مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1423

(192)
جلسة 16 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 3006 لسنة 29 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - طرق الطعن في الأحكام - مواعيد الطعن.
الحكم الصادر بتسوية الحالة يفتح أمام المدعي باب الطعن في القرارات اللاحقة على أساس المركز القانوني الذي استقر له بمقتضى الحكم.
(ب) المركز القانوني لا يعتبر مستقراً في حالة المنازعة القضائية - يتحقق هذا الاستقرار بحسم النزاع بحكم نهائي أو باتفاق طرفي النزاع أو بتسليم من جانب أحد الخصوم بطلبات الخصم الآخر في الحالة الأخيرة يقتصر الحكم الذي تصدره المحكمة على إثبات ما اتفق عليه الخصوم - أثر ذلك: - سريان مواعيد وإجراءات الطعن بالإلغاء على القرارات اللاحقة من تاريخ علم المدعي بإنهاء النزاع بمعرفة جهة الإدارة قبل صدور الحكم أو من تاريخ الحكم بإثبات إقرار الخصم الآخر بطلباته - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28 من يوليه سنة 1983 أودع الأستاذ حامد زكي بدر الدين المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ أحمد محمود رضوان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3006 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 3 من فبراير سنة 1983 في الدعاوى رقم 312 لسنة 31 القضائية، رقم 963 لسنة 32 القضائية، رقم 1133 لسنة 32 القضائية المقامة منه ضد رئيس مجلس إدارة هيئة مشروعات الصرف وآخرين والذي قضى بعدم قبول الدعويين رقم 312 لسنة 31 القضائية، رقم 963 لسنة 32 القضائية شكلاً لتقديم التظلم بعد الميعاد وبقبول الدعوى رقم 1133 لسنة 32 القضائية شكلاً ورفضها موضوعاً.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم له بطلباته وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 من نوفمبر سنة 1985 وبجلسة 23 من ديسمبر سنة 1985 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حدد لنظره أمامها جلسة 2 من فبراير سنة 1986 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 2/ 3/ 1983 وتقدم المدعي بطلب إعفائه من الرسوم بتاريخ 20/ 3/ 1983 وأجيب إلى طلبه بجلسة 29/ 6/ 1983 وقام بإيداع تقرير الطعن بجلسة 28/ 7/ 1983 فمن ثم يكون الطعن قد أودع في المواعيد المقررة. وإذ استوفى أوضاعه الشكلية المقررة، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يستفاد من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 12/ 1976 أقام السيد/ أحمد محمود رضوان الدعوى رقم 312 لسنة 31 القضائية ضد رئيس لجنة تصفية مؤسسة استزراع وتنمية الأراضي ووزير الزراعة والري ووزير المالية ورئيس مجلس إدارة هيئة مشروعات الصرف المغطى طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار المؤسسة رقم 393 الصادر في 5/ 5/ 1969 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الفئة الرابعة من 5/ 2/ 1969 وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه إنه صدر قرار رئيس لجنة تصفية مؤسسة لصالحه بتسوية حالته بالفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964 بدلاً من 5/ 2/ 1969 مع ما يترتب على ذلك من آثار إلا أن قرار التسوية جاء خلواً من تنفيذ آثار الحكم لأن من ترجع أقدميتهم في الفئة الخامسة إلى 27/ 12/ 1965 رقوا إلى الفئة الرابعة في 5/ 2/ 1969 بالقرار المطعون فيه وإلى الفئة الثالثة في 6/ 8/ 1972.
وبتاريخ 12/ 3/ 1978 أقام المدعي الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية طالباً إلغاء القرار رقم 497 لسنة 1967 الصادر بتاريخ 30/ 12/ 1967 فيما تضمنه من ترقية محمد فريد الخزمة وآخرين وإرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة إلى 30/ 6/ 1970 بدلاً من 30/ 6/ 1974 طعناً بإلغاء القرار رقم 469 لسنة 1970 وترقيته للدرجة الثانية اعتباراً من 6/ 8/ 1972 طعناً بإلغاء القرار رقم 490 لسنة 1972 وأسس دعواه على ذات الأسباب التي أقام عليها دعواه رقم 312 لسنة 31 القضائية.
وبتاريخ 8/ 4/ 1978 أقام المدعي الدعوى رقم 133 لسنة 32 القضائية ضد الهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف طلب فيها إلغاء القرار رقم 6 لسنة 1978 الصادر في 3/ 1/ 1978 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير إدارة قانونية بالمستوى الأول ذات الربط المالي 876/ 1440. وقال شرحاً لهذه الدعوى إنه في خلال عام 1977 خلت درجاتها من الربط المالي 876/ 1440 وكان يتعين شغلها من المحامين بالهيئة غير أنها أصدرت القرار المطعون فيه وتخطته في الترقية رغم توافر شروط الترقية في حقه فضلاً عن أنه أقدم من المرقين.
