مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1221

(166)
جلسة 1 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة دكتور محمد جودت الملط ومحمود عبد المنعم موافي وثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج المستشارين.

الطعن رقم 556 لسنة 31 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - مخالفات تأديبية.
المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات.
إذا أسفرت إجراءات المناقصة عن عطاء وحيد فإن إلغاءه أمر جوازي لرئيس المصلحة - في حالة عدم الإلغاء لا يوجد ثمة مانع من قبول العطاء الوحيد إذا توافرت الشروط التي تطلبها المشرع لذلك - قبول العطاء الوحيد في حد ذاته لا يكون مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة - تطبيق.
(ب) عقد إداري - تنفيذه - سلطة الإدارة في تعديله بالزيادة أو النقص - كيفية حساب الزيادة والنقص.
احتفظ المشرع لجهة الإدارة بالحق في تعديل العقد بالزيادة أو النقص في حدود النسب المقررة قانوناً في هذا الشأن - الوعاء الذي يحسب على أساسه هذا التعديل هو قيمة العقد المبرم مع المتعاقد - أساس ذلك أن التعديل ينصرف إلى هذا العقد بآثاره التي يفترض أن المتعاقد قد أخذها في حسبانه - لا وجه للقول بأن الوعاء الذي يحسب على أساسه هذا التعديل هو مجموع قيمة العقود التي أبرمت بشأن المراحل المتعددة للمشروع - هذا القول ينطوي على تعميم وتعمية للوعاء الذي على أساسه تحسب الزيادة - تطبيق.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - جزاء تأديبي - تقدير الجزاء.
للمحكمة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني - مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 13/ 1/ 1985 أودع الأستاذ فرغلي حليص المحامي نائباً عن الأستاذ عبد المنعم مكرم المحامي بصفته وكيلاً عن السادة/ و...... و...... و...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 556 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 22/ 12/ 1984 في الدعوى رقم 83 لسنة 26 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين والقاضي بمجازاتهم بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة شهور مع حرمان كل منهم من نصف أجره.
وقد طلب الطاعنون في تقرير الطعن للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بقبول الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعنين مما نسب إليهم وإلزام الجهة المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعن على أصحاب الشأن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه، للأسباب المبينة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن موضوعاً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23/ 1/ 1985 وبجلسة 22/ 1/ 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة الأول من فبراير 1986 وبتلك الجلسة استمعت المحكمة لما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق - في أنه بتاريخ 11/ 12/ 1983 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية تقرير اتهام ضد:
1 - ............
رئيس الشئون القانونية بالوحدة المحلية لمركز أبو المطامير.
2 - ............
سكرتير الوحدة المحلية بأبو المطامير.
3 - ............
رئيس الحسابات بالوحدة المحلية بأبو المطامير.
4 - ...........
مهندس المشروعات بالوحدة المحلية بأبو المطامير.
لأنهم في المدة من 30/ 7/ 1980 إلى 27/ 12/ 1981 بالوحدة المحلية بأبو المطامير لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد والأحكام المالية المقررة بأن:
1 - قبلوا عطاء وحيداً للمرحلة الرابعة لعملية معهد أبو المطامير الديني تجاوز أسعار السوق المحلي والأسعار المقدمة من ذات المقاول في عمليات أخرى متشابهة في نفس المنطقة وفي ذات الفترة على النحو المبين بالأوراق.
2 - تعاقدوا مع ذات المقاول على إنشاءات المرحلة الخامسة لعملية معهد أبو المطامير الديني بالاتفاق المباشر دون طرح العملية في مناقصة عامة للحصول على أنسب الأسعار على النحو المبين بالأوراق.
