أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1900

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار أحمد زكى محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وابراهيم عمر هندى، وصبرى أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

(275)
الطعن رقم 30 لسنة 31 القضائية

(ا، ب) وقف. "شرط الواقف". "تفسيره". "الإستحقاق فى الوقف".
- إنشاء الوقف. شرط الواقف. تفسيره. مثال.
- شرط الواقف أن من مات قبل دخوله فى الوقف واستحقاقه لشىء منه قام ولده أو ولد ولده مقامه فى الدرجة والاستحقاق. نطاقه. أثره.
(ج) أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". دعوى. "دعوى الأحوال الشخصية". نيابة عامة. "تدخل النيابة العامة فى قضايا الأحوال الشخصية".
رأى النيابة. خلو الحكم من بيانه. لا بطلان.
(د) حكم. "ماهية الحكم". "حجية الحكم". قضاة. "أسباب عدم الصلاحية".
الحكم فى المسائل المستعجلة. أثره. لا يعتبر سببا لعدم الصلاحية عند نظر الموضوع.
1 - متى كان يبين من كتاب الوقف أن الواقفين أنشأوا وقفهم على أنفسهم مدة حياتهم ثم من بعد وفاة كل منهم يوضع الربع من حصته تحت يد الناظر لعمارة الوقف وترميمه وإصلاحه وباقى الحصة تكون وقفا على زوجة كل من حضراتهم وأولاده الموجودين ومن سيحدثه الله له من الأولاد بالسوية بينهم الذكر والأنثى والزوجة فى ذلك سواء فاذا ماتت إحدى الزوجات تكون حصتها من ذلك لأولادها منه ذكروا وإناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم أولاد أولاد أولادهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الإثنان فما فوقهما عند الاجتماع، "على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولد أو ولد ولده وان سفل كل ذلك فى حق أولاد الظهور دون أولاد البطون فإن لم يكن لكل منهم أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا انتقل نصيبه من ذلك لمن هو فى درجته وذو طبقته من نسل الواقفين من أولاد الظهور دون أولاد البطون فان لم يوجد أحد من أهل طبقته يكون ذلك وقفا مصروفا لأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم". "وعلى أنه إذا توفى أحد الواقفين المذكورين ولم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ما هو موقوف عليه من ذلك منضما وملحقا بباقى الوقف المذكور". فان إنشاء الوقف على هذه الصورة يدل على أن لكل من هذين الشرطين مناطه ونطاق تطبيقه لا يبغيان، فمناط الشرط الأول أن يموت أحد الموقوف عليهم عقيما فيؤول نصيبه لمن هو فى درجته وذو طبقته من أهل الحصة التى كان يستحق فيها، ومناط الشرط الثانى أن ينقطع المصرف فى حصة أحد الواقفين بانقراض جميع مستحقيها فتضم إلى الحصتين الأخريين - باقى الوقف - وتقسم قسمتها وتعتبر وكأنها زيادة فى مصرفهما.
2 - شرط الواقف "أن من مات من الذرية المذكورين قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وان سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك" يقتصر نطاقه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على قيام ولد من مات قبل والده مقامه فى الاستحقاق من جده لا فى الاستحقاق من عمه أو عمته أو نحوهما ممن هو فى درجة والده المتوفى قبل الاستحقاق [(1)] وبالتالى يقتصر أثره على إستحقاقه لنصيب والده من أبيه ولا يتعداه إلى من مات من إخوة والده من غير ولد بعد موته بل ذلك إنما يكون للإخوة الأحياء.
3 - خلو الحكم من "بيان" رأى النيابة لا يترتب عليه بطلانه.
