أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1818

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وابراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

(263)
الطعن رقم 11 لسنة 34 القضائية

( أ ) وقف. "النظر عليه". "وكالة ناظر الوقف عن المستحقين". وكالة. دعوى. "شروط قبول الدعوى". "الصفة فى الدعوى".
وكالة ناظر الوقف عن المستحقين فيه. وقوفها عند حد المحافظة على حقهم فى الغلة والعناية بأعيان الوقف. عدم امتدادها إلى ما يمس حقوقهم فى الاستحقاق. صدور حكم بالاستحقاق فى الوقف ضد الناظر والحارس القانونى. مساسه باستحقاق مستحقين غير مختصمين بأشخاصهم. لا يعتبر حجة عليهم. جواز توجيه الدعوى بالاستحقاق فى الوقف إلى الناظر بصفته مستحقا هو الآخر. قبول الدعوى رغم عدم اختصام باقى المستحقين.
(ب) وقف. "النظر عليه". "مسئولية ناظر الوقف عن ريع الحصة المتنازع عليها". "الريع الواجب على ناظر الوقف".
المنازعة فى الاستحقاق فى الوقف. مسئولية ناظر الوقف - أو غيره من المستحقين - عن ريع الحصة المتنازع عليها لا تكون إلا من وقت أن يصبح سىء النية. اعتباره كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه بالاستحقاق.
1 - وإن كانت وكالة ناظر الوقف على المستحقين فيه وفقا لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أصبحت تقف عند حد المحافظة على حقهم فى الغلة والعناية بأعيانه ولا تمتد إلى ما يمس حقوقهم فى الاستحقاق، وكان الحكم الذى يصدر بالاستحقاق فى الوقف ضد الناظر والحارس القانونى عليه ماسا باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم فى الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم [(1)] إلا أن ذلك لا يمنع من توجيه الدعوى بالاستحقاق فى الوقف إليه بصفته مستحقا هو الآخر ولا يمنع من قبولها عدم اختصام باقى المستحقين طالما أن الحكم الذى يصدر فيها لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم. وإذ كان الثابت فى الدعوى أن المطعون عليها اختصمت الطاعنين بصفتهما حارسين قانونيين ومستحقين فى الوقف وهى تتجه إليهما بهذه الصفة الأخيرة، وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذى "كامل صفة" ولعدم إختصام باقى المستحقين، فانه يكون صحيحا فيما انتهى إليه من رفض الدفع.
2 - متى كان الاستحقاق فى الوقف متنازعا فيه فإن مسئولية ناظر الوقف - أو غيره من المستحقين - عن ريع الحصة المتنازع عليها لا تكون إلا من وقت أن يصبح سىء النية وهو يعتبر كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه بالاستحقاق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون عليها بالريع من تاريخ العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن اعتدال محمد فهيم الساعى أقامت الدعوى رقم 182 سنة 1956 الاسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية ضد اسماعيل حلمى البارودى وخميس محمد القبانى بصفتهما حارسين على وقف المرحوم الحاج محمد ساعى باشى بن عمر المغربى الشهير بالمراكشى تطلب الحكم باستحقاقها لحصة فى هذا الوقف، وقالت شرحا لدعواها أنه بموجب الاشهاد المحرر فى سنة 1132 هجرية وقف المرحوم الحاج محمد ساعى باشى بن المرحوم الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى الأعيان المبينة به وأنشأ وقفه هذا على نفسه مدة حياته ثم من بعده - وفيما عدا الدار الصغرى - يكون وقفا على أولاده ذكورا وإناثا بالفريضة الشرعية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ومن بعدهم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم على النص والترتيب المشروحين بكتاب الوقف وقد توفى الواقف سنة 1747 ميلادية عن أولاده محمد الساعى وابراهيم ومصطفى وكله ثم توفى محمد الساعى سنة 1805 عن ابنه على محمد الساعى