وخلصت النيابة الإدارية إلى أنهم بذلك يكونوا ارتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها في المواد 76/ 1، 77/ 1 و3 و4، 78/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. وطلبت محاكمتهم بالمواد المشار إليها وبالتطبيق للمواد رقم 80، 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه و14 من القانون رقم 117 لسنة 1958، 15، 19 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وبجلسة 22/ 12/ 1984 حكمت المحكمة بمجازاة كل من الطاعنين بالوقف عن العمل لمدة ثلاثة شهور مع حرمان كل منهم من نصف أجره. وأقامت قضاءها استناداً إلى أن المخالفتين المنسوبتين إليهم ثابتة في حقهم مما يتعين معه مجازاتهم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أنه بالنسبة للمخالفة الأولى، فإنه قد نسب للطاعنين قبول عطاء وحيد على خلاف الواقع إذ الثابت من محضر فتح المظاريف أن هناك عطاء آخر مقدم من مقاول آخر أما بالنسبة للسعر وأنه يزيد عن أسعار السوق مردود عليه بأن هذه الأسعار في تزايد مستمر والتفات المحكمة عن هذه الجزئية فيه إهدار لحق الطاعنين في الدفاع.
وبالنسبة للمخالفة الثانية فإن إسناد عملية استكمال المرحلة الخامسة من المباني تدخل في نطاق الحق الذي قرره المشرع لجهة الإدارة في قانون المناقصات والمزايدات من أن لها أن تعدل قيمة العقد بالزيادة في حدود 25% وكان يتعين حساب هذه الزيادة على أساس جمع المراحل وليس على أساس المرحلة الرابعة فقط وإذ ذهب الحكم الطعين إلى اعتبار المرحلة الخامسة عملية جديدة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه بالاطلاع على أحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات يبين أن نص المادة 7 منه تجري كالآتي: قد نلغي المناقصات بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً أما في غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة في إحدى الحالات الآتية/ (1) إذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد".. "ومؤدى هذا النص أنه إذا ما أسفر الأمر عن عطاء وحيد لعدم ورود غيره أو لأنه الباقي بعد استبعاد العطاءات الأخرى لعدم استيفائها الشروط يغدوا أمراً جوازياً لرئيس المصلحة أن يلغي المناقصة من عدمه وفي حالة عدم الإلغاء ليس ثمة ما يحول دون قبول العطاء الوحيد على النحو المقرر. وترتيباً على ذلك لا يعتبر قبول العطاء الوحيد في حد ذاته أمراً مخالفاً للقواعد القانونية.
ومن حيث إنه بإعمال ما تقدم بالنسبة للمخالفة الأولى المستندة إلى الطاعنين في تقرير الاتهام والتي تتحصل في أنهم قبلوا عطاء وحيداً تجاوز أسعار السوق المحلي والأسعار المقدمة من ذات المقاول في عمليات أخرى متشابهة في نفس المنطقة وفي ذات الفترة على النحو المبين بالأوراق ولما كان باستظهار أوراق الدعوى والتحقيقات يبين بالنسبة لتجاوز أسعار العطاء الذي قبلته لجنة البت أسعار السوق المحلي والأسعار المقدمة من ذات المقاول عن عمليات أخرى مشابهة في نفس المنطقة وذات الفترة أن تقرير اللجنة المؤرخ 23/ 3/ 1983 التي شكلت بقرار المحافظ رقم 325 لسنة 1982 لفحص الموضوع لم يبين مقدار الزيادة المقول بها وجاء خلواً من الإشارة إلى الأسعار التي أشار إلى أنها كانت أقل من أسعار العطاء المقبول ولم يتضمن أي مقارنة في هذا الخصوص تسمح بتبيان هذه الزيادة ولذلك بالرجوع إلى أقوال رئيس اللجنة في التحقيقات (صفحة 8 تحقيق النيابة الإدارية) يبين أنها قد جاءت - في شأن تجاوز الأسعار خالية تماماً من العناصر والأرقام التي تسمح بتأكيد ذلك أو حتى استخلاصه - أما مذكرة النيابة الإدارية المؤرخة 23/ 11/ 1983 والتي انتهت إلى إسناد هذه المخالفة إلى الطاعنين فهي قد انساقت وراء تقرير اللجنة وأقوال رئيسها دون ذكر الحقائق التي كان يتعين عليها - حتى لا يأتي التحقيق ومذكرته ناقصين غير مستكملين - توضيحها حتى يكون إسنادها قائماً على ما يدعمه. لذلك فإن اتهام الطاعنين بارتكاب هذه المخالفة يغدو مبنياً على أقوال مرسلة مفتقراً للأدلة التي تساند الاتهام وترتيباً على ذلك تضحى غير ثابتة في حقهم مما يتعين معه القضاء ببراءتهم منها.