4 - الحكم فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت هو حكم مؤقت لا يمنع من أصدره من أن يعود فيحكم فى أصل الحق وفقا للمادتين 49، 52 من قانون المرافعات وبالتالى لا يكون سببا لعدم الصلاحية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الفريد جونى ميخائيل وميراندا رمزى ميخائيل أقاما الدعوى رقم 183 سنة 1952 القاهرة الإبتدائية الشرعية ضد عفيفة ميخائيل جاد وآخرين يطلبان الحكم باستحقاق أولهما لحصة قدرها 3ر1 ط قيراط واحد وثلاثة أعشار القيراط واستحقاق الثانية لحصة قدرها 416ر2 قيراطان وأربعمائة وستة عشر جزءا من ألف جزء من القيراط فى وقف الاخوة دميان وواصف وميخائيل جاد ومنع تعرض المدعى عليهم لهما فى ذلك مع الزامهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقالا شرحا لدعواهما أنه بموجب الإشهاد الصادر أمام محكمة قليوب الشرعية فى عشرين رمضان سنة 1292 هجرية وقف الإخوة دميان جاد وواصف جاد وميخائيل جاد الأعيان المبينة به وجعلوا منه حصة قدرها ثلاثة قراريط لجهات خيرية والباقى وقدره واحد وعشرون قيراطا يكون وقفا على أنفسهم مدة حياتهم بالسوية بينهم ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على زوجته وأولاده الموجودين ومن سيحدثه الله لهم من الأولاد بالسوية بينهم الذكر والأنثى والزوجة فإذا ماتت إحدى الزوجات كانت حصتها من ذلك لأولاده منها ذكورا وإناثا بالسوية بينهم ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك إنتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وأن سفل من أولاد الظهور دون أولاد البطون فان لم يكن لكل منهم أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا انتقل نصيبه من ذلك لمن هو فى درجته وذوى طبقته من نسل الواقفين من أولاد الظهور دون أولاد البطون فان لم يوجد أحد من أهل طبقته يكون ذلك وقفا مضافا لأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم وعلى أن من مات من الذرية قبل دخوله فى الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وأن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك وعلى أنه إذا توفى أحد الواقفين ولم يعقب ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ما هو موقوفا عليه من ذلك منضما وملحقا بباقى الوقف وإذ توفى دميان سنة 1878 عن زوجته وابنته منها "مختارة" التى توفيت عقيما سنة 1900 ثم توفى واصف سنة 1886 عن زوجته وابنته "رومة" التى توفيت عقيما سنة 1926 ثم توفى ميخائيل سنة 1890 عن زوجته أنيسه التى توفيت سنة 1934 وعن أولاده منها فريدة التى توفيت عقيما سنة 1912 ورمزى الذى توفى سنة 1933 عن أولاده الثلاثة ميشيل وميراندا ومارى، وبهجه التى توفيت عقيما سنة 1945 وتريزه التى توفيت عقيما سنة 1949، وعفيفه وعن إبن من زوجة أخرى يدعى جونى توفى سنة 1940 عن أولاده عزمى وحليم والبير والفريد وبشاره وقد وضع المدعى عليهم أيديهم على أعيان الوقف وأنكروا على المدعيين استحقاقهما فقد انتهيا إلى طلب الحكم لهما به. كما أقامت السيدة عفيفة ميخائيل جاد الدعوى رقم 226 سنة 1952 القاهرة الإبتدائية الشرعية ضد المدعيين وآخرين تطلب الحكم باستحقاقها لحصة قدرها 13.9 ثلاثة عشر قيراطا وتسعة أعشار القيراط من الوقف المذكور ومنع تعرض المدعى عليهم لها فى ذلك مع إلزامهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقررت المحكمة ضم الدعويين، وجرى النزاع فيهما - من بين ما جرى - حول حصة كل من دميان وواصف وأنصبة العقماء ممن ذكروا ولمن تؤول. وبتاريخ 23/ 1/ 1955 حكمت المحكمة حضوريا باستحقاق