مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1351

(182)
جلسة 15 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني ودكتور محمود جودت الملط ومحمود عبد المنعم موافي وثروت عبد الله المستشارين.

الطعن رقم 928 لسنة 27 القضائية

( أ ) دعوى - تقادم الدعوى - أنواع التقادم.
المواد من 374 إلى 388 من القانون المدني.
قرر المشرع قاعدة عامة مؤداها أن الالتزام يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد فيها نص خاص في القانون - حكمه تقرير هذا التقادم هي ضرورة استقرار الحق بعد مضي مدة من الزمن - التقادم سبب قائم بذاته لانقضاء الدين بغض النظر عما إذا كان المدين قد وفاه - أورد المشرع عدة استثناءات من القاعدة السابقة لأنواع من الحقوق تتقادم بمدد أقصر وهي: -
أولاً: الحقوق الدورية المتجددة وتتقادم بخمس سنوات مثال ذلك:-
أجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر والفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات - يقصد "بلفظ الدورية" في مفهوم المادة (375) من القانون المدني، أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد دورية كل شهر أو ثلاثة أشهر أو سنة أو أقل أو أكثر - يقصد بلفظ "التجديد" في مفهوم تلك المادة: أن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع.
ثانياً: التعويض عن العمل غير المشروع يسري في شأنه التقادم الثلاثي - أساس ذلك: نص المادة (172) من القانون المدني - يجب تفسير النصوص الخاصة بالاستثناءات الواردة على قاعدة التقادم طويل المدة تفسيراً ضيقاً بحيث لا تسري إلا على الحالات التي تضمنتها تلك الاستثناءات - ما يخرج عن هذه الحالات يرجع في شأنه إلى القاعدة العامة - تطبيق.
(ب) مسئولية إدارية - مسئولية الإدارة عن قراراتها المخالفة للقانون - عدم خضوع هذه المسئولية للتقادم الثلاثي.
مسئولية الإدارة في التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون لا يسري بشأنها التقادم الثلاثي - أساس ذلك: - أن التقادم الثلاثي ينصرف إلى التعويض عن العمل غير المشروع بينما القرارات الإدارية تعد من قبيل التصرفات القانونية وليست أفعالاً مادية - تطبيق.
(جـ) مسئولية إدارية - مسئولية الإدارة عن قراراتها - عدم خضوعها للتقادم الخمسي.
مسئولية الإدارة في التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون لا ينطبق بشأنها التقادم الخمسي الذي يتعلق بالحقوق الدورية المتجددة - أساس ذلك: - أن التعويض في هذه الحالة ليس مرتباً بل هو التزام بمبلغ تقدره المحكمة جزافاً ولا تلحق به صفتاً الدورية والتجديد ويراعي عند تقديره عناصر أخرى غير المرتب كالأضرار الأدبية والمعنوية - مؤدى ذلك: - خضوع التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون للأصل العام وهو التقادم الطويل ومدته خمس عشرة سنة - تطبيق [(1)].
مسئولية إدارية - مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها المخالفة للقانون.
مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها وهو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع وشابه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة وأن يلحق صلب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر بأن يترتب الضرر على القرار غير المشروع - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 11 من مايو سنة 1981، أودع الأستاذ محمد أبو الوفا محمد المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ .......، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 928 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات بجلسة 12 من مارس سنة 1981 في الطعن رقم 15 لسنة 15 القضائية، القاضي برفض الطعن.
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم له بتعويض قدره 3000 "ثلاثة آلاف" جنيه عن الأضرار التي أصابته نتيجة فصله من الخدمة مع إلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب.
وأعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 12/ 1985 وبجلسة 22/ 1/ 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 15/ 2/ 1986، وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي النقل والمواصلات في 4 من ديسمبر سنة 1974 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 54 لسنة 22 القضائية ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية طالباً الحكم بأحقيته في تعويض قدره ثلاثة آلاف جنيه عن الأضرار التي أصابته نتيجة فصله من الخدمة بالقرار رقم 31 الصادر في 30/ 1/ 1961 وهو القرار الذي ألغته المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بتاريخ 27 من إبريل سنة 1968 في الطعن رقم 359 لسنة 9 القضائية.
وبتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1980 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات حيث قيدت بجدولها برقم 15 لسنة 15 القضائية.
