتدائى الذى رأى ضرورة توافر هذا الشرط فى سنة الأساس وفى السنوات المقيسة، وهذا من الحكم مخالفة للقانون، لأن الوضع السابق على صدوره كان يرخص للممول أن يتمسك بالمحاسبة الفعلية إذا ما ثبت أن دفاتره منتظمة وهو حق أساسى لتحقيق العدالة الضرائبية ولا يجوز القول بسقوطه إلا بنص صريح فى القانون، وإذا كان المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 قد نظم ربط الضريبة عن السنوات من 1948 إلى 1951 واشترط أن يكون الممول سبق خضوعه للضريبة بطريق التقدير فى سنة الأساس وحتم على مصلحة الضرائب التزام طريقة الربط الحكمى وأعفاها من واجب المحاسبة الفعلية بل وأسقط حقها فيه لإعتبارات عملية إلا أنه لم يسقط حق الممول فى ربط الضريبة عليه بطريق المحاسبة الفعلية إذا ما رأى مصلحة فى ذلك لأن إسقاط الحقوق لا يتقرر ضمنا أو افتراضا وبغير نص فى القانون، والقول بغير ذلك معناه أن المشرع يقرر ديونا للخزانة فى ذمة الممولين دون سبب قانونى أو اتفاق (وثالثها) أن ما ذهب إليه الحكم من أنه لا يجوز للممول أن يطرح على المحكمة أسبابا للطعن خلاف تلك التى عرضت على لجنة الطعن مخالفة للمادة 54 مكررا من القانون رقم 14 لسنة 1939 وهى تفسح الطريق للممول فى أن يطعن على قرار اللجنة بجميع الأسباب التى يستلزم المشرع ذكرها فى صحيفة الطعن، وإعطاء اللجنة اختصاصا بالفصل فى جميع أوجه الخلاف بين المأمورية والممول ليس معناه إسقاط حقه فى الطعن بطريق التقدير متى تم فى صورة مخالفة للقانون أيا كانت صورة المخالفة والاستناد إلى جميع الأدلة الواقعية والقانونية لتأييد وجهة نظره سواء أمام اللجنة أو أمام المحكمة، والثابت فى الدعوى أن أوجه الخلاف بين الممول والمأمورية كانت تدور حول ربط الضريبة بالتقدير عن إثنى عشر شهرا شائعة فى سبعة عشر شهرا وهل يصلح أن يكون ربطا لسنة 1948 وهى سنة الأساس ولزوم أو عدم لزوم خضوع الممول للضريبة بالتقدير فى السنوات المقيسة، وما عدا ذلك لا يعدو أن يكون جدلا حول صحة نظر كل منهما، ولم تثر الطاعنة أوجه خلاف أخرى غير تلك التى لازمت النزاع منذ بدايته واستعرضتها محكمة أول درجة فى الشطر الخاص بلزوم خضوعها للضريبة بطريق التقدير فى السنوات المقيسة وأقرتها عليها وألغت قرار اللجنة، وإذ لم يشاطرها الحكم المطعون فيه هذا الرأى وألغى الحكم الابتدائى دون أن يرد على دفاع الطاعنة فى هذا الخصوص وهو دفاع جوهرى فإنه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى مردود (أولا) بأنه وفقا للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 "تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 بالنسبة إلى الممولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساسا لربط الضريبة عليهم عن السنوات من 1948 إلى 1951. فإذا لم يكن للممول نشاط ما فى خلال سنة 1947 أو كان قد بدأ نشاطه خلال تلك السنة اتخذ أساسا لربط الضريبة الأرباح المقدرة عن أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول نشاطه أو استأنفه" وجرى قضاء هذه المحكمة على أن تتخذ الأرباح المقدرة عن سنة 1947 - أو أول سنة لاحقة بدأ فيها الممول نشاطه - بالنسبة للمولين الخاضعين لربط الضريبة بطريق التقدير أساسا لربط الضريبة عليهم فى السنوات التالية وإن كانت حساباتهم فى تلك السنوات منتظمة ولا يمنع من ذلك أن يكون تقدير أرباح سنة القياس محلا لنزاع لم ينحسم أمام القضاء ولم يتقرر بصفة نهائية خضوعها لربط الضريبة بطريق التقدير طالما أن دفاتر الممول لم تعتمد وصدر قرار من اللجنة بربط الضريبة بطريق التقدير فى تلك السنة وهذا القرار يتعين إلتزامه وتحصيل الضريبة على مقتضاه إلى أن يصدر حكم على خلافه - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه، مردود (ثانيا) بأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن تقديرات أرباح سنة القياس لم تكن عن سنة 1948 بعينها بل كانت عن اثنى عشر شهرا شيوعا فى سبعة عشر شهرا هى الفترة من 25 يوليه سنة 1947 إلى 31 ديسمبر سنة 1948، ومردود (ثالثا) بأن ما استطرد إليه الحكم بشأن أوجه الخلاف بين المأمورية والممول وما يعرض منها على لجنة الطعن أو المحكمة - أيا كان وجه الرأى فيه - لم يكن محل قضاء قصدى أو ضمنى منه، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 27/ 4/ 1966. الطعن رقم 425 لسنة 30 ق. السنة 17 ص 912.
ونقض 21/ 10/ 1961. الطعن رقم 22 لسنة 27 ق. السنة 12 ص 599.