الفريد لقيراط وإحدى عشر جزءا من ثلاثين جزءا ينقسم إليها القيراط واستحقاق ميراندا لقيراطين وثلاثة عشر جزءا ينقسم إليها القيراط، واستحقاق عفيفه لسبعة قراريط وجزءا ينقسم إليها القيراط كل ذلك من أربعة وعشرين قيراطا ينقسم إليها فاضل ريع الوقف ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت السيده عفيفه هذا الحكم لدى المحكمة العليا الشرعية طالبة رفض الدعوى رقم 182 سنة 1952 والحكم لها بطلباتها، ولمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية أحيل إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 18 سنة 73 ق. وبتاريخ 19/ 1/ 1957 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع (أولا) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى الفريد فى 1/ 15 قيراط من أربعة وعشرين قيراطا ينقسم إليها الوقف وهو ما حكم به أزيد مما طلب (ثانيا) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وألزمت المستأنفة بالمصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة فى أتعاب المحاماة. وطعنت السيدة عفيفة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 9 سنة 27 ق. وبتاريخ 25 يونيه 1959 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه لخلوه من بيان اسم عضو النيابة الذى أبدى الرأى فى القضية وأحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة. وبعد تعجيل الاستئناف وبتاريخ 13/ 4/ 1961 حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفض الدفع بعدم سماع الدعوى للتناقض وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضاه من تقدير الاستحقاق فى هذا الوقف بالنسبة لمن ذكرهم وذلك إلى جعل استحقاق الفريد جونى ميخائيل 0.7083 ط سبعة آلاف وثلاثة وثمانين جزءا من عشرة آلاف جزء من القيراط واستحقاق ميراندا رمزى ميخائيل 1.4548 قيراطا واحدا وأربعة آلاف وخمسماية وثمانية وأربعين جزءا من عشرة آلاف جزء من القيراط واستحقاق عفيفة ميخائيل جاد 13.0935 ط ثلاثة عشر قيراطا وتسعمائة وخمسة وثلاثين جزءا من عشرة آلاف جزء من القيراط كل ذلك من أربعة وعشرين قيراطا ينقسم إليها فاضل ريع الوقف وألزمت المستأنف عليهم بمصروفات التقاضى عن الدرجتين وبمبلغ عشرين جنيها مقابل أتعاب المحاماة عنهما للمستأنفه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون حيث أضاف الطاعنون سببا جديدا وهو صدور الحكم ممن هو غير صالح لإصداره وأصروا على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن فى خصوص الوجه الأول من السبب الأول.
وحيث إن حاصل الوجه الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى فى قضائه على أنه بوفاة مختارة بنت دميان سنة 1900 عقيما تؤول حصتها ومقدارها سبعة قراريط من ريع الوقف الكلى والتى كانت من قبل حصة لوالدها دميان إلى باقى الوقف نصفها لرومة بنت الواقف واصف ونصفها الآخر لأولاد الواقف ميخائيل وزوجته أنيسة، وبوفاة رومه بنت واصف سنة 1926 عقيما تؤول حصتها - الأصيلة والآيلة - إلى باقى الوقف فتضم إلى نصيب أولاد ميخائيل وزوجته أنيسة مستندا فى ذلك إلى شرط الواقفين أنه "إذا توفى أحد الواقفين المذكورين ولم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ما هو موقوف عليه من ذلك منضما وملحقا بباقى الوقف المذكور" وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، وفى بيان وجه الخطأ والمخالفة يقول الطاعنون أن للواقفين شرطين قد يبدو وأنهما متعارضان وهما ليسا كذلك (أولهما) أن من مات من الموقوف عليهم من ذرية الواقفين