وبتاريخ 12 من مارس سنة 1981 أصدرت المحكمة التأديبية للنقل والمواصلات حكمها برفض الطعن.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن التعويض عن الإخلال بالالتزام هو من طبيعة الحق الناشئ عن هذا الالتزام، لأنه هو المقابل له فتسري بالنسبة للتعويض مدة التقادم التي تسري بالنسبة للحق الأصلي فإذا كان التعويض مطلوباً مقابل حرمان الموظف من مرتبه بسبب فصله بدون وجه حق سقطت دعوى التعويض بمضي مدة التقادم المسقطة للراتب وهي خمس سنوات طبقاً للمادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات التي تنص على أن "الماهيات التي لم يطالب بها في مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة".
وهذا النص يعتبر قاعدة قانونية واجبة التطبيق في علاقة الحكومة بموظفيها وهي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ومن بينها تلك اللائحة وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يدفع بها.
وأضافت المحكمة أن الثابت أن قرار فصل الطاعن الذي يطلب التعويض عنه لحرمانه من مرتبه خلال مدة فصل قد ألغي بمقتضى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 359 لسنة 9 القضائية بتاريخ 27/ 4/ 1968 ومن ثم فإنه كان يتعين على الطاعن إقامة طعنه بطلب التعويض خلال خمس سنوات من هذا التاريخ، أي في ميعاد غايته 26/ 4/ 1973 أما وقد أقام طعنه بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي النقل والمواصلات بتاريخ 4/ 12/ 1974، ولم يقدم ما يثبت أنه سبق أن تقدم بطلب إلى الجهة الإدارية سابقاً على هذا التاريخ للمطالبة بهذا الحق فإن حقه في طلب التعويض يكون قد سقط بالتقادم الخمسي، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، للأسباب الآتية:
1 - تستند دعوى الطاعن إلى طلب التعويض عن قرار إداري مخالف للقانون، وبالرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني والقوانين الإدارية نجد أن التقادم الخمسي لا يلحق طلب التعويض عن القرار الإداري الخاطئ. وقد قضت محكمة النقض في الطعن رقم 321 لسنة 27 القضائية بتاريخ 11/ 4/ 1963 بأن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون لا تنسب إلى العمل غير المشروع وإنما تنسب إلى المصدر الخامس من مصادر الالتزام وهو القانون، باعتبار هذه القرارات تصرفات قانونية وليست أعمالاً مادية ومن ثم فإن مسئولية الإدارة عنها عن طريق التعويض لا تسقط إلا بالتقادم العادي أي بعد خمسة عشر عاماً وقد رفعت الدعوى خلال المدة القانونية.
2 - إن التعويض المطالب به هو تعويض شامل لحق الطاعن عن أضرار مادية وأدبية ولم يقل الطاعن أنها مرتبات بل ما فاته من وسائل كسب وما أصاب من ضرر أدى نتيجة حرمانه من عمله مدة فاقت ثماني سنوات.
3 - من المعروف أن طلب المعافاة يقطع التقادم، وقد سبق أن تقدم الطاعن إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية لوزارتي النقل والمواصلات بطلب لإعفائه من الرسوم القضائية ومن ثم صدر قرار بإعفائه منها.
ومن حيث إن الهيئة المشكلة بالمحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 567 لسنة 29 القضائية بأن دعوى التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون تسقط بمضي خمسة عشرة سنة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن القانون قد تكفل في المواد من 347 إلى 388 ببيان أنواع مختلفة للتقادم والمسقط وأرسى في المادة 374 منه القاعدة العامة وتنص على أنه "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات التالية.
وحكمة تقرير هذا التقادم العام هي ضرورة استقرار الحق بعد مدة من الزمن فاعتبر المشرع مجرد مضي المدة على الحق المطالب به سبباً قائماً بذاته لانقضاء الدين بقطع النظر عما إذا كان الدين قد وفاه أو كان يفترض أنه وفاه، ثم أورد بعد هذا الأصل العام استثناءات محددة لأنواع مختلفة لحقوق تتقادم بمدد أخرى أقصر من المدة الأولى منها الاستثناء الذي نصت عليه المادة 375 من أنه يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكم وكالفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات والواضح من هذه المادة أنه يشترط لإعمال حكمها أن يكون الحق المطالب بسقوطه بالتقادم دورياً متجدداً. يقصد بالدورية أن يكون الحق مستحقاً في مواعيد دورية كل شهر أو كل ثلاثة أشهر أو كل سنة أو أقل أو أكثر، كما يقصد بالتجديد أن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع. ومؤدى ما تقدم أن المشرع بعد إذ قرر الأصل العام التقادم المسقط في المادة 374 جاء باستثناءات لحقوق تتقادم بمدد معينة بمقتضى نصوص تشريعية خاصة ومن ثم وجب تفسير هذه النصوص الخاصة تفسيراً ضيقاً بحيث لا تسري إلا على هذه الحالات بالذات التي تضمنتها وما خرج عن هذه الحالات فإنه يرجع إلى أصل القاعدة وتكون مدة التقادم خمسة عشرة سنة.
