مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد المدنية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 22 نوفمبر سنة 1945 لغاية 9 يونيه سنة 1949) - صـ 50

جلسة 17 من يناير سنة 1946

برياسة حضرة محمد كامل مرسى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك ومحمد توفيق إبراهيم بك وسليمان حافظ بك المستشارين.

(24)
القضية رقم 11 سنة 15 القضائية

ا - كفيل متضامن. مدين متضامن. حكم المادة 110 مدنى. يسرى فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض. لا يسرى فيما بين المدين وكفيله المتضامن معه.
ب - تقادم. رفع الدعوى من المدين ببراءة ذمته من الدين. ذلك يتنافى مع اعتباره معترفا بالدين اعترافاً يقطع التقادم. تمسك الدائن بدينه فى تلك الدعوى. لا يغنى عن التنبيه القاطع للتقادم. (المادة 82 مدنى)
جـ - نقض. سبب جديد. دعوى براءة الذمة من الدين. عدم تكامل مدة انقضائه بالتقادم. طلب المدعى اعتبار مدة التقادم سارية إلى يوم صدور الحكم. عدم اعتراض المدعى عليه. قضاء المحكمة بانقضاء الدين. الطعن من المدعى عليه بأن الحكم أضاف إلى مدة التقادم السابقة على رفع الدعوى المدة من هذا التاريخ إلى صدور الحكم. سبب منطو على دفع جديد.
1 - إن الشارع لم يقصد التسوية بين المدين المتضامن والكفيل المتضامن فى الحكم الذى نص عليه بالمادة 110 من القانون المدنى من أن "مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين [(1)]، بل محل هذا الحكم أن يكون التضامن الذى يربط المتعهدين بعضهم ببعض ناشئاً من مصدر واحد. وإذن فمطالبة أى واحد من المدينين المتضامنين تسرى فى حق باقى المدينين، كما أن مطالبة أى واحد من الكفلاء المتضامنين تسرى فى حق سائر زملائه لاتحاد المركز والمصلحة اتحاداً اتخذ منه القانون أساساً لافتراض نوع من الوكالة بينهم فى مقاضاة الدائن لهم. ومن ثم كان حكم المادة 110 سارياً فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض وفيما بين الكفلاء المتضامنين بعضهم وبعض، لا فيما بين المدين وكفيله المتضامن معه.
2 - إن رفع الدعوى من المدين ببراءة ذمته من الدين لانقضائه بالتقادم ينافى اعتباره معترفاً بالدين اعترافاً يقطع مدة التقادم [(2)] التى لم تكن قد تكاملت. كما أن تمسك الدائن بدينه فى تلك الدعوى ليس هو التنبيه الرسمى المنصوص عليه فى المادة 82 من القانون المدنى، وهو لا يغنى عن التنبيه ولا عن التنفيذ لأنهما هما وحدهما اللذان يصلحان لقطع سريان التقادم على الدين [(3)].
3 - إذا رفع المدين دعواه ببراءة ذمته من الدين لانقضائه بالتقادم ولم تكن مدة التقادم قد اكتملت، ثم طلب المدعى من محكمة الاستئناف اعتبار مدة التقادم سارية إلى يوم صدور الحكم فلم يعترض المدعى عليه على هذا الطلب، وقضت المحكمة بانقضاء الدين، فلا يقبل من المدعى عليه الطعن فى هذا الحكم بمقولة إنه أضاف إلى مدة التقادم السابقة على تاريخ رفع الدعوى المدة من هذا التاريخ إلى حين صدوره، لأن ذلك السبب ينطوى على دفع جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدى به أمام محكمة النقض [(4)].