وليس له أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا انتقل نصيبه من ذلك لمن هو فى درجته وذو طبقته من نسل الواقفين من أولاد الظهور دون أولاد البطون (والثانى) أنه إذا توفى أحد الواقفين ولم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ما هو موقوف عليه من ذلك منضما وملحقا بباقى الوقف، وقد أعمل الحكم الشرط الثانى واعتبره ناسخا للأول بناء على أنه إذا تعارض شرطان وجب الجمع بينهما إذا أمكن وإلا كان المتأخر منهما ناسخا للأول ولم يمكن الجمع بينهما، فى حين أنه لا تعارض بين الشرطين ولكل منهما موضعا خاصا يطبق عليه، فعبارة الشرط الأول تدل على أنه شرط فى موقوف عليه من ذرية الواقفين توفى وليس له أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا أى توفى وهو على حال خاصة قائمة ومتحققة عند وفاته - هى أنه عند وفاته لم يكن له أولاد ولا ذرية مطلقا أو كان له أولاد وذرية ولكنهم انقرضوا قبل وفاته - والشرط بهذا المعنى ينطبق على كل من مختارة ورومة إذ أن كلا منهما توفيت وليس لها أولاد ولا ذرية عند الوفاة؛ وعبارة الشرط الثانى تدل على أنه شرط فى واقف لم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا حال حياته فتوفى لا عن ذرية وهذا ما لم يوجد ولم يتحقق لأن كل واقف من الواقفين الثلاثة توفى عن ذرية، وعلى هذا المعنى البين والمتعين يرى أن كلا من دميان وواصف توفى عن ذرية بما لا يجوز معه تطبيقه فى هذا الموضع، يؤيد ذلك أن كلا من الشرطين صريح فى أن أيلولة نصيب الموقوف عليه ونصيب أحد الواقفين إذا ما توفى عقيما تترتب مباشرة على الوفاء وتجب عقبها أثرا مباشرا لها بحيث إذا توفى الموقوف عليه عقيما تترتب على وفاته مباشرة أيلولة نصيبه إلى من هو فى درجته وذو طبقته وإذا توفى أحد الواقفين عقيما تترتب على وفاته مباشرة أيلولة نصيبه إلى من هو فى درجته وذو طبقته وإذا توفى أحد الواقفين عقيما تترتب على وفاته مباشرة أيلولة نصيبه إلى باقى الوقف والحكم المطعون فيه لم يرتب أيلولة نصيب كل من دميان وواصف إلى باقى الوقف أثرا مباشرا عقب وفاة كل منهما وإنما تراخى ذلك الأثر إلى حين وفاة مختارة ورومة فكان ذلك الترتيب أثرا لوفاة مختارة ورومة لا أثرا مباشرا لوفاة الواقفين المذكورين وهذا خلاف ما يقضى به الشرط، وما ذهب إليه الحكم لا يحقق غرض الواقفين من أن زوجة كل منهم لا تعطى من الوقف إلا ما شرط لها ولا يؤول إليها شىء من باقى المستحقين إذا توفوا عقماء وهو ما يبدو من أن نصيب العقيم إنما يؤول إلى ذوى طبقته من نسل الواقفين لا من غيرهم كالزوجة، وإذا كان هذا هو صنيع الواقفين فى نصيب من يتوفى من أولادهم عقيما فأولى أن يكون غرضهم ألا يؤول إلى الزوجة نصيب من غير أولادها فلا يؤول إلى أنيسة شىء من مختارة ولا شىء من رومة كما لم يؤول إليها شىء من بنتها فريدة التى هى أقرب إليها وهذا إنما يتحقق بتطبيق الشرط الأول دون الشرط الثانى وقد ترتب على تطبيقه مخالفة هذا الشرط وإعطاء أنيسة فى حصة كل من مختارة ورومة وإذ كان مراد الواقفين من الشرط الثانى أنه إذا توفى أحدهم لا عن أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا يؤول نصيبه إلى باقى الوقف وجب أن يكون هو كذلك مرادهم من الشرط الأول لأن العبارة فيهما واحدة وهو باطل بمقتضى شروط الواقفين، ونص الشرط الثانى وتطبيقه يوجب أن يكون للواقف نصيب موقوف عليه عند وفاته وضم هذا النصيب إلى باقى الوقف وحين طبق الحكم هذا الشرط لم يكن شىء موقوفا على دميان ولا على واصف وإنما كان الموقوف على مختارة بنت دميان وعلى رومة بنت واصف وهو ما ضمه الحكم إلى باقى الوقف على خلاف ما يقضى به الشرط وهو يقضى بضم الموقوف على أحد الواقفين لا بضم الموقوف على أولاده.