أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1663

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وعباس عبد الجواد، ومحمد أبو حمزة مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.

(235)
الطعن رقم 309 لسنة 32 القضائية

( أ ) وقف. "ناظر الوقف". "أداء الريع للمستحقين". دعوى. "الصفة فى الدعوى".
امتناع ناظر الوقف عن أداء الريع للمستحقين يحوله من أمين إلى غاصب. ضمانه هذا الريع سواء هلك أو استهلك. جواز اختصامه بصفته الشخصية.
(ب) وقف. "ناظر الوقف". "إقرار الناظر بالاستحقاق للغير".
إقرار الناظر بالاستحقاق للغير. عدم الاعتداد به لا بالنسبة للمقر ولا بالنسبة للمنتفع متى كان مخالفا لشرط الواقف.
1 - إذا امتنع ناظر الوقف عن أداء ريع الوقف للمستحقين بغير مسوغ بعد أن طلبوه منه كان ضامنا لهم هذا الريع مطلقا سواء هلك أو استهلك لأن امتناعه بغير حق بعد الطلب من المستحقين يحوله من أمين إلى غاصب والغاصب ضامن فى كل حال ومن ثم يكون اختصام المستحق للناظر بصفته الشخصية صحيحا.
2 - إقرار الناظر باستحقاق الغير فى الوقف لا يعتد به فى ثبوت هذا الاستحقاق فلا يعامل به المقر ولا ينتفع به المقر له إذا تبين أن هذا الإقرار مخالف لشرط الواقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدهم السبعة الأول أقاموا الدعوى رقم 2003 سنة 1952 كلى الاسكندرية على الطاعن والمطعون ضده الثامن طلبوا فيها الحكم بالزامهما بتقديم حساب عن نصيبهم فى ريع وقف البحار وقدره أربعة قراريط من أصل أربعة وعشرين قيراطا وذلك عن مدة نظارتهما على أعيان الوقف من يناير سنة 1923 حتى إلغائه بالقانون رقم 180 لسنة 1952 وإلزامهما بما يسفر عنه الحساب بعد فحصه بمعرفة خبير تندبه المحكمة ثم قصروا طلباتهم على ريع نصيب قدره قيراط وسبعة عشر سهما دفع الطاعن ببطلان صحيفة الدعوى لعدم بيان الصفة التى اختصم بها ونازع فى استحقاق المدعين وطلب وقف السير فى الدعوى حتى يحدد هذا الاستحقاق وبجلسة 28/ 6/ 1953 قضت المحكمة حضوريا (أولا) برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى (ثانيا) بالزام المدعى عليهما بتقديم الحساب عن إدارتهما للأملاك الشائعة التى كانت وقفا وأصبحت ملكا وبيان صافى نصيب المدعيين فيها بقدر 1 ط و17 س شائعة فى 24 ط عن المدة من 11/ 1/ 1933 حتى آخر ديسمبر سنة 1952 وفى 28/ 3/ 1954 حكمت المحكمة قبل الفصل فى الموضوع بندب خبير هندسى للانتقال إلى الأعيان الموضحة بصحيفة الدعوى وتقدير صافى ريعها وبيان صافى نصيب المدعين فى هذا الريع عن المدة المشار إليها على أساس أن نصيبهم هو قيراط واحد وسبعة عشر سهما وبعد أن قدم الخبير تقريره عاد الطاعن ونازع فى حصة المدعين فى الوقف كما اعترض على تقرير الخبير ودفع بسقوط الحق فى مطالبته بالريع بالتقادم. وبجلسة 16/ 6/ 1957 قضت المحكمة بسقوط حق المدعين فى المطالبة بالريع عن المدة من أول يناير سنة 1933 حتى آخر ديسمبر سنة 1937 وقبل الفصل فى الموضوع باعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه لتحقيق الاعتراضات التى أبداها الطاعن والمبينة بأسباب ذلك الحكم وإعادة تقدير صافى الريع المدة من 1/ 1/ 1938 حتى آخر ديسمبر سنة 1952 وحصة المدعين فيها على ضوء المستندات والملاحظات التى يتقدم بها المدعى عليهما - وتضمنت أسباب هذا الحكم ردا على منازعة الطاعن فى استحقاق المدعين فى الوقف أن المحكمة لا تملك معاودة النظر فى هذه المنازعة بعد أن قطع فيها حكم 18 مارس سنة 1954 وحدد نصيب المدعين فى