مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1259

(172)
جلسة 8 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار د. أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر وعادل محمود فرغلي المستشارين.

الطعن رقم 298 لسنة 27 القضائية

عقد إداري - تنفيذه - الجزاءات التي توقعها جهة الإدارة على المتعاقد المقصر - غرامة التأخير.
المادة (93) من قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 بإصدار لائحة المناقصات والمزايدات.
للجهة المتعاقدة سلطة تحديد مبدأ غرامة التأخير عند تأخر المقاول عن تسليم العمل في الموعد المحدد وتحديد الأعمال التي تحسب على أساسها غرامة التأخير - إن كانت الأعمال التي تراخى المقاول في تنفيذها تحول دون الاستفادة بالمشروع المتعاقد عليه على الوجه الأكمل تحسب غرامة التأخير على أساس قيمة ختامي العملية - إذا رأت جهة الإدارة أن الأعمال المتأخرة لا تبلغ من الأهمية الحد الذي يحول دون استفادتها بالمشروع رغم تراخي المقاول في تنفيذها يكون حساب الغرامة على أساس قيمة الأعمال المتأخرة - تحديد مدى أهمية الأعمال المتأخرة ومدى تأثيرها على الاستفادة من المشروع يدخل في نطاق السلطة التقديرية لجهة الإدارة بغير معقب عليها ما دامت تستهدف وجه الصالح العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 5/ 2/ 1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن محافظ أسيوط قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 298 لسنة 27 ق في الحكم الصادر بجلسة 7/ 12/ 1980 من محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود والتعويضات" في الدعوى رقم 954 لسنة 22 ق المقامة من السيد/ أمين يوسف حنا ضد السيد/ محافظ أسيوط والقاضي بإلزام الأخير بصفته بأن يؤدي إلى المدعي مبلغ 1397.036 مليمجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالب القضائية الحاصلة في 23/ 4/ 1968 حتى تمام السداد مع إلزامه بالمصروفات، طالباً للأسباب المبينة بالتقرير الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات. وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق، أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم أولاً: برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعن فيه ثانياً: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 974.868 مليمجـ مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد مع إلزام كل من الطرفين بالمصروفات المناسبة.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 16/ 1/ 1985 وتداول أمامها على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 3/ 4/ 1985 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة" لنظره أمامها بجلسة 30/ 4/ 1985، وبعد أن تداول أمامها قررت بجلسة 1/ 10/ 1985 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى للاختصاص لتنظره بجلسة 9 نوفمبر سنة 1985 وبعد تداول الطعن أمام المحكمة وسماع ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات قررت بجلسة أول فبراير 1986 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 27/ 4/ 1968 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 954 لسنة 22 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة العقود والتعويضات" طالباً الحكم بإلزام كل من وزارة الإسكان ومحافظ أسيوط بأن يدفعا له مبلغ 2799 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات: تأسيساً على أنه قد رست عليه عملية إنشاء محطة توزيع الكهرباء بديروط الشريف بمبلغ 4570.849 مليمجـ، وظل قائماً بعمله خير قيام وتسلم من قيمة العملية مبلغ 2000.00 جنيه أما بالباقي وقدره 2580 جنيه شاملاً قيمة التأمين فلم يتسلمه حتى الآن، رغم الشكاوى العديدة التي تقدم بها إلى المسئولين، حتى تيقظت وزارة الإسكان في 27/ 3/ 1968 وأقرت في خطابها رقم 1864 رداً على شكواه أن جملة ماله قبل الوزارة 2799 جنيهاً، وليس هناك مسوغ لعدم صرف المبلغ إليه إلا رغبة في إلحاق الضرر به. وبجلسة 18/ 1/ 1970 أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بندب أحد خبراء وزارة العدل لبيان القيمة الكلية للعملية التي أسندت إلى المدعي، والأعمال التي لم يقم بها طبقاً للعقد وقيمتها وهل كانت ضرورية للاستفادة من المبني في القرض الذي أعد له من عدمه، ومجموع المبالغ التي صرفتها الجهة الإدارية للمدعي والباقي المستحق له وقيمة غرامة التأخير والمبالغ النهائية المستحقة للمدعي بعد التحقق من العناصر سالفة الذكر بعد استنزال ما تم صرفه إليه. فقدم الخبير المنتدب تقريراً أشار فيه إلى أن قيمة الأعمال التي لم يتم تنفيذها عند سحب العملية تبلغ 617.055، وأن المستحق للمقاول بعد استنزال غرامة التأخير على أساس قيمة الأعمال التي لم يتم إنجازها هي 1365.074 مليمجـ، وبناء على الاعتراضات التي تقدم بها المدعي تعقيباً على تقرير الخبير فقضت المحكمة في 2/ 6/ 1974 بإعادة المأمورية إلى الخبير لبيان قيمة الأعمال التي نفذت بالفعل على حساب المدعي وبيان الفروق وتحقيق المبالغ التي تسلمها المدعي من الجهة الإدارية. أودع الخبير تقريراً تكميلياً انتهى فيه إلى أن قيمة الأعمال التي قام المدعي بتنفيذها مضافاً إليها قيمة التشوينات تبلغ 3468.499 مليمجـ.
