مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1409

(190)
جلسة 16 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 100 لسنة 29 القضائية

كادر العمال - ملاحظ صحي - تحديد أقدمية الملاحظين الصحيين.
قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 في شأن تعديل بعض أحكام كادر عمال اليومية معدلاً بالقرار رقم 1736 لسنة 1967 - القانون رقم 18 لسنة 1976 في شأن تحديد أقدمية الملاحظين الصحيين.
1 - قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 لم يكن يدخل في نطاق وظيفة ملاحظ صحي إلا أعمالاً معينة حددها على سبيل الحصر - خرج المشرع من هذا التخصيص إلى التعميم فوضع معياراً موضوعياً اعتبر بمقتضاه كل من كان قائماً بعمل فني صحي يتعلق بالملاحظة أو التنفيذ في مجال الوقاية والعلاج شاغلاً لوظيفة ملاحظ صحي - أثر ذلك: - اعتبار جميع القائمين بعمل من تلك الأعمال شاغلين للوظيفة وإلزام وزير الصحة باعتباره الجهة الإدارية القائمة على تنفيذ ذلك القرار بأن يدرج جميع الوظائف التي ينطبق عليها ذلك المعيار في نطاق وظيفة الملاحظ الصحي - إذا اتضح للوزير في أي وقت أن ثمة وظائف ينطبق عليها المعيار الموضوعي سالف الذكر لم تشملها القرارات الصادرة منه تعين عليه أن يبادر إلى تصحيح قراراته بما يجعلها تتسق مع القاعدة التنظيمية العامة التي تضمنها قرار رئيس الجمهورية رقم 1746 لسنة 1967 - لا مجال للقول بأن المادة (87) من القانون رقم 58 لسنة 1971 تحول دون إعمال القاعدة السابقة - أساس ذلك: - أن حكم هذه المادة يقضي بإسقاط حق العامل المستمد من قاعدة سابقة على نفاذ القانون المذكور بمضي ثلاث سنوات من تاريخ العمل به ما لم يتقرر هذا الحق قضاء وهذه القاعدة يتوقف تطبيقها على صدور قرار من وزير الصحة بتحديد الوظائف التي ينطبق عليها المعيار سالف الذكر - أثر ذلك: - إذا أغفل قرار وزير الصحة بعض الوظائف التي كان يتعين إدراجها به فإن شاغليها لا يكون لهم ثمة حق نشأ وتكامل قبل العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 يتأثر بمدة السقوط المنصوص عليها بالمادة (87).
(ب) القانون رقم 18 لسنة 1976 أتى بحكم جديد سوى فيه.
بين من كان منهم شاغلاً لوظائف مبخري أوبئة وبين غيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى وجعل أقدميتهم جميعاً من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية قبل نقلهم إلى الدرجة (300 - 500) بوظيفة ملاحظ صحي - قضى المشرع على التفرقة في المعاملة بين أفراد الملاحظين الصحيين فجعل أقدميتهم في الفئة المنقولين إليها من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية أسوة بالمبخرين.
(جـ) فيما عدا الوظائف الواردة بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 لا تعتبر وظيفة ما من الوظائف الفنية إلا من تاريخ صدور قرار وزير الصحة باعتبارها كذلك - أثر ذلك: - أن المركز القانوني لا ينشأ إلا بصدور قرار وزير الصحة ومن تاريخ هذا القرار يكون العامل الشاغل لهذه الوظيفة قد نشأ له الحق في تسوية حالته طبقاً للقرار رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 12/ 1982 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 100 لسنة 29 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) بجلسة 20/ 10/ 1982 في الطعن رقم 985 لسنة 12 ق. س المقام من أحمد عوض عبد اللاه ضد وزير الصحة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بجلسة 7/ 6/ 1980 في الدعوى رقم 88 لسنة 26 ق المقامة منه ضد وزير الصحة، والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعي (الطاعن) في تسوية حالته على الدرجة (300/ 500 مليم) المعادلة للدرجة (162/ 360 جنيهاً) بالقانون رقم 58 لسنة 1971 طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وطلبت هيئة مفوضي الدولة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب المدعي تسوية حالته وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقمي 607 لسنة 1964، 1736 لسنة 1967 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن إلى أطراف الخصومة وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب المدعي تسوية حالته وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 و1736 لسنة 1967 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعي المصروفات واحتياطياً برفض الطعن وإلزام وزارة الصحة المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 23/ 12/ 1985 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 2/ 2/ 1986 وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن أن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 26/ 9/ 1979 أقام السيد/ أحمد عوض عبد اللاه الدعوى رقم 88 لسنة 26 