الاستحقاق بقيراط وسبعة عشر سهما وبعد أن قدم الخبير تقريره الذى انتهى فيه إلى أن صافى نصيب المدعين فى الريع عن حصتهم المنوه عنها هو مبلغ 3705 ج و42 م حكمت محكمة الاسكندرية الابتدائية فى 22 من ديسمبر سنة 1958 بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثامن متضامنين بأن يدفعا للمدعين مبلغ 2940 ج و47 م وهذا المبلغ يمثل الريع حسب تقدير الخبير بعد خصم ما أقر المدعون بقبضه من الناظرين قبل رفع الدعوى - فاستأنف المطعون ضده الثامن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 111 سنة 16 ق اسكندرية كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 117 سنة 16 ق وفى 20 من مايو سنة 1962 حكمت محكمة استئناف الاسكندرية فى موضوع الاستئنافين برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن - ولما عرض على هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأى.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بطلانه وبطلان صحيفة الدعوى وفى بيان ذلك يقول أنه دفع أمام المحكمة الابتدائية ببطلان صحيفة الدعوى لاختصامه فيها بصفته الشخصية فى حين أن الدعوى رفعت بمطالبته بالريع عن مدة كان معينا فيها ناظرا على الوقف بقرار نظر صادر فى سنة 1933 ثم تحولت صفته إلى حارس قانونى بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 وعلى الرغم من ذلك فقد قضت المحكمة الابتدائية فى 28/ 6/ 1953 برفض الدفع وسايرها فى ذلك الحكم المطعون فيه إذ ألزمه بالمبلغ المقضى به بصفته الشخصية عن أمر خاص بصفته كحارس على الوقف وبذلك يكون هذا الحكم قد خالف القانون وشابه البطلان.
وحيث إن هذا النعى مردود بأن الحكم المطعون فيه رد على ما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص بقوله: "ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان صحيفة الدعوى فإن هذه المحكمة تؤيد محكمة أول درجة فيما قضت به من رفض هذا الدفع فى حكمها الصادر فى 28 يونيه سنة 1953 تأسيسا على ما قاله من أن المدعين عندما أقاموا الدعوى على المدعى عليهما لم يذكروا فيها أنها وجهت إليهما بصفتهما ناظرين إذ أن الأوقاف كانت قد حلت وأصبحت ملكا وأن استيلاء المدعى عليهما على الريع رتب فى ذمتهما الشخصية المبالغ المستحقة للمستحقين والتى كان يتعين عليهما أداؤها لهم" - وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه إذا امتنع ناظر الوقف عن أداء ريع الوقف للمستحقين بغير مسوغ بعد أن طلبوه منه كان ضامنا لهم هذا الريع مطلقا سواء هلك أو استهلك لأن امتناعه بغير حق بعد الطلب من المستحقين يحوله من أمين إلى غاصب والغاصب ضامن فى كل حال ومن ثم يكون اختصام المستحق للناظر بصفته الشخصية صحيحا ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى السببين الثانى والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول أنه أنكر أمام محكمة الموضوع استحقاق المطعون ضدهم السبعة الأول فى الوقف وطلب وقف السير فى دعوى الحساب المرفوعة منهم حتى يثبت لهم هذا الاستحقاق بحكم نهائى من محكمة الأحوال الشخصية لكن محكمة الموضوع بدرجتيها رفضتا هذا الطلب وقضيتا بإلزامه بالريع الذى طلبه هؤلاء المطعون ضدهم على أساس أنهم يستحقون فى الوقف قيراطا وسبعة عشر سهما من أربعة وعشرين قيراطا وذلك على الرغم من عدم ثبوت صفتهم فى الاستحقاق ودون أن يفصل الحكم المطعون فيه فى دفع الطاعن بإنكار استحقاقهم ولا يجدى الحكم استناده فى ثبوت الاستحقاق للمطعون ضدهم إلى اعتراف الناظر