مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1195

(164)
جلسة 1 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار د. أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر وعادل محمود فرغلي المستشارين.

الطعن رقم 1385 لسنة 28 القضائية

( أ ) رسوم - تقادم الحق فيها.
المادة (377) من القانون المدني.
يتقادم بثلاث سنوات الحق في المطالبة برد الرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها - لا وجه للدفع بسقوط الحق في المطالبة بالرسوم متى ثبت أن الدعوى بالمطالبة برد الرسوم أقيمت قبل مرور الثلاث سنوات المشار إليها - لا ينال من ذلك أن الدعوى عند إيداع عريضتها لم توجه إلى الممثل القانوني للجهة الإدارية ولم تعلن إليه إلا بعد إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ما دام قد ثبت حضور إدارة قضايا الحكومة وتصحيح شكل الدعوى - تطبيق.
(ب) عقد بيع - بيوع تجارية - تحديد مفهوم السلع المستعملة.
القانون رقم 100 لسنة 1957 في شأن بعض أنواع البيوع التجارية.
نظم المشرع ثلاثة أنواع من البيوع ووضع لكل منها نظاماً مستقلاً في طبيعته والآثار المترتبة عليه: النوع الأول: البيع بالمزاد العلني للمنقولات المستعملة - النوع الثاني: البيع بالمزاد العلني أو عن طريق التصفية في المحال التجارية - النوع الثالث: - البيع بالتقسيط - المقصود "بالسلع المستعملة" في مفهوم المادة (1) من القانون رقم 100 لسنة 1957 هي المنقولات التي انتقلت حيازتها للمستهلك بأي سبب من أسباب التملك بقصد استهلاكها ويبغي التصرف فيها بالبيع عن طريق المزاد العلني - المنقولات الخاصة بالمحل التجاري تباع مع باقي أصوله الثابتة التي تشملها التصفية سواء كانت جديدة أو مستعملة - مؤدى ذلك: - أن المنقولات الخاصة بالمحل التجاري تجرى من نطاق مفهوم المنقولات المستعملة الوارد بنص المادة (1) من القانون رقم 100 لسنة 1957 - نتيجة ذلك عدم خضوع بيع أصول المحل التجاري أو فرع من فروعه لنص المادة الثامنة من القانون المشار إليه والتي تقضي بفرض رسم مقداره 2% من ثمن ما يتم بيعه من منقولات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 7/ 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظة القليوبية قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1385 لسنة 28 ق عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود، والتعويضات" في الدعوى رقم 807 لسنة 28 ق بجلسة 9/ 5/ 1982 والقاضي بإلزام محافظ القليوبية بصفته بأن يدفع للمدعين بالتساوي فيما بينهم مبلغ 1175 جنيهاً والفوائد القانونية المقررة بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 14/ 5/ 1974 حتى تمام السداد والمصروفات، وطلبت في ختام طعنها للأسباب الواردة فيه إلى طلب الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، وإلا فبرفضها وإلزام المطعون ضدهم المصروفات. وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقرير بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفض طلب وقف التنفيذ وفي الموضوع برفض الطعن وإلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات. وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 9/ 12/ 1984، وبجلسة 5/ 6/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" لتنظره بجلسة 25/ 6/ 1985، وبجلسة 5/ 11/ 1985 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى للاختصاص وحددت لنظره أمامها جلسة 14 ديسمبر سنة 1985، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 14/ 5/ 1974 أقام المدعون الدعوى رقم 807 لسنة 28 ق طالبين في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم (وزير التموين - محافظ القليوبية - رئيس مجلس إدارة شركة الرملى) بطريق التضامن والتكامل فيما بينهم بأن يدفعوا لهم مبلغ - 1175.00 جنيه السابق تحصيله بغير وجه حق بواسطة الشركة المدعى عليها، وذلك تأسيساً على أنه بناء على الإعلان الذي تم بتاريخ 19/ 11، 20/ 11/ 1972 عن تصفية مصنع القلج المملوك لشركة الطوب الرملي المدعى عليها وبيع أنقاضه ومبانيه تم إجراء مزايدة علنية بجلسة 25/ 11/ 1972 ورسا المزاد على كل من وليم لبيب عبد الشهيد، عبد المنعم عبد الغفار وفتحي عبد الودود، ومصطفى صالح علي وعند مطالبتهم بسداد رسوم الرقابة التجارية التي حددت بمبلغ - 1175.00 جنيه قاموا بدفعها مع تحفظهم بأن هذه الرسوم غير مستحقة وبمقتضى عقد موثق بين الراسي عليهم المزاد وبين المدعيين تنازل الطرف الأول للمدعيين عن الصفقة وجميع المبالغ المدفوعة منهم كتأمين وبصفة خاصة الرسوم التي دفعت إلى الرقابة التجارية مشفوعة بالتحفظ المشار إليه، وقاموا فعلاً باسترداد التأمين لكن الشركة المدعى عليها رفضت تسليمهم الرسوم المشار إليها بحجة أن الرقابة التجارية بمديرية القليوبية تصر على أحقيتها في المبلغ المذكور، وبالرغم من شرح وجهة نظرهم إلى وزارة التموين، بعدم استحقاق هذه الرسوم على البيع المشار إليه طبقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1957، وإنذارهم بضرورة رد الرسوم المحصلة دون وجه حق إلا أن المختصين لم يحركوا ساكناً، مما اضطرهم إلى رفع الدعوى المذكورة.