2 - فروق الأسعار الناتجة عن التنفيذ على الحساب تبلغ 70.091 مليمجـ.
3 - المبالغ التي صرفت له محسوبة ما أقر به المدعي في عريضة دعواه وكتاب الهيئة العامة لكهربة الريف 2000 جنيه. كما قدم الخبير الحسابي تقريراً في شأن المبالغ التي صرفت للمدعي انتهى فيه إلى أن المبالغ التي صرفت للمدعي تمت بموجب خمس شيكات، إلا أن المدعي أنكر قيامه قيمة تلك الشيكات، وترك التقرير للمحكمة تقدير صحة ما يدعيه المدعي.
ومن حيث إنه بجلسة 7/ 12/ 1980 قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام محافظ أسيوط بأن يؤدي إلى المدعي مبلغ 1397.036 مليمجـ والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد مع إلزامه بالمصروفات: وأقامت قضاءها على ما ثبت لها من الأوراق من أن الجهة الإدارية قد وافقت على مد مدة تنفيذ العقد من 15/ 8/ 1962 إلى 12/ 2/ 1963 استناداً إلى أن وزارة الإسكان قد قررت بعد إبرام العقد توزيع الحديد على المقاولين على دفعات وبالمقادير التي أمكن إنتاجها من مصانع الحديد والصلب. ومتى قررت الجهة الإدارية وهي القوامة على حسن سير المرفق الذي يستهدف العقد تسيره أن التأخير في إنجاز الأعمال في الفترة السابقة على 23/ 2/ 1963 يرجع إلى أزمة الحديد، وقررت إعفاء المتعاقد معها من غرامة التأخير في الفترة السابقة على التاريخ المشار إليه فإنه يتعين احتساب غرامة التأخير من اليوم التالي لهذا التاريخ. فإذا كان الثابت أن جملة الأعمال التي رست على المدعي تبلغ 4520.849 مليمجـ وكان المدعي قد نفذ حتى التاريخ المشار إليه أعمالاً تبلغ قيمتها 2969.134 مليمجـ ومن ثم تصبح قيمة الأعمال المتأخرة عن التاريخ المذكور 1601.715 مليمجـ وهو ما يحق للجهة الإدارية اقتضاء غرامة تأخير عليه بواقع 10%، فتكون قيمة الغرامة 160.172 مليمجـ، بينما حسبت الإدارة غرامة التأخير باعتبارها تبلغ 353.652 مليمجـ مما يحق معه للمقاول اقتضاء الفرق وقدره 193.481 مليمجـ وهو ما يتعين إلزام الجهة الإدارية به فضلاً عن قيمة التأمين بواقع 5% من قيمة العملية، وإذا كانت الجهة المتعاقدة قد قامت بتنفيذ العملية على الحساب وتحملت فروقاً في الأسعار قدرها 70.091 مليمجـ تخصم من مستحقات المقاول، ومن ثم فإن جملة ما يستحقه المقاول بعد خصم غرامة التأخير وفروق الأسعار والمصاريف الإدارية تبلغ 3620.397 مليمجـ، وبلغت جملة ما دفعته إليه الجهة المتعاقدة 2223.361 مليمجـ ومن ثم يكون مستحقاً لمبلغ 1397.036 مليمجـ يتعين إلزام الجهة الإدارية به.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه للأسباب الآتية: أولاً: استندت المحكمة إلى ما جاء بتقرير الخبير الحسابي في قيمة الأعمال التي نفذت بمبلغ 3468.499 مليمجـ بزيادة قدرها 435.893 مليمجـ استناداً إلى أن الجهة الإدارية قامت بتخفيض بعض البنود في المستخلصات. والصحيح أن كل مستخلص يتضمن البنود الواجب تنفيذها، والعبرة بما يتم تنفيذه بالفعل. فضلاً عن أنه من حق الجهة الإدارية تخصيص بعض البنود بما لا يزيد على 10% من قيمة