أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1770

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدى، وعثمان زكريا.

(255)
الطعن رقم 204 لسنة 32 القضائية

( أ ) بيع. "بيع الوفاء". رهن. صورية. "صورية نسبية". بطلان. "البطلان فى التصرفات".
عقد البيع الذى يخفى رهنا. بيع وفاء. بطلانه.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة". "إثبات الصورية بين المتعاقدين". صورية. بيع. رهن.
إثبات أن عقد البيع يخفى رهنا. جوازه بكافة الطرق بين المتعاقدين.
(ج) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "إثبات ما يخالف الثابت بالكتابة". غير.
حق الغير فى إثبات ما يخالف الثابت كتابة بكافة الطرق.
(د) حكم. "تسبيب الحكم". "القصور فى التسبيب". "ما يعد قصورا". بيع. رهن. صورية. "صورية نسبية". "صورية مطلقة". بطلان. "البطلان فى التصرفات".
التمسك بصورية البيع صورية نسبية بقصد اخفاء رهن. دفاع جوهرى. إغفاله. اقتصار الحكم على نفى الصورية المطلقة وشروط الدعوى البولصية. قصور.
1 - عقد البيع الذى يخفى رهنا ويستطيع البائع فيه استرداد المبيع إذ هو رد الثمن إلى المشترى إنما هو صورة من بيع الوفاء الذى حظره المشرع بالنص على بطلانه فى المادة 465 من التقنين المدنى.
2 - للمتعاقد أن يثبت بكافة الطرق - ومنها البينة والقرائن - أن العقد لم يكن بيعا باتا وإنما هو - على خلاف نصوصه - يخفى رهنا.
3 - الغير لا يتقيد بشرط الكتابة فى إثبات ما يخالف العقد المكتوب.
4 - الصورية النسبية التى تقوم على إخفاء الرهن وراء البيع تعد تحايلا على القانون يترتب عليه بطلان البيع طبقا للمادة 465 من القانون المدنى. وهذه الصورية النسبية لا تنتفى بانتفاء الصورية المطلقة أو بتخلف شروط الدعوى البولصية كلها أو بعضها لإختلافها عنهما أساسا وحكما. فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه على ما تمسك به الخصم من أوجه دفاع تتعلق بصورية عقد البيع صورية مطلقة وبالتواطؤ بين طرفى هذا العقد للاضرار بحقوقه، وأغفل بحث دفاع الخصم بشأن إخفاء الرهن وراء البيع مع أنه دفاع جوهرى لو صح لتغيير وجه الرأى فى الدعوى، فإن الحكم يكون قاصرا فى التسبيب بما يبطله ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا ضد المطعون عليه الرابع بصفته وليا طبيعيا على ولديه القاصرين الدعوى رقم 1544 لسنة 1960 مدنى كلى القاهرة طلبوا فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 30/ 1/ 1960 والمتضمن بيعه لهم العقار المبين بالعريضة بحق الثلث لكل منهم وإلزامه بالتسليم. وقالوا بيانا للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 30/ 1/ 1960 باع لهم المطعون عليه الرابع بصفته قطعة أرض فضاء مساحتها 723 مترا مربعا نظير ثمن مقداره 25000 ج قبض منه فى تاريخ العقد مبلغ 15000 ج بموجب شيك وتعهدوا بدفع باقى الثمن إلى البنك العقارى العربى سدادا لرهن تأمين مقيد لصالحه، وأنهم اضطروا استيفاء لإجراءات الشهر العقارى إلى دفع مبلغ 578 ج مستحق لبلدية القاهرة بسبب دخول القطعة موضوع النزاع فى منطقة التحسين، وإذ تخلف المطعون عليه الرابع عن الحضور فى الميعاد الذى حدد للتوقيع على العقد النهائى فقد أقاموا الدعوى بالطلبات السالف بيانها ثم سجلوا عريضة الدعوى فى 20/ 4/ 1960. وبجلسة 31/ 1/ 1961 تدخل الطاعنون منضمين إلى المطعون عليه الرابع وطلبوا رفض الدعوى بالنسبة إلى ثلاثة ارباع القطعة موضوع النزاع واستندوا إلى عقد بيع مؤرخ فى ديسمبر سنة 1959 ومشهر فى 8/ 6/ 1960 يتضمن شراءهم هذا القدر من المطعون عليه الرابع نظير ثمن قدره 60 ج للمتر الواحد. وفى 2/ 5/ 1961 قضت المحكمة بصحة نفاذ عقد البيع المؤرخ 30/ 1/ 1960 والمتضمن بيع المطعون عليه الرابع إلى باقى المطعون عليهم العقار محل النزاع بإلزامه بالتسليم، ورفضت المحكمة طلبات الطاعنين المتدخلين فى الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالإستئناف رقم 1267 لسنة 78 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون عليه الرابع بالإستئناف رقم 1311 لسنة 78 قضائية القاهرة، ومحكمة الإستئناف أمرت بضم الإستئناف الأول للثانى وقضت فى 18/ 3/ 1962 برفضهما. