أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1894

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وابراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

(274)
الطعن رقم 51 لسنة 30 القضائية

وقف. "الاستحقاق فى الوقف". "قسمة الوقف".
المادة 40 من قانون المرافعات رقم 48 لسنة 1946. قسمة أعيان الوقف. قسمة إفراز لا قسمة مبادلة. لزومها. أثره. جواز مطالبة المستحق المتقاسم بنصيب زائد واستحقاقه له.
النص فى المادة 40 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن "لكل مستحق أن يطلب فرز حصته فى الوقف متى كان قابلا للقسمة ولم يكن فيها ضرر بين". "وتحصل القسمة بواسطة المحكمة وتكون لازمة [(1)]"، يدل على أن قسمة أعيان الوقف بين مستحقيه - وفقا لأحكام هذا القانون وقبل إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - هى قسمة إفراز لا قسمة مبادلة مقتضاها أن يأخذ كل مستحق عين حقه - لا عوض حقه - فى مكان معين ومن غير زيادة ولا نقصان فيه، وهى وإن كانت لازمة إلا أن لزومها هذا منوط - وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون - بأن تكون مبينة على أنصبة من الاستحقاق مستقرة لا تتعداها على ما وراءها من أنصبة أخرى غير مستقرة يستوى فى ذلك أن يكون عدم استقرارها معروفا وقت القسمة أو غير معروف، وهى بذلك لا تمنع المستحق المتقاسم من المطالبة بنصيب زائد واستحقاقه له، إذ معنى القسمة لا ينعدم باستحقاق هذا النصيب ولا ينطوى على إقرار منه باستحقاق غيره له، وإذ معنى المطالبة أن طالب الزيادة يدعى الاستحقاق فى حصة شريكه ليعود شريكا معه فيها وهذا الشيوع الطارئ قد تستأنف وقد لا تستأنف فيه قسمة جديدة ولا تنافى بينهما. وإذ كان الثابت فى الدعوى أنها رفعت بطلب استحقاق الطاعنين لحصة فى النصيب الآيل عن العقيمين زيادة على نصيبهم الأصلى الذى اختصوا به بموجب القسمة وقضى الحكم المطعون فيه برفضها استنادا إلى أن "حكم القسمة حائز لقوة الشىء المحكوم فيه ومن ثم لا يجوز الحكم على خلافه" وأنه "وقد صار حكم القسمة نهائيا فتكون له حجيته ومن ثم تكون هذه الدعوى طعنا على حكم نهائى من غير طريقه القانونى" فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المرحوم محمد على عطا الله بصفته وليا على أولاده نعمت وعفت ومرفت أقام الدعوى رقم 66 سنة 1952 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد عثمان ونوير وعطيات وحكمت أحمد مراد بطلب استحقاق كل منهم لحصة قدرها قيراط من 24 ط ينقسم إليها وقف المرحومة سازول قادن البيضاء الجركسية وتسليمه ما يقابل هذا القيراط من الأطيان ومقداره 5 ف و11 ط و1 و1/ 2 س وقال شرحا لدعواه أنه بموجب الاشهاد المؤرخ 11 جمادى الثانية سنة 1298 وإشهاد التغيير المؤرخ 19 من شوال سنة 1314 وقفت المرحومة سازول قادن البيضاء الجركسية الأعيان المبينة بهما على نفسها مدة حياتها ومن بعدها على من بينتهم باشهادى الوقف والتغيير وأن من الأعيان الموقوفة 93 ف شائعة فى 112 ف جعلتها من بعدها وقفا على السيدة نوير البيضاء الجركسية زوجة عثمان على ومن بعدها تكون وقفا على زوجها المذكور مدة حياته ومن بعده تكون وقفا على أولاده من السيدة نوير ذكورا وأناثا بالسوية بينهم ثم بعد كل منهم فعلى أولاده ثم على أولاد أولاده وهكذا طبقة بعد طبقه، الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره فان لم يكن له ولد ولا ولد ولد أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته المشاركين له فى الدرجة