ومن حيث إنه بجلسة 9/ 5/ 1985 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بإلزام محافظ القليوبية بصفته بأن يدفع للمدعين بالتساوي فيما بينهم مبلغ 1175 ج والفوائد القانونية المقررة بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 14/ 5/ 1974 حتى تمام السداد والمصروفات، وأقامت قضاءها على ما استبان لها من الأوراق من أن البيع الذي تم لفرع الشركة المدعى عليه بالقلج التابع لمحافظة القليوبية ليس من البيوع التي تنطبق عليها المادة الثامنة من القانون رقم 100 لسنة 1957 التي تستوجب دفع الرسوم الواردة بها، وإنما هو بيع لفرع محل تجاري مما تنظمه أحكام الباب الثاني من القانون رقم 100 لسنة 1957 والذي لم يتضمن نصاً على غرار المادة الثامنة التي يقتصر حكمها على البيوع الخاصة بالمنقولات المستعملة لا سيما أن نصوص الباب الثاني من القانون 100 لسنة 1957 المشار إليه لم تتضمن أية إشارة إلى أنها تنظم السلع الجديدة أو المستعملة، وإنما انتظمت أحكام البيع بالمزاد العلني عند تصفية المحل التجاري نهائياً أو إغلاق فرع من فروعه أو التصفية الموسمية أي سواء أكانت السلعة المبيعة مستعملة أو جديدة وأنه لا وجه للرجوع إلى المذكرة الإيضاحية إذا كانت النصوص واضحة ليس بها أي غموض الأمر الذي يجعل الرسوم التي وقعت بالتطبيق لهذه المادة غير مستحقة قانوناً ويتعين على المحافظة ومديرية التموين والتجارة الداخلية بالقليوبية ردها إلى من قام بدفعها فعلاً أو من تنازل له عنها صاحب الحق فيها.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه للأسباب الآتية: أولاً: سقوط الحق في استرداد الرسوم طبقاً للمادة 377 من القانون المدني لمضي ثلاث سنوات على دفعها قبل مطالبة صاحب الشأن بها قضاء، إذ الثابت أن الرسوم محل النزاع قد دفعت بتاريخ 27/ 11/ 1972 حيث مبدأ الحق في استردادها وأن صاحب الصفة في الدعوى وهو من كان يجب اختصامه فيها ابتداء وهو محافظ القليوبية الذي لم يختصم إلا بموجب إعلان على يد محضر بتاريخ 16/ 3/ 1982 حيث تنعقد الخصومة بالنسبة له اعتباراً من هذا التاريخ فحسب أي بعد أن فات أكثر من ثلاث سنوات وهي مدة التقادم المسقط للدعوى. ثانياً: أن الثابت من الأوراق أن البيع - محل النزاع - كان بيعاً بالمزاد العلني لمخلفات منقولات مصنع الطوب الرملي بناحية القلج محافظة القليوبية أي منقولات مستعملة وهي بهذه المثابة تخضع لأحكام الباب الأول من القانون رقم 100 لسنة 1957 المشار إليه التي أوجبت المادة الثامنة منه على الراسي عليه المزاد أن يدفع رسماً قدره 2% من قيمة الصنف المباع ويصدر قرار من وزير التجارة بتحديد الشروط والأوضاع التي يتم بها تحصيل الرسم ومن بينها حالات بيع المنقولات بقصد تصفية المحل التجاري.