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة الصحة طالباً الحكم بتسوية حالته على أساس استحقاقه للدرجة التاسعة المهنية من تاريخ تعيينه بوظيفة عامل جمع قواقع المعادلة لوظيفة ملاحظ صحي عملاً بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 والقانون رقم 18 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الإدارة المصروفات، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه التحق بالخدمة بوظيفة عامل بإدارة مكافحة البلهارسيا في 20/ 9/ 1950 ثم التحق بوظيفة عامل عادي بالدرجة (140/ 300 مليم) وعندما ثبتت صلاحيته للعمل في المجال الفني ألحق بوظيفة عامل جمع قواقع بذات درجته وهي وظيفة فنية بقسم استئصال البلهارسيا ثم وضع على الدرجة العاشرة العمالية طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1964 وقد صدر القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 بمنح الملاحظين الصحيين وملاحظي مكافحة البلهارسيا ورؤساء فرق المكافحة الدرجة التاسعة الفنية من بداية التعيين ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 18 لسنة 1976 والأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 وعالج مشكلة عمال القواقع باعتبارها من شاغلي الوظائف المهنية التي تتساوى مع وظيفة الملاحظ الصحي بالدرجة التاسعة المهنية من بداية التعيين وإنه تقدم بطلب لتسوية حالته طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1976 ورفضت الوزارة ذلك بدعوى أن هذا القانون لا يطبق إلا على الذين انتفعوا بأحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964. وقد ردت الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن حالة المدعي وزملائه قد عرضت على إدارة الفتوى لوزارة الصحة فانتهى رأيها إلى عدم جواز النظر في تطبيق أحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 والقرار الجمهوري رقم 173 لسنة 1967 على هؤلاء العمال إعمالاً لحكم المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وعقب المدعي بأن حكم المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 لا يسري في شأنه لأن حقه نشأ منذ صدور القانون رقم 18 لسنة 1976 والأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 وإن القانون رقم 18 لسنة 1976 أنشأ له مركزاً قانونياً مستحدثاً يمتد أثره إلى تاريخ تعيينه في وظيفة عامل جمع قواقع وإن مؤدى استفادته من هذا القانون أن تسوى حالته على الفئة (300/ 500 مليم) المعادلة للدرجة التاسعة المهنية من تاريخ تعيينه عامل جمع قواقع.
وبجلسة 7/ 6/ 1980 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الصحة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لطلب المدعي تسوية حالته وفقاً لأحكام قراري رئيس الجمهوري رقمي 607 لسنة 1964 و1736 لسنة 1967 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات، وأقامت قضاءها على أن نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 قد استحدث نظاماً قصد منه تصفية الحقوق المترتبة على القوانين والنظم السابقة على نفاذه بهدف استقرار المراكز القانونية للعاملين بشرط أن يكون الحق قد نشأ قبل نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 وأن يكون مصدر الحق أحكام القوانين والقواعد والقرارات السابقة على العمل بالقانون المشار إليه، فإذا لم تكن جهة الإدارة قد أجابت العامل إلى طلبه قبل انتهاء ميعاد الثلاث سنوات المنصوص عليه في المادة 87 المشار إليها ولم يرفع العامل دعواه قبل فوات هذا الميعاد امتنع وجوباً على المحكمة قبول الدعوى لتعلق هذا الميعاد بالنظام العام وامتنع كذلك على الإدارة النظر في طلبه أو إجابته إلا إذا كان ذلك تنفيذاً لحكم قضائي نهائي وإذ كان المدعي قد التحق بالخدمة في 20/ 9/ 1950 ومن ثم فإن حقه في تسوية حالته على النحو المطالب به وهو وضعه على الدرجة التاسعة المهنية من تاريخ تعيينه في وظيفة عامل جمع قواقع يكون قد نشأ قبل العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 كما أن مصدر هذا الحق هو أحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 المعدل بالقرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 وهما سابقان على نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 وتبعاً لذلك كان يتعين على المدعي أن يقيم دعواه في موعد غايته 30/ 9/ 1974 وإذ لم يرفع دعواه إلا في 26/ 9/ 1979 فإنه يتعين الحكم بعدم قبولها، وبالنسبة لطلب المدعي تسوية حالته بالقانون رقم 18 لسنة 1976 فإن المدعي يستند في طلبه هذا إلى أحقيته في تسوية حالته طبقاً للقرارين المشار إليهما، ولما كان يمتنع إجابته إلى ذلك فإنه يمتنع إجابته إلى طلب تسوية حالته طبقاً للقانون رقم 18 لسنة 1976 الذي يستلزم سابقة إفادته من أحكام قراري رئيس الجمهورية المشار إليهما.