والاستحقاق مضافا لما يستحقونه فان لم يكن له أخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من مستحقى الثلاثة وتسعين فدانا مضافا لما يستحقونه ومن مات من مستحقى هذه الحصة قبل دخوله فى الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه إن لو كان حيا لاستحق ذلك، وقد توفى حال حياة الواقفة بعض عتقائها الموقوف عليهم ثم توفيت هى مصرة على وقفها ثم توفى من بعدها باقى العتقاء عقماء عدا اثنتين هما نوير البيضاء الجركسية واونكر توفيت كل منهما عن ذرية وبذلك انحصر إستحقاق الوقف جميعه فى ذريتهما، وقد توفيت نوير كما توفى زوجها عثمان على فانحصر استحقاق نوير الأصلى والآيل فى أولادها من زوجها الذكور وهم محمد فؤاد وعثمان وكامل وابراهيم وأحمد مراد ونعمت بالتساوى بينهم ثم توفى ابراهيم سنة 1925 عقيما فآل نصيبه إلى إخواته الأربعة بالسوية بينهم ثم توفيت نعمت سنة 1939 عن ولديها عثمان محمود أنيس وعائشة محمود أنيس فاستحقا نصيبهما مناصفة بينهما ثم توفى محمد فؤاد سنة 1944 عقيما فآل استحقاقه إلى أخويه كامل وأحمد مراد وإلى ولدى أخته نعمت المتوفاة قبله ثم توفى كامل سنة 1947 عقيما فآل استحقاقه إلى أخيه أحمد مراد وإلى ولدى أخته نعمت بالسوية لأحمد مراد النصف ولولدى نعمت النصف وبذلك انحصر استحقاق السيدة نوير البيضاء فى أحمد مراد ويخصه النصف وفى عائشة وعثمان محمود أنيس ولدى أخته نعمت ويخصهما النصف ثم توفيت بنت نعمت سنة 1952 فآل استحقاقها إلى أولادها المدعين، وفى المادة 1886 سنة 1946 - 1947 محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية تقدم المستحقون بطلب قسمة أعيانه فيما بينهم ولم يجز الخبير القسمة فى حصة نوير بين ولدها أحمد مراد وولدى بنتها نعمت طبقا لشرط الواقفة بل خص أحمد مراد بأرض مساحتها 101 ف و15 ط و13 س تعادل 18 ط من24 ط ينقسم إليها الوقف وخص نعمت بأرض مساحتها 34 ف و4 ط و21 س تعادل 6 ط من 24 ط على اعتبار أن أحمد مراد استحق وحده نصيب العقيمين محمد فؤاد وكامل ولا يشاركه فيه ولدا أخته نعمت التى توفيت قبلهما وتمت القسمة على هذا الأساس بالحكم الصادر فى 20/ 4/ 1950، وإذ كانت هذه القسمة قد أنقصت نصيب عثمان وعائشة ولدى نعمت بما مقداره 32 فدان و18 قيراط و7 أسهم تعادل 6 قيراط من 24 قيراط ينقسم إليها الوقف يخص عثمان منها 16 فدان و9 قراريط و3 و1/2 سهم تعادل 3 قراريط ويخص المدعين وهم أولاد عائشة مثلها وكان المدعى عليهم يضعون اليد على هذا القدر فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. كما أقام عثمان محمود أنيس الدعوى رقم 47 سنة 1956 القاهرة الابتدائية الشرعية بطلب استحقاقه لحصة قدرها 3 قراريط فى الوقف وتسليمها. وقررت المحكمة ضم الدعويين، ولمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية أحيلتا إلى محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وقيدتا بجدولها برقم 106 سنة 1956. ودفع المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم سماعها للتجهيل بالمدعى به وطلبوا من باب الاحتياط رفضها تأسيسا على أن المستحقين جميعا قد اقتسموا أعيان الوقف وأقرت المحكمة القسمة فى المادة 1866 سنة 1946 - 1947 مصر الابتدائية الشرعية وقد أقامت قرارها على أن نصيب العقيم ينتقل بوفاته للأحياء من إخوته لا يشاركهم فيه غيرهم. وبتاريخ 28/ 4/ 1957 حكمت المحكمة حضوريا (أولا) برفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاص المحكمة بالنظر فى الدعوى. (ثانيا) برفض الدفع بعدم السماع