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى إشهاد الوقف يبين أن الواقفين جعلوا الحصة التى قدرها واحد وعشرون قيراطا وقفا على أنفسهم بالسوية بينهم ثم من بعد حياة كل منهم يوضع الربع من حصته تحت يد الناظر لعمارة الوقف وترميمه وإصلاحه وباقى حصة كل من الواقفين المذكورين يكون وقفا على زوجة كل من حضراتهم وأولاده الموجودين ومن سيحدثه الله له من الأولاد بالسوية بينهم الذكر والأنثى والزوجة فى ذلك سواء ينتفعون بذلك انتفاع الواقف المذكور على الوجه المسطور مدة حياتهم، فاذا ماتت إحدى الزوجات تكون حصتها من ذلك لأولادها منه ذكروا واناثا بالسوية بينهم، ثم من بعد كل منهم تكون حصته من ذلك وقفا على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم أولاد أولاد أولادهم من أولاد الظهور - دون أولاد البطون ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم كذلك طبقة بعد طبقة ونسلا بعد نسل وجيلا بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع "على أن من مات منهم وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وان سفل كل ذلك فى حق أولاد الظهور دون أولاد البطون فان لم يكن لكل منهم أولاد ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا انتقل نصيبه من ذلك لمن هو فى درجته وذو طبقته من نسل الواقفين من أولاد الظهور دون أولاد البطون فان لم يوجد أحد من أهل طبقته يكون ذلك وقفا مصروفا مضافا لأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف من أولاد الظهور دون أولاد البطون بالسوية بينهم". "وعلى أنه إذا توفى أحد الواقفين المذكورين ولم يعقب أولادا ولا ذرية أو كانوا وانقرضوا يكون ما هو موقوف عليه من ذلك منضما وملحقا بباقى الوقف المذكور" وإنشاء الوقف على هذه الصورة يدل على أن لكل من هذين الشرطين مناطه ونطاق تطبيقه لا يبغيان، فمناط الشرط الأول أن يموت أحد الموقوف عليهم عقيما فيؤول نصيبه لمن هو فى درجته وذو طبقته من أهل الحصة التى كان يستحق فيها، ومناط الشرط الثانى أن ينقطع المصرف فى حصة أحد الواقفين بانقراض جميع مستحقيها فتضم إلى الحصتين الآخريين - باقى الوقف - وتقسم قسمتهما وتعتبر وكأنها زيادة فى مصرفهما، وهو ما ينبنى عليه أنه بوفاة دميان وزوجته وبنته (مختاره) وانقطاع المصرف فى حصته تضم إلى حصتى واصف ميخائيل وتقسم قسمتهما، كذلك وبوفاة واصف وزوجته وبنته (رومة) وانقطاع المصرف فى حصته تضم أصلا وآيلا - إلى حصة ميخائيل وتقسم قسمتها وتعتبر وكأنها زيادة فى مصرفها فتستحق فيها زوجته أنيسة - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزام هذا النظر فانه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن حاصل الوجه الثانى من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى فى قضائه على أنه بوفاة كل من بهجة سنة 1945 وتريزة سنة 1949 عقيمتين تنتقل حصتهما لأختهما عفيفة ولا ينتقل شىء منها لأولاد أخويهما رمزى وجونى مستندا فى ذلك إلى أن هذه الحصة موقوفة على اخوة واخوات العقيمين الموجودين وقت وفاتهما لا من مات منهم قبل وفاتهما وشرط الواقفين لا يتسع لأيلولة شىء من العقيمين لأولاد أخويهما المذكورين؛ وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون (1) لأن الشرط مطلق وليس فيه ما يدل على أن نصيب العقيم يؤول إلى الاخوة والاخوات الموجودين عند وفاته وقد حل أولاد رمزى وجونى محل أصليهما فى الدرجة والاستحقاق فيتناولهم