وبتاريخ 4/ 8/ 1980 أودع المدعي قلم كتاب محكمة القضاء الإداري تقريراً بالطعن في الحكم المشار إليه قيد برقم 1985 لسنة 12 ق. س طالباً الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيته في تسوية حالته على الفئة التاسعة من تاريخ تعيينه في وظيفة عامل جمع قواقع مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الإدارة لمصروفات، ونعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون على أساس أن نص المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 لا يسري على العاملين إلا من تاريخ علمهم به، وبجلسة 20/ 10/ 1982 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبأحقية المدعي (الطاعن) في تسوية حالته على الدرجة (300/ 500 مليم) المعادلة للدرجة (162/ 360 جنيهاً) بالقانون رقم 58 لسنة 1971 طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت قضاءها على أن القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 قد حدد الوظائف التي قرر إدماجها في وظيفة ملاحظ صحي بالدرجة (300/ 500 مليم) على سبيل الحصر ثم جاء القرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 فوضع قاعدة عامة مؤداها أن تدمج الوظائف التي تتضمن واجباتهما ومسئولياتها ملاحظة أو تنفيذ أعمال فنية صحية في المجالات الوقائية أو العلاجية في وظيفة ملاحظ صحي في الدرجة (300/ 500 مليم) وهذه القاعدة تحتاج في تنفيذها وفي تحديد الوظائف التي تدمج في وظيفة ملاحظ صحي إلى تدخل من الجهة الإدارية القائمة على الشئون الصحية وهي وزارة الصحة لتحدد بقرارات منها الوظائف التي تتضمن واجباتها ومسئولياتها ملاحظة أو تنفيذ أعمال فنية صحية في المجالات الوقائية أو العلاجية وتدمج في وظيفة ملاحظ صحي بالدرجة (300/ 500 مليم) ومتى حددت وظائف معينة بذاتها بأنها وظائف فنية صحية استحق شاغلوها الدرجة (300/ 500 مليم) وحددت أقدميتهم فيها من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية طبقاً لما قضى به القانون رقم 18 لسنة 1976 ومؤدى ذلك أنه فيما عدا الوظائف الواردة بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 على سبيل الحصر لا تعتبر وظيفة ما من الوظائف الفنية الصحية إلا من تاريخ صدور قرار وزارة الصحة باعتبارها كذلك ومن ثم فإن المركز القانوني لا ينشأ إلا بصدور القرار من وزارة الصحة بذلك ومن تاريخ هذا القرار يكون العامل الشاغل لهذه الوظيفة قد نشأ له المركز القانوني الذي يعطي له الحق في تسوية حالته طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1976 والقانون رقم 18 لسنة 1976 ومن تاريخ نشوء هذا المركز يستطيع المطالبة بحقه في التسوية أما قبل صدور قرار وزارة الصحة فليس له الحق في المطالبة بتسوية حالته، ولما كانت وظيفة المدعي لم تعتبر من الوظائف الفنية والصحية إلا بمقتضى الأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 الصادر استناداً إلى موافقة وزير الصحة بتاريخ 15/ 11/ 1976 ومن ثم فإن مركز المدعي وحقه في تسوية حالته بوضعه على الدرجة (300/ 500 مليم) لم ينشأ إلا من تاريخ موافقة وزير الصحة في 5/ 11/ 1976 أي بعد العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 ومن ثم تكون دعواه بمنأى عن حكم المادة 87 سالفة الذكر وأنه لما كانت وظيفة المدعي (عامل جمع قواقع) قد اعتبرت من الوظائف الخاصة بتنفيذ أعمال فنية وصحية في المجالات الوقائية أو العلاجية بمقتضى الأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 فيكون من حقه أن تسوى حالته على الدرجة (300 - 500 مليم) المعادلة للفئة (162/ 360 جنيهاً) بالمستوى الثالث وتحدد أقدميته فيها من تاريخ شغله لوظيفة عامل جمع قواقع طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ تبين من مطالعة أحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 في شأن تعديل بعض أحكام كادر العمال اليومية أنه نص على دمج وظائف محددة على سبيل الحصر وهي وظائف منحر أوبئة وملاحظ ملاريا أو بعوض وكشاف ملاريا وملاحظ مراقبة صحية تحت وظيفة واحدة باسم "ملاحظ صحي" وخصص لها الدرجة (300/ 500 مليم) ببداية 240 مليماً كما حدد كيفية تسوية أوضاع شاغلي تلك الوظائف ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1736 لسنة 1967 بتعديل بعض أحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 فخرج على طريقة حصر الوظائف التي تدمج في وظيفة ملاحظ صحي واستعاض عنها بمعيار عام هو دمج الوظائف التي تتضمن واجباتها ومسئولياتها القيام بملاحظة أو تنفيذ أعمال فنية صحية في مجالي الوقاية والعلاج في وظيفة واحدة باسم ملاحظ صحي وأبقى على باقي أحكام القرار رقم 607 لسنة 1964 دون تعديل، ومن ثم فإن حق المدعي وأقرانه في التسوية إنما يستمد من القواعد التنظيمية العامة التي سنها المشرع في القرارين الجمهوريين المشار إليهما، وإن عدول المشرع في مجال تحديد الوظائف التي يفيد شاغلوها من تلك التسوية عن طريق حصر الوظائف كما جاء في القرار رقم 607 لسنة 1964 إلى طريقة وضع معيار عام أوسع على النحو الوارد في القرار رقم 1736 لسنة 1967 لا يغير من الأمر شيئاً إذ يظل هؤلاء العاملون يستمدون حقهم من القواعد التنظيمية العامة الواردة في القرارين المشار إليهما ولا وجه للقول بأنه ما دام تدخل الجهة الإدارية المنوط بها التنفيذ ضرورياً لأعمال القاعدة المشرعة فإن الحق لا ينشأ أو يتكامل إلا بهذا التدخل ومن تاريخ حدوثه إذ لا يصدق هذا القول إلا في الحالات التي يكتفي فيها المشرع بإنشاء الحق أو المركز القانوني الموضوعي ثم يفوض جهة التنفيذ في وضع ضوابط وشروط الإفادة من هذا الحق أو المركز القانوني أما في الحالات التي يتكفل فيها المشرع بوضع ضوابط التنفيذ وشروطه فإن دور جهة الإدارة المنفذة يقتصر على أعمال إرادة المشرع وإنفاذ مقتضاها دون أن يكون لهذا الدور من أثر على نشأة الحق ذاته أو على تكامل وجوده، والواضح أن المشرع في القرارين الجمهوريين رقمي 607 لسنة 1964، و1736 لسنة 1967 قد نشأ مركزاً موضوعياً عاماً مؤداه وضع شاغلي الوظائف التي تتضمن واجباتها ومسئولياتها القيام بعمل فني صحي يتعلق بالملاحظة أو التنفيذ في مجالي الوقاية والعلاج على الدرجة (300 - 500 مليم) تحت اسم وظيفة ملاحظ صحي وحدد بداية الأجر والأقدمية وترتيبها فيما بينهم على نحو قاطع ومن ثم يقتصر دور وزارة الصحة على حصر المستفيدين من هذه القاعدة وإنزال حكمها عليهم دون أن تترخص في ذلك على أي وجه فإذا تراخت في ذلك أو أخطأت في التنفيذ كان لصاحب الشأن أن يطالبها بحقه وأن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بهذا الحق الذي استمده مباشرة من القواعد التنظيمية العامة التي تضمنها كل من قراري رئيس الجمهورية المشار إليهما، وإذ كان هذا الحق متى نشأ قبل نفاذ القانون رقم 58 لسنة 1971 المعمول به اعتباراً من 1/ 10/ 1971 وإذ لم يقم دعواه إلا في 26/ 9/ 1979 أي بعد انقضاء مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 فإنه يمتنع وجوباً على المحكمة قبول الدعوى لتعلق هذا الميعاد بالنظام العام، ولا يغير من ذلك صدور الأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 والمتضمن الأعمال التي يعتبر القائم بها شاغلاً لوظيفة ملاحظ صحي، أما بالنسبة لطلب المدعي تسوية حالته بالقانون رقم 18 لسنة 1976 في شأن تحديد أقدمية الملاحظين الصحيين فإن كان هذا القانون يخاطب الملاحظين الصحيين الذين سبق أن طبقت في شأنهم أحكام قراري رئيس الجمهورية رقمي 607 لسنة 1964، 1736 لسنة 1967 ولم يعين المدعي في وظيفة ملاحظ صحي كما لم يطبق عليه أحكام القرارين المشار إليهما فإنه من ثم لا يفيد من أحكام هذا القانون ويتعين لذلك رفض هذا الطلب.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 في شأن تعديل بعض أحكام كادر عمال اليومية نص في مادته الأولى على أن "تدمج وظائف منحر أوبئة وملاحظ ملاريا أو بعوض وكشاف ملاريا وملاحظ مراقبة صحية تحت وظيفة واحدة باسم ملاحظ صحي وتضاف إلى وظائف الكشف رقم (5) من الكشوف حرف (ب) الملحقة بكادر العمال في الدرجة فئة (300/ 500 مليم) ببداية 240 مليماً" ونصت المادة الثانية من القرار ذاته على أن "ينقل إلى الدرجة المشار إليها في المادة الأولى العمال الحاليون الذين يشغلون وظائف مبخري أوبئة مع الاحتفاظ لهم بأجورهم الحالية متى زادت على البداية المقررة للدرجة وتعتبر أقدميتهم فيها من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية، كما ينقل إلى الدرجة المشار إليها العمال الحاليون الذين يشغلون وظائف كشاف ملاريا وملاحظي ملاريا أو بعوض وملاحظي مراقبة صحية مع الاحتفاظ لهم بأجورهم الحالية متى زادت على البداية المقررة للدرجة وتعتبر أقدميتهم فيها من تاريخ العمل بهذا القرار بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بينهم وفقاً لتاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية السابقة على نقلهم".