العقد، إعمالاً لنص المادة 87 من لائحة المناقصات والمزايدات. ثانياً: أخطأت المحكمة عندما أخذت بما انتهى إليه الخبير فيما يتعلق بفروق الأسعار: إذ حسبت هذه الفروق على أساس القيمة السوقية لفروق الأسعار التي تكبدتها بالفعل عند التنفيذ على الحساب ولم تضع في الاعتبار أن الجهة الإدارية قد اضطرت إلى تعديل بعض البنود وتحقيقها وإلغاء بعضها، ومن غير المقبول أن يستفيد المدعي من خطأه والإفادة من حق الجهة الإدارية في إلغاء بعض البنود. ثالثاً: انتهت المحكمة إلى حساب فوائد التأخير على الأعمال المتأخرة فقط اعتباراً من 12/ 2/ 1963، وليس على أساس ختامي الأعمال استناداً إلى أن الجهة الإدارية سبق أن وافقت على امتداد مدة العملية. مع أن الثابت من الأوراق أن التقصير قد وقع من جانب المقاول، وأن الأجل الذي منح له لم يجد في شهر الأعمال حتى توقف أخيراً مما اضطر الجهة الإدارية إلى سحب العملية منه مما أدى إلى تعطيل تشغيل المبنى، ومن ثم يتعين حساب غرامة التأخير بواقع 10% من قيمة ختامي العملية. رابعاً: أخطأ الحكم في حساب المبالغ المنصرفة على أساس خمس شيكات تبلغ قيمتها الإجمالية 2223.361 مليمجـ بينما تبلغ قيمة المبالغ المنصرفة إليه 2732.356 مليمجـ مما يتعين معه اعتمادها عقد حساب مستحقاته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بناء على العقد المبرم بين محافظة أسيوط وبين المقاول المطعون ضده ثم إسناد عملية إنشاء محطة توزيع الكهرباء بديروط الشروط مقابل مبلغ إجمالي قدره 4570.849 مليمجـ إلى المقاول المذكور، ووجهت إليه الجهة المتعاقدة بتاريخ 16/ 4/ 1962 أمر تشغيل يتضمن تسليم موقع العملية إليه، وتحديد مدة التنفيذ بأربعة أشهر تنتهي في 15/ 8/ 1962، إلا أن المقاول لم يقم بتنفيذ العملية في الموعد المضروب بل تقدم في يناير سنة 1963 طالباً مد المهلة الممنوحة، لما قابله من صعوبات في التنفيذ، من بينها عدم وجود الحديد بالسوق الحرة، وإنه تقدم بطلب إلى الجهات المختصة للحصول على الحديد فلم يتسلمه إلا في 5/ 8/ 1962، فوافقت الجهة الإدارية على مد مدة إنهاء العملية حتى 12/ 2/ 1963، مع إعفاء المقاول من غرامة التأخير عن المدة السابقة، أو توقيع غرامة التأخير عليه بالنسبة إلى الأعمال التي يتراخى فيها بعد هذا التاريخ، إلا أن المقاول لم يقم بإتمام العملية في الموعد الذي وافقت الجهة الإدارية على امتداد المهلة إليه، وتوقف عن استكمال التنفيذ نهائياً. مما دعا الإدارة إلى إنذاره بضرورة التنفيذ في الموعد المتفق عليه، وإلا سحبت منه العملية. فلما لم يستجب إلى إنذارها حتى عام 1965 أخطرته في 23/ 2/ 1965 بأنها قررت تنفيذ باقي العملية على حسابه. وأسندت العملية إلى المقاول زكي محمد علي بموجب أمر التشغيل الصادر له في 1/ 4/ 1965 لتنفيذ ما لم ينفذ من الأعمال التي كانت موكولة إلى المقاول المطعون ضده. وأرفقت بأمر التشغيل كشوفاً بالأعمال المطلوب تنفيذها من المقاول الجديد بلغت في مجموعها خمسة وخمسين بنداً من الأعمال الاعتيادية والصحية والكهربائية.