الآخر (المطعون ضده الثامن) باستحقاقهم إذ أن هذا الاعتراف لا يكفى لإثبات الاستحقاق لأنه لا يثبت بإعتراف ناظر أو مستحق وإنما طبقا لشرط الواقف وإذ أسس الحكم المطعون فيه قضاءه باستحقاق المطعون ضدهم فى الوقف وبتحديد حصتهم فيه على هذا الاعتراف وقضى لهم بالريع بغير التحقق من صفتهم فى الاستحقاق ومقدار ما يستحقون فإنه يكون مخالفا للقانون ومشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه يبين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعن نازع فى حصة المطعون ضدهم السبعة الأول فى الوقف وقال أن اعتراف الناظر الآخر (المطعون ضده الثامن) لا يقيده ولا يكفى لإثبات استحقاقهم وقد رد الحكم المطعون فيه على هذه المنازعة بقوله: "وحيث إنه عن منازعة المستأنف محمد على الجاويش (الطاعن) فى حصة المستأنف عليهم (المطعون ضدهم السبعة الأول) فى الوقف فهى منازعة لا تتسم بطابع الجد إذ أنه فضلا عن أن زميله الذى كان منضما إليه فى النظر قد أقر باستحقاقهم فإن منازعته لا تتفق مع ما دفع به من أنهم قبضوا ما يستحقون ولا يقدح فى ذلك ما قاله أخيرا من أنهم قبضوا ما لا حق لهم فيه وأنه بالرجوع إلى محضر جلسة 14/ 2/ 1953 بالملف الابتدائى يبين أن الأستاذ الحاضر معه قرر فيما قرر أن نصيب المدعين أقل مما حددوه بكثير ولم يذكر ما يعتقد أو ما تؤكده المستندات أنه النصيب الصحيح "ولما كان إقرار الناظر باستحقاق الغير فى الوقف لا يعتد به فى ثبوت هذا الاستحقاق فلا يعامل به المقر ولا ينتفع به المقر له إذا تبين أن هذا الإقرار مخالف لشرط الواقف، وكانت أقوال الطاعن ومحاميه التى استند إليها الحكم لا تتعارض مع منازعته فى حصة المطعون ضدهم - طالبى الريع - فى الوقف خلافا لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه إذ هذه الأقوال حسبما أوردها الحكم تتضمن إنكارا من الطاعن لاستحقاقهم للنصيب الذى حدوده وقضى لهم بريعه، وكان عدم ذكر محامى الطاعن لما يعتقد أنه النصيب الصحيح لهؤلاء المطعون ضدهم لا يمكن أن يفيد عدم جدية منازعته فى استحقاقهم لهذا النصيب إذ أنهم وقد رفعوا الدعوى بطلب ريع هذه الحصة فإن عليهم إثبات استحقاقهم لها - لما كان ذلك فإن الأسباب التى استند إليها الحكم المطعون فيه فى التدليل على عدم جدية منازعة الطاعن فى استحقاق المدعين للحصة التى قضى لهم بريعها تكون جميعها غير سائغة وليس من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها الحكم وإذ كان لا يجوز القضاء للمدعين بريع نصيب محدد فى الوقف قبل ثبوت استحقاقهم له وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الدليل المقبول على استحقاقهم للنصيب الذى قضى لهم بريعه فإنه يكون قاصرا بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن - هذا ولا يفوت هذه المحكمة أن تسترعى نظر محكمة الاستئناف إلى ما أشار إليه الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 16 يونيه سنة 1957 فى أسبابه من أن المحكمة المذكورة قضت قطعيا فى حكمها الذى أصدرته فى 28 مارس سنة 1954 والذى لم تقدم صورة منه إلى محكمة النقض باستحقاق المدعين لحصة فى الوقف قدرها قيراط وسبعة عشر سهما وهو الأمر الذى لو صح يقتضى من محكمة الاستئناف بعد عودة القضية إليها أن تتحقق مما إذا كان هذا القضاء قد بات نهائيا قبل رفع الاستئنافى الحالى إليها بحيث يمتنع عليها أن تعيد النظر فى المسألة التى قطع فيها أو أن باب الطعن فيه بالاستئناف كان ما زال مفتوحا وقت رفع ذلك الاستئناف وأنه يتناول هذا القضاء.