وردت الجهة الإدارية على هذه الدعاوى حيث دفعت بعدم قبول الدعوى رقم 963 لسنة 32 شكلاً لرفعها بعد المواعيد لأن المدعي أقام الدعوى رقم 1448 لسنة 23 ق وحكم فيها بجلسة 22/ 5/ 1972 بأحقيته في إرجاع أقدميته في الفئة الخامسة إلى 1/ 7/ 1964 وكان يتعين عليه أن يتظلم من هذه القرارات خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم إلا أنه لم يتظلم منها إلا في 30/ 1/ 1978 كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى السابقة للفصل فيها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 497 لسنة 1967 لأن المدعي سبق أن أقام الدعوى رقم 642 لسنة 28 ق بتعديل أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 28/ 5/ 1973 بدلاً من 28/ 7/ 1974 وقضى فيها بتاريخ 22/ 12/ 1976 كما طلبت الجهة الإدارية رفض الدعوى لأن أقدمية وبالنسبة للدعوى رقم 1133 لسنة 32 ق فإن المطعون على ترقيتهما وإن تساويا مع المدعي في الجدارة إلا أنهما أقدم منه في شغل الدرجة الثالثة.
وبجلسة 3/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين رقم 312 لسنة 31 ق، 963 لسنة 32 ق شكلاً لتقديم التظلم بعد الميعاد وبقبول الدعوى رقم 1133 لسنة 32 ق شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعي أقام الدعوى رقم 1448 لسنة 23 ق يطلب فيها تسوية حالته في الفئة الخامسة اعتباراً من 2/ 7/ 1964 حكمت المحكمة بأحقيته في إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى هذا التاريخ ومن ثم فقد وضعه في هذه الدرجة من هذا التاريخ وبالتالي انفتح له ميعاد الطعن على القرارات التي صدرت بترقية من هم أحدث منه بمراعاة أقدميته الجديدة في الفئة الخامسة - إلى الدرجات التالية وكان يتعين عليه أن يتظلم من القرارات المطعون فيها خلال الستين يوماً التي تتلوها غير أنه لم يتظلم في هذا الميعاد. كما أسست قضاءها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 6 لسنة 1978 على أن الثابت أن الدرجات التي كانت شاغرة وقت صدور هذا القرار لم تكن مخصصة للمحامين فقط لأن أقدميتهم كانت لا تزال مدرجة ضمن مجموعة الوظائف التنظيمية والإدارية وترتيب المدعي في أقدمية الدرجة الثالثة بهذه المجموعة كان تالياً للمطعون على ترقيتهما رغم تساويهم جميعاً في مرتبة الكفاية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم الصادر بتسوية حالة المدعي صدر في ظل أحكام قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 التي كانت تنص على عدم جواز تنفيذ الحكم قبل فوات ميعاد الطعن فيه وإنه يترتب على رفع الطعن وقف تنفيذ الحكم وإن أحكام المحكمة الإدارية العليا استقرت على أن ميعاد الطعن يبدأ من صدور الحكم الذاتي وإنه لا محل للتظلم في مثل هذه الحالة لأن الطعن على القرار الأول يتضمن حتماً وبحكم اللزوم الطعن في أي قرار بالترقية إلى الدرجات التالية. أما الدعوى رقم 1133 لسنة 32 ق فإن الفصل فيها مترتب على الحكم في الدعويين السابقين للارتباط بأقدمية المدعي التي يطالب بها.
ومن حيث إن المدعي تقدم بمذكرة عند نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 11/ 11/ 1985 انتهى فيها إلى أنه ترك الخصومة في الطعن على الحكم الصادر في الدعويين رقم 312 لسنة 31 القضائية، 1133 لسنة 32 القضائية على أن يقتصر الطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية.
ومن حيث إن المادة 141 من قانون المرافعات تنص على أن يكون ترك الخصومة بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في المحضر.
