أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1669

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزه مندور، ومحمد صدقى البشبيشى.

(236)
الطعن رقم 376 لسنة 32 القضائية

نقل. "التزامات الناقل". "دعوى التعويض عن العيب الظاهر". دعوى. "شروط قبول الدعوى".
دعوى التعويض عن العيب الظاهر بالأشياء المنقولة. مناط عدم قبولها تحقق شرطين معا: استلام المرسل إليه البضاعة ودفع أجرة نقلها. أساسه افتراض تنازل المرسل إليه - فى هذه الحالة - عن العيب الحاصل أثناء عملية النقل. دفع الأجرة الذى يسقط به الحق فى طلب التعويض هو دفعها من المرسل إليه عند استلام البضاعة بغير تحفظ لا من المرسل عند تصدير البضاعة.
إذ تنص المادة 99 من قانون التجارة على أن "استلام الأشياء المنقولة ودفع أجرة النقل مبطلان لكل دعوى على أمين النقل وعلى الوكيل فى ذلك بالعمولة إذا كان العيب الذى حصل فيها ظاهرا من خارجها"، فإن مفاد ذلك أن المشرع اشترط لعدم قبول دعوى التعويض عن العيب الظاهر تحقق شرطين معا هما استلام المرسل إليه البضاعة ودفع أجرة نقلها وذلك لما يفيده هذان الأمران مجتمعين من رضاء المرسل إليه بالعيب الذى كان ظاهرا وقت الاستلام وتنازله عن مطالبة الناقل بالتعويض عنه. ولئن كانت عبارة "دفع أجرة النقل" قد وردت فى النص بصيغة عامة إلا أنه لما كان الدفع بعدم قبول دعوى المسئولية فى هذه الحالة يقوم على افتراض تنازل المرسل إليه عن العيب الذى حدث أثناء عملية النقل وكان دفع الأجرة من المرسل عند تصدير البضاعة لا يمكن أن يفيد هذا التنازل لأن العيب لم يكن موجودا فى هذا الوقت حتى يفترض التنازل عنه فإن دفع الأجرة الذى يسقط به الحق فى طلب التعويض عن العيب الظاهر هو دفعها من المرسل إليه عند استلام البضاعة لأن دفع الأجرة فى هذا الوقت مضافا إليه استلام البضاعة بغير تحفظ رغم ظهور تلفها هما اللذان تتوافر بهما القرينة على التنازل عن الحق فى طلب التعويض عن ذلك العيب.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 85 سنة 1958 تجارى كلى الاسكندرية على هيئة السكك الحديدية - الطاعنة - طالبا الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 2991 ج و280 م والمصروفات وقال شرحا لدعواه أنه عهد إلى تلك الهيئة بنقل ثمانى عشرة رسالة شعير من محطة مرسى مطروح إلى الزقازيق والقنطرة والعريش وبعد أن قام "بالتخليص" عليها ودفع أجرة نقلها فى محطة الشحن تركتها الهيئة المذكورة على الأرصفة عارية ولم تتخذ الاحتياطات اللازمة لوقايتها مما أدى إلى تلف جزء كبير منها بسبب هطول الأمطار عليها وعلى أثر ذلك قدم الشكوى رقم 156 سنة 1957 إدارى مرسى مطروح لإثبات حالة تلك الرسائل وثبت من المعاينة التى أجرتها شرطة مرسى مطروح أن مياه الأمطار أتلفت أربعمائة وعشرين إردبا من الشعير - ولما وصلت الرسائل إلى محطات الوصول تبين للمطعون ضده أن التالف من الشعير مقداره ثمانمائة وأربعين إردبا قيمتها 2520 ج وأن الأجولة التى أصابها التلف قيمتها 171 ج و280 م - ولما كانت هيئة السكك الحديدية الناقلة مسئولة عن تعويضه عما أصاب البضاعة المنقولة من تلف - وعما فاته من كسب ويقدره بمبلغ 300 ج فقد رفع هذه الدعوى مطالبا إياها بمجموع هذه المبالغ. وفى 26 فبراير سنة 1961 قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الهيئة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 1176 ج والمصروفات المناسبة فاستأنفت الهيئة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 207 سنة 17 ق وقد دفعت قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة 99 من قانون التجارة وفى 22 يونيه سنة 1962 