ثم توفى على محمد الساعى سنة 1863 عن ابنه سيد أحمد ثم توفى سيد أحمد سنة 1912 عن أولاده على وسيد أحمد وحفيظه وفاطمه ثم توفى على بن سيد أحمد سنة 1912 عن أولاده محمد فهيم وأنيسه وشفيقه وزليخه وزهره وفتحية وحفيظه وحسنية وهانم، وإذ توفى محمد فهيم فى 29/ 5/ 1926 عن ولديه حلمى واعتدال - المدعية - ثم توفى حلمى سنة 1928 عقيما عن أخته المدعية واستحقت بذلك نصيب والدها محمد فهيم وقدره 2/ 7 من أعيان الوقف فقد طلبت الحكم لها به مع ريعه من تاريخ الوفاة والمصاريف والأتعاب. وأثناء نظرها وجهت المدعية دعواها إلى المدعى عليهما بصفتهما مستحقين فى الوقف علاوة على صفتهما كحارسين وإلى باقى المستحقين وإلى وزارة الأوقاف. ودفع المدعى عليهما بعدم سماع الدعوى لمضى المدة المانعة من سماعها وفقا للمادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وفى الموضوع انكرا على المدعية استحقاقها وطلبا رفض الدعوى. وفى 14/ 1/ 1959 حكمت المحكمة حضوريا بعدم سماع دعوى المدعية وألزمتها بمصاريفها وبمبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المدعية هذا الحكم طالبة الغاءه وفى 18/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بالغاء الحكم المستأنف وبسماع الدعوى واعادتها إلى محكمة الاسكندرية الإبتدائية للفصل فى موضوعها. وبعد تسجيلها وفى 30/ 12/ 1961 حكمت المحكمة باحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الاثبات بما فيها البينة أن المرحوم الحاج محمد ساعى ابن الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى توفى فى سنة 1747 وانحصر ميراثه الشرعى فى أولاده محمد الساعى وابراهيم ومصطفى وكله فقط ثم وفاة محمد الساعى بن محمد بن عمر المغربى الشهير بالمراكشى فى سنة 1805 وانحصر ميراثه الشرعى فى ابنه على محمد الساعى فقط ثم وفاة على محمد الساعى بن محمد ساعى بن عمر المغربى الشهير بالمراكشى فى سنة 1862 وانحصار ارثه الشرعى فى ابنه سيد أحمد فقط ثم وفاة سيد أحمد على محمد الساعى ابن محمد ساعى بن عمر المغربى الشهير بالمراكشى فى سنة 1912 وانحصار ارثه الشرعى فى زوجته شراره جارجى أبو النوارج وفى أولاده على وسيد أحمد وحفيظه وفاطمه فقط ثم وفاة على بن أحمد بن على محمد ساعى المراكشى فى 8 نوفمبر سنة 1912 وانحصار ارثه الشرعى فى زوجته سيدة محمد حسنين وفى والدته شراره جارجى أبو النوارج وفى أولاده محمد فهيم وأنيسه وشفيقه وبديعه وزليخه وزهرة وفتحية وحفيظه وحسيبه وهانم فقط ثم وفاة محمد فهيم على سيد أحمد الساعى ابن على بن محمد محمد ساعى بن عمر المغربى الشهير بالمراكشى فى 29/ 5/ 1926 وانحصار إرثه الشرعى فى زوجته هانم عبد الرحمن غراب وفى ولديه منها اعتدال (المدعية) وحلمى فقط ثم وفاة حلمى محمد فهيم بن على بن سيد أحمد الساعى المذكور فى سنة 1928 وانحصار ارثه الشرعى فى والدته هانم عبد الرحمن غراب وفى أخته الشقيقة اعتدال محمد فهيم على سيد أحمد الساعى (المدعية) فقط من غير شريك ولا وارث لكل منهم سوى من ذكر ولينفى المدعى عليهما ذلك بذات الطرق" وبعد سماع أقوال الشهود عادت وبتاريخ 30 يونيه سنة 1963 فحكمت حضوريا على المدعى عليهما بصفتهما حارسين ومستحقين فى وقف المرحوم محمد ساعى باشى ابن المرحوم الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى باستحقاق المدعية اعتدال محمد فهيم الساعى فى وقف المرحوم محمد ساعى باشى ابن المرحوم الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى لنصيب قدره تسعة أسهم وخمسة وسبعين جزء وسبعة وسبعين جزء من سهم من قيراط من أربعة وعشرين قيراطا ينقسم إليها الوقف المذكور جميعه وأمر المدعى عليهما اسماعيل حلمى وخميس محمد المذكورين بصفتهما حارسين على الوقف المذكور بتسليم المدعية ريع هذا النصيب من 17 يونيه سنة 1946 وإلزام المدعى عليهما