الشرط كما يتناول كل من فى الطبقة (2) واشتراط أيلولة نصيب العقيمين لمن هو فى درجتهما وذوى طبقتيهما يتناول رمزى وجونى أولاد ميخائيل ولا يمنع من ذلك موتهما قبل بهيجة وتريزة لأنهما من طبقتهما والموت لا يعلو ولا ينزل بهما عنها، وإذ جعل الحكم نصيب العقيم يؤول إلى الأخوة والأخوات الموجودين عند الوفاة ولم يجعله متناولا لجونى ورمزى وهما من أهل طبقة بهيجة وتريزة ولا متناولا لأولادهما وقد صاروا من أهل هذه الطبقة بالشرط الجعلى يكون قد أخرج بشرط عن معناه وقيده (3) وما ذهب إليه الحكم من أن أولاد رمزى وأولاد جونى لا يستحقون شيئا فى حصتى بهيجة وتريزة غير صحيح لأن شرط الواقفين أن نصيب العقيم ينتقل لمن فى درجته وذوى طبقته يتناول جميع من كانوا فى الطبقة ولا بالشرط الجعلى وقد ارتفع بفرعى رمزى وجونى إلى طبقة والديهما وجعلهما فى درجة أصلهما ويستحقان ما كانا يستحقانه وبمعنى أنهم جميعا يحلون محل أصلهم فى الدرجة والاستحقاق بمقتضى الشرط (4) وإنشاء الوقف صريح فى أن ما شرط لكل ولد من أولاد الواقفين سواء أكان من والده أو من أمه أو ممن هو فى طبقته بعد وفاة العقيم يكون وقفا على ذريته ونسله طبقة بعد طبقة وينبنى على ذلك أن ما يخص كلا من رمزى وجونى أصلا كان أم آيلا واستحقه فعلا أو كان يستحقه لو بقى حيا يكون من بعده وقفا على ذريته وبالتالى فما يستحقه كل منهما من نصيب أختيهما بهيجة وتريزة يكون موقوفا من بعد كل منهما على أولاده لأن الواقفين لم يقيدوا الطبقة بأنها موجودة وموت أحد أفرادها لا يخرجه منها (5) والنص فى الإشهاد على أن من مات من الذرية قبل دخوله فى الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك، يدل بفحواه ودلالته اللفظية على أن من يموت بعد الاستحقاق عن ولد يحل ولده محله فى الدرجة والاستحقاق فيكون من أهل هذه الطبقة بطريق إن لم يكن أولى فهو مساو وهذه الدلالة تقرها قواعد اللغة والأصول والفقه كما يقرها العرف، ومؤدى ذلك أن يقوم فرع رمزى مقام والدهم ويحلون محله فى الدرجة والاستحقاق وأن يقوم فرع جونى مقام والدهم ويحلون محله فى الدرجة والاستحقاق فيتناولهم شرط العقيم وقد شرطوا فيه أن ينتقل نصيبه لمن هو فى درجته وذوى طبقته (6) ومن جهة أخرى فقد جعل الواقفون حصة كل ولد من أولادهم حصة مستقلة وعلى ذلك تكون حصة بهيجة وقفا مستقلا وحصة تريزة وقفا مستقلا وينطبق على كل من رمزى وجونى أنهما توفيا قبل الاستحقاق فى هذين الوقفين الفرعيين واستحقاقهما لشىء منهما فيحل فرعاهما محلهما فى الدرجة والاستحقاق ويستحق ما كانا يستحقانه بمنطوق الشرط فضلا عن فحواه (7) كذلك جعل الواقفون ما كان للعقيم وقفا على من هم فى درجته وذوى طبقته دون أن يضيفوا إلى ذلك ما يفيد وصفهم بالحياة أو الوجود بل هو لكل من يعد من طبقته وذوى درجته ولو بطريق الجعل وقد جعل الواقفون فرع من يتوفى قبل الاستحقاق - وبالأول وبعده - قائما مقام أصله فى الدرجة والاستحقاق ويستحق ما كان أصله يستحقه لو بقى حيا (8) وشرط الواقفين أن الأصل يحجب فرعه ولا يحجب فرع غيره يقضى بأن فرع من يتوفى يستحق نصيب أصله ولا يحجبه غير أصله ممن هم فى طبقته سواء كانت وفاته قبل الدخول فى الوقف والاستحقاق فيه أم بعده ومتى كان الفرع يقوم مقام أصله فى جميع الحالات فاشتراط أن فرع من يتوفى قبل الاستحقاق يقوم مقامه أصله بالنسبة للنصيب الأصلى يكون لغوا وفضلة لا حاجة إليها وهو بعيد عن غرض الواقفين لأن ذلك مشروط بالإنشاء السابق ومدلول عليه ويتعين أن تكون لذكره فائدة جديدة لم يفدها إنشاء الوقف، هى أن الفرع يكون فى مقام أصله بالنسبة لما قد كان يؤول