أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1763

جلسة أول ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوى، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

(254)
الطعن رقم 69 لسنة 34 القضائية

( ا ) نقض. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". حيازة "دعاوى الحيازة". اختصاص.
عدم جواز الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى دعاوى الحيازة. مناطه أن تكون الدعوى من دعاوى الحيازة التى يختص القاضى الجزئى بنظرها والحكم فيها ابتدائيا. عدم انطباق الحظر من الطعن على غير هذه الدعاوى. م 5 من القانون 56 لسنة 1959.
(ب) نقض. "ما يجوز فيه الطعن وما لا يجوز". دعوى. "تكييف الدعوى". حيازة. "دعاوى الحيازة"
الفصل فى جواز الطعن وعدم جوازه - وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون 56 لسنة 1959 - توقفه على تكييف الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه. لمحكمة النقض فى سبيل الفصل فى هذه المسألة الأولية مراقبة محكمة الاستئناف فى تكييفها للدعوى.
(جـ) حيازة. "دعاوى الحيازة". قرار إدارى. اختصاص. "الاختصاص الولائى".
التعرض المستند إلى أمر إدارى لا يصلح أساسا لرفع دعوى حيازة لمنعه. الحكم فى هذه الدعوى يترتب عليه حتما تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم. وجوب الالتجاء إلى القضاء الإدارى.
1 - مناط عدم جواز الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى دعاوى الحيازة وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن السلطة القضائية قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة 1963 هو أن تكون الدعوى التى صدر فيها الحكم محل الطعن من دعاوى الحيازة التى يختص القاضى الجزئى بنظرها والحكم فيها ابتدائيا طبقا للفقرة (1) من المادة 47 من قانون المرافعات فإذا لم تكن الدعوى فى حقيقتها من تلك الدعاوى فإن قضاء محكمة الاستئناف فى استئناف الحكم الصادر فيها لا ينطبق عليه الحظر من الطعن الوارد فى المادة الخامسة سالفة الذكر.
2 - الفصل فى جواز الطعن وعدم جوازه وفقا للفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 يتوقف على معرفة التكييف الصحيح للدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ولمحكمة النقض فى سبيل الفصل فى هذه المسألة الأولية أن تراقب محكمة الاستئناف فى تكييفها للدعوى وأن تعطى هذه الدعوى ما ترى أنه وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح غير متقيدة فى ذلك بالوصف الذى أسبغته عليها محكمة الاستئناف.
3 - التعرض المستند إلى أمر إدارى اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساسا لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتما على الحكم فى هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 ولا يكون للحائز فى هذه الحالة من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإدارى لوقف تنفيذ الأمر الإدارى أو إلغائه - فإذا كانت الدعوى تهدف إلى منع تعرض وزارة الإصلاح الزراعى المستند إلى الأمرين الإداريين اللذين أصدرتهما الهيئة العليا للاصلاح الزراعى تنفيذا لما تقضى به المادة الثانية من القانون 152 لسنة 1957 وتحقيقا للمصلحة العامة التى يبتغيها قانون الإصلاح الزراعى فإن الدعوى تخرج عن ولاية المحاكم ولا تكون من دعاوى الحيازة التى يختص بنظرها القاضى الجزئى طبقا للمادة 47 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - فى أن المطعون ضدهم من الأول إلى التاسع عشر رفعوا على الوزارة الطاعنة الدعوى رقم 894 سنة 1962 أمام محكمة قليوب الجزئية طالبين الحكم على وجه الاستعجال بكف منازعة الطاعنة ومنع تعرضها لهم فى حيازتهم للأطيان المبينة بصحيفة الدعوى كما رفع المطعون ضدهم من العشرين إلى الأخير على الوزارة الطاعنة أيضا الدعوى رقم 893 سنة 1962 بذات الطلبات المذكورة وقال المطعون ضدهم فى تبيان دعواهم أنهم كانوا يستأجرون 265 فدانا من وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف دار الكتب وفى 13 من يوليه سنة 1957 صدر القانون رقم 152 لسنة 1957 بتنظيم استبدال الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر فقامت وزارة الأوقاف فى سنة 1958 بابدال الأطيان المذكورة وسلمتها إلى وزارة الإصلاح الزراعى لتوزيعها وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى وذلك حسبما تقضى المادة الثانية من القانون رقم 152 لسنة 1957 المشار إليه - وفى سنة 1959 قامت وزارة الإصلاح الزراعى باعتبارها حالة محل وزارة الأوقاف بتوزيع هذه الأطيان عليهم تطبيقا لنص الفقرة (ب) من المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعى المنوه عنه باعتبارهم كانوا يضعون اليد عليها بصفتهم مستأجرين منها ومن وزارة الأوقاف قبلها فأنشأوا عليها المبانى والآلات كما قدموا بزراعة الموز بعد اتفاقهم مع الوزارة الطاعنة على ذلك مما كلفهم الكثير من النفقات ثم وافقت الوزارة على بيع الأطيان لهم وقامت باستخراج كشوف التحديد تمهيدا للتعاقد معهم إلا أنها على الرغم من ذلك عمدت إلى تشكيل لجنة قامت بتوزيع ما سبق توزيعه عليهم على أشخاص آخرين متعللة فى ذلك بأحكام المادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعى المشار إليه ولما كان المطعون ضدهم ظلوا يحوزون هذه الأطيان بطريقة مستمرة هادئة لا لبس فيها وكان التوزيع الجديد يتعارض مع حقهم كحائزين فإنه يعتبر تعرضا قانونيا يجيز لهم رفع دعوى منع التعرض ومن ثم فقد رفعوا هاتين الدعويين طالبين الحكم بمنع تعرض الوزارة لهم - دفعت الوزارة الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعويين تأسيسا على أن الهيئة العليا للإصلاح الزراعى أصدرت فى 27 من ديسمبر سنة 1962 القرار رقم 42 لسنة 1962 باعتماد توزيع تلك الأطيان تطبيقا لنص المادة الثانية من القانون رقم 152 لسنة 1957 والمادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعى - كما أصدرت القرار رقم 41 لسنة 1962 بالغاء عقود الإيجار المبرمة بينها وبين المطعون ضدهم تطبيقا لنص المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعى ولما كان رفع الدعويين من جانب المطعون ضدهم بمنع التعرض يتضمن طلب وقف تنفيذ الأمرين الإداريين المذكورين فإن المحاكم العادية لا تختص بهما - هذا إلى أنهما تتضمنان منازعة فى التوزيع تدخل فى اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 13 من قانون الإصلاح الزراعى. ومحكمة قليوب الجزئية قضت فى الدعويين فى 25 من يونيو سنة 1963 بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعويين تأسيسا على أن أيا منهما لا تعدو أن تكون منازعة خاصة بالتوزيع مما يدخل فى اختصاص اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة الثالثة عشر من قانون الإصلاح الزراعى - استأنف المطعون ضدهم هذين الحكمين أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئنافين رقمى 405 و406 سنة 13 قضائية وقد ضمت المحكمة الاستئنافين إلى بعضهما وقضت فيهما فى 31 من ديسمبر سنة 1963 بالغاء الحكمين المستأنفين وبرفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعويين لانتفاء ولايته وباختصاصه وفى الموضوع بمنع تعرض المستأنف ضدها (الطاعنة) للمستأنفين (المطعون ضدهم) فى الأطيان المبينة بصحيفتى الدعويين - وذلك بعد أن كيفت المحكمة الدعويين على أنهما دعويا منع تعرض - طعنت الوزارة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم جواز الطعن لصدوره فى دعوى حيازة - وقد حدد لنظر الطعن جلسة 11 من يناير سنة 1966 وبتلك الجلسة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضدهم دفعوا بعدم قبول الطعن تأسيسا على المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن السلطة القضائية والتى تنص على أن جميع الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى دعاوى الحيازة لا تقبل الطعن بطريق النقض قائلين إن حكم محكمة الاستئناف سواء فيما يتعلق بالتكييف أو بالموضوع غير قابل للطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إن مناط عدم جواز الطعن بالنقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى دعاوى الحيازة وفقا للفقرة الأخيرة من الماد الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 فى شأن السلطة القضائية قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة 1963 هو أن تكون الدعوى التى صدر فيها الحكم محل الطعن من دعاوى الحيازة التى يختص القاضى الجزئى بنظرها والحكم فيها ابتدائيا طبقا للفقرة ( ا ) من المادة 47 من قانون المرافعات فإذا لم تكن الدعوى فى حقيقتها من تلك الدعاوى فإن قضاء محكمة الاستئناف فى استئناف الحكم الصادر فيها لا ينطبق عليه الحظر من الطعن الوارد فى المادة الخامسة سالفة الذكر، لما كان ذلك وكان الفصل فى جواز الطعن وعدم جوازه فى هذه الحال يتوقف على معرفة التكييف الصحيح للدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه فإن لمحكمة النقض فى سبيل الفصل فى هذه المسألة الأولية أن تراقب محكمة الاستئناف فى تكييفها للدعوى وأن تعطى هذه الدعوى ما ترى أنه وصفها الحق وتكييفها القانونى الصحيح غير متقيدة فى ذلك بالوصف الذى أسبغته عليها محكمة الاستئناف إذ أن الأخذ بتكييف تلك المحكمة - على علته - يؤدى إلى حرمان المحكوم عليه من حقه فى الطعن فى الحكم فى حالة خطئها فى تكييف الدعوى بأنها من دعاوى الحيازة - ولما كان البادى من صحيفتى دعويى المطعون ضدهم وأورقها أنهم كانوا يستأجرون الأرض محل النزاع من وزارة الأوقاف وأن هذه الأرض قد آلت إلى وزارة الإصلاح الزراعى بطريق الاستبدال عملا بأحكام القانون رقم 152 لسنة 1957 وأنه استنادا إلى المادة الثانية من هذا القانون التى تقضى بأن تتسلم اللجنة العليا للإصلاح الزراعى الأراضى الزراعية التى يتقرر استبدالها وذلك لتوزيعها وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعى فقد أصدرت تلك اللجنة فى 27 من ديسمبر سنة 1962 قرارها رقم 42 بتوزيع هذه الأرض على من رأت توزيعها عليهم ممن ينطبق عليهم نص المادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعى المشار إليه ولم يكن المطعون ضدهم من بين من شملهم هذا التوزيع كما أصدرت اللجنة أيضا فى نفس التاريخ قرارها رقم 41 بالغاء عقود الإيجار الصادرة للمطعون ضدهم استنادا إلى الحق المخول لها فى المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعى آنف الذكر حتى يمكن تنفيذ عملية التوزيع بعد إخلائهم الأرض، ولما شرعت الوزارة الطاعنة فى تنفيذ القرارين الإداريين المذكورين أقام المطعون ضدهم عليها الدعويين بطلب منع تعرضها لهم فى تلك الأرض تأسيسا على أن الوزارة الطاعنة سبق أن قررت توزيع هذه الأرض عليهم واتخذت الإجراءات اللازمة لبيعها لهم وأن تنفيذ التوزيع الجديد يعتبر تعرضا لهم فى حيازتهم يجوز لهم دفعه بدعوى منع التعرض، ولما كان التعرض المستند إلى أمر إدارى اقتضته مصلحة عامة لا يصلح أساسا لرفع دعوى حيازة لمنع هذا التعرض وذلك لما يترتب حتما على الحكم فى هذه الدعوى لمصلحة رافعها من تعطيل هذا الأمر ووقف تنفيذه وهو ما يمتنع على المحاكم بنص المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 ولا يكون للحائز فى هذه الحال من سبيل لدفع هذا التعرض سوى الالتجاء إلى القضاء الإدارى لوقف تنفيذ الأمر الإدارى أو إلغائه - لما كان ذلك وكانت دعويا المطعون ضدهم تهدفان إلى منع تعرض الوزارة الإصلاح الطاعنة المستند إلى الأمرين الإداريين اللذين أصدرتهما الهيئة العليا للاصلاح الزراعى تنفيذا لما تقضى به المادة الثانية من القانون رقم 152 لسنة 1957 وتحقيقا للمصلحة العامة التى يبتغيها قانون الإصلاح الزراعى فإن الدعويين المذكورتين تخرجان قطعا عن ولاية المحاكم وبالتالى فلا تكونان من دعاوى الحيازة التى يختص بنظرها القاضى الجزئى طبقا للمادة 47 من قانون المرافعات - وترتيبا على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه والصادر من محكمة استئناف طنطا فى استئناف الحكمين الصادرين فى هاتين الدعويين لا ينطبق عليه الحظر من الطعن الوارد فى الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من القانون رقم 56 لسنة 1959 وبالتالى يكون الطعن فيه بالنقض جائزا أخذا بالأصل العام باعتباره حكما صادرا من محاكم الاستئناف ويتعين لذلك رفض الدفع بعدم جواز الطعن.
وحيث إن الطعن جائز وقد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه إذ رفض الدفع المبدى منها بعدم اختصاص المحاكم ولائيا بنظر دعويى المطعون ضدهم وقضى باختصاص القاضى الجزئى بنظرهما وبمنع تعرض الوزارة الطاعنة لهم على الرغم مما يترتب على هذا القضاء من تعطيل للأمرين الإداريين الصادرين من اللجنة العليا للاصلاح الزراعى ووقف تنفيذهما.
وحيث إن هذا النعى صحيح لما تقدم ذكره من أن دعويى المطعون ضدهم بالصورة التى رفعتا بها يخرجان من ولاية المحاكم عموما وبالتالى من اختصاص القاضى الجزئى ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع الذى أبدته الوزارة وقضى باختصاص محكمة أول درجة - وهى محكمة المواد الجزئية - بنظر الدعوى وبمنع تعرض الوزارة الطاعنة للمطعون ضدهم قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن الحكم المستأنف صحيح فيما انتهى إليه فى منطوقه من القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وذلك للأسباب المتقدم ذكرها وليس لما أقام عليه الحكم قضاءه من أن الدعويين يتضمنان منازعة فى التوزيع مما تختص به اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعى طبقا للمادة 13 مكررة من قانون الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 إذ أن هذا التأسيس خطأ فى القانون لأن المنازعات فى التوزيع التى تختص بها تلك اللجنة إنما هى المنازعات الخاصة بتوزيع الأراضى المستولى عليها باعتبارها زائدة على القدر الجائز تملكه قانونا ولم تكن الأرض المتنازع عليها محلا لهذا الاستيلاء.