المذكورين والخصم الثالث المذكور بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين الغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 6 سنة 1963 - استحقاق - وبتاريخ 20/ 1/ 1964 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والزمت المستأنفين بالمصاريف وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليها الأولى. وطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعا وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعنين تمسكا فى دفاعهما بوجوب اختصام جميع المستحقين ودفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى كامل صفة وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع استنادا إلى أن الطاعنين يضعان اليد على أعيان الوقف ولا حاجة لاختصام باقى المستحقين، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات وقد نص فى المادة الخامسة منه على أنه إلى أن يتم تسليم أعيان الوقف "تبقى تحت يد الناظر لحفظهما وإدارتها تكون له صفة الحارس" ومقتضاها أنه أسقط عن ناظر الوقف اختصاصاته وجعله حارسا تقتصر مهمته على إدارة أعيان الوقف والمحافظة عليها، وهو ما ينبنى عليه أن لا تكون له صفة فى النيابة عن المستحقين فى دعاوى الملكية والاستحقاق وتوجيه الدعوى إلى الطاعنين بصفتهما مستحقين فى الوقف فضلا عن صفتهما كحارسين لا يغنى عن اختصام باقى المستحقين.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه وإن كانت وكالة ناظر الوقف عن المستحقين فيه وفقا لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952 بإنهاء الوقف على غير الخيرات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أصبحت تقف عند حد المحافظة على حقهم فى الغلة والعناية بأعيانه ولا تمتد إلى ما يمس حقوقهم فى الاستحقاق، وكان الحكم الذى يصدر بالاستحقاق فى الوقف ضد الناظر والحارس القانونى عليه ماسا باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم فى الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم، إلا أن ذلك لا يمنع من توجيه الدعوى بالاستحقاق فى الوقف إليه بصفته مستحقا هو الآخر ولا يمنع من قبولها عدم اختصام باقى المستحقين طالما أن الحكم الذى يصدر فيها لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم - وإذ كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أن المطعون عليها اختصمت الطاعنين بصفتهما حارسين قانونيين ومستحقين فى الوقف وهى تتجه إليهما بهذه الصفة الأخيرة، وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبولها لرفعها على غير ذى "كامل صفة" ولعدم اختصام باقى المستحقين فإنه يكون صحيحا فيما انتهى إليه من رفض هذا الدفع.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الطاعنين تمسكا فى دفاعهما أمام محكمة أول درجة بأن الواقف هو "الحاج محمد عمر المغربى الشهير بالمراكشى" وليس "محمد الساعى" الذى تدعى المطعون عليها الانتساب إليه واحتكما فى ذلك إلى كتاب الوقف وإلى أن عبارة "ساعى باشى" الواردة فيه ضمن عبارة "محمد ساعى باشى بالثغر سابقا بن المرحوم الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى" إنما قصد بها التعريف بوظيفته وليست لقب شهرة له، وعبارة "بالثغر سابقا" هى للتعبير عن المكان والزمان الذين تولى فيهما الواقف رئاسة البريد، واستدلا على ذلك بالتوكيلين الصادرين من بعض المستحقين فى جمهورية تونس والمصدق عليها من وزارة الخارجية المصرية وقد ذكر فيها إسم الوقف الصحيح دون وظيفته وهى "ساعى باش بالثغر سابقا" والمستخرجات الرسمية من دفاتر مواليد "سيد "أحمد الساعى" و"على سيد أحمد الساعى" و"فهيم الساعى" وحجة وقف بنى سويف المقدمة من المطعون عليها ولم يرد فيها عبارة المغربى "أو" "المراكشى" وبالبرقية