وترتيباً على ذلك فإن مسئولية الجهة الإدارية في التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون إنما تنسب إلى المصدر الخامس من مصادر الالتزام المنصوص عليها في القانون المدني وذلك بحسبان أن تلك القرارات من قبيل التصرفات القانونية وليست أفعالاً مادية مما لا يسري في شأنها حكم المادة 172 من القانون المدني التي تتكلم عن التقادم الثلاثي بالنسبة إلى دعوى التعويض عن العمل غير المشروع والتي وردت بخصوص الحقوق التي تنشأ عن المصدر الثالث.
وليس صحيحاً في هذا المقام الاستناد إلى نص المادة 375 من القانون المدني التي تتناول حالات التقادم الخمسي كالمهايا والأجور لأن حكمها بصريح النص لا يصدق إلا بالنسبة إلى الحقوق الدورية المتجددة بالمعنى المتقدم كما لا يجوز الارتكان إلى نص المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات التي تقضي بأن الماهيات التي لم يطالب بها مدة خمس سنوات تصبح حقاً مكتسباً للحكومة إلا أن مدلولها لا يسري إلا على ما ينعت بالماهيات فحسب دونما توسع أو قياس وغني عن البيان أن التعويض عن القرار الإداري المخالف للقانون ليس بمرتب بل هو التزام بمبلغ تقدره المحكمة جزافاً ليست له بأية حال صفة الدورية والتجدد ويراعي عند تقديره عدة عناصر أخرى غير المرتب كالأضرار الأدبية والمعنوية كما إنه - أي التعويض - ليس في حكم المرتب إذ إنه فضلاً عن التباين الواضح في طبيعة وجوهر كل منهما واختلاف أسس وعناصر تقدير أيهما عن الآخر فقد وردت النصوص التشريعية بصدد تقادم الحق في المطالبة واضحة صريحة مقصورة المدلول، أما التعويض المنوه عند فيرجع في شأن تقادم الحق في المطالبة به إلى الأصل العام في التقادم ومدته خمس عشرة سنة.
ومن حيث إن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع أي يشوبه عيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر في أن يترتب الضرر على القرار غير المشروع.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق إنه بتاريخ 27 من إبريل سنة 1968 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها في الطعن رقم 359 لسنة 9 القضائية المقام من السيد/ ........ ضد الهيئة العامة للسكك الحديدية ويقضي بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 31 الصادر بتاريخ 30/ 1/ 1961 بفصل الطاعن وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المستفاد من الأوراق ومما أبدته الهيئة المدعى عليها من دفاع أن قرار فصل المدعي قد قام على أساس وصف المخالفة المسندة إليه بأنها إهمال جسيم يندرج تحت البند الثالث من المخالفات المجموعة الأولى المنصوص على عقوباتها في المادة الأولى من لائحة الجزاءات الصادر بها قرار وزير المواصلات رقم 108 والتي نصت على عقاب مرتكبها بعقوبات أخفها خفض المرتب وأشدها العزل من الوظيفة والإهمال المنصوص عليه في البند الثالث عشر المشار إليه هو الإهمال في تأدية واجبات الوظيفة إهمالاً جسيماً يؤدي إلى خسارة الأرواح أو خسائر في الممتلكات.
وفضلاً عن أن المخالفة المسندة إلى المدعي قد وقعت قبل العمل بلائحة الجزاءات المشار إليها فإن ما وقع منه من إخلال بواجبات وظيفية يتمثل حسبما سبق البيان في عدم مراقبة عملية صرف الأدوات الكتابية وعدم مراجعة موجودات المخزن ولا سيما الأصناف ذات القيمة من حين إلى آخر والثابت من الرجوع إلى ملف خدمته وإلى التحقيق الذي أجرى معه أنه كان مسنداً إليه أعمال أخرى كثيرة تقتضي تغيبه عن المخزن مدد متفاوتة وإنه ولئن كانت كثرة الأعمال المعهود بها إليه ليس من شأنها أن تعفيه من المسئولية عما وقع منه من تقصير في القيام بواجباته إلا أن هذا التقصير في الظروف التي حدث فيها لا يرقى إلى مرتبة الإهمال الجسيم المنصوص عليه في البند الثالث من جدول مخالفات المجموعة الأولى والذي سوت اللائحة في العقوبة بينه وبين المخالفات العمدية المنصوص عليها في الجدول المذكور ومن بينها سرقة أموال الهيئة أو ما يسلم إلى الموظف بحكم وظيفته أو إتلافها أو اختلاسها".