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة هذا الرأى.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون فى السببين الأول والثانى بطلان الحكم المطعون فيه للقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ويقولون فى بيان ذلك أنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الإستئناف بجلسة 1/ 2/ 1962 بأن عقد البيع الصادر من المطعون عليه الرابع إلى باقى المطعون عليهم يخفى رهنا وذلك بعد أن أبدى المطعون عليه الرابع هذا الدفاع فى صحيفة إستئنافه وفى مرافعته بالجلسة المذكورة وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، ولكن الحكم المطعون فيه أغفل بيان دفاع الطاعنين بهذا الخصوص واقتصر فى رده على أن المطعون عليه الرابع لا يستطيع إثبات الصورية إلا بالكتابة وعلى أنه لم يقدم ورقة الضد ولم يدخل حائزها لتقديمها. وهذا القول لا يحمل الرد على دفاع الطاعنين لأنهم من الغير بالنسبة إلى العقد ويجوز لهم إثبات ما يخالفه بكافة الطرق ولا علاقة لهم بحائز ورقة الضد حتى يلزموه بتقديمها، ولو أن الحكم لم يقتصر فى رده على دفاعهم المتعلق بالصورية المطلقة وبالدعوى البولصية واستظهر دفاعهم بأن عقد البيع يخفى رهنا لتغير وجه الرأى فى الدعوى.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن عقد البيع الذى يخفى رهنا ويستطيع البائع فيه استرداد المبيع إذا هو رد الثمن إلى المشترى إنما هو صورة من بيع الوفاء الذى حظره المشرع بالنص على بطلانه فى المادة 465 من التقنين المدنى. ولما كان الطاعنون قد تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الإستئناف الثابت بمحضر جلسة 1/ 2/ 1962 المودع صورته الرسمية بالأوراق بأن العقد الصادر من المطعون عليه الرابع إلى باقى المطعون عليهم هو بيع يخفى رهنا وطلبوا الإحالة إلى التحقيق لإثبات ذلك، كما تمسك المطعون عليه الرابع بهذا الدفاع فى صحيفة إستئنافه وطلب فى تلك الجلسة الإحالة إلى التحقيق لإثبات وجود ورقة ضد تكشف عن حقيقة العقد، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع المطعون عليه الرابع ورفض الإستئناف المقام منه على ما قرره من "أنه كطرف فى عقد البيع لا يستطيع إثبات ما يخالف ما دون فى هذا العقد إلا كتابة، وورقة الضد التى يدعيها لم يقدمها حتى الآن ولم يدخل حائزها لتقديمها مما يدل على أنه غير جاد فى هذا الادعاء" وكان هذا الذى قرره الحكم لا يصلح ردا على دفاع الطاعنين بأن العقد يخفى رهنا لأنه فوق إن للمتعاقد أن يثبت بكافة الطرق - ومنها البينة والقرائن - أن العقد لم يكن بيعا باتا وإنما هو - على خلاف نصوصه - يخفى رهنا - فإن الطاعنين باعتبارهم من الغير فى هذا العقد لا يتقيدون فى إثبات ما يخالفه بشرط الكتابة. وإذ كان ذلك وكانت الصورية النسبية التى تقوم على إخفاء الرهن وراء البيع تعد تحايلا على القانون يترتب على بطلان البيع طبقا للمادة 465 من القانون المدنى، وكان الحكم المطعون فيه قد قصر بحثه فى إستئناف الطاعنين على ما تمسكوا به من أوجه دفاع تتعلق بصورية عقد البيع الصادر من المطعون عليه الرابع إلى باقى المطعون عليهم صورية مطلقة وبالتواطؤ بين طريق هذا العقد للإضرار بحقوقهم، وإذ لا تنتفى الصورية النسبية فى هذا الخصوص بانتفاء الصورية المطلقة أو بتخلف شروط الدعوى البولصية كلها أو بعضها لإختلافها عنهما أساسا وحكما، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث دفاع الطاعنين بشأن إخفاء الرهن وراء البيع مع أنه دفاع جوهرى لو صح لتغير وجه الرأى فى الدعوى - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرا فى التسبيب بما يبطله ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.