التى أرسلتها فى 27/ 4/ 1955 إلى حراس وقف الراكشى بالاسكندرية، كما استدلا لذلك بأن الوقف الذى تدعى الاستحقاق فيه لم يعرف منذ إنشائه إلا بوقف الراكشى وذلك على ما يستفاد من خطاب رئيس محكمة الاسكندرية الشرعية وخطابات مصلحة المساحة إلى ناظرى الوقف ومن دفاتر الوقف وسراكى المستحقين، وردت المحكمة بأن "ساعى باش جزء من إسم الواقف وليست إسما لوظيفته" وأن "المدعى عليهما اعترفا فى الدعوى رقم 4 سنة 1958 كلى أحوال شخصية الجيزة الإبتدائية بأن "ساعى" جزء من إسمه وأحال الحكم المطعون فيه إلى الحكم الإبتدائى فى أسبابه، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للمادة 150 من القانون المدنى وهى تنص على أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين ولا يعترض على ذلك بأن لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود والمحررات لأن ذلك مشروط بعدم الخروج عن عبارتها ما دامت هذه العبارة ظاهرة، كما لا يعترض على ذلك بأن الطاعنين اعترفا فى الدعوى رقم 4 سنة 1958 بأن "ساعى" جزء من إسم الواقف إذ هو خطأ مادى محض وقع فيه محاميهما وهو يحرر صحيفة الدعوى والعبرة باسم الواقف الوارد فى كتاب الوقف، واعتبار هذا الخطأ المادى الذى يقع فيه محام غريب عن العائلة نتيجة السرعة وعدم استيفاء الدراسة هو استخلاص لنتيجة من مقدمة لا تؤدى إليها، وفى ذلك ما يجعل الحكم باطلا للقصور فى أسبابه فضلا عن مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إليه فى أسبابه يبين أنه عرض لدفاع الطاعنين فى هذا الخصوص وتعقبه ورد عليه بأنه "ساعى باشى جزء من اسم الواقف وليس اسما لوظيفته لأنه ليس فيه ما يدل على أنه اسم الوظيفة ولم يقدم المدعى عليهما ما يثبت ذلك" وأن "ساعى جزء من اسم الواقف وهو لقب المدعية التى تدعى الانتساب به للواقف ولا تناقض بين الاسمين لأن الراكشى مأخوذ من المراكشى والساعى مأخوذ من اسم الواقف لأنها جزء من اسمه كما ذكر" وأن "المدعى عليهما اعترفا فى الدعوى رقم 4 سنة 1958 كلى أحوال شخصية الجيزة الابتدائية بأن ساعى جزء من اسمه فقد جاء فى عريضة الدعوى على لسانهما الآتى (وبما أنه ثابت من الأوراق الرسمية أن على محمد الساعى بن محمد ساعى بن عمر المغربى توفى عقيما ولم يعقب ذرية لأنه لم يتزوج وتوفى دون أولاد) وهى تقريرات موضوعية سائغة لم ينحرف بها الحكم عن دلالة عبارة إشهاد الوقف وتدخل بذلك فى سلطته بغير معقب وفيها ما يكفى للرد على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الابتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إليه فى أسبابه قضى باستحقاق المطعون عليهما لنصيبها الأصلى والآيل استنادا إلى أن الدفع من الطاعنين بعدم سماع الدعوى لمضى المدة القانونية يعد اعترافا منهما باستحقاقها فى الوقف، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن الدفع بعدم السماع لا يعتبر إقرارا بالاستحقاق وقد تمسكا به على افتراض أن على المراكشى لم يمت عقيما بل ترك ولدا يدعى سيد أحمد كما تمسكا فى كافة مراحل الدعوى بانكار انتساب المدعية إلى الواقف وبعدم استحقاقها هى ومورثيها فى الوقف.
وحيث أن هذا السبب مردود ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائى يبين أن ورد فى أسبابه أن "وكيل المدعى عليهما بجلسة 3/ 3/ 1958 قال أننى أدفع بعدم سماع الدعوى لمضى المدة الطويلة أكثر من 30 سنة وقال إن المدعية تتلقى حقها من الواقف وقد سقط حق مورثها فى تلقى الاستحقاق ولائحة المحاكم الشرعية والمادة 379 من القانون المدنى أيضا تؤيد ذلك - فقول وكيل المدعى عليهما ذلك فيه اعتراف منهما بأن المدعية مستحقة فى هذا الوقف إلا أن هذا الحق قد سقط لأن حق مورثها قد سقط بمضى المدة الطويلة أكثر من 30 سنة"، وما أورده الحكم من ذلك تزيد لم يكن له أثر ظاهرى فى قضائه.