ومن حيث إن لائحة المناقصات والمزايدات الواجبة التطبيق على العقد محل الطعن قد حددت كيفية حساب غرامة التأخير. فنصت المادة 93 منها على أنه "على المقاول أن ينهي جميع الأعمال الموكولة إليه تنفيذها في المواعيد المحددة، فإذا تأخر عن إتمام العمل وتسليمه كاملاً في المواعيد المحددة توقع غرامة عن المدة التي يتأخر فيها عن إنهاء العمل بعد الميعاد المحدد للتسليم إلى أن يتم التسليم المؤقت... ويكون توقيع الغرامة بالنسب والأوضاع التالية... وتحسب الغرامة من قيمة ختامي العملية جميعها إذا رأت الوزارة أو المصلحة أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بما تم من العمل بطريق مباشر أو غير مباشر على الوجه الأكمل في المواعيد المحددة. أما إذا رأت الوزارة أن الجزء المتأخر لا يسبب شيئاً من ذلك فيكون حساب الغرامة... من قيمة الأعمال المتأخرة...". ومقتضى ذلك أن الجهة المتعاقدة سلطة تحديد مبدأ حساب غرامة التأخير عند تأخر المقاول عن تسليم العمل في الموعد المحدد وتحديد الأعمال التي تحسب على أساسها غرامة التأخير، فإن هي ارتأت أن الأعمال التي تراخى المقاول في تنفيذها تحول دون الاستفادة بالمشروع المتعاقد عليه على الوجه الأكمل حسبت غرامة التأخير على أساس قيمة ختامي العملية لإجمالي المشروع. أما إذا ارتأت أن الأعمال المتأخرة لا تبلغ من الأهمية الحد الذي يحول دون استفادتها بالمشروع رغم تراخي المقاول في تنفيذها يكون حساب الغرامة على أساس قيمة الأعمال المتأخرة، وهو أمر يرجع في النهاية إلى سلطتها التقديرية التي تجريها بغير معقب عليها ما دامت تستهدف وجه الصالح العام دون أن يشوب قرارها إساءة في استعمال السلطة. فإذا كان الثابت من الأوراق أن الأعمال التي تراخى المطعون ضده في تنفيذها وتوقف نهائياً عن إنجازها رغم إعطائه الفرصة تلو الفرصة لإنجازها هي أعمال صحية وكهربائية لا غنى عنها في تشغيل محطة توزيع الكهرباء محل العقد الأصلي مما حدا بالجهة المتعاقدة إلى إسنادها إلى مقاول آخر لتنفيذها على حساب المطعون ضده، وقد حال ذلك بالفعل - على ما استظهره تقرير الخبير الهندسي - دون تشغيل المحطة إلا بعد تنفيذ باقي العملية بمعرفة المقاول الجديد، ومن ثم فإن اتجاه الإدارة الطاعنة إلى حساب غرامة التأخير على أساس قيمة ختامي العملية - على خلاف ما انتهى إليه الحكم من حساب الغرامة على أساس قيمة الأعمال المتأخرة - يكون قد قام سببه المسوغ له قانوناً، ولا يقدح في ذلك ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن موافقة الجهة الإدارية على مد المهلة المحددة في العقد من 15/ 8/ 1962 إلى 12/ 2/ 1963 تعد تنازلاً صريحاً منها عن حقها في فرض غرامة التأخير على المدة السابقة على التاريخ الأخير. ذلك أن تحقق هذه النتيجة منوط بأن يقوم المقاول بتنفيذ العملية كاملة بعد زوال الظروف التي كانت خارجة عن إرادته في الموعد المشار إليه. أما إذا تراخى عند التنفيذ بعد أن أظهرت الجهة الإدارية حسن نيتها ومنحته المهلة اللازمة لتفادي هذه الظروف وامتنع بإرادته عن التنفيذ لمدة تزيد على العامين بعد زوال هذه الظروف حتى اضطرت الجهة المتعاقدة إلى إسناد العملية إلى مقاول آخر بعد إنذاره بتنفيذ العملية على حسابه، فإن هذا الإعفاء من جانب الجهة الإدارية يكون قد سقط في مجال التطبيق على النحو الذي يعيد الأمر إلى القاعدة العامة التي أوردتها المادة 93 من لائحة المناقصات والمزايدات، والتي تسوغ للجهة المتعاقدة توقيع غرامة التأخير على أساس القيمة الإجمالية للعملية، إذا ما ارتأت أن الأعمال المتبقية قد حالت دون انتفاعها بالمشروع المتعاقد عليه. وإذ انتهج الحكم غير هذا النهج فيما يتعلق بحساب غرامة التأخير فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يتعين معه تعديله في هذا الشق والحكم بحساب غرامة التأخير المستحقة للجهة المتعاقد على أساس قيمة ختامي العملية.
