مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 22

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1945

برياسة حضرة محمد كامل مرسى بك المستشار وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك ومحمد توفيق إبراهيم بك وسليمان حافظ بك المستشارين.

(13)
القضية رقم 131 سنة 14 القضائية

ا - دعوى الشفعة. استئناف الحكم الصادر فيها. وجوب إعلان البائع والمشترى به فى الميعاد الذى يفتحه أحدهما بإعلان الحكم.
ب - دعوى استرداد الحصة المبيعة. تطبيق القواعد العامة فى رفعها. تطبيق القواعد الموضوعية لدعوى الشفعة على دعوى الاسترداد. مداه. إدخال البائع فى دعوى الاسترداد. لازم. ميعاد الاستئناف فى دعوى الاسترداد. ستون يوما.
حـ - إجراءات المرافعات. لاتسرى فى حالتى التضامن وعدم إمكان التجزئة. إعلان البائع بالاستئناف من المسترد بعد الميعاد. صحيح متى كان المشترى أعلن به فى الميعاد.
1 - إنه لما كانت دعوى الشفعة يجب رفعها على البائع والمشترى معاً فى الميعاد المحدد لها فى المادة 15 من قانون الشفعة وإلا سقط الحق فيها [(1)]، وكان الاستئناف يعيد الدعوى إلى حالتها الأولى، فإنه يجب كذلك إعلان الاستئناف فى دعوى الشفعة لكل من المشترى والبائع فى ميعاده المعين فى المادة 17 وإلا كان غير مقبول [(2)].
ويبدأ ميعاد الاستئناف فى حق الشفيع من تاريخ إعلانه بالحكم من المشترى أو من البائع، لأنه فى الحالة التى يكون فيها موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة إذا أعلن كل ذوى الشأن الذين كسبوا الدعوى المحكوم عليه بالحكم، وكانت إعلاناتهم فى تواريخ مختلفة، فإن ميعاد الاستئناف يبدأ من أول إعلان.
وعلى ذلك فإذا أعلن المشترى الشفيع بالحكم ولم يعلن الشفيع البائع والمشترى كليهما بالاستئناف فى الميعاد الذى فتحه فى الإعلان من المشترى فلا يقبل استئنافه.
2 - إن القانون لم يأت بقواعد خاصة لرفع الدعوى بطلب استرداد الحصة المبيعة، فيتعين أن تطبق فى هذا الصدد القواعد العامة. ولكن لما كان هذا الاسترداد نوعاً من الشفعة كانت الدعوى به خاضعة لما تقتضيه هذه النوعية من القواعد الموضوعية لدعوى الشفعة. أما ما جاء به قانون الشفعة من أحكام خاصة بدعوى الشفعة غير متصلة بهذه النوعية فإنه - إذ كان وارداً على خلاف أحكام القانون العام ومن ثم لا يصح القياس عليه - لا يطبق على دعوى الاسترداد. وإذ كان فى الاسترداد، كما فى الشفعة، يحل المسترد بالنسبة إلى البائع محل المشترى فى جميع ما كان له من الحقوق وما عليه من الواجبات، ويعتبر المبيع كأنه بيع مباشرة من البائع إلى للمشترى، فإنه يكون من اللازم إدخال البائع فى دعوى الاسترداد، كما يلزم ذلك فى دعوى الشفعة. أما الحكم الخاص بوجوب إعلان المشترى والبائع فى الميعاد المعين لاستئناف دعوى الشفعة فلا يسرى لأنه حكم استثنائى بل الذى يسرى هنا هو حكم القانون العام [(3)].
3 - إن قاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات المرافعات لا تسرى فى حالتى التضامن وعدم إمكان التجزئة. وإذ كان موضوع دعوى استرداد الحصة المبيعة مما لا يقبل التجزئة فإن إعلان الاستئناف الموجه من المسترد إلى البائع بعد الميعاد يكون صحيحاً متى كان المشترى قد أعلن به فى الميعاد [(4)].