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى لائحة المناقصات والمزايدات المشار إليها يبين أن المادة 83 تنص على أنه تحتفظ الوزارة أو المصلحة أو السلاح بالحق في تعديل العقد بالزيادة أو النقص في حدود 15% في عقود التوريد و30% في عقود توريد الأغذية و25% في عقود الأعمال دون أن يكون للمتعهد أو المقاول الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك.. "والمستفاد من أحكام هذا النص - فيما يتعلق بكيفية حساب النسبة المئوية الواردة به - فيما يتعلق بحق جهة الإدارة في تعديل العقد زيادة أو نقصاً إن الوعاء الذي يحسب عليه هذا التعديل هو قيمة العقد المبرم مع المقاول الذي سيرد التعديل بشأنه نظراً لما يترتب عليه من انصراف آثار هذا التعديل سواء بالزيادة أو النقصان إلى هذا المتعاقد تلك الآثار التي يفترض أن المتعاقد قد أخذها في حسبانه وارتضاها عند تقديم العطاء وإبرام العقد باعتبار أن علمه مفترض بحكم المادة 87 من اللائحة السابق ذكره. وترتيباً على ذلك فإنه لا يتأتى القول - حسبما ذهب إلى ذلك الطاعن - بأن الوعاء الذي يحسب على أساسه هذا التعديل هو مجموع قيمة العقود التي أبرمت بشأن المراحل المتعددة للمشروع والتي قد يكون أو لا يكون المقاول الذي سيرد التعديل على العقد المبرم معه - إلى جانب اختلاف الأعمال المتعلقة بعقد كل مرحلة من عدمه - نظراً لما ينطوي عليه ذلك من تعميم وتعمية ينزه عنهما المشرع للوعاء الذي على أساسه تحسب الزيادة. كما إنه لا يستقيم مع ما ينبغي أن يتوافر للعقود بصفة عامة من معايير منضبطة تكفل للمتعاقدين ابتداء أن يتبينوا التزاماتهم الواجبة والمتوقعة الأداء.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن قيمة العقد الذي أبرم مع المقاول بشأن المرحلة الرابعة التي تشمل عملية تكسير وإعادة بناء أعمال المعهد الديني الإعدادي بمدينة أبو المطامير تبلغ 24814.052 مليمجـ وكانت قيمة الأعمال التي أسندت إلى المقاول ذاته بالاتفاق المباشر بشأن عملية إنشاء فصول دراسية (المرحلة الخامسة) تبلغ 20000.00 جنيه وبالتالي فهي تجاوز 25% من قيمة عقده من المرحلة الرابعة ومن ثم لا ينطبق عليها حكم المادة 87 من لائحة المناقصات والمزايدات إلى المقاول على النحو الذي تم به وإنما كان يجب عليها طرحها في مناقصة على الوجه السالف بيانه بما كان يتعين معه على لجنة البت عدم إسنادها عامة. وإذ خالف الطاعنون بصفتهم رئيساً وأعضاء في لجنة البت ما كان يجب عليهم اتباعه في هذا الصدد فإنه يكون قد ثبت في حقهم جميعاً ارتكابهم للمخالفة الثانية المسندة إليهم في تقرير الاتهام مع ما يترتب على ذلك من وجوب مساءلتهم عنها بتوقيع الجزاء المناسب عليهم.
ومن حيث إنه ولئن كان للمحكمة تقدير الجزاء التأديبي في حدود النصاب القانوني إلا أن مناط ذلك أن يكون التقدير على أساس قيام سببه بجميع أشطاره.
ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بمجازاة الطاعنين على أساس ثبوت كل من المخالفتين المسندتين إليهم وقد تبين أن المخالفة الأولى غير ثابتة في حقهم فإن الجزاء والحالة هذه لا يقوم على كامل سببه ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة تقدير الجزاء على أساس استبعاد ما لم يقم في حق الطاعنين وبما يتناسب حقاً وعدلاً مع ما قام في حقهم وتقدر المحكمة الجزاء المناسب لما ارتكبه الطاعنون بخصم خمسة عشر يوماً من أجر كل منهم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة كل من المحالين الأربعة بخصم خمسة عشر يوماً من أجره.