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن فى أنه فى 4 من نوفمبر سنة 1942 أقام المطعون ضدهم أمام محكمة طنطا الابتدائية الدعوى رقم 104 سنة 1943 على الطاعن ومصطفى سعيد بك ومحمود سعيد بك وقالوا فى صحيفتها إن الطاعن حصل من محكمة المحلة الكبرى على حكمين: أحدهما فى 13 من مارس سنة 1928 فى الدعوى رقم 1699 سنة 1928 بإلزام محمود بك سعيد بصفته مديناً وإلزامهم بصفتهم ورثة المرحوم أمين أبو حشيش بصفته متضامناً بأن يدفعوا إليه 360 ج، والآخر فى 18 من أبريل سنة 1928 فى الدعوى رقم 2217 سنة 1928 بإلزام مصطفى بك سعيد بصفته مديناً وإلزامهم بصفتهم ورثة المرحوم أمين أبو حشيش بصفته ضامناً متضامناً بأن يدفعوا إليه 523 ج و125 مليما، وأنه بعد صدور الحكمين المذكورين اتخذ الطاعن إجراءات تحفظية وتنفيذية، فاستصدر فى 9 من أبريل سنة 1930 أمراً باختصاصه بـ23 ف و8 ط و16 س من أرضهم الموروثة، كما أوقع حجوزاً تنفيذية متعددة وحصل على مبالغ من نتائجها، ثم تنازل عن الحجوز، وكذلك حصل على مبالغ متعددة من المدينين الأصليين، وأنه لما كانت ذمتهم قد برئت من الضمان نهائياً بحصول الدائن على حقوقه وتنازله عن الحجوز وأصبح لا محل لبقاء ذلك الضمان قائماً كما أصبح لا محل لبقاء التسجيلات مقيدة على أملاكهم فقد طلبوا الحكم ببراءة ذمتهم بصفتهم ورثة المرحوم أمين أبو حشيش من الحكمين سالفى الذكر وملحقاتهما وإلغاء الحجوز التى وقعت عليهم بسبب هذين الحكمين ومحو التسجيلات التى حصل عليها الدائن واعتبارها كأن لم تكن مع إلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وفى 11 من مايو سنة 1943 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة للطاعن. فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالبين إلغاءه والقضاء لهم بما طلبوه أمام المحكمة الابتدائية. وفى 31 من أكتوبر سنة 1944 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة ذمة المطعون ضدهم من قيمة الحكمين الصادرين فى الدعويين رقمى 1699 و2217 سنة 1928 المحلة الكبرى وملحقاتهما ومحو إلغاء ما وقع تنفيذاً لهذين الحكمين من حجوزات وتسجيلات ضد المستأنفين وألزمت الطاعن بالمصاريف الخ. الخ.
وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعن فى 19 من ديسمبر سنة 1944 فقرر وكيله فى 15 من يناير سنة 1945 الطعن فيه بطريق النقض طالباً نقض الحكم المطعون فيه والقضاء فى موضوع الدعوى بتأييد الحكم الابتدائى الصادر من محكمة طنطا الابتدائية الخ. وقد أودع الطاعن كما أودع المطعون ضدهم عدا الثانى والرابع مذكراتهم ومستنداتهم فى الميعاد القانونى. وأودعت النيابة العمومية مذكرة برأيها فى 20 من ديسمبر سنة 1945 الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون لأنه: أولا - قرر أن إجراءات التنفيذ التى باشرها الدائن فى مواجهة المدينين الأصليين لا تقطع بالتقادم بالنسبة إلى الكفلاء المتضامنين، مخالفا بذلك أحكام المادة 110 من القانون المدنى. ثانيا - لم يعتبر طلب المطعون ضدهم براءة ذمتهم من الدين بناءا على سقوط الحكمين بالتقادم اعترافا ضمنيا منهم بالدين قاطعا للتقادم، كما أنه لم يعتبر دفاع الطاعن فى الدعوى إبراء الذمة المرفوعة من المطعون ضدهم قاطعا للتقادم السارى ضده مخالفا بذلك أحكام المادتين 82 و205 من القانون المدنى. ثالثا - إن الحكم قد احتسب مدة التقادم لغاية تاريخ صدوره مع أنه لا يصح احتسابها إلا لغاية تاريخ رفع الدعوى.