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 388 سنة 1942 أمام محكمة طنطا الابتدائية على الطاعنين والمطعون ضده الثانى وقال فى صحيفتها المعلنة فى 30 من يوليو و2 من أغسطس سنة 1942 إنه علم فى 4 من يوليو سنة 1942 أن الطاعنين اشتريا من المطعون ضده الثانى 38 ف و8 ط شائعة فى 102 ف و7 ط و21 س بسعر ذ كر فى العقد أنه 95 ج للفدان مع أن حقيقته 83 ج للفدان، ولأنه يمتلك نصيباً شائعاً فى هذه الأراضى فهو يطلب الحكم له باستحقاقه لأخذ القدر المبيع بالشفعة بسعر الفدان 83 ج أو أى مبلغ آخر يظهر أنه الثمن الحقيقى مضافاً إليه جميع الملحقات مع إلزام الطاعنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفع الطاعنان بسقوط حق المطعون ضده الأول فى الأخذ بالشفعة لعدم إظهار رغبته فى خلال خمسة عشر يوما من وقت علمه بالبيع وطلبا الإحالة إلى التحقيق لإثبات صحة هذا الدفع فأجابتهما المحكمة إلى هذا الطلب، وبعد أن تم التحقيق طلب المطعون ضده الأول احتياطياً أن يقضى له باستحقاقه لأخذ الأرض المبيعة بناءً على المادة 462 من القانون المدنى الخاصة باسترداد الحصة المبيعة.
وفى 22 من يوليو سنة 1943 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام رافعها بالمصاريف وبمائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة للطاعنين. فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلب فى صحيفته المعلنة فى 24 من أغسطس سنة 1943 القضاء بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى وأضاف اليها (وبطريق الاسترداد) مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. فدفع الطاعنان بعدم قبول الاستئناف شكلا لرفعه بعد الميعاد، وطلب المطعون ضده الأول رفض الدفع والقضاء بطلباته. وفى 2 من فبراير سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفع وقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وباستحقاق المطعون ضده الأول لأن يأخذ بالشفعة الأرض المبيعة من المطعون ضده الثانى للطاعنين بالثمن والشروط الواردة بعقد البيع النهائى المؤرخ فى 17 من مارس سنة 1942 وألزمت الطاعنين بمصاريف الدرجتين الخ..
ولم يعلن هذا الحكم إلى الطاعنين ولكن وكيلهما قرر الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهما طالباً نقض الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده الأول، واحتياطياً إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون ضده الأول بجميع المصاريف الخ. وقد أودع الطاعنان والمطعون ضده الأول مذكراتهما ومستنداتهما فى الميعاد ولم يودع المطعون ضده الثانى شيئاً. وأودعت النيابة العمومية مذكرة برأيها.
وبجلسة 4 من أكتوبر سنة 1945 المعينة لنظر هذا الطعن سمعت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وفيها قررت المحكمة استمرار المرافعة لجلسة 13 من ديسمبر سنة 1945 ورخصت للطرفين فى تقديم مذكرات تكميلية. وبهذه الجلسة تأجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر بالآتى:


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون بالنسبة إلى الدفع الفرعى إذ قبل الاستئناف شكلا مع أنه لم يعلن إلى المطعون ضده الثانى إلا بعد الميعاد المعين فى القانون، فى حين أن قانون الشفعة يوجب رفع الدعوى فى الميعاد المعين لها على البائع والمشترى، وما نص عليه من جعل ميعاد الاستئناف خمسة عشر يوما من يوم إعلان الحكم لايفيد قصر إعلان الاستئناف على من أعلن الحكم منهما، لأن الاستئناف يعيد الدعوى إلى ما كانت عليه أمام المحكمة الابتدائية، ومقتضى هذا وجوب إعلان الاستئناف إلى البائع والمشترى الواجب اختصامهما فى دعوى الشفعة أمام المحكمة الابتدائية.