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1736 لسنة 1967 بتعديل بعض أحكام القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 نص في مادته الأولى على أن "يستبدل بنص المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 المشار إليه النص الآتي: تدمج الوظائف التي تتضمن واجباتها ومسئولياتها القيام بملاحظة أو تنفيذ أعمال فنية صحية في المجالات الوقائية أو العلاجية تحت وظيفة واحدة باسم ملاحظ صحي في الدرجة (300/ 500 مليم) ببداية 240 مليماً المعادلة للدرجة التاسعة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1964".
ونصت المادة الثانية من القرار المذكور على أنه "مع عدم المساس بأقدمية المنحرين بموجب القرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 ينقل إلى الدرجة المشار إليها بالمادة الأولى العاملون الحاليون الذين يشغلون هذه الوظائف مع الاحتفاظ لهم بمرتباتهم الحالية متى زادت عن البداية المقررة للدرجة وتعتبر أقدميتهم فيها طبقاً لما ورد بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 مع مراعاة ترتيب أقدميتهم فيما بينهم وفقاً لتاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية السابقة على نقلهم لهذه الدرجة مع عدم صرف فروق عن الماضي".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قد وضع معياراً موضوعياً اعتبر بمقتضاه كل من كان قائماً بعمل فني صحي يتعلق بالملاحظة أو التنفيذ في مجالي الوقاية والعلاج شاغلاً الوظيفة ملاحظ صحي، وقد وضع المشرع هذا المعيار بالتعديل الذي أدخله على قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 الذي لم يكن يدخل في نطاق تلك الوظيفة أعمالاً معينة على سبيل الحصر وهو بذلك قد خرج من التخصيص إلى التعميم، الأمر الذي يوجب النزول على إرادته وأعمال مقتضاه باعتبار جميع القائمين بعمل من تلك الأعمال شاغلين للوظيفة، ومن ثم يلزم وزير الصحة باعتباره الجهة الإدارية القائمة على تنفيذ ذلك القرار بأن يدرج جميع الوظائف التي ينطبق عليها ذلك المعيار في نطاق وظيفة الملاحظ الصحي، فإذا أخطأ في ذلك أو اتضح له في أي وقت أن ثمة وظائف ينطبق عليها المعيار الموضوعي سالف الذكر ولم تشملها القرارات الصادرة منه، كان له بل ويتعين عليه أن يبادر إلى تصحيح قراراته بما يجعلها تتسق مع القاعدة التنظيمية العامة التي تضمنها قرار رئيس الجمهورية المشار إليه. ولا مجال للقول بأن المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 ونظام العاملين المدنيين بالدولة تحول دون ذلك، إذ أن حكم المادة يقضي بإسقاط حق العامل المستمد من قاعدة سابقة على نفاذ القانون المذكور بمضي ثلاث سنوات من تاريخ العمل به ما لم يتقرر هذا الحق قضاء، أما في الطعن الماثل فإنه ولئن كانت القاعدة التنظيمية العامة المقررة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1736 قد وضعت معياراً موضوعياً لمن يعد شاغلاً لوظيفة ملاحظ صحي، إلا أن هذه القاعدة لا تعتبر قابلة للتطبيق بذاتها وإنما يتوقف ذلك على صدور قرار من الوزير المختص بتحديد الوظائف التي ينطبق عليها هذا المعيار، فإذا أغفل قرار الوزير بعض الوظائف التي كان يتعين إدراجها به، فإن شاغليها لا يكون لهم ثمة حق نشأ وتكامل قبل العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 يتأثر بمدة السقوط المنصوص عليها في المادة 87 منه، وعلى ذلك فإن حكم هذه المادة لا يحول بين وزير الصحة وتصحيح قراراته الصادرة لتنفيذ قرار رئيس الجمهورية إذا ما اتضح له إغفالها لبعض الأعمال التي كان يتعين إدماجها في وظيفة ملاحظ صحي طبقاً للمعيار الموضوعي الذي تضمنه قرار رئيس الجمهورية رقم 1736 لسنة 1967.