ومن حيث إن الطاعن يقول فى بيان السبب الأول من الطعن إن المادة 110 من القانون المدنى التى تنص على أن "مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين" جاءت فى باب "التعهدات على العموم" فهى تنظم العلاقة بين الدائن والمدينين المتضامنين. ولما كان المدين فى عرف القانون هو الملتزم أياً كان مصدر الالتزام، فالكفيل المتضامن يعتبر مديناً متضامناً، ومن ثم يخضع لأحكام تلك المادة كالمدين المتضامن سواء بسواء. وليس فى نصوص الكفالة نص خاص يمنع من تطبيق هذه المادة عليه. ولذلك فقد أخطأت المحكمة إذ فرقت بين المدينين المتضامنين والكفلاء المتضامنين فيما يتعلق بأحكام قطع التقادم. ويضيف الطاعن إلى ذلك أن نظرية التسوية بين المدينين المتضامنين والكفلاء المتضامنين فيما يتعلق بقطع التقادم مستمدة فى فرنسا من أحكام المادتين 2021 و1206 من القانون المدنى، ولا شأن فى ذلك لأحكام المادة 2250 الخاصة بقطع التقادم بالنسبة إلى الكفيل العادى والتى لم ينقلها القانون المصرى لأنها كانت محل انتقاد شديد من الشراح لتعارضها مع طبيعة الكفالة العادية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن ذكر أن الحكم المستأنف ذهب إلى القول بأن الإجراءات التى تقطع المدة قبل المدينين لها نفس الأثر قبل الكفلاء المتضامنين معهم أخذاً بالرأى الذى يعتمد على المادة 2250 من القانون المدنى الفرنسى التى مؤداها أن مطالبة المدين الأصلى أو اعترافه بالدين يقطعان المدة ضد الكفيل والتى يؤخذ منها أن الكفيل يستوى مع المدين فى حكم انقطاع التقادم، ولذا اعتبر النص الوارد فى المادة 110 من القانون المدنى المصرى ينطبق على الكفلاء المتضامنين - بعد أن ذكر ذلك أورد مذهب المخالفين لهذا الرأى، فقال ما حاصله أن الكفالة ولو أنها عقد تابع لعقد القرض إلا أنها عقد مستقل عنه فى أركانه وشروطه وأحكامه، وأنها إذا كانت كذلك فإن التزام الكفيل يسقط بمضى المدة سقوطاً مستقلا عن الالتزام الأصلى ما لم ينقطع سريان مدة التقادم بالإجراءات التى يتخذها الدائن مباشرة ضد الكفيل ذاته، وأن نص المادة 2250 لا يتفق مع النص الوارد فى المادة 2031 من القانون المدنى الفرنسى الذى يقضى بأن عقد الكفالة ينقضى كما تنقضى سائر العقود الأخرى. ثم عقب الحكم على ذلك بقوله: إن الشارع المصرى لم ينقل نص المادة 2250 من القانون المدنى الفرنسى قصداً لما عيب عليها من مخالفة حكمها للقاعدة القانونية المأثورة التى تقضى بأن أثر انقطاع المدة لا يتعدى من شخص إلى آخر، وأنه لذلك لا محل لتطبيق نص المادة 110 من القانون المدنى على الكفلاء قياساً على المدينين، لأن حكم هذه المادة إنما ورد حصراً وقصراً على المدينين المتضامنين دون الكفلاء المتضامنين. ثم استشهد الحكم المطعون فيه لوجهة نظر بحكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 23 سنة 10 القضائية الذى قرر أن مطالبة المدين واستصدار حكم عليه بالدين لا يغير مدة التقادم بالنسبة إلى الكفيل المتضامن إذا كان لم يطالب ولم يحكم عليه، وانتهى الحكم من كل ذلك إلى القول بأن إجراءات التنفيذ التى اتخذها الخواجة فيتا حكيم ضد كل من محمود بك سعيد ومصطفى بك سعيد والتى قطعت سريان مدة التقادم قبلهما لا تسرى على المستأنفين بصفتهم كفلاء متضامنين ولا تقطع التقادم بالنسبة إليهم.