وحيث إن حاصل السبب الرابع ان الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ عول فى قضائه بالاستحقاق على إشهادين شرعيين استصدرتهما المطعون عليها سنة 1955 مستندا فى ذلك إلى المادة 361 من القانون رقم 78 لسنة 1931 بشأن تحقيق الوفاة والوراثة، مع ثبوت اصطناعهما وتزوريهما، وفى حين أن هذين الإشهادين باطلان لعدم إعلان باقى الورثة وعلى الأقل لا يعتبران حجة على الطاعنين عملا بما هو مقرر من أن إعلام الوفاة والوراثة لا يكون حجة إلا على المتصادقين وهم الذين أعلنوا بالحضور أمام المحكمة ولم يجيبوا بشىء أصلا على ما تضمنه الطلب.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى حكم المحكمة الابتدائية الذى أحال الحكم المطعون فيه إليه فى أسبابه يبين أنه عرض لدفاع الطاعنين فى هذا الخصوص ورد عليه "بأن المادة 261 من القانون رقم 78 لسنة 1931 نصت على أنه يكون تحقيق الوفاة والوراثة حجة فى خصوص الوفاة والوراثة ما لم يصدر حكم شرعى بإخراج بعض الورثة أو إدخال آخرين. ولم يصدر حكم بإدخال أو إخراج أحد من الورثة فى الإشهاد رقم 480 سنة 1955 وراثات الجيزة وكذلك الإشهاد رقم 540 سنة 1955 وراثات الجيزة" وأن المدعى عليهما "قد رفعا الدعوى رقم 4 سنة 1958 بإبطال الإشهادين المذكورين أمام محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية وحكمت المحكمة فى 24/ 11/ 1958 بعدم قبول هذه الدعوى لرفعها من غير ذى صفة وفضلا عن ذلك فإن المدعية أثبتت الوفاة والوراثة بالشهود الذين شهدوا على الوجه المبين بوفاة الواقف ومن توفى بعده حتى المدعية" وهى تقريرات موضوعية سائغة ولا مخالفة فيها للقانون.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم الابتدائى قضى بالنسب والاستحقاق استنادا إلى شهادات إدارية صادرة من مشايخ الحارات وشهادة شهود رددوا ما ورد بهذه الشهادات، فى حين أن الطاعنين أوردا فى مذكرتهما أمام محكمة أول درجة بيانات تفصيلية مؤيدة بالأوراق الرسمية تؤكد أن البيانات الواردة فى الشهادات الإدارية مخالفة للحقيقة ولم تعن المحكمة بمناقشة هذه البيانات والرد على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص وفى حين أن شهود المطعون عليهما من محترفى الشهادة أمام المحاكم وقد شهدوا عن وقائع مضى عليها أكثر من قرنين من الزمان وقد جاءت شهادتهم مطابقة للشهادات الإدارية ومخالفة لما ورد فى إشهادى الوفاة والوراثة رقمى 480 و540 وراثات الجيزة واختلفوا فى وصل نسب عائلة الساعى بالعقيم على المراكشى، ولم ترد المحكمة على هذه الطعون الجوهرية ووقفت عند حد القول بأن الشهادة مقبولة من الناحية الشرعية وهو قصور ولا يصلح ردا على تلك المطاعن، وإذ أحال الحكم المطعون فيه إلى الحكم الابتدائى فى أسبابه فإنه يكون مشوبا بمخالفة القانون والبطلان.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة والموازنة بينهما وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن الحكم المطعون فيه قضى بالنسب والاستحقاق ولم يعول على شجرة الوقف ودفاتر نظاره بحجة أن الذين قاموا بتحريرها هم خصوم المطعون عليها، مع أن المحكمة الشرعية كلفت ناظرى الوقف بعمل شجرة يوقع عليها من المستحقين أو أغلبهم لبيان أنسابهم وأسمائهم وتسجيلها بالمحكمة وكلف الناظران أحد المختصين من الفقهاء بتحريرها وحررها من واقع دفاتر الوقف واكتسبت تاريخا ثابتا سنة 1911 بوفاة محمد المراكشى أحد الموقعين عليها والثابت من الشجرة أن المرحوم على المراكشى الذى تدعى المطعون عليها أنها من ذريته مات عقيما، وليس فى دفاتر الوقف - وهى سابقة على رفع الدعوى - أى ذكر لوالد المطعون عليها أو جدها المباشر أو الأعلى من بين المستحقين والقول بأن محررى الشجرة هم خصوم المطعون عليها مردود بأن الشجرة حررت طبقا لدفاتر الوقف وبتكليف من المحكمة الشرعية لا بهوى النظار ويرجع تحريرها إلى ستين سنة سابقة على رفع الدعوى وبينما لم تكن ثمة خصومة بين المطعون عليها والطاعنين أو غيرهم من المستحقين، وهذا من الحكم مخالفة للثابت فى الأوراق تعيبه وتبطله فضلا عن أنه لم يتحدث عن دفاتر الوقف وأهدر دلالتها رغم أهميتها.