ومن حيث إن القانون رقم 18 لسنة 1976 في شأن تحديد أقدمية الملاحظين الصحيين أتى بحكم سوى فيه في شأن تحديد أقدمية الملاحظين الصحيين الذين طبق عليهم القرارين الجمهوريين رقمي 607 لسنة 1964، 1736 لسنة 1967 بين من كان منهم شاغلاً لوظائف متجري أوبئة وبين غيرهم من شاغلي الوظائف الأخرى الواردة بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 والتي تضاف بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 فجعل القانون أقدمية هؤلاء جميعها من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية قبل نقلهم إلى الدرجة (300/ 500 مليم) بوظيفة ملاحظ صحي فنص في مادته الأولى على أن "تحدد أقدمية الملاحظين الصحيين الذين طبقت في شأنهم أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1964 في شأن تعديل بعض أحكام كادر عمال اليومية وقرار رئيس الجمهورية رقم 1736 لسنة 1967 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 607 لسنة 1946 عند نقلهم إلى الدرجة (300/ 500 مليم) الملحقة بكادر العمال والمعادلة للفئة المالية (162/ 360 جنيهاً) بالمستوى الثالث الوظيفي من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية السابقة على نقلهم لهذه الدرجة مع مراعاة ترتيب أقدميتهم فيما بينهم وفقاً لتاريخ شغلهم لهذه الوظائف" وبذلك قضى المشرع على التفرقة في المعاملة بين أفراد الملاحظين الصحيين فجعل أقدميتهم في الفئة المنقولين إليها من تاريخ شغلهم لوظائفهم الأصلية أسوة بالمبخرين".
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم إنه فيما عدا الوظائف الواردة بالقرار الجمهوري رقم 607 لسنة 1964 على سبيل الحصر لا تعتبر وظيفة ما من الوظائف الفنية الصحية إلا من تاريخ صدور قرار وزير الصحة باعتبارها كذلك ومن ثم فإن المركز القانوني لا ينشأ إلا بصدور القرار من وزارة الصحة ومن تاريخ هذا القرار يكون العامل الشاغل لهذه الوظيفة قد نشأ له المركز القانوني الذي يعطي له الحق في تسوية حالته طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 ومن تاريخ نشوء هذا المركز يستطيع المطالبة بحقه في التسوية أما قبل صدور قرار وزارة الصحة فليس له الحق في المطالبة بتسوية حالته.
ومن حيث إن الثابت إن وظيفة المدعي له تعتبر من الوظائف الفنية الصحية إلا بمقتضى الأمر المكتبي رقم 17 لسنة 1976 الصادر استناداً إلى موافقة وزير الصحة بتاريخ 15/ 11/ 1976 ومن ثم فإن مركز المدعي وحقه في تسوية حالته بوضعه على الدرجة (300/ 500 مليم) لم ينشأ إلا من تاريخ موافقة وزير الصحة في 15/ 11/ 1976 أي بعد العمل بالقانون رقم 58 لسنة 1971 ومن ثم تكون دعواه بمنأى عن حكم المادة 87 منه ويكون من حق المدعي أن تسوى حالته على الدرجة (300/ 500 مليم) المعادلة للفئة (162/ 360 جنيهاً) بالمستوى الثالث وتحدد أقدميته فيها من تاريخ شغله لوظيفة عامل جمع قواقع طبقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1736 لسنة 1967 والقانون رقم 18 لسنة 1976 وما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.