قضت المحكمة برفض هذا الدفع وبتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الهيئة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع الذى أبداه الطاعنون بعدم قبول دعوى المطعون ضده استنادا إلى المادة 99 من قانون التجارة على أن هذه المادة تشترط لقبول هذا الدفع توافر شرطين الأول أن يكون المرسل إليه قد استلم البضاعة والثانى أن يكون قد دفع أجرة النقل وقت الاستلام وأنه إذ كانت أجرة نقل البضاعة التى يطالب المطعون ضده بالتعويض عن تلفها قد دفعت مقدما عند تصدير البضاعة فإن أحد شرطى المادة 99 يكون متخلفا ويرى الطاعنون أن الحكم قد أخطأ فى تفسير نص هذه المادة باشتراطه أن يكون دفع الأجرة وقت استلام البضاعة لأن النص عام ولم يفرق بين ما إذا كانت الأجرة قد دفعت عند الاستلام أو قبله ومقتضاه أنه لا يجوز رفع أى دعوى بالمطالبة بالتعويض عن العيب الظاهر من الخارج إذا حصل استلام البضاعة ودفع أجرة النقل دون إبداء تحفظ سواء كان دفع هذه الأجرة من المرسل وقت شحن البضاعة أو من المرسل إليه عند استلامها لما فى ذلك من قرينة على الرضا بالعيب والتنازل عن الحق فى طلب التعويض عنه ولا سند للتفرقة التى ارتآها الحكم المطعون فيه إذ أن المشرع عندما تحدث عن دفع أجرة النقل فى المادة 99 آنفة الذكر لم يقصد بعبارة "دفع الأجرة" إلا القرينة المستفادة من دفع الأجرة عند استلام البضاعة فى حالة العيب الظاهر وهى تدل بذاتها على التنازل عن طلب التعويض عن هذا العيب إلى جانب قرينة الإستلام دون تحفظ بحيث أنه إذا كانت أجرة النقل قد دفعت عند الشحن بقيت بعد ذلك القرينة الأخرى وهى الاستلام دون تحفظ، وإذ كان من غير المجحود فى الدعوى أن آخر رسالة من الشعير قد وصلت إلى المرسل إليه فى 25 أكتوبر سنة 1957 وقد تسلمها بغير إبداء تحفظ رغم وجود العيب الظاهر المدعى به فإن الدعوى بطلب التعويض عن هذا العيب تكون غير مقبولة وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بعدم قبولها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن المادة 99 من قانون التجارة تنص على أن "استلام الأشياء المنقولة ودفع أجرة النقل مبطلان لكل دعوى على أمين النقل وعلى الوكيل فى ذلك بالعمولة إذا كان العيب الذى حصل فيها ظاهرا من خارجها" ومفاد ذلك أن المشرع اشترط لعدم قبول دعوى التعويض عن العيب الظاهر تحقق شرطين معا هما استلام المرسل إليه البضاعة ودفع أجرة نقلها وذلك لما يفيده هذان الأمران مجتمعين من رضاء المرسل إليه بالعيب الذى كان ظاهرا وقت الاستلام وتنازله عن مطالبة الناقل بالتعويض عنه ولئن كانت عبارة "دفع أجرة النقل" قد وردت فى النص بصيغة عامة إلا أنه لما كان الدفع بعدم قبول دعوى المسئولية فى هذه الحالة يقوم على افتراض تنازل المرسل إليه عن العيب الذى حدث أثناء عملية النقل وكان دفع الأجرة من المرسل عند تصدير البضاعة لا يمكن أن يفيد هذا التنازل لأن العيب لم يكن موجودا فى هذا الوقت حتى يفترض التنازل عنه فإن دفع الأجرة الذى يسقط به الحق فى طلب التعويض عن العيب الظاهر هو دفعها من المرسل إليه عند استلام البضاعة لأن دفع الأجرة فى هذا الوقت مضافا إلى استلام البضاعة بغير تحفظ رغم ظهور تلفها هما اللذان تتوافر بهما القرينة على التنازل عن الحق فى طلب التعويض عن ذلك العيب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى تأسيسا على أن أجرة نقل الشعير قد دفعت من المرسل مقدما عند تصديره مما يترتب عليه تخلف أحد شرطى المادة 99 من قانون التجارة المقام عليها الدفع فإن الطعن على هذا الحكم بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه يكون على غير أساس متعينا رفضه.