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى أن الحكم الابتدائى أعلن من جانب المشتريين (الطاعنين) إلى الشفيع (المطعون ضده الأول) فى 4 من أكتوبر سنة 1943 وقد كان قبل ذلك أعلن صحيفة الاستئناف المرفوع منه إليهما فى 24 من أغسطس سنة 1943، ولم يعلن الاستئناف إلى البائع (المطعون ضده الثانى) إلا فى 13 من ديسمبر سنة 1943.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع المقدم من الطاعنين بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الشفيع قال: "إن مبنى هذا الدفع أن المستأنف (المطعون ضده الأول) أعلن بالحكم الابتدائى فى 4 أكتوبر سنة 1943، وكان عليه - نزولا على حكم المادة 353 من قانون المرافعات - أن يرفع استئنافه عنه فى خلال ستين يوما، لكنه - فى زعم المستأنف عليهما الأول والثانى (الطاعنين) اللذين تقدما بالدفع - قد خالف مقتضى حكم هذه المادة، إذ لم يعلن استئنافه فى الميعاد المحدد إلا للمشتريين، أما البائع فلم يعلن بالاستئناف إلا فى 13 من ديسمبر سنة 1943، أى بعد الميعاد المذكور. وحيث إن دعوى الشفعة هى دعوى غير قابلة للاقتسام بمعنى أن الحكم فيها يجب أن يكون واحداً بالنسبة للبائع والمشترى، فلا يصح أن يصدر فيها بالنسبة لأحدها حكم ثم يصدر فيها أيضاً بالنسبة للآخر حكم ثان قد يتعارض مع الحكم الأول. وحيث إنه وإن يكن الأصل المقرر فى باب الاستئناف أن آثار إعلان الأحكام من حيث قبول الاستئناف وعدمه لا تكون إلا بالنسبة للمعلن أو المعلن إليه من الخصوم دون سواهم، إلا أن هذا الأصل فيما اتفقت عليه كلمة فقهاء المرافعات وجرى به قضاء المحاكم خاضع لاستثناءين يتحقق أحدهما فى حالة عدم إمكان التجزئة ويتحقق الثانى فى حالة التضامن، ففى كل من هاتين الحالتين إذا رفع الاستئناف فى الميعاد بالنسبة لواحد من المحكوم لهم صح الاستئناف ولو لم يعلن الباقون إلا بعد الميعاد القانونى. وحيث إنه لذلك وجب أن لا يعاب على المستأنف فى الدعوى الحالية - وهى دعوى شفعة غير قابلة للتجزئة بين البائع والمشترى - أن يكون قد فاته أن يعلن البائع فى الميعاد القانونى إذا كان قد أعلن المشتريين فى الميعاد المذكور. ومما لا يجدى فى دفع هذا الحكم أن يلوذ المستأنف عليهما الأول والثانى بنص المادة الخامسة عشرة من قانون الشفعة التى توجب رفع الدعوى فى ميعاد معين على البائع والمشترى معاً، لأن هذا النص مقصور حكمه على دعوى الشفعة عند رفعها، أما بعد رفع الدعوى وصدور حكم فيها فان رفع استئناف عن هذا الحكم لا يخضع لهذا النص وإنما يخضع للقواعد المقررة فى باب الاستئناف".
ومن حيث إن المادة 15 من قانون الشفعة تنص على وجوب رفع دعوى الشفعة على البائع والمشترى معاً وإلا سقط الحق فيها. وإذا لوحظ أن القانون المدنى لم يكن - قبل صدور قانون الشفعة - يقضى بادخال البائع فى الدعوى، بل كان يكتفى برفع الدعوى على المشترى فقط، لزم عن ذلك القول بأن إدخال البائع فى دعوى الشفعة من الأحكام المتعلقة بحق الشفعة نفسه، أى أنه شرط فى صحة استعماله، بحيث إذا تخلف هذا الشرط سقط حق الشفعة. وحكمة ذلك هى أن طلب الشفعة هو طلب موجه فى الحقيقة إلى البائع والمشترى فى آن، والحكم فى هذا الطلب هو حكم عليهما معاً، لأن الشفيع بموجب المادة 13 من قانون الشفعة يحل بالنسبة إلى البائع محل المشفوع منه فى جميع ما كان له من الحقوق أو عليه من الواجبات. وبهذا يتحول عقد البيع من كونه بين البائع والمشترى إلى كونه بين البائع والشفيع، فتسقط حقوق البائع قبل المشترى ولا يكون له أن يطالب بها إلا الشفيع الذى حل محله. وكما تكون حقوق البائع قبل الشفيع، لا قبل المشترى، يكون كذلك ما عليه من الواجبات باعتباره بائعا للشفيع لا للمشترى، فيكون للبائع أن يطالب بالثمن ويكون عليه أن يضمن له المبيع. وطلب الحكم بالشفعة هو طلب الحكم بكل ذلك.