وأضافت المحكمة أن القرار الصادر بفصل المدعي إذ قام على تكييف المخالفة المسندة إليه بما يجعلها من الذنوب الإدارية التي تتدرج تحت البند الثالث من جدول مخالفات المجموعة الأولى وإذ اختار لها أشد الجزاءات وهو الفصل فإنه يكون قد خالف القانون وانطوى على غلو في تقدير الجزاء بما لا يتناسب مع درجة جسامة تلك المخالفة، الأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار المذكور لإعادة التقدير يتناسب عدلاً مع ما قام في حق المدعي من ذنب لا يعتبر جسيماً في الظروف التي وقع فيها وقد أفادت الجهة الإدارية في مذكرتها رقم 666/ 42/ 4036 المودعة رداً على الدعوى التي أقامها المدعي أمام المحكمة الإدارية لوزارتي النقل والمواصلات - إنه تنفيذاً للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/ 4/ 1968 في الطعن رقم 359 لسنة 9 القضائية صدر القرار الإداري رقم 237 في 3/ 9/ 1968 بإلغاء قرار فصل المدعي رقم 31 الصادر في 30/ 1/ 1961 وإعادته إلى علمه وقد استلم عمله في 4/ 9/ 1968 وأخلى طرفه اعتباراً من 23/ 3/ 1969 لتجاوزه السن القانوني وبلوغه سن الإحالة إلى المعاش في 2/ 7/ 1967 وكان المدعي يتقاضى أجراً يومياً قدره 320 مليماً قبل فصله من الخدمة، وبعد إلغاء قرار فصله وعودته إلى أن سويت حالته ومنح الدرجة التاسعة من 1/ 7/ 1964 وتدرج أجره حتى وصل إلى 178 و21 جنيهاً شهرياً في 1/ 5/ 1968.
وأضافت الجهة الإدارية أنه جاء بتحريات إدارة شرطة السكة الحديد والمواصلات أنه ثبت أن المدعي له صلة قرابة بالسيد/ ..... صاحب محلات الروائح العطرية بشارع المعز لدين الله بالأزهر وكان يتردد عليه للعمل كمحصل منذ أن انقطعت صلته بالهيئة إلا أنه لم يستدل على الأجر الذي كان يتقاضاه وقد قرر السيد/ ...... بأنه لم يكل إليه أعمالاً بصفة منتظمة وإنما كان يكلفه بأعمال إدارية ويساعده مادياً لصلة القرابة التي تربطه به.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن قرار فصل الطاعن من الخدمة صدر في 30/ 1/ 1961، وقد ألغي هذا القرار بمقتضى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في 27/ 4/ 1968 وقد أقام المدعي دعواه بطلب التعويض عن الأضرار التي أصابته نتيجة فصله من الخدمة في 24/ 12/ 1974 أي في الميعاد القانوني قبل سقوط دعوى التعويض بالتقادم الطويل.
ومن حيث إنه في مجال تحديد مسئولية الهيئة القومية لسكك حديد مصر وهي التي حلت محل الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بموجب القانون رقم 152 لسنة 1980 عن قرار فصل الطاعن رقم 31 الصادر في 30/ 1/ 1961 فإن الخطأ في هذا الخصوص متحقق بناء على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 359 لسنة 9 القضائية بجلسة 27 من إبريل سنة 1968 بإلغاء هذا القرار لمخالفته للقانون وانطوائه على غلو في تقدير الجزاء أما الضرر فواقع نتيجة إبعاده عن عمله وحرمانه من أجره طيلة مدة فصله وقد أنتج الخطأ هذا الضرر بطريق مباشر وبذا تكون قد قامت علاقة السببية بين الخطأ والضرر مما يتعين معه تعويض الطاعن عما أصابه من ضرر.
ومن حيث إنه لما تقدم وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبأحقية الطاعن في التعويض الذي تقدره المحكمة وتقدر المحكمة التعويض المناسب بمبلغ 1000 "ألف" جنيه لقاء ما أصاب الطاعن من أضرار مادية وأدبية بمراعاة حالته الوظيفية وحريته في التكسب من العمل الحر طيلة مدة فصله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة القومية لسكك حديد مصر بأن تدفع للمدعي تعويضاً قدره 1000 "ألف" جنيه.


[(1)] راجع الحكم الصادر من الدائرة المشكلة طبقاً للمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1981 بجلسة 15/ 12/ 1985 في الطعن رقم 567 لسنة 29 القضائية والذي انتهى إلى أن دعوى التعويض عن القرارات الإدارية المخالفة للقانون تسقط بمضي خمس عشرة سنة.