ومن حيث إنه عن الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالرسوم محل النزاع لمرور أكثر من ثلاث سنوات على دفعها قبل اختصام الجهة صاحبة الصفة في ردها. فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم قد أقاموا دعواهم بالمطالبة برد الرسوم بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة في 14/ 5/ 1974 قبل مرور ثلاث سنوات على دفع الرسوم الحاصلة في 27/ 11/ 1972 وقد اختصموا فيها كلاً من وزير التموين، ووكيل وزارة التموين لشئون الرقابة التجارية ومدير عام الرقابة التجارية بمديرية التموين بمحافظة القليوبية، وبإيداع عريضتها انعقدت الخصومة ونشأت بها المطالبة القضائية بالرسوم المشار إليها في مواجهة المدين الفعلي الذي امتنع عن رد الرسوم وهو مدير عام الرقابة بمديرية التموين بمحافظة القليوبية، ومن ثم فإن المطالبة القضائية تكون قد تمت في المواعيد المقررة قانوناً قبل سقوط الحق فيها بالتقادم، ولا ينال من ذلك أن الدعوى لم توجه عند إيداع عريضتها إلى محافظ القليوبية بحسبانه الممثل القانوني لمديرية التموين بالمحافظة، ولم تعلن إليه إلا بعد إبداء الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. إذ لا يعدو ذلك أن يكون تصحيحاً لشكل الدعوى التي انعقدت صحيحة بتوجيهها إلى الممثل القانوني للمدين الحقيقي تصحيحاً ينسحب أثره إلى تاريخ إقامة الدعوى التي تتحقق بإيداع عريضتها دون أن ينال من ذلك عدم إعلان المحافظ بالدعوى غداة إيداع العريضة ما دام الثابت من الأوراق أن إدارة قضايا الحكومة قد حضرت عن الإدارة المدينة وطلبت تصحيح شكل الدعوى بتوجيهها إلى محافظ القليوبية بحسبانه الممثل القانوني لمديرية التموين بالقليوبية، وتم التصحيح بناء على طلبها.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه يبين من الاطلاع على أحكام القانون رقم 100 لسنة 1957 في شأن بعض أنواع البيوع التجارية إنه قد نظم ثلاثة أنواع من البيوع ووضع لكل منها نظاماً مستقلاً في طبيعته وأحكامه والآثار المترتبة عليه، فأفرد الباب الأول منه للبيع بالمزاد العلني للمنقولات المستعملة والباب الثاني للبيع بالمزاد العلني أو عن طريق التصفية في المحال التجارية والباب الثالث للبيع بالتقسيط، وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية عن استقلال كل نظام بأحكامه وآثاره لاختلاف الغاية منه، حيث قررت "إنه يقصد بالسلع المستعملة، جميع الأموال المنقولة التي تكون قد انتقلت حيازتها للمستهلك بأي سبب من أسباب التملك وقد حظر الشارع بيع هذه المنقولات إلا بواسطة خبير مثمن وفي صالة خصصت لهذا الغرض، كما نظم عملية المزايدة والإعلان عنها وحق امتياز كل من صاحب الصالة والخبير المثمن لما يستحقه من أجر أو عمولة على ثمن ما يقوم ببيعه وفرض رسم على ثمن كل ما يتم بيعه.. "الأمر الذي يختلف في طبيعته عن بيع أصول المحال التجارة أو فروعها والتي أوردها الشارع في الباب الثاني على سبيل الحصر وهي حالة تصفية المحل التجاري نهائياً أو ترك التجارة في صنف أو أكثر من بين الأصناف التي يتعامل المحل في تجارتها وغلقه فرع من فروع المحل الرئيسي وقد عنى المشرع بتنظيمها وضمان جديتها على الوجه المبين في الباب المذكور والذي لم يرد به نص يقابل نص المادة الثامنة التي قضت بفرض رسم قدره 2% من ثمن ما يتم بيعه من منقولات، ومن ثم فإن بيع أصول المحل التجاري أو فرع من فروعه لا تخضع لحكم الفقرة الثامنة المشار إليه لأنها تكون جزءاً من رأس مال المحل ولا تدخل في مفهوم المنقولات المستعملة حسبما حددته المادة (1) من القانون رقم 100 لسنة 1957 المشار إليه لأن المقصود بعبارة السلع المستعملة في حكم هذه المادة هي المنقولات التي انتقلت إلى حيازة المستهلك العادي بقصد استهلاكها ويبغي التصرف فيها بالبيع عن طريق المزايدة العلنية أما المنقولات الخاصة بالمحل التجاري فهي تباع مع باقي أصوله الثابتة التي تشملها التصفية سواء أكانت جديدة أو مستعملة، ومن ثم فهي تأخذ حكمها وتخرج من ثم عن نطاق - المنقولات المستعملة بالمعنى الذي عناه الشارع في المادة (1) من القانون رقم (100) المشار إليه.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن البيع الذي تم بتاريخ 25/ 11/ 1972 بالمزاد العلني بالنسبة لمصنع شركة الطوب الرملي بالقلج - محافظة القليوبية من مبان وأنقاض وأدوات وآلات لا يخضع للرسم الذي فرضته المادة "8" من القانون رقم 100 لسنة 1957 بحسبانه بيعاً لكامل أصول فرع الشركة، وبالتالي فإن الرسوم التي دفعت بالتطبيق لهذه المادة تكون غير مستحقة قانوناً ويتعين على الجهة التي قامت بتحصيلها أن تقوم بردها إلى من قام بدفعها أو من تنازل له عنها، وإذ انتهج الحكم المطعون فيه هذا النهج في التفسير وقضى بإلزام محافظ القليوبية بحسبانه الممثل القانوني للجهة التي تولت تحصيل الرسم الذي دفع بغير وجه حق - بأن يدفع للمطعون ضدهم قيمة الرسم الذي امتنعت عن رده إلى المتنازل لهم عن قيمة الصفقة فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة بالمصروفات.