إليه من أنصبة العقماء. وتخصيصه بالنصيب الآيل من الأصل لا من العقيم لا دليل عليه وينفيه أنه يجعل الشرط لغوا لا داعية إليه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن شرط الواقف "إن من مات من الذرية المذكورين قبل دخوله فى هذا الوقف واستحقاقه لشىء منه وترك ولدا أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ولده وإن سفل مقامه فى الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان الأصل المتوفى حيا باقيا لاستحق ذلك "يقتصر نطاقه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على قيام ولد من مات قبل والده مقامه فى الاستحقاق من جده لا فى الاستحقاق من عمه أو عمته أو نحوهما ممن هو فى درجة والده المتوفى قبل الاستحقاق وبالتالى يقتصر أثره على استحقاقه لنصيب والده من أبيه ولا يتعداه إلى من مات من إخوة والده من غير ولد بعد موته بل ذلك إنما يكون للإخوة الأحياء - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى فى قضائه على أنه بوفاة كل من بهيجة وتريزة عقيمتين تنتقل حصتهما لأختهما عفيفة وحدها لأنها الباقية على قيد الحياة ممن هم فى درجتهما وطبقتهما من نسل الواقفين من أولاد الظهور ولا ينتقل من ذلك شىء لأولاد أخويهما رمزى وجونى المتوفى كل منهما قبلهما، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثانى أن الحكم المطعون فيه باطل من وجوه (أولها) أنه خلا من بيان رأى النيابة فى الخصومة وخالف بذلك ما تقضى به المادة 349 مرافعات من وجوب اشتمال الحكم على رأى النيابة وذلك لا يتحقق إلا بالإفصاح عما اتجهت إليه من وفاق ومخالفة لما أبداه طرفا النزاع (وثانيهما) أنه خلا من بيان ما إذا كان حليم جونى جاد والبير جونى جاد وميشيل رمزى جاد المستأنف عليهم الثانى والثالث والسادس حاضرين أم غائبين وخلوه من هذا البيان الجوهرى يعيبه ويبطله وفقا للفقرة الثانية من المادة 349 مرافعات (وثالثها) أنه خلا من بيان ما قدمه الطاعنون من دفاع وما استندوا إليه من حجج قانونية وشرعية كشفوا بها عن شروط الوقف وأغراض الواقفين وهذا من الحكم قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعى مردود فى الوجه (الأول) منه بأن خلو الحكم من بيان (رأى النيابة) لا يترتب عليه بطلانه، ومردود فى الوجه (الثانى) بأن الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه أنه صدر حضوريا وما ورد فيه من أن "الأستاذ على الخفيف المحامى حضر عن المستأنف عليهم جميعا ما عدا المستأنف عليهم الثانى والثالث والسادس" لا ينفى أن يكونوا قد حضروا بأنفسهم، ومردود فى الوجه (الثالث) بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أسباب صحيحة تكفى لحمله وفيها الرد الضمنى على دفاع الطاعنين.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الأستاذ محمد راغب الهوارى كان رئيسا للدائرة التى حكمت فى القضية 245 سنة 1953 مستأنف مستعجل القاهرة التى كانت مرفوعة بطلب تعيين حارس على الوقف وكان أساس النزاع فيها يدور حول من هو الأحق بالحراسة لاستحقاقه أكبر نصيب فى الوقف، واشتراكه فى هذا الحكم يجعله غير صالح للاشتراك فى إصدار الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أن الحكم فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت هو حكم مؤقت لا يمنع من أصدره من أن يعود فيحكم فى أصل الحق وفقا للمادتين 49 و52 من قانون المرافعات وبالتالى لا يكون سببا لعدم الصلاحية.


[(1)] نقض 14/ 5/ 1966. الطعن رقم 16 لسنة 28 ق، 33 لسنة 29 ق، 1 لسنة 31 ق "أحوال شخصية" لسنة 17 ص 970، 985.