ومن حيث إن المادة 17 نصت على أن ميعاد الاستئناف فى دعاوى الشفعة 15 يوما من يوم إعلان الحكم. ولما كان الاستئناف يعيد الدعوى إلى حالتها الأولى فانه يجب عند استئناف الحكم الصادر فى دعوى الشفعة، ليكون الاستئناف مقبولا شكلا، أن يعلن إلى كل من المشترى والبائع فى ميعاد الاستئناف الذى يفتحه أحدهما باعلان الحكم. فاذا كان الحكم قد أعلن من المشترى ولم يعلن الشفيع البائع مع المشترى فى الميعاد القانونى فلا يقبل استئنافه. ولا وجه للقول بأن ميعاد الاستئناف يظل مفتوحاً بالنسبة إلى البائع، لأنه حتى إذا كان البائع أعلن الشفيع بعد الإعلان الموجه إليه من المشترى فان ميعاد الاستئناف يبدأ من الإعلان الأول، إذ أنه فى الحالة التى يكون فيها موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة إذا أعلن الحكم كل ذوى الشأن الذين كسبوا الدعوى إلى المحكوم عليه، وكانت إعلاناتهم فى تواريخ مختلفة فان ميعاد الاستئناف يبدأ من أول إعلان. على أنه ما دام القانون قد حتم اختصام أفراد مخصوصين فى الدعوى فى الميعاد المعين لها، فانه يكون واجباً على الشفيع اختصامهم فى الميعاد المذكور وإلا كانت دعواه غير مقبولة. والحال كذلك فى الاستئناف. ولا يغض من ذلك ما تعرض له الحكم المطعون فيه فى شأن قاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات المرافعات، فانه وإن كانت آثار إعلان الأحكام من حيث قبول الاستئناف وعدم قبوله لا تكون إلا بالنسبة إلى المعلن والمعلن إليه من الخصوم فى الدعوى عند تعدد المحكوم لهم أو المحكوم عليهم على السواء، فيما عدا حالتى التضامن وعدم إمكان التجزئة، فالحال هنا تختلف، مادام القانون - كما سلف - يستوجب اختصام المشترى والبائع معاً فى دعوى الشفعة فى الميعاد المعين لها.
ومن حيث إن الدعوى رفعت أصلا على أنها دعوى شفعة، وفى أثناء نظرها طلب الشفيع احتياطياً أن يقضى له باستحقاقه لأن يأخذ الأرض المبيعة بناءً على المادة 462 من القانون المدنى، ثم لما قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى الشفيع على أى الاعتبارين، استأنف الشفيع وطلب فى صحيفة استئنافه الحكم له بطلباته الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى، وأضاف إليها (وبطريق الاسترداد)، ثم إنه فى مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف ضمن دفاعه بصدد قبول الاستئناف التحدث عن حق الاسترداد، إذ جاء فى هذه المذكرة "وعلى كل حال فالدعوى صحيحة أيضاً بالنسبة لطلب استعمال حق الاسترداد طبقاً لنص المادة 462 مدنى والذى تمسكنا به فى هذه الدعوى فى نفس الوقت الذى تمسكنا فيه بطلب الشفعة والدعوى مبنية على كلا الحقين". وإذن فإنه يتعين البحث فيما إذا كان الاستئناف مقبولا على اعتبار أن موضوع الدعوى هو طلب استرداد الحصة المبيعة.
ومن حيث إنه لما كان القانون لم يأت بقواعد خاصة لرفع الدعوى بطلب الاسترداد فإنه يكون من المتعين أن تطبق فى هذا الصدد القواعد العامة، إلا أنه من ناحية أخرى لما كان الاسترداد نوعاً من الشفعة، فإن كونه كذلك يستلزم أن يطبق على الدعوى به من القواعد الموضوعة لدعوى الشفعة ما تقتضيه هذه النوعية. أما ما جاء به قانون الشفعة من أحكام خاصة بدعوى الشفعة غير متصلة بهذه النوعية فلأنه على خلاف أحكام القانون العام لا يصح القياس عليه لا يطبق على دعوى الاسترداد. وإذ كان فى الاسترداد كما فى الشفعة يحل المسترد بالنسبة إلى البائع محل المشترى فى جميع ما كان له من الحقوق أو عليه من الواجبات، ويعتبر المبيع كأنه بيع مباشرة من البائع للمشترى، فإنه يكون من اللازم إدخال البائع فى دعوى الاسترداد، كما هو لازم فى دعوى الشفعة. أما الحكم الخاص بوجوب إعلان المشترى والبائع فى الميعاد المعين لاستئناف دعوى الشفعة فلا يسرى لأنه حكم استثنائى، بل الذى يسرى فى هذا الصدد هو حكم القانون العام. وإذن يكون ميعاد الاستئناف فى دعوى الاسترداد ستين يوماً لا خمسة عشر يوماً. ولما كان المشتريان فى النزاع المعروض قد أعلنا إلى الشفيع الحكم الابتدائى فى 4 من أكتوبر سنة 1943 فإن الإعلان الموجه من الشفيع إلى البائع فى 13 من ديسمبر سنة 1943 يكون - بناءً على قاعدة نسبية الآثار المترتبة على إجراءات المرافعات - قد حصل بعد الميعاد. ولكن لما كانت هذه القاعدة لا تسرى - كما تقدم - فى حالتى التضامن وعدم إمكان التجزئة، وكان موضوع دعوى الاسترداد لا يقبل التجزئة، فإن الاستئناف - ما دام قد أعلن إلى المشتريين فى الميعاد - يكون صحيحاً، ولو أنه أعلن إلى البائع بعد الميعاد.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الدفع على غير أساس بالنسبة إلى حق الاسترداد، ويتعين إحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيها فى موضوع هذا الحق.


