أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1841

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد ومحمد أبو حمزه مندور.

(265)
الطعن رقم 261 لسنة 32 القضائية

إثبات. "تقدير الدليل". "تساند الأدلة". نقض.
إقامة الحكم قضاءه على دليلين مجتمعين هما شهادة الشهود وورقة عرفية. عدم تبيان أثر كل دليل على حدة فى تكوين عقيدة المحكمة. تعيب الدليل المستمد من الورقة. وجوب نقض الحكم.
متى كان الحكم الإبتدائى والحكم المطعون فيه الذى أيده قد أقاما قضاءهما بالملكية للمطعون ضده على دليلين مجتمعين هما شهادة الشهود وورقة عرفية وكان لا يبين منهما أثر كل واحد من هذين الدليلين على حدة فى تكوين عقيدة المحكمة فإنه إذا ثبت أن الدليل المستمد من الورقة معيب فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه إذ لا يعلم ماذا كان قضاؤه يكون بعد إسقاط هذا الدليل من التقدير.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 143 سنة 1950 مدنى كلى قنا على الطاعنين طالبا الحكم بثبوت ملكيته إلى أطيان زراعية مساحتها 2 ف و17 ط موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وقال شرحا لها أنه يملك 4 ف و5 ط بمقتضى حكم مرسى مزاد صادر من محكمة مصر المختلطة فى 13 ديسمبر سنة 1941 ضد متوشلح بنيامين ونس وقد نفذ هذا الحكم وتسلم تلك الأطيان بمقتضى محضر تسليم تاريخه 17 فبراير سنة 1942 وأن مساك وسدراك صليب مورثى الطاعنين نازعاه فى ملكية 1 ف و18 ط منها فرفع بشأن هذه القدر دعوى الملكية رقم 674 سنة 1943 نجع حمادى التى يفصل فيها بعد - كما نازعاه بعد ذلك فى ملكية 2 ف و17 ط فرفع الدعوى الحالية بطلباته سالفة الذكر - وطلب الطاعنون رفض الدعوى تأسيسا على أن الأطيان موضوع حكم مرسى المزاد المشار إليه لم تكن ملكا للمدين المنزوعة ملكيته متوشلح بنيامين وإنما هى مملوكة لمورثيهم مساك وسدراك صليب، وفى 19 فبراير سنة 1953 - قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى (المطعون ضده الأول) بشهادة الشهود أن المدين متوشلح بنيامين وضع يده على هذه الأرض المدة الطويلة المكسبة للملكية قبل صدور حكم مرسى المزاد وللمدعى عليهم (الطاعنين) النفى وإثبات أنهم ومورثيهم من قبلهم هم الذين كانوا يضعون اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بجلسة 18 ديسمبر سنة 1958 بتثبيت ملكية المطعون ضده للأطيان موضوع النزاع وتسليمها له. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافهم برقم 46 سنة 36 ق وفى 18 أبريل سنة 1962 قضت محكمة استئناف أسيوط برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وفى 19 مايو سنة 1962 طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب ذلك أنه استند فى قضائه للمطعون ضده بالملكية على الورقة المؤرخة 10 ديسمبر سنة 1941 والمقدمة من الأستاذ وصفى فلبس المحامى فى الدعوى رقم 674 سنة 1943 نجع حمادى التى كانت مضمومة وذلك على اعتبار أن هذه الورقة تتضمن إقرارا غير قضائى من مورثى الطاعنين بملكية المدين المنزوعة ملكيته متوشلح بنيامين وقال الحكم أن لهذا الإقرار حجيته من حيث صدوره من المقرين وهما مورثا الطاعنين وأن الطاعنين لم يطعنوا عليه بأى وجه من حيث صحته ومن حيث أثره القانونى هذا فى حين أنهم قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن هذه الورقة لا تتضمن أكثر من تعهد من مورثيهم بعدم منازعة