ومن حيث إنه لا وجه لما ارتأته الجهة الطاعنة من حساب فروق الأسعار على أساس قيمة البنود الواردة بالعقد بغض النظر عن البنود التي تم تنفيذها بالفعل بسبب تخفيض الجهة الإدارية، ذلك أن المشرع قد خول الجهة المتعاقدة سلطة التنفيذ على حساب المقاول المتراخي في التنفيذ بالنسبة للبنود كافة، ومن ثم فإذا ما رأت الجهة الإدارية تخفيض هذه البنود لعدم حاجتها إليها، فلا يسوغ إلزام المتعهد بالفروق في أسعارها رغم عدم تنفيذها، وإلا شكل ذلك إثراء لها على حساب المتعاقد بغير مبرر مشروع، كما لا يسوغ المجادلة فيما استظهرته المحكمة بحق - مع واقع الأوراق من أن المبالغ التي صرفت له قد تم صرفها بموجب خمسة شيكات وليست ستة شيكات كما ادعت الجهة الطاعنة - الأمر الذي يتعين معه تصفية حساب المقاول "المطعون ضده" على الوجه الآتي: 1 - المبالغ المستحقة للمقاول وهي: ( أ ) 3468.499 مليمجـ قيمة الأعمال التي قام بتنفيذها، (ب) 228.552 مليمجـ قيمة التأمين النهائي المدفوع منه، (جـ) 5.000 جنيه قيمة التشوينات الخاصة، فيكون مجموع المبالغ المستحقة له 3702.051 مليمجـ أما المبالغ المستحقة للجهة الإدارية لدى المقاول فهي ( أ ) 2223.361 مليمجـ المبالغ المنصرفة للمقاول بموجب شيكات، (ب) 51.910 مليمجـ دفعات مستقطعة لصالح الخزانة، (جـ) 336.958 مليمجـ غرامة التأخير على ختامي العملية، (د) 44.863 مليمجـ المصاريف الإدارية بواقع 5%، (هـ) 70.091 مليمجـ فروق الأسعار، وبذلك يكون مجموع المبالغ المستحقة للجهة الإدارية على المقاول 2727.182 مليمجـ فتكون مستحقات المقاول المطعون ضده بعد خصم مستحقات الجهة الطاعنة هي 974.868 مليمجـ الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم لتخفيض المبلغ المحكوم بإلزام الجهة الإدارية بأن تدفعه إلى المقاول "المطعون ضده" إلى المبلغ المشار إليه بحسبانه صافي ما يستحقه المقاول لديها بخلاف الفوائد القانونية.
ومن حيث إن ما تقدم لا يعد كسباً كاملاً للطعن من جانب الجهة الطاعنة الأمر الذي يتعين معه إلزام طرفي الخصومة بالمصروفات مناصفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الطاعنة بأن تدفع للمقاول المطعون ضده مبلغ 974.868 مليمجـ فضلاً عن الفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 4/ 1968 حتى تمام السداد وألزمت طرفي الخصومة بالمصروفات مناصفة.