للتجهيل بالمدعى به. (ثالثا) برفض الدعويين الأصلية والمضمونة وألزمت المدعين بالمصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف نعمت وعفت ومرفت هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 106 سنة 74 قضائية أحوال شخصية، كما استأنفه ورثة عثمان محمود أنيس طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 109 سنة 74 قضائية أحوال شخصية وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 30/ 11/ 1960 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وإلزام كل مستأنف مصاريف استئنافه وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنه. وطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيسا على سبق صدور قرار بقسمة أعيان الوقف بين مستحقين فى المادة 1886 سنة 1941 - 1947 مصر الشرعية وأن هذه القسمة نافذة ولازمة وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن نفاذ القسمة ولزومها لا يمنع من إجابة الطاعنين إلى طلباتهم إذ أنهم لم يطلبوا بطلان القسمة أو عدم لزومها وإنما طلبوا رفع يد المطعون عليهم عن جزء من أعيان الوقف اختصوا به ولا حق لهم فيه مع بقاء القسمة نافذة ولازمة بالنسبة للاجزاء التى يضع كل منهم يده عليها ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة 3 من المادة 8 من القانون رقم 277 لسنة 1954 من أن للأحكام التى تصدرها المحاكم الشرعية فى شأن القسمة أثر الأحكام الصادرة من المحاكم المدنية، لأن هذا النص إنما قصد به تأكيد اختصاص المحاكم بالنظر فى دعاوى قسمة الوقف.
وحيث إن هذا السبب فى محله ذلك أن النص فى المادة 40 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن "لكل مستحق أن يطلب فرز حصته فى الوقف متى كان قابلا للقسمة ولم يكن فيها ضرر بين: "وتحصل القسمة بواسطة المحكمة وتكون لازمة" يدل على أن قسمة أعيان الوقف بين مستحقيه - وفقا لأحكام هذا القانون وقبل إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - هى قسمة إفراز لا قسمة مبادلة مقتضاها أن يأخذ كل مستحق عين حقه - لا عوض حقه - فى مكان معين ومن غير زيادة ولا نقصان فيه، وهى وإن كانت لازمة إلا أن لزومها هذا منوط - وعلى ما يبين من المذكرة الايضاحية للقانون - بأن تكون مبنية على أنصبة من الاستحقاق مستقرة لا تتعداها على ما وراءها من أنصبة أخرى غير مستقرة يستوى فى ذلك أن يكون عدم استقرارها معروفا وقت القسمة أو غير معروف، وهى بذلك لا تمنع المستحق المتقاسم من المطالبة بنصيب زائد واستحقاقه له، إذ معنى القسمة لا ينعدم باستحقاق هذا النصيب ولا ينطوى على اقرار منه باستحقاق غيره له، إذ معنى المطالبة أن طالب الزيادة يدعى الاستحقاق فى حصة شريكه ليعود شريكا معه بها وهذا الشيوع الطارئ قد لا تستأنف فيه وقد لا تستأنف فيه قسمة جديدة ولا تتنافى بينهما. وإذ كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أنها رفعت بطلب استحقاق الطاعنين لحصة فى النصيب الآيل عن العقيمين محمد فؤاد عثمان وكامل عثمان زيادة على نصيبهم الأصلى الذى اختصوا به بموجب القسمة وقضى الحكم المطعون فيه برفضها استنادا إلى أن "حكم القسمة حائز لقوة الشىء المحكوم فيه ومن ثم لا يجوز الحكم على خلافه" وأنه "وقد صار حكم القسمة نهائيا فتكون له حجيته ومن ثم تكون هذه الدعوى طعنا على حكم نهائى من غير طريقة القانونى" فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى الأسباب.


[(1)] نقض 3/ 3/ 1965. الطعن رقم 16 لسنة 33 ق. السنة 16 ص 261.