ومن حيث إن مذكرة المدعي المشار إليها موقعة منه شخصياً وفي حضور الحاضر عن الجهة الإدارية فمن ثم يتعين الحكم بإثبات ترك المدعي الخصومة في الطعن بالنسبة للحكم في الدعويين رقمي 312 لسنة 31 القضائية، 1133 لسنة 32 القضائية وإلزامه المصروفات.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن على الحكم في الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية والذي قضى بعدم قبولها شكلاً لتقديم التظلم بعد الميعاد. فالثابت من الأوراق أن المدعي سبق أن أقام الدعوى رقم 1448 لسنة 23 القضائية يطلب فيها تسوية حالته بإرجاع أقدميته في الفئة الخامسة إلى 1/ 7/ 1964 وبجلسة 23/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بأحقيته في إرجاع أقدميته في هذه الدرجة إلى التاريخ المذكور وقامت الجهة الإدارية بالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1069 لسنة 18 القضائية. وبتاريخ 31/ 12/ 1975 وافق رئيس مجلس إدارة المؤسسة المدعى عليها على تنفيذ هذا الحكم والتنازل عن الطعن المقام منه وبناء عليه صدر القرار رقم 46 لسنة 1976 بتاريخ 5/ 9/ 1976 بتسوية حالة المدعي تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه، وأشير في ديباجته إلى موافقة رئيس مجلس إدارة المؤسسة على التنازل عن الطعن، كما أشير إلى المذكرات التي عرضت عليه في هذا الخصوص وقد علم المدعي بهذا القرار وحدد مركزه وفقاً له حيث تقدم بطلبين بتاريخ 10/ 10/ 1976، 15/ 12/ 1976 طالب فيهما بصرف الفروق المستحقة له نتيجة لتنفيذ الحكم بالقرار المشار إليه. كما أقام دعواه برقم 312 لسنة 31 القضائية بتاريخ 19/ 12/ 1976 طالباً إلغاء القرار رقم 393 الصادر في 5/ 5/ 1969 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الفئة الرابعة من 5/ 2/ 1969 وأسس هذه الدعوى على القرار رقم 46 في 5/ 9/ 1976 بتنفيذ الحكم الصادر لصالحه بتسوية حالته بالفئة الخامسة من 1/ 7/ 1964. وبتاريخ 17/ 12/ 1977 حكمت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1069 لسنة 18 القضائية بإثبات ترك الجهة الإدارية للطعن.
ومن حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا مستقرة على أن الحكم الصادر بتسوية الحالة يفتح أمام المدعي باب الطعن في القرارات اللاحقة على أساس المركز القانوني الذي استقر له بمقتضى الحكم، وأن مواعيد وإجراءات الطعن بالإلغاء تبدأ من تاريخ استقرار هذا المركز. وإذا كان الأصل أن المركز القانوني لا يعتبر مستقراً في حالة المنازعة القضائية إلا بحسم هذا النزاع بحكم نهائي، إلا أنه لا يوجد ما يحول قانوناً دون استقرار هذا المركز باتفاق بين طرفي النزاع أو بتسليم من جانب أحد الخصوم وطلبات الخصم الآخر، لأن الحكم الذي تصدره المحكمة في هذه الحالة يقتصر على إثبات ما اتفق عليه الخصوم أو ما أقر به أحد الخصوم في النزاع للطرف الآخر، ومن أجل ذلك فإن مواعيد وإجراءات الطعن بالإلغاء على القرارات اللاحقة تسري من تاريخ علم المدعي بإنهاء النزاع أو من تاريخ الحكم بإثبات قرار الخصم الآخر بطلباته ومفاد ذلك بوضعها موضع التنفيذ.
ومن حيث إن الثابت من الوقائع أن القرار رقم 46 لسنة 1976 الصادر بتاريخ 5/ 9/ 1976 بتسوية حالة المدعي تنفيذ الحكم الصادر لصالحه بناء على موافقة رئيس مجلس الإدارة على التنازل عن الطعن المقام من المؤسسة علم به المدعي عقب صدوره، فمن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ كان يتعين عليه مراعاة مواعيد الطعن بالإلغاء إلا أنه تقاعس عن ذلك فلم يتقدم بتظلمه من القرارات المرفوع بها الدعوى رقم 962 لسنة 32 القضائية إلا في 30/ 1/ 1978 أي بعد انقضاء المواعيد المقررة قانوناً للتظلم من هذه القرارات. وتبعاً لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق وصدر صحيحاً ومتفقاً مع حكم القانون عندما قضى بعدم قبول الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية شكلاً.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يتعين بإثبات ترك المدعي الخصومة في الطعن في الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الدعويين رقمي 312 لسنة 31 القضائية، 1133 لسنة 32 القضائية وبقبول الطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإثبات ترك الطاعن من الخصومة في الطعن بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعويين رقمي 312 لسنة 31 القضائية و1133 لسنة 32 القضائية، وبقبول الطعن شكلاً فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 963 لسنة 32 القضائية ورفضه موضوعاً، وألزمت المدعي المصروفات.