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائى الذى أحال الحكم المطعون فيه إليه فى أسبابه يبين أنه استظهر دفاع الطاعنين بشأن الشجرة ورد عليه بأن "المدعى عليهما اعترفا بأن الشجرة صادرة فى 1916 وذكرا أن محمد المراكشى، موقع عليها مع أنه توفى سنة 1911 باعترافهما فضلا عن أن الذين قاموا بتحريرها هم خصوم المدعية فتركهم للمدعية وسلالتها حتى الواقف لا يحتج به على المدعية" وما يجرى على الشجرة يجرى على الدفاتر كما استظهر ما ذهبا إليه من أن على المراكشى مات عقيما وخلص إلى أن المطعون عليها "وأثبتت بالإشهاد الشرعى رقم 480 سنة 1955 وراثات الجيزة المذكور وبالبينة الشرعية أنه قد أنجب ولدا أسمه سيد أحمد" وانتهى إلى الحكم للمطعون عليها بنصيبها الأصلى والآيل بقوله "أما بالنسبة للنصيب الأصلى فقد ثبت أن المدعية هى بنت محمد فهيم وأن محمد فهيم هو بن على وأن على هو بن سيد أحمد وأن سيد أحمد هو بن على وأن على هو بن محمد وأن محمد هو ابن الواقف المرحوم الحاج محمد ساعى باشى بن الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى" و"بالنسبة للنصيب الآيل عن أخيها حلمى فقد ثبت أن أخ المدعية حلمى توفى عقيما فى سنة 1958 بدون عقب ولا ذرية فيؤول نصيبه لأخته الشقيقة اعتدال المدعية" وأن استحقاقها هذا "ثابت بكتاب الوقف الصادر فى سنة 1132 هـ من الواقف المرحوم الحاج محمد ساعى باشى بالثغر سابقا ابن الحاج عمر المغربى الشهير بالمراكشى وباقى الأوراق الرسمية وبالبينة الشرعية." وهى تقريرات موضوعية سائغة تكفى لحمله ومما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن الحكم الابتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليها بريع الحصة المدعى بها من 17/ 6/ 1946 رغم تمسك الطاعنين بأنها لا تتصل بالوقف ولا تستحق فيه، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ بفرض استحقاقها فهى لا تستحق الريع إلا من تاريخ الحكم أو منذ خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى.
وحيث إن هذا السبب فى محله ذلك أنه متى كان الاستحقاق فى الوقف متنازعا فيه فإن مسئولية ناظر الوقف - أو غيره من المستحقين - عن ريع الحصة المتنازع عليها لا تكون إلا من وقت أن يصبح سىء النية وهو يعتبر كذلك من تاريخ رفع الدعوى عليه بالاستحقاق. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى للمطعون عليها بالريع من 17 يونيه سنة 1946 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثامن أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليها بنصيبها على اعتبار عدم نقض القسمة وهو مخالفة لشروط الواقف وللفتوى المؤرخة 18 صفر سنة 1325 والمودعة ملف الدعوى.
وحيث إن هذا السبب فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه فى هذا الخصوص على أن الترتيب الوارد فى كتاب الوقف هو ترتيب أفرادى يدل عليه أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه "ثم من بعده - خلا الدار الصغرى - على أولاده ذكورا وإناثا بالفريضة الشرعية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ثم من بعدهم على أولادهم ثم من بعدهم على أولاد أولادهم كذلك ثم على أولاد أولاد أولادهم كذلك ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها لا من غيرها على أن من مات من الموقوف عليهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه إليه..." وما جرى عليه الحكم من ذلك لا مخالفة فيه لأحكام القانون.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم يتعين الحكم فى موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من أمر المدعى عليهما اسماعيل حلمى البارودى وخميس محمد بصفتهما حارسين على الوقف بتسليم المدعية ريع هذا النصيب من 17 يونيه سنة 1947 وجعله من تاريخ رفع الدعوى فى 18 ديسمبر سنة 1955.


[(1)] نقض 17/ 12/ 1964. الطعن رقم 493 لسنة 29 ق. السنة 15 ص 1161 ونقض 15/ 4/ 1964 الطعن رقم 18 لسنة 31 ق. السنة 15 ص 550. ونقض 5/ 3/ 1959. الطعن رقم 30 لسنة 27 ق. السنة 10 ص 214.