[(1)] تطابقها المادة (943) من القانون الجديد، وتضيف وجوب قيد الدعوى بالجدول (فى الميعاد).
[(2)] لم يرد فى القانون الجديد مقابل للمادة 17 من قانون الشفعة، واكتفت المادة (943) بالنص على أن دعوى الشفعة يحكم فيها على وجه السرعة. وهذا النص يقتضى بذاته منع المعارضة فى الحكم الغيابى وتقصير ميعاد الاستئناف، وفق مشروع قانون المرافعات.
[(3)] جاء حكم المادة (833) من القانون الجديد مغايراً لحكم القانون السابق، فقد نصت هذه المادة على أن استرداد الحصة الشائعة يكون خلال ثلاثين يوما من تاريخ علم المسترد بالبيع، أو من تاريخ إعلانه به، وأن يتم الاسترداد باعلان يوجه إلى كل من البائع والمشترى. على أن هذا النص لم يعرض لتحديد موعد لرفع دعوى الاسترداد (عند المنازعة فيه) فبقى أمرها من هذه الناحية - كما كان – مختلفاً عنه فى دعوى الشفعة.
[(4)] أخذ الحكم المطعون فيه بالرأى القائل بأنه إذا كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة ورفع الاستئناف فى الميعاد على واحد من المحكوم لهم صح الاستئناف فى حق الباقين ولو لم يعلنوا به إلا بعد الميعاد، استثناء من القاعدة العامة وهى نسبية الآثار المترتبة على إجراءات المرافعات (انظر المرافعات للدكتور محمد حامد فهمى رقم 654 وجلاسون جـ 3 رقم 868).
وقد وافقت محكمة النقض على هذا الرأى وأخذت به فى دعوى استرداد الحصة المبيعة. ولكن الخلاف بين المحكمتين كان فى خصوص دعوى الشفعة، فقد رأت محكمة الاستئناف تصحيح الاستئناف المرفوع على المشترى فى الميعاد والمعلن بعده للبائع تطبيقاً للقاعدة الاستثنائية المتقدمة الذكر. أما محكمة النقض فلم تر العمل بالقاعدة - على صحتها - فى دعوى الشفعة بالنظر إلى ما أوجبه القانون فيها من اختصام المشترى والبائع معاً فى الميعاد المعين لها أمام محكمة الدرجة الأولى وأمام محكمة الدرجة الثانية.
وقد نبهت محكمة النقض إلى أن دعوى الاسترداد لا تختف عن دعوى الشفعة من ناحية أن البائع واجب اختصامه فيها - هى الأخرى - وإنما الفارق بين الدعويين هو وجوب رفع دعوى الشفعة - على الخصوم جميعاً - فى ميعاد معين واستئناف الحكم فيها - على جميع الخصوم كذلك - فى ميعاد معين، عملا بخصوص حكم المادة 17 مع المادة 15 من قانون الشفعة.
ولم تتغير الحال بصدور القانون المدنى الجديد فانه لم يجعل لدعوى استرداد الحصة الشائعة ميعاداً معيناً يجب اختصام جميع أصحاب الشأن فى أثنائه، ولكنه حدد ميعاداً لدعوى الشفعة.