ومن حيث إن المستفاد من تفرقة القانون بين مركز المدين المتضامن ومركز الكفيل المتضامن ومن أن عقد الكفالة لا يمكن أن ينطوى على وكالة من الكفيل المتضامن إلى المدين تخوله تمثيل الكفيل فى دعوى الدين ومن احتمال اختلاف مصلحتهما فى تلك الدعوى - المستفاد من ذلك أن الشارع لم يقصد التسوية بينهما فى الحكم الذى نص عليه بالمادة 110 من القانون المدنى. ولا يغير من هذا النظر أن تلك المادة وردت فى باب "التعهدات على العموم" فيكون حكمها جارياً على المتعهدين المتضامنين كائناً ما كان مصدر التعهد لأن محل ذلك أن يكون التضامن الذى يربطهم بعضهم ببعض ناشئاً عن مصدر واحد. وإذن فمطالبة أى واحد من المدينين المتضامنين تسرى فى حق باقى المدينين كما أن مطالبة أى واحد من الكفلاء المتضامنين تسرى فى حق سائر زملائه لاتحاد المركز والمصلحة اتحاداً اتخذ منه القانون أساساً لافتراض نوع من الوكالة بينهم فى مقاضاة الدائن لهم. ومن ثم يكون حكم المادة 110 سارياً فيما بين المدينين المتضامنين بعضهم وبعض وفيما بين الكفلاء المتضامنين بعضهم وبعض لا فيما بين المدين وكفيله المتضامن معه.
وحيث إنه فى السبب الثانى من الطعن يقول الطاعن إن الحكم جاء مخالفاً للقانون من وجوه: (الأول) أن رفع الدعوى من المطعون ضدهم ببراءة الذمة وبناءهم تلك البراءة على سقوط الدين ينطوى على الاعتراف الضمنى بالدين، وحصول هذا الاعتراف قبل تمام مدة السقوط يقطع سريان مدة التقادم. و(الثانى) أن هذه الدعوى وإن كانت رفعت من المدين فان استمساك الدائن بحقه فيها أمام القضاء بتقديمه كشفين بالباقى من الدين ليس فيه معنى التنبيه الرسمى بالوفاء فحسب - إذ لا فرق فى نظر القانون فى ذلك بين الدعوى والدفع - بل هو أيضاً مانع للطاعن من اتخاذ إجراء مبتدأ من جانبه، لأن ذلك يكون من قبيل تحصيل الحاصل وتكراراً للعمل الواحد من غير موجب. و(الثالث) أنه ما كان للمحكمة أن تعتبر سريان التقادم مستمرا لغاية تاريخ صدور الحكم الاستئنافى فى 21 من أكتوبر سنة 1944 فتبنى قضاءها على هذا الاعتبار، بل كان يجب عليها أن لا تعتبر السريان مستمراً إلا إلى تاريخ رفع الدعوى فى 4 من نوفمبر سنة 1944. ولم تكن وقتئذ انقضت بعد المدة المسقطة للحقوق، وذلك لأن الأحكام مقررة للحق لا منشئة له، فهى ترجع إلى تاريخ رفع الدعوى، ومن غير الجائز أن تستعين المحكمة بحدث جد بعد رفع الدعوى فليس لها أن تضم مدة السقوط السارية بعد رفعها ولا الفصل فى الدعوى على أساس ذلك الضم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن قال إن مدلول المادتين 82 و205 من القانون المصرى والمادة 2244 التى تقابلهما فى القانون الفرنسى هو أن الشخص الذى يكلف بالحضور ويرفع الدعوى إنما هو صاحب الحق الذى يطالب بحقه الذى يخشى سقوطه، وأن إعلان الدعوى يجب أن يوجه إلى من يريد اكتساب ذلك الحق بالتقادم المكسب أو إسقاط الالتزام عنه بالتقادم المسقط - بعد ذلك ذكر أن التقادم إنما شرع لأسباب أهمها أنه يقوم على افتراض أن صاحب الحق أغفل المطالبة به وتركه المدة القانونية، وأن هذا الافتراض لا ينتفى إلا إذا قام واتخذ من الإجراءات ما يدل على أنه لازال متمسكا بحقه. وعقب على ذلك بأنه مما ينبو عن المنطق ويتجافى مع العدالة أن ينقلب سعى المدين للخلاص من الدين إلى إجراء