المطعون ضده فى الأطيان محل النزاع فى حالة رسو مزادها عليه وأن هذا التعهد كان جزءا من مشروع صلح فرضت فيه التزامات على الطرفين وكانت التزامات المطعون ضده تفوق قيمة الأطيان وأن هذا المشروع لم يتم لأنه عمل فى غيبة المطعون ضده ولم يوافق عليه ورفض التوقيع على الأوراق المنصوص فيها على التزاماته وإنه لذلك وبحكم القانون يعتبر هذا التعهد من مورثيهم كأن لم يكن وإذ عول الحكم المطعون فيه على هذا التعهد ووصفه بأنه إقرار غير قضائى له حجيته على الطاعنين فانه يكون مخالفا للقانون كما شابه القصور لعدم رده على دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص ولإسناده إليهم على خلاف الواقع أنهم لم يطعنوا على هذا الاقرار من حيث صحته وأثره القانونى.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتمد فى قضائه بالملكية للمطعون ضده على أقوال شهوده وعلى الورقة المؤرخة 10 ديسمبر سنة 1941 التى وصفها بأنها تتضمن إقرارا غير قضائى له حجيته من حيث صدوره من المقرين (مورثى الطاعنين) وقال الحكم أن الطاعنين لم يطعنوا على هذا الإقرار بأى وجه من حيث صحته فى ذاته ومن حيث أثره القانونى. ولما كان الثابت أن الطاعنين قد عابوا، فى صحيفة إستئنافهم وفى المذكورة المقدمة منهم لمحكمة الإستئناف، على الحكم المستأنف تعويله على هذه الورقة وقالوا أنه ثابت من المذكرة التى قدمها الأستاذ وصفى فلبس عند إيداعه هذه الورقة فى الدعوى 674 سنة 1943 نجح حمادى ومما قرره المطعون ضده عند مناقشته أمام محكمة الدرجة الأولى، أن ما تضمنته ورقة 10 ديسمبر سنة 1941 لا يعتبر اقرارا من مورثى الطاعنين بملكية المدين المنزوعة ملكيته للأطيان محل النزاع وإنما هو مجرد تعهد من المورثين المذكورين بعدم منازعة المطعون ضده فى الأطيان فى حالة رسو مزادها عليه وأن هذا التعهد كان جزءا من مشروع صلح وقد وافق عليه المورثان مقابل التزام المطعون ضده بالتزامات تفوق قيمة تلك الأطيان وأن هذا المشروع لم يتم لعدم موافقة المطعون ضده عليه ورفضه التوقيع على الأوراق الأخرى المنصوص فيها على التزاماته ورتب الطاعنون على عدم اتمام هذا الصلح أن تعهد مورثيهم بعدم المنازعة يعتبر كأن لم يكن ولا يجوز لذلك التعويل عليه فى اثبات ملكية المطعون ضده للأطيان محل النزاع - ولما كان مؤدى هذا الدفاع الذى تمسك به الطاعنون أمام محكمة الاستئناف أنهم نازعوا فى اعتبار ما تضمنته ورقة 10 ديسمبر سنة 1941 إقرارا من مورثيهم وتمسكوا بانعدام أثر التعهد الوارد بهذه الورقة على أساس أنه يعتبر كأن لم يكن لعدم اتمام الصلح، فإن الحكم المطعون فيه إذ أسند إلى الطاعنين أنهم لم يطعنوا على الاقرار الذى تضمنته تلك الورقة من حيث أثره القانونى يكون مخطئا فى الاسناد كما أنه إذ لم يرد على دفاعهم آنف الذكر مع ماله من أثر جوهرى فى الدعوى يكون مشوبا بالقصور. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الإبتدائى والحكم المطعون فيه الذى أيده أنهما أقاما قضاءهما بالملكية للمطعون ضده على دليلين مجتمعين هما شهادة الشهود والورقة المؤرخة 10 ديسمبر سنة 1941 ولا يبين منهما أثر كل واحد من هذين الدليلين على حدة فى تكوين عقيدة المحكمة فإنه وقد ثبت أن الدليل المستمد من الورقة المؤرخة 10 ديسمبر سنة 1941 معيب لما سلف بيانه فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه إذ لا يعلم ماذا كان قضاؤه يكون بعد اسقاط هذا الدليل من التقدير.