يستفيد منه خصمه الدائن الذى ظل غافلا ومفرطاً فى حقه. ثم انتهى الحكم إلى القول بأنه "يتعين اعتبار هذه الدعوى (الدعوى التى رفعها المطعون ضدهم) عديمة الأثر بالنسبة إلى سريان مدة التقادم لمصلحة المستأنفين (المطعون ضدهم) ولا تقطع سير هذا التقادم طالما أن الدائن لم يتخذ من جانبه أى إجراء بعد توقيعه الحجز عليهم فى 17 مايو سنة 1928 وفى 6 أكتوبر سنة 1928". وبناءً على ذلك اعتبر الحكم المطعون فيه أن مدة تقادم الحكمين اللذين قضى ببراءة ذمة المطعون ضدهم من قيمتهما مبتدئة من ذينك التاريخين (17 مايو سنة 1928 و6 أكتوبر سنة 1928) وأن هذا التقادم يظل سارياً ولا ينقطع بسبب رفعهم دعوى براءة الذمة مادام الدائن لم يتخذ بعد ذلك أى إجراء ضدهم. ثم قال إن المحكمة لا ترى مانعاً من إجابة المستأنفين (المطعون ضدهم) إلى ما طلبوه فى مذكرتهم من اعتبار التقادم سارياً إلى يوم صدور الحكم فى الاستئناف (يوم 31 أكتوبر سنة 1944) بما أنه لم يقطع سريانه قاطع إلى اليوم.
ومن حيث إن رفع الدعوى من المدين ببراءة ذمته يتنافى مع اعتباره معترفاً بالدين اعترافاً يقطع التقادم، كما أن تمسك الدائن بدينه فى تلك الدعوى ليس هو التنبيه الرسمى المنصوص عليه فى المادة 82 من القانون المدنى، ثم إن هذا التمسك لا يغنى عن التنبيه أو التنفيذ لأنهما وحدهما اللذان يصلحان لقطع سريان التقادم على حكمى الدين.
ومن حيث إن الطاعن يأخذ على الحكم المطعون فيه أنه أضاف إلى مدة التقادم السابقة على تاريخ رفع الدعوى المدة من هذا التاريخ إلى حين صدوره فكمل بها للمطعون ضدهم ما كان ناقصاً من المدة عند رفع الدعوى ولولا ذلك لما كان فى وسع قضاة الموضوع - وقد رفعت الدعوى إليهم قبل أوانها - أن يقبلوها.
ومن حيث إنه يبين من الحكم أن الدعوى قضى فيها على هذه الصورة بناءً على طلب المطعون ضدهم فى مذكرتهم المقدمة إلى محكمة الاستئناف، وأن هذا الطلب لم يلق من الطاعن أى اعتراض فى حين أنه كان فى وسعه أن يدفع بعدم قبول الدعوى وهو لم يفعل.
ومن حيث إن إثارة هذا الاعتراض لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائزة لأنه ينطوى على دفع جديد لم يسبق عرضه أمام محكمة الموضوع.


[(1)] خالف القانون الجديد هذا الحكم فنص فى الفقرة الثانية من المادة 293 على أنه "إذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين أو قاضاه فلا يكون لذلك أثر بالنسبة إلى باقى المدينين".
[(2)] تنص المادة (384) فقرة أولى من القانون الجديد على أن التقادم ينقطع "إذا أقر المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً".
[(3)] تنص المادة (383) من القانون الجديد على أن التقادم ينقطع ".... وبالتنبيه وبالحجز وبالطلب الذى يتقدم به الدائن لقبول حقه فى تفليس أو توزيع وبأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير فى إحدى الدعاوى".
[(4)] حاول الطاعن أن يثير بهذا السبب الكلام فى أن المحكمة يجب عليها أن تفصل فى الدعوى بالحالة التى كانت عليها وقت رفعها، وأن الدعوى تكون إذن غير مقبولة إذا رفعت قبل استكمال شروط قبولها ولو استكملت هذه الشروط قبل الحكم فيها.
ولقد عالج موريل (فى كتاب المرافعات رقم 45) هذه المسألة فى بعض نواحيها وأشار إلى